على غرار أسلافه طبع دونالد ترامب كرئيس أمريكي السياسة العالمية ـ سواء من الناحية النظرية أو حتى بشكل ملموس تماما. وسياسته كانت لها انعكاسات كبيرة في مناطق نزاعات مثل أفغانستان وسوريا وفي الخليج.
إعلان
كوريا الشمالية: ثلاثة لقاءات .. وبعدها؟
خلال نقله مقاليد الحكم لدونالد ترامب سلط الرئيس السابق باراك أوباما الضوء على نزاع قال إنه حساس بشكل خاص هو كوريا الشمالية وبرنامجها النووي. وبالفعل ظلت السنتان الأوليان من فترة حكم ترامب مطبوعة بالأخذ والرد مع الرئيس كيم جونغ أون الذي شهّر به مرة بأنه "رجل الصواريخ الصغير" ومرة أخرى يبدي إعجابه بـ"الرسائل الجميلة" من الدكتاتور. ولقاءات شخصية لرجلي الدولة غذت الآمال في حصول انفراج، لكن في الأثناء واضح أن كوريا الشمالية متمسكة ببرنامجها النووي.
"أعتقد أن ترامب قلل كليا من شأن لعبة المراوغة لخصمه"، يقول روديغر لينتس من معهد Aspen-Institut-Germany. "لقد علق الآمال على حصول نجاح سريع، لكنه لم يحصل عليه". وبالرغم من ذلك حصل تحت ترامب تطور في العلاقات الأمريكية الكورية الشمالية: "أعتقد أنهم توصلوا إلى نوع من التفاهم"، يقول لينتس، الذي ظل حتى 2009 مدير مكتب واشنطن التابع لدويتشه فيله، ويضيف: "قنوات الحوار مفتوحة ويمكن مواصلة استخدامها".
الصين: نزاع حول التجارة عوض حقوق الانسان
صعدت الصين في السنوات الماضية بشكل نهائي لتصبح قوة عظمى. والولايات المتحدة الأمريكية تجمعها نزاعات مع الجمهورية الشعبية على عدة مستويات، فكلاهما عملا على تقوية وجودهما العسكري في بحر الصين الجنوبي. واستراتيجية ترامب الاقتصادية الرامية إلى تقليص العجز التجاري بضرائب خاصة على البضائع الصينية قادت إلى تصعيد في العقوبات الجمركية من كلا الطرفين. وعلى هذا المستوى ماتزال الصين تبحث عن الحل الوسط مع ترامب، كما يعتقد لينتس: "هم لم يهاجموه بتلك القوة الهائلة، بل تحركوا في اتجاهه". ومع الانفراج السريع للاقتصاد الصيني بعد الانهيار الذي تسبب فيه فيروس كورونا، فإن بكين ماتزال في موقع متقدم. "موقف ترامب أضعف مما كان عليه قبل عام"، يقول روديغر لينتس.
ويبدو أن النضال من أجل حقوق الإنسان ليس من أولويات سياسة ترامب تجاه الصين، فحسب المستشار الأمني السابق جون بولتون لم يكن لدى ترامب في حواره مع الرئيس الصيني تحفظات ضد بناء معسكرات اعتقال في مقاطعة شينجيانغ الإيغورية.
أفغانستان: صفقة من أجل الانسحاب
في لحظة ما بدا وكأن أفغانستان من خلال ترامب تقترب شيئا من السلام: في فبراير/ شباط أبرمت حركة طالبان الإسلامية اتفاقية مع الولايات المتحدة يمكن تلخيصها في تقليل العنف أمام انسحاب القوات الأمريكية. وفي الأثناء تتفاوض طالبان مباشرة مع الحكومة الافغانية، ودونالد ترامب ينشر الأمل بين جنوده بأنه بإمكانهم العودة إلى ديارهم في عطلة نهاية السنة الميلادية ـ وعلى الرغم من ذلك فإن الوضع الأمني في أفغانستان هش أكثر من أي وقت مضى.
"لم يحصل على شيء ـ سوى ذريعة لسحب الوحدات الأمريكية"، يوضح روديغر لينتس باختصار. وإذا ما حصل فعلا ذلك، فإنه سيشكل مشكلة جدية بالنسبة إلى الحلفاء في الناتو: "ستكون بداية النهاية وانسحاب جميع الآخرين". والنتيجة ستكون ظهور اضطرابات جديدة في كافة المنطقة وربما هيمنة لطالبان بانعكاسات لا يمكن التنبأ بها على مستقبل أفغانستان.
سوريا: ليس إلا الانسحاب
" لم أعد أريد البقاء للأبد في سوريا، إنها رمال، وهي موت"، هذا ما قاله ترامب مطلع عام 2019. وبعد شهور أصدر الأمر بالتخلي عن المواقع الأمريكية في شمال سوريا. وبسرعة تقدمت وحدات تركية وروسية لشغل تلك المواقع. وتحرك الولايات المتحدة الأمريكية في سوريا تسبب في حصول انقسام بين الرئيس ترامب وقوى أخرى في الإدارة الأمريكية، كما يقول جوليان بارنيس داسي، خبير الشرق الأوسط لدى المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية. "موقف استراتيجي قوي للولايات المتحدة الأمريكية في سوريا تم إضعافه بقوة من خلال هذه النزاعات الداخلية وتطلع ترامب للانسحاب من سوريا"، يقول بارنيس داسي.
والانسحاب الأمريكي ساعد روسيا، حسب تقدير روديغر لينتس، على وجه الخصوص لتقوية موقفها في المنطقة. وهذا تطور مثير، لأنه لم يحصل في السابق أن ساعدت الولايات المتحدة روسيا في الحصول على مجال مفتوح. وهذا قد يتغير في حال ما فاز منافس ترامب جو بايدن في الانتخابات الرئاسية الأمريكية. "سينهج أسلوبا أقوى بمساندة الديمقراطيين ضد موسكو"، كما يعتقد لينتس.
ايران: التخلي عن الاتفاقية النووية
من وجهة نظر حكومة أوباما لم تكن إيران موضوعا طارئا بالنسبة إلى ترامب، فالجمهورية الإسلامية كانت قد وقعت للتو اتفاقية لإنهاء برنامجها النووي حتى حين، ومع ذلك، شعر ترامب أن الاتفاقية كانت متساهلة للغاية وقاد انسحاب الولايات المتحدة إضافة إلى استئناف عقوبات صارمة. وعلى هذا النحو كان يسعى لفرض اتفاقية جديدة مضرة بإيران.
والقتل المستهدف للجنرال الإيراني قاسم سليماني من قبل الجيش الأمريكي مطلع هذه السنة بالقرب من بغداد كاد يفجر الوضع. "لا أعتقد بأننا كنا أمام حرب جديدة ـ لكن أمام ضربة عسكرية محدودة خطط لها الرئيس ترامب"، كما يقول العارف بالشؤون الأمريكية، لينتس. وجوليان بارنيس داسي ينطلق من أن كلا الطرفين ليس لهما اهتمام حقيقي بخوض حرب.
الشرق الأوسط: انطلاقة جديدة لصالح إسرائيل
وفيما يخص عملية السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين اقتصر الأمر على إعلانات فقط في فترة حكم ترامب. وفي آن واحد رجح الرئيس الكفة لصالح إسرائيل، مثلا عندما أمر بنقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس وقبل بسياسة الاستيطان التي ينهجها رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو، والمخالفة للقانون الدولي.
وعندما ظهر للعيان في يناير مخطط السلام الذي وضعه صهر ترامب، جاريد كوشنير، ظهر أولا الكثير من الرفض من قبل جيران إسرائيل. ومنذ تلك اللحظة عملت الحكومة الأمريكية على تقوية موقف إسرائيل في العالم العربي. "عبر وساطة ترامب قامت الإمارات العربية المتحدة والبحرين بتطبيع العلاقات مع إسرائيل والسودان قد يتبع. وهذه الاتفاقيات تم التفاوض عليها من خلف ظهور الفلسطينيين"، كما يقول المحلل بارنيس داسي.
وترامب ادعى عدة مرات أن العربية السعودية تقف أيضا على عتبة الاعتراف بإسرائيل. والمملكة استفادت كثيرا من الصلة الوثيقة مع ترامب. "أعتقد أن الدعم الكامل من قبل ترامب ساعد النظام السعودي في تجاوز الأزمة عقب اغتيال جمال خاشقجي"، كما قال لينتس. وهذا يجلب معه تبعية بحيث أن الرياض ستقلق على موقع سلطتها في المنطقة في حال فاز بايدن في الانتخابات.
وإسرائيل استفادت أكثر من ترامب ـ لكن يمكن تحمل فوز لبايدن، كما يعتقد جوليان بارنيس داسي، "حتى ولو تسلم بايدن السلطة، فإن واشنطن وحكومة ديمقراطية جديدة لن تتراجع في بعض الخطوات التي سار فيها ترامب".
ديفيد إيل/ م.أ.م
اتفاق أبراهام.. أحدث حلقة في مسار حروب وسلام متعثر
قبل أكثر من سبعين عاماً أعلن عن قيام إسرائيل. ذات الإعلان يؤرخ له الفلسطينيون بيوم "النكبة". عقود طوال من الشد والجذب بين الطرفين دون التوصل إلى حل نهائي للصراع الذي خلف ضحايا كثر وخسائر جسيمة.
صورة من: Getty Images/A. Wong
"النكبة"
"عيد الاستقلال" بالنسبة للإسرائيليين هو ذكرى "النكبة" بالنسبة للفلسطينيين. فبسبب حرب 1948 فقد فلسطينيون كثر بيوتهم ومورد رزقهم. وقدر عدد الذين خرجوا من بلدهم حينذاك بـ 700.000 فلسطيني، يُنعتون اليوم باللاجئين الفلسطينيين.
صورة من: picture-alliance/dpa
إعلان التأسيس والاعتراف
في الـ 14 من أيار/ مايو 1948 أعلن رئيس الوزراء ديفيد بن غوريون قيام دولة إسرائيل. وكانت أمريكا أول الداعمين لتلك الدولة والمعترفين بها ورُفع علم الدولة الجديدة أمام مبنى الأمم المتحدة في نيويورك. قيام إسرائيل فتح الباب على مصراعيه لـ"صراع الشرق الأوسط".
صورة من: picture-alliance/akg-images
"أرض الميعاد"
اليهود أكبر مكون في المجتمع الإسرائيلي. ويصل عدد سكان الدولة العبرية اليوم أكثر من 8٫5 مليون نسمة. وينعت اليهود موطنهم الحالي بـ"أرض الميعاد"، إذ يعتقدون أن الرب وعد إبراهيم وعاهده على أن تكون هذه الأرض لنسله، وبأنها الأرض التي سيعود إليها اليهـود.
صورة من: AFP/Getty Images
حرب الأيام الستة
تعددت الحروب بين إسرائيل وجيرانها العرب، ففي 5 حزيران/ يونيو 1967 نشبت حرب جديدة بين الدولة العبرية وبين كل من مصر وسوريا والأردن، لتكون الثالثة في سلسلة الصراع العربي الإسرائيلي. لكنها سرعان ما انتهت بنصر إسرائيلي واستيلائها على قطاع غزة والضفة الغربية وسيناء وهضبة الجولان.
صورة من: picture alliance/AP/KEYSTONE/Government Press Office
لاجئون في دول الجوار وفي الضفة والقطاع
يُقدر عدد اللاجئين الفلسطينيين اليوم بحوالي 5 مليون لاجئ فلسطيني. وحسب وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى (أونروا)، فإن اللاجئين الفلسطينيين يوجدون بـ 58 مخيم في الأردن ولبنان وسوريا وقطاع غزة والضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية. وتُطلق كلمة "لاجئ" على الخارجين من فلسطين بعد نكبة 1948، في حين يقال "نازحون" لمن غادروا فلسطين بعد "نكسة" 1967.
ظروف مزرية
يعيش اللاجئون الفلسطينيون أوضاعاً اجتماعية واقتصادية قاسية في المخيمات. فقد كشفت أونروا في تقاريرها عن الأوضاع المزرية لهؤلاء، والتي تمتاز عموماً بالفقر وبالكثافة السكانية وبظروف الحياة المكبلة. علاوة عن بنية تحتية غير ملائمة كالشوارع والصرف الصحي. ويشار إلى أن اللاجئين الفلسطينيين في هذه المخيمات لا "يملكون" الأرض التي بني عليها مسكنهم، في حين يمكنهم "الانتفاع" بالأرض للغايات السكنية.
صورة من: John Owens
لماذا أنوروا؟
الأونروا هي وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل لاجئي فلسطين في الشرق الأدنى. وتعمل على المساعدة والحماية وكسب التأييد لهم، وذلك إلى أن يتم التوصل إلى حل لمعاناتهم. وتخصص الوكالة مدارس وعيادات صحية ومراكز توزيع داخل المخيمات وخارجها. تم تأسيس الوكالة بموجب القرار رقم 302 (رابعا) الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة.
صورة من: Getty Images/AFP/
حرب رابعة
في 6 تشرين الأول/ أكتوبر 1973 قام الجيشان المصري والسوري بهجوم مفاجئ على القوات الإسرائيلية المرابطة في سيناء وهضبة الجولان. حقق الجيش المصري هدفه من الحرب بعبور قناة السويس وتدمير خط بارليف واتخاذ أوضاع دفاعية. انتهت الحرب رسمياً مع نهاية 24 أكتوبر مع خلال اتفاق وقف إطلاق النار الموقع بين الجانبين العربي الإسرائيلي.
صورة من: picture-alliance/dpa
مصر تفتح الباب
في 19 تشرين الثاني/ نوفمبر 1977 فاجئ الرئيس المصري أنور السادات العالم بزيارته إلى إسرائيل، لتنطلق مفاوضات سلام شاقة برعاية أمريكية وتتوج في سبتمبر/ أيلول 1978 بتوقيع اتفاقات كامب ديفيد، التي تبعها توقيع معاهدة السلام في 26 آذار/ مارس من عام 1979. أنهت المعاهدة حالة الحرب وانسحبت إسرائيل من شبه جزيرة سيناء. لم يحظ السلام بالتأييد في العالم العربي، إذ اعتبرها العرب آنذاك "خيانة" للفلسطينيين.
صورة من: picture-alliance/CNP/Arnie Sachs
اتفاق أوسلو
بعد شهور من المفاوضات السرية الموازية لعملية السلام التي انطلقت في مدريد عام 1991 تم في 13 من سبتمبر/ أيلول 1993 في حديقة البيت الأبيض توقيع اتفاق أوسلو الذي كان إعلاناً عن المبادئ حول ترتيبات الحكم الذاتي الانتقال. حصل كل من ياسر عرفات وإسحاق رابين وشيمون بيريز على نوبل للسلام. لكن المعاهدة قوبلت برفض فصائل فلسطينية لها. انعقدت جولات كثيرة لاستكمال السلام الذي تعثر باندلاع الانتفاضة الثانية.
صورة من: Getty Images
معاهدة وادي عربة
في 26 تشرين الأول/ أكتوبر 1994 وبرعاية الرئيس الأمريكي بيل كلينتون وقع رئيس الأردن وإسرائيل معاهدة سلام بينهما. أنهت معاهدة وادي عربة رسمياً عقوداً من حالة الحرب، بيد أنها لم تكتسب شرعية شعبية في الأردن حتى اليوم، ففي نظر الشريحة الأكبر من الأردنيين، الذين يشكل الفلسطينيون أكثر من نصفهم، لا تزال إسرائيل "عدواً". وبموجب المعاهدة احتفظ الأردن بحقه في الإشراف على الشؤون الدينية في القدس.
صورة من: picture-alliance/AP Photo/G. Gibson
حق العودة
حق العودة حلم يراود معظم اللاجئين الفلسطينيين. ولجأ الفلسطينيون وخصوصاً بعد اتفاق أوسلو إلى تشكيل لجان ومؤسسات بهدف الحفاظ على قضية اللاجئين والدفاع عن حق العودة.
صورة من: picture-alliance/dpa/ZUMA Wire/APA Images/A. Amra
الإمارات والدولة العبرية تعلنان التطبيع الكامل
توصلت الإمارات وإسرائيل إلى "اتفاق سلام تاريخي"، حسب الرئيس ترامب الذي قال إنهما ستباشران قريبا لقاءات لعقد اتفاقيات عدة. وتعد الإمارات أول بلد خليجي يعلن عن تطبيع كامل مع إسرائيل. محمد بن زايد أعلن في تغريدة أنه تم في اتصال مع ترامب ونتانياهو "الاتفاق على إيقاف ضم إسرائيل للأراضي الفلسطينية. بيد أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو رد بأن مخطّط الضمّ "تأجّل" لكنّه "لم يُلغ".
البحرين تنضم للإمارات
شهرا بعد الإعلان الإماراتي-الإسرائيلي، انضمت البحرين إلى الدولتين، ووقع بنيامين نتنياهو اتفاقي سلام مع وزيري خارجية الإمارات، الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان، والبحريني عبد اللطيف الزياني. يُعتقد أن البحرين لن تكون الأخيرة، وأن هناك دولا عربية قد تنضم، في مؤشر جديد على قرب نهاية رسمية للصراع العربي-الإسرائيلي ليتحول إلى صراع فلسطيني-إسرائيلي، بيدَ أن هناك دولا في المنطقة لن تغير موقفها كإيران.