1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

سبتة : قلعة أوروبا المحصنة في أرض إفريقيا

٢ سبتمبر ٢٠١٨

في جبال المغرب يتحين آلاف اللاجئين الفرصة لتجاوز السياج الحدودي لجيب سبتة، إذ أصبحت إسبانيا الهدف الرئيسي للمهاجرين الأفارقة. أوليفر ساليت وافى DW بتقرير من المنطقة الحدودية.

Spanien Enklave Ceuta Flüchtlinge
صورة من: picture-alliance/dpa/Reduan

بخطوات صغيرة يعود موسى إلى مخبئه، منحني الرأس حتى لا يظهر من وسط العشب، فهو لا يريد أن يتعرف عليه رجال الشرطة المغاربة الذين يطاردونه وأصدقاءه بلا هوادة. وبفضل معطفه الذي يحمل رسومات باللون الخاكي يصعب التعرف عليه وسط العشب في جبال المغرب.

وحتى في صباح هذا اليوم جاءت الشرطة مجددا إلى الوادي الذي يعيش فيه موسى وأصدقاؤه منذ نصف سنة. ومرة أخرى أقدم رجال الشرطة على تدمير كل شيء يجدونه. فحتى الصناديق من الورق المقوى التي ينام عليها الشباب باتت ممزقة إلى أجزاء تتطاير فوق الأرض، وبجانبها فضلات الطعام القليلة التي عثروا عليها في المزبلة. "انظروا هنا" يهتف موسى ويكشف عن بقايا كيس من القماش كان مليئا بالتبن كان يستخدمه موسى كمطرح. فهو الآن ممزق وفارغ فوق الشجيرات التي اتخذوها مخبأ لهم.

التخلي عن الهدف؟ أبدا!

ويقول اللاجئون بأن الحياة هنا تشبه الجحيم. ولكن الآن فإنّ التخلي عن كل شيء غير وارد أبدا. إما أن ينجحوا في تجاوز السياج في سبتة، يقول موسى أو يبقوا هنا بإذن الله. فهم عايشوا جميعا أشياء مرعبة أثناء رحلتهم عبر الصحراء. فهم لن يتخلوا أبدا عن هدف تجاوز الأسلاك الشوكية المرتفعة بستة أمتار المكروهة كيفما كانت أشكال التنكيل التي تفعلها بهم الشرطة المغربية، وكيفما كانت الجروح التي يُصابون بها عند محاولتهم العبور. ويمكن التعرف على عدد المحاولات التي باشرها موسى لتجاوز السياج بالنظر إلى ساقه، فكل محاولة تترك آثارها. ويبلغ طول سياج سبتة ثمانية كيلومترات وارتفاعه ستة أمتار. وفي الأسلاك الشوكية الحادة ماتزال قطع الملابس الممزقة معلقة من محاولات العبور الأخيرة تنذر كل واحد يريد محاولة التسلق. لكن الإغراء كبير بوجود أوروبا على بضعة أمتار. ومع جيب مليلية الإسباني الثاني يشكل سياج سبتة حدود الاتحاد الأوروبي الوحيدة على الأرض الإفريقية. ولا يوجد مكان آخر يكون فيه اللاجئون الأفارقة أقرب من مجال الاتحاد الأوروبي مثل هنا دون المخاطرة بفقدان حياتهم في البحر المتوسط.

مهاجرون أفارقة يهاجمون السياج الحدودي المرتفع في سبتة صورة من: picture-alliance/dpa/Reduan

وعلى الجانب الإسباني للسياج وجب على ألفونسو كروزادو وزملاؤه الـ 600 من الشرطة الإسبانية تأمين الحدود ـ ولكن هذا لا ينجح دوما في الآونة الأخيرة. وعلى أبعد تقدير منذ أن أغلقت الحكومة الإيطالية الجديدة الحدود والموانئ فإن ما يُسمى طريق المتوسط الغربي تحول إلى أهم طريق نحو أوروبا. وتفيد بيانات المنظمة الدولية للهجرة أن حتى 18.000 شخص تمكنوا حتى منتصف تموز/ يوليو من العبور عبر إسبانيا إلى أوروبا. وحاول 3000 آخرون العبور عبر جيبي سبتة ومليلية إلى الاتحاد الأوروبي. وتلاحظ المنظمة الدولية أن عدد اللاجئين على طريق المتوسط الغربي ارتفع ثلاث مرات منذ 2017.

تجاوز الحدود بكل الوسائل

وهذا ما يشعر به أيضا موظفو الحدود الإسبان، إذ نجح في نهاية تموز/ يوليو أكثر من 600 مهاجر في تجاوز السياج. وهذا سبق وأن حصل إلا أن هذه المرة كان المهاجرون " أعنف من أي وقت مضى"، يقول كروزادو. وهاجم اللاجئون رجال الشرطة الإسبان بشتى الوسائل، وكانت الشرطة مجبرة على الابتعاد عن السياج ونجح اللاجئون في تحقيق أكبر هجوم على السياج منذ سنة ونصف.

"بوسا، بوسا"، كان يهتف حينها اللاجئون عندما تم نقلهم إلى معسكر اللجوء. "الانتصار" على السياج. وجابت العالم مشاهد مئات الأفارقة المسرورين من جنوب الصحراء. وبالنسبة لأغلب الرجال الذين تقل أعمارهم عن 20 عاما تنتهي مغامرة استمرت سنوات: فالكثير منهم نجوا في طريقهم عبر الصحراء من أشكال العبودية. وبعد سنوات من الهرب هم يعتقدون الآن أنهم حققوا هدفهم. لكن كيف ستستمر الأمور، فهذا يبقى غامضا. ومعسكر اللجوء ملئ عن آخره. ووجب عليهم البقاء هنا طوال عام ثم يحق لهم الانتقال إلى الأرض الإسبانية. والقليل منهم يقدمون هنا طلبا للجوء ـ ولا أحد منهم يترقب تحقق نتيجة إيجابية.

الإشارة الخاطئة

وبالنسبة لسكان سبتة البالغ عددهم 80.000 نسمة، فإنّ من الصعب عليهم تحمل الضغط. وداخل بلدية سبتة تشتكي عمدة المدينة بابيل دوي من أن سبتة تضمن أمن الحدود الخارجية للاتحاد الأوروبي، إلا أنه تركت وحدها مع مشاكلها. وإذ يعتزم وزير الخارجية الإسبانية الجديد اقتلاع السياج الحدودي، فهذا يتسبب في تخوفات كثيرة لدى السكان، إذ أن ذلك يشكل إشارة خاطئة لآلاف المهاجرين في جبال المغرب.

جانب من السياج الحدودي في سبتةصورة من: picture alliance/dpa

وتقول عمدة المدينة بأن القوة الاستيعابية لاستقبال جميع الوافدين غير متاحة، معتبرة أنه يجب على المهاجرين احترام السياج الحدودي.

أما موسى فيقول بأن السياج قد يصيبه في أرجله بجروح إلا أنه لن يمنعه من التسلق، وأشار إلى أن جميع أصدقائه تمكنوا من العبور إلى سبتة. "ماذا بوسعي أن أقوم هنا؟ سأظل هنا حتى أتمكن من العبور"، يقول موسى وهو يعلم أنه لن يتمكن من تجاوز ذلك السياج إلا بمساعدة مئات المهاجرين الآخرين.

لكن غالبية أصدقائه ذهبوا، إذ نجحوا خلال الهجوم الكبير في تموز/ يوليو المنصرم من العبور إلى الجانب الآخر. وقد يطول الوقت إلى حين تكون مجموعة جديدة تنظم هجوما جديداً ضد السياج.

ولايمكن لأحد تصور الضغط الذي يواجهه موسى. فمنذ وفاة والده باتت أمه بلا وسيلة ولا مال حتى لاقتناء بعض الأكل، يقول موسى الذي أضاف:" أنا الابن البكر وانطلقت في رحلتي للتمكن من تقديم الدعم لعائلتي. ومنذ سنتين وهم ينتظرون في بيت العائلة في غينيا للحصول على دعم مالي من موسى الذي لا يريد أن يخيب أملهم.

أوليفر ساليت/ م.أ.م

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد

تخطي إلى الجزء التالي موضوع DW الرئيسي

موضوع DW الرئيسي

تخطي إلى الجزء التالي المزيد من الموضوعات من DW

المزيد من الموضوعات من DW