حلمه لا يعرف الحدود؛ لم يسمح للظروف الصعبة بإعاقته عن تحقيق طموحاته بالرياضة والفنون، فكانت الرحلة طويلة من غزة إلى سوريا ومحطات أخرى، وصولاً إلى ألمانيا، حيث أسس مشروع "الراقصون المحلقون". إنه "سبايدرمان" الفلسطيني.
إعلان
عرف في العالم العربي باسم "سبايدرمان العرب" بعد أن تألق في برنامج "أرابس غوت تالنت Arabs Got Talent"، حيث أطل على الجمهور برياضة فريدة، إذ أنه العربي الأول الذي احترف "الرقص العمودي" هذا الفن الذي لا يزال جديداً حتى على المستوى العالمي.
أصبحت الرياضة جزءاً لا يتجزأ من حياته، وبات تطويرها واكتساب مهارات جديدة بمثابة شغف وطموح يسعى لتحقيقهما طوال الوقت. شارك في العديد من العروض المسرحية، وكانت تجربته الأولى فيها عام 1998، غير أنه اضطر لمغادرة بلاده عام 2005، بسبب ظروف الحرب الصعبة التي تمر بها غزة متجهاً إلى سوريا لإكمال دراسته الجامعية، حيث درس الأدب الإنكليزي في كلية الآداب والعلوم الإنسانية في جامعة دمشق، ويقول "كان من الصعب في ظل الظروف التي نعيشها في غزة أن أحقق طموحي وأحلامي في مجال الرياضة والفن، فوجدت أن السفر هو الحل الوحيد".
في محطة هجرته الأولى بسوريا، أكمل طارق دراسته الجامعية، لكنه لم يبتعد عن غرامه الرياضي، فانضم إلى فرقة "إنانا" الراقصة، التي تحظى بشهرة واسعة في العالم العربي. ففتحت له آفاقاً جديدة للمشاركة في العديد من الأعمال والعروض المهمة، ويقول عن تجربته مع إنانا "قدمنا عروضاً على مدار8 سنوات في العديد من البلاد العربية والعالمية. كما كان لي أيضاً العديد من المشاركات الفنية والدرامية وتعاون مميز مع نجوم ومخرجين كبار في الدراما السورية".
هجرة جديدة بسبب الحرب
طارق لم يعرف الاستقرار لوقت طويل في سوريا، حيث طاردته لعنة الحروب من جديد، وطال تأثيرها الأعمال المسرحية والفنية أيضاً وباتت الأوضاع تتعقد بشكل أكبر، مما اضطره لاتخاذ قرار الهجرة فغادر سوريا عام 2012 متجهاً إلى بلدان عربية مختلفة قبل أن يقرر خوض رحلة اللجوء الخطرة عام 2013 على متن قوارب الموت لعبور البحر المتوسط ومن ثم متابعة الرحلة إلى ألمانيا، حيث أراد أن يستقر وأن يكمل حياته ويسعى لتحقيق أحلامه. ويقول متحدثا عن حياته الجديدة في ألمانيا "لم يكن الأمر سهلاً في ألمانيا، حيث كان علي أن أبدأ من الصفر كشأن جميع المهاجرين في بلد جديد". لكن ارق تمكن من تعلم اللغة الألمانية وإتقانها، وكان قد تطوع خلال فترة دراسته للغة الألمانية في منظمات مختلفة مثل "دياكوني" لمساعدة اللاجئين الآخرين في الترجمة مستفيداً من إتقانه للغة الإنكليزية، "أردت الاستفادة من وقتي ومساعدة الآخرين".
بعد ذلك، شارك بعدة فعاليات كانت تحمل رسائل تضامن مع اللاجئين، موضحاً أنه خلال تلك الفترة كان الانضباط والالتزام بالتدريب لتحقيق حلمه لا يزال مستمراً، وقد شارك بعدة أعمال فنية في مجال السيرك والمسرح الراقص، إلا أن هاجسه بتقديم فن فريد من نوعه ومبتكر من خلال مهاراته المتعددة، قاده إلى تقنية فن (Vertical dance) أو ما يعرف باللغة العربية "الرقص العمودي"، ويعرف لمهاجر نيوز هذا الفن الجديد بأنه "تقنية تمزج بين فن الرقص المعاصر والأكروبات الرياضية، إذ يتم تنفيذ حركات تحتاج للكثير من الدقة والتدريب والتركيز، وتنسيق عقلي وجسدي لتوحيد الحركات فتأتي النتيجة لوحة فنية في غاية الجمال والإبداع"، مضيفاً أن الأمر لا يخلو من الخطورة والمغامرة، وقد يكون هذا هو سر انجذابه إليها، نتيجة لعشقه للمغامرة والتحدي واكتساب مهارات جديدة ومميزة. ويقول إن وجوده في ألمانيا قد ساعده كثيراً لتحقيق طموحاته، حيث لا توجد قيود أمام تطوير المهارات وكسب خبرات جديدة، بالإضافة إلى الأوضاع الأمنية المستقرة التي افتقدها في عزة وسوريا والتي كانت بمثابة عائق كبير أمام أحلامه.
"الراقصون المحلقون"
الرقص العمودي على أبنية شاهقة الارتفاع ليس بالأمر البسيط ويحتاج الكثير من التدريب والتحضير، ورغم ذلك استطاع طارق بعد أشهر من التدريب اليومي المكثف أن يتقن هذا الرقص ويقوم بتدريب بعض الراقصين وتأسيس مدرسة الرقص العمودي "الراقصون المحلقون Flyscrapers-"، ويوضح سبب اختيار هذا الاسم للفرقة بقوله "إن الفنانة الفلسطينية الراحلة ريم بنا أصلقت هذا الاسم لكونه يصف تماماً هذا النوع من العروض.. ولأجلها احتفظت بالاسم".
وأشار طارق إلى أن مشاركته في برنامج "أرابس غوت تالنت"، لم تكن تخلو من بعض العوائق وخصوصاً فيما يتعلق بتأمين المعدات، نظراً لأن فن "الرقص العمودي " جديد كلياً في العالم العربي، غير أنه سعيد جداً بتلك المشاركة لتقديمه هذا الفن للجمهور العربي.
أحلام كبيرة
بالنسبة لطارق، المثابرة والاجتهاد في نظره الطريق الأفضل لتحويل الأحلام إلى حقيقة، وبحسب تعبيره لا يزال هناك الكثير من الإنجازات التي يسعى لتحقيقها. وكان قد تلقى دعوة للمشاركة في برنامج "أميركا غوت تالنت"، الأمر الذي يمثل له فرصة كبيرة للانتقال إلى العالمية، وكان من المفترض أن يشارك بالبرنامج في شهر حزيران/ يونيو 2020، إلا أن انتشار فيروس كورونا في العالم جعل من هذه المشاركة أمراً مستحيلاً هذا العام، مؤكداً على مشاركته في العام القادم ويختم حديثه مع مهاجر نيوز بأن "وباء كورونا قد غيّر مخططات كثيرة هذا العام، ولكنني متفائل بانتهاء كابوس كورونا قريباً، وسأحرص على مشاركتي حينها وتحقيق حلمي بوصولي كشاب عربي إلى العالمية".
مآسي المتوسط.. مقبرة الأحلام والهاربين بحثاً عن الحياة
يعرّف البحر الأبيض المتوسط بمقبرة الأحلام، حيث ابتلع المتوسط المئات من المهاجرين الحالمين بالوصول إلى شواطئ أوروبا عبر قوارب الموت. معرض صور يوثق لأكثر حوادث الغرق مأساوية منذ حادثة لامبيدوزا عام 2013.
صورة من: picture-alliance/dpa
في 21 شباط/ فبراير 2017 عُثر على 74 جثة لمهاجرين جُرفت إلى الشواطئ الليبية شمالي غربي مدينة الزاوية، حيث لقوا حتفهم بعد غرق المركب الذي كانوا يحاولون العبور به إلى أوروبا. وظهر صف طويل من أكياس الجثامين البيضاء والسوداء على الشاطئ، في صور نشرها فرع الزاوية للهلال الأحمر الليبي على صفحته على فيسبوك.
صورة من: picture alliance/AP Photo/IFRC/M. Karima
اعتبر في 27 تشرين الأول/ أكتوبر 2016 حوالي 100 شخصا في عداد المفقودين بعد يوم من غرق قارب يحمل مهاجرين غير شرعيين قبالة السواحل الليبية، وفي 11 تشرين الثاني/ نوفمبر أعلنت مجموعات إنسانية دولية ما يقارب 250 شخصاً في عداد المفقودين ويخشى أنهم ماتوا غرقاً وذلك إثر تحطم سفينة جديدة في المتوسط. وفي 17 تشرين الثاني/نوفمبر وخلال حوالي 48 ساعة تحطمت أربع سفن ما أدى لغرق 340 مهاجراً.
صورة من: Reuters/Marina Militare
تم العثور على جثث 26 مهاجراً قبالة السواحل الليبية في الثالث والعشرين من شهر حزيران/يوليو 2016، وفي 21 أيلول/سبتمبر من العام نفسه انقلب قارب يحمل مئات المهاجرين قبالة مدينة رشيد الساحلية المصرية، حيث بلغ عدد القتلى 164 شخصاً وهم عدد الذين تمكنت فرق الإنقاذ من انتشالهم خلال الأيام التالية.
صورة من: Getty Images/AFP/M. El Shahed
كانون الثاني/يناير 2016 شهد غرق أكثر من 30 مهاجراً في حادثتي انقلاب زورقين بشكل منفصل، وفي 26 أيار/مايو تم فقدان 20-30 شخص يعتقد أنهم لقوا حتفهم غرقاً قرب السواحل الليبية، وفي 31 أيار/مايو تم العثور على حطام إحدى السفن التي تقل مهاجرين وسط المتوسط بين شمال أفريقيا وإيطاليا، والتي تعود لأحد السفن الثلاثة التي تحطمت وأودت بحياة حوالي 1000 مهاجر، خلال أسبوع تقريباً.
صورة من: AP
العاشر من حزيران/يوليو 2015 شهد غرق أكثر من 20 مهاجراً بعد أن انقلب قاربهم وتحطم أثناء توجهه من تركيا إلى اليونان. وفي 14 من الشهر نفسه تم العثور على ما يقارب 100 جثة لمهاجرين قرب سواحل مدينة تاجوراء الليبية، بحسب وسائل الإعلام. في السادس والعشرين من آب/أغسطس تم العثور على جثث 50 مهاجرا قبالة سواحل ليبيا، في حادثتين منفصلتين، وفقا لتقارير مجموعة تعنى بشؤون المهاجرين مقرها جزيرة مالطة.
صورة من: Getty Images/AFP/A. Solaro
شهر أيار/مايو 2015 شهد إعلان نهاية عمليات البحث التي استمرت لمدة 34 أسبوع وتم من خلالها إنقاذ حياة حوالي 7000 مهاجر، كما تم الإعلان في نفس اليوم عن غرق 10 مهاجرين على الأقل، فيما أفادت منظمة "أنقذوا الطفولة" بعد يومين أن عدد الذين لقوا حتفهم يزيد عن 40 في ذلك اليوم.
صورة من: Reuters/Y. Behrakis
وفي 19 نيسان/أبريل 2015 تم الإعلان عن اختفاء ما يقارب 700-950 شخص، ويخشى أنهم لقوا حتفهم غرقاً على بعد 200 إلى الجنوب من جزيرة لامبيدوزا الإيطالية، فيما تم إنقاذ 28 شخصاً فقط، وانتشال 24 جثة بعد ما يقارب 24 ساعة. وبعد يوم واحد أي في العشرين من نيسان/أبريل تمكنت عناصر خفر السواحل اليونانية من إنقاذ 83 شخصاً وانتشال 3 جثث إثر انقلاب قارب للمهاجرين وتحطمه قرب جزيرة رودس اليونانية.
صورة من: Getty Images/A. Koerner
في 11 شباط/فبراير 2015 أعلنت وكالة اللاجئين في الأمم المتحدة أن أكثر من 330 مهاجرا لقوا حتفهم إثر 4 حوادث غرق منفصلة في المتوسط قبالة جزيرة لامبيدوزا الإيطالية. في حين أعلنت منظمة "أنقذوا الطفولة" في الخامس عشر من نيسان/إبريل أن ما يقارب 400 شخص في عداد المفقودين بعد حادثة غرق قارب كان يحمل 550 شخصاً قبالة سواحل ليبيا في 12 نيسان/إبريل، بينما تم إنقاذ 144 شخص كانوا على متن القارب، وانتشال 9 جثث.
صورة من: picture alliance/AP Photo/E. Morenatti
في الرابع من كانون الأول/ديسمبر 2014 عثر خفر السواحل الإيطالي على 16 جثة تعود لمهاجرين كانوا على متن زورق صغير المهاجرين على بعد 75 كيلومترا من ليبيا وعلى بعد 185 كيلومترا عن جزيرة لامبيدوزا الإيطالية.
صورة من: picture-alliance/ROPI
أعلنت منظمة الهجرة العالمية في 15 أيلول/سبتمبر 2014 عن غرق 700 شخص، وقالت المنظمة إن حوالي 500 من الغرقى قتلوا بحادثة غرق متعمد من قبل تجار البشر حيث قاموا بإغراق قارب كان على متنه حوالي 500 شخص كان متوجهاً إلى أوروبا من مصر. في حين لم تكن الذكرى السنوية الأولى لحادثة لامبيدوزا أقل مأساوية إذ تم في الثالث من تشرين الأول/أكتوبر 2014 انتشال جثث 130 مهاجراً في حادثتي غرق سفينتين قرب الساحل الليبي.
صورة من: picture alliance/AP Photo/E. Morenatti
في الثاني عشر من أيار/مايو 2014 لقي 40 مهاجراً على الأقل حتفهم بعد غرق سفينة في المياه المفتوحة بين ليبيا وإيطاليا. وفي 2 حزيران/يوليو تمكنت القوات الإيطالية من انتشال 45 جثة من قارب مهاجرين غرق قبل ثلاثة أيام. بينما سجل الخامس والعشرون من شهر آب/أغسطس رقماً مأساوياً جديداً إذ عثر على 220 جثة مهاجر غرقوا في ثلاثة حوادث غرق لسفن وقوارب بين السواحل الليبية والإيطالية.
صورة من: picture-alliance/AA/H. Erdinc
في العشرين من كانون الثاني/يناير 2014 لقي 9 أطفال وثلاث نساء حتفهم غرقاً خلال محاولة خفر السواحل اليوناني سحب قارب للمهاجرين بالقرب من جزيرة فارماكونيزي اليونانية إلى الشاطئ. وفي السادس من شباط/ فبراير تم الإبلاغ عن 5 جثث تعود لمهاجرين حاولوا السباحة قرب سبتة الاسبانية على السواحل الإفريقية الشمالية.
صورة من: Reuters/Y. Behrakis
في الثالث من شهر تشرين الأول/ أكتوبر 2013 غرق قارب للمهاجرين بالقرب من جزيرة لامبيدوزا جنوب إيطاليا، فيما اعتبر أعنف حادث بحري في تاريخ أوروبا الحديث. وتم العثور على 366 جثة وبقي أكثر من هذا العدد في عداد المفقودين. وفي الحادي عشر من أكتوبر/تشرين الأول غرق قارب في مياه المتوسط قرب مالطة وتمكنت القوات الإيطالية والمالطية من إنقاذ 186 شخص في حين بقي حوالي 200 شخص في عداد المفقودين.