1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

سبعينية "مجلس اليهود" بألمانيا ـ قصة نجاح من ذاكرة أليمة

١٦ سبتمبر ٢٠٢٠

عادت الحياة اليهودية وباتت من جديد جزء من الحياة اليومية في ألمانيا، رغم ذكريات البطش النازي. ولعب المجلس المركزي لليهود الذي تأسس قبل سبعين عاماً، دوراً أساسياً في هذا التطور. قصة بدأت بتحديات مؤلمة وانتهت باندماج ناجح.

الحانوكا اليهودية أمام بوابة براندنبورغ وسط العاصمة برلين
سجلت ألمانيا المزيد من الوقائع المعادية للسامية، كان آخرها خلال الاحتجاجات ضد إجراءات احتواء جائحة كوروناصورة من: epd/R. Zoellner

الخطوة الأولى كانت بمثابة حل مؤقت، فبعد مرور خمس سنوات على المحرقة النازية التي قُتل فيها ما يقرب من ستة ملايين يهودي على يد النظام النازي، أسس ممثلو الهيئات اليهودية التي أعيد إحياءها "المجلس المركزي لليهود في ألمانيا". وهو ما مثل علامة فارقة أكدت وجود حياة لليهود على أرض المحرقة.

تمت إعادة إحياء التجمعات اليهودية في ألمانيا بعد أسابيع قليلة فقط من نهاية الحرب العالمية الثانية وانتصار الحلفاء على ألمانيا النازية عام 1945. احتفلت "الجمعية الثقافية الإسرائيلية" في ميونيخ، التي تمثل واحدة من أكبر الجاليات اليهودية على الصعيد الاتحادي، والتي تحتفل بالذكرى 75 لإعادة تأسيسها في الأيام الأخيرة من شهر يوليو/ تموز. بحلول نهاية عام 1945 أعيد إنشاء ما مجموعه 51 جمعية وهيئة يهودية في ألمانيا.

تقديم الدعم للناجين

 يقول جوزيف شوستر "لم يتم تأسيس المجلس المركزي لتمثيل مصالح اليهود في ألمانيا من منظور الحياة اليهودية على مدار 50 عاماً و70عاما أو 100عام“. شغل شوستر الطبيب البالغ من العمر 66 عاماً منصب رئيس المجلس المركزي لليهود في ألمانيا منذ ما يقرب من ست سنوات. ويوضح أن هدف من تأسيس المجلس هو أن يكون "منظمة داعمة" لليهود.

وكان القصد منه تسهيل "ترحيل" الناجين من الاضطهاد النازي لليهود من وسط وشرق أوروبا، وكذلك تسهيل "هجرة" اليهود من ألمانيا. لكن كان ذلك بشكل مختلف. بقي اليهود حيث كانت عائلاتهم لعدة قرون أو عادوا من أجزاء أخرى من العالم كانت قد منحتهم حق اللجوء خلال الاضطهاد. جوزيف شوستر واحد منهم. نجا والده وجده من معسكرات الاعتقال النازية في داخاو وبوخنفالد، وسافر لاحقًا من ألمانيا إلى فلسطين. ولد شوستر في حيفا عام 1954. وعندما كان عمره ثلاث سنوات، عادت عائلته إلى ألمانيا.

جوزيف شوستر رئيس المجلس المركزي لليهود في ألمانياصورة من: picture-alliance/dpa/W. Kumm

 قرار العيش في ألمانيا

بشأن قرار الاستقرار والعيش في ألمانيا، يقول شوستر “قرار العيش في ألمانيا كان صعبا للغاية و لفترة طويلة، حتى داخل الأوساط اليهودية". وفي الواقع، لم يتغير ذلك إلا في السبعينيات من القرن الماضي تحت رئاسة فيرنر ناخمان، رئيس المجلس المركزي. "كان أول من قال علنا: نعم، الحياة اليهودية في ألمانيا موجودة". وأضاف شوستر أنه توالت انتقادات من إسرائيل حول إمكانية تصور أو وجود حياة لليهود في بلد المحرقة.

وفي تسعينات القرن الماضي، قال رئيس المجلس المركزي ، إقناتس بوبيز، جملته الشهيرة "أنا مواطن ألماني ذو عقيدة يهودية". يعد المجلس المركزي لليهود في ألمانيا، المنظمة الأكبر على صعيد تمثيل اليهود في البلاد. ويضم 105 من الجمعيات اليهودية، بعدد يصل إلى 100 ألف عضو تقريبا، وفقا للمعلومات الرسمية.

يحظى المجلس بالاعتراف من قبل السلطات الألمانية كممثل لليهود، ويتحدث بتلك الصفة في وسائل الإعلام ولديه شبكة علاقات دولية. شوستر، بصفته الرئيس الثامن للمجلس حتى الآن، يشغل أيضاً منصب نائب رئيس المؤتمر اليهودي العالمي والمؤتمر اليهودي الأوروبي.

إرهاب نازي جديد كاد يقتل عشرات المصلين اليهود بألمانيا

04:16

This browser does not support the video element.

 الحياة تحت حماية الشرطة

في المقابل، تعد التهديدات ومعاداة السامية جزءً من الحياة اليومية لليهود في ألمانيا. رجال الشرطة يسهرون ليلا نهار على حراسة مبنى مكتب المجلس في وسط برلين. صورة تتكرر في أماكن كثيرة للحياة اليهودية في ألمانيا. كما تشهد ألمانيا اعتداءات متكررة على اليهود. وبحسب بيانات السلطات، فإن هذه الاعتداءات لها دوافع يمينية متطرفة، وأحيانا أخرى قد يكون من بين الجناة أشخاص من أصول مهاجرة أيضاً.

لكن ما شكل صدمة في ألمانيا هو ما حدث في أكتوبر/ تشرين الأول عام 2019. وهو المحاولة الفاشلة التي قام بها متطرف يميني خطط لتنفيذ مذبحة داخل المعبد اليهودي في مدينة هاله الألمانية. وعلى إثر هذه الحادثة قتل أحد المارة بجوار المعبد وعامل في محل للكباب. وبهذا الصدد يقول شوستر "ليس لدي شعور بأن عدد الأشخاص الذين يكنون الحقد الدفين ويحملون أفكار معادية للسامية، ازداد أو زاد منذ أكثر من عشر أو عشرين أو ثلاثين عامًا".

يحظى المجلس بالاعتراف من قبل السلطات الألمانية كممثل لليهود، ويتحدث بتلك الصفة في وسائل الإعلام ولديه شبكة علاقات دولية. صورة من: picture alliance/dpa/M. Hitij

لكنه يلقي اللوم في تنامي هذا الخطر على حزب "البديل من أجل ألمانيا". لفترة طويلة كان هناك بالكاد 30 ألف عضو بين الجاليات اليهودية في ألمانيا. ارتفع هذا العدد بعد سقوط جدار برلين في الثالث من أكتوبر/ تشرين الأول بسبب تدفق اليهود من وسط وشرق أوروبا. واستمر المجلس المركزي في دعوة التجمعات القائمة للاندماج ومساعدة الأعضاء الجدد.

صوت مطلوب

وخلال مشاركتها في مراسم الاحتفال بسبعينية المجلس قالت المستشارة أنغيلا ميركل: "من العار والمخري للغاية بالنسبة لي تجلي العنصرية ومعاداة السامية في بلدنا في هذه الأوقات". وأضافت ميركل أن العنصرية ومعاداة السامية لم تختفيا مطلقاً، "لكن منذ فترة أصبحتا مرئيتين وغير مقيدتين على نحو أكبر"، مشيرة إلى أن الإهانات أو التهديدات أو نظريات المؤامرة موجهة بوضوح ضد المواطنين والمواطنات اليهود.
وأضافت المستشارة ميركل: "في وسائل التواصل الاجتماعي تنضح الكثير من التصريحات بالكراهية والتحريض. لا ينبغي لنا مطلقاً الصمت على ذلك"، مشيرة إلى أنه يمكن للكلمات أن تتحول بسرعة إلى أفعال، كما أظهر الهجوم على المعبد اليهودي في مدينة هاله الألمانية العام الماضي "بطريقة مروعة للغاية".

المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل: "من العار والمخري للغاية بالنسبة لي تجلي العنصرية ومعاداة السامية في بلدنا في هذه الأوقات"صورة من: picture-alliance/dpa/B. v. Jutrczenka

بمناسبة الذكرى السبعين لتأسيسه، أشاد الرئيس الألماني فرانك فالتر شتاينماير بالمجلس المركزي لليهود في ألمانيا واعتبره "صوتا ذو أهمية ومطلوب ومسموع". وأضاف بأن حياة اليهود تطورت "بكل تنوعها" في البلاد خلال العقود الماضية. كما ندد شتاينماير بالتهديد المستمر والآني لهذه الجالية في ألمانيا.

من جانبه قال شوستر، أن الانتماء الواعي لليهودية وممارسة الحياة اليهودية، بات أمراً ملحاً اليوم. يجب أن يكون هذا جزءً طبيعيًا لا يتجزأ من المجتمع. ويتحقق ذلك على سبيل المثال من خلال مشروعان دفع بهما المجلس قدما و هما: في غضون بضعة أشهر، سيتم تقديم الرعاية الروحية للجنود اليهود في الجيش الألماني. وقد تم التغلب على جميع العقبات القانونية بهذا الشأن.

وفي وسط مدينة فرانكفورت، انطلقت عملية إنشاء أكاديمية يهودية على مستوى الولايات الألمانية. في حين تتوق الجالية اليهودية في ألمانيا إلى ذكرى أكبر ستحل عام 2021، وتتعلق بمرور 1700 عام على حياة اليهود في ألمانيا. ويعمل المجلس المركزي بهذا الشأن على التأكيد على أن التاريخ لا يقل أهمية عن الحاضر والمستقبل.

كريستوف شتراك / إ.م

 

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد

تخطي إلى الجزء التالي موضوع DW الرئيسي

موضوع DW الرئيسي

تخطي إلى الجزء التالي المزيد من الموضوعات من DW