تحيي ألمانيا وإسرائيل الذكرى الستين لبدء علاقاتهما الدبلوماسية بعد عقدين من انتهاء الحرب العالمية الثانية. هذه العلاقات المهمة جدا للبلدين يتم إحياء ذكراها الستين في ظل حرب غزة الحاضرة في كل مكان.
بدأت العلاقات الدبلوماسية بين إسرائيل وألمانيا بعد عشرين عاما من انتهاء الحرب العالمية الثانيةصورة من: Fabian Sommer/dpa/picture alliance
إعلان
قبل 60 عامًا، في 12 أيار/مايو 1965، بدأت ألمانيا وإسرائيل علاقاتهما الدبلوماسية بعد تحضيرات طويلة. لم يكن ذلك بديهيًا في ذلك الوقت: لأنّ الحرب العالمية الثانية في أوروبا كانت قد انتهت قبل عشرين عامًا فقط. وكانت ذكرى الإبادة الجماعية لليهود الأوروبيينمن قبل ألمانيا النازية حاضرة في كلا البلدين. وحتى الآن، بعد 80 عامًا على انتهاء الحرب، تبقى العلاقات مع إسرائيل مهمة للغاية، ولكنها صعبة أيضًا.
إسحاق هرتسوغ في برلين وشتاينماير في إسرائيل
وفي هذه الذكرى السنوية يزور الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ برلين. وينوي مع الرئيس الألماني فرانك فالتر شتاينماير زيارة نصب الهولوكوست التذكاري "الرصيف 17" في محطة غرونيفالد في برلين، والتي رحّل منها النازيون 10 آلاف يهودي إلى معسكرات الاعتقال.
ويلتقي هرتسوغ بأكثر من 100 شاب ألماني وإسرائيلي، وهو يعلم جيدًا أنَّ معاداة السامية زادت بقوة في ألمانيا - خاصة بين الشباب - منذ بدء الحرب في قطاع غزة قبل أكثر من عام ونصف. وبعد ذلك سيسافر هرتسوغ مع شتاينماير إلى إسرائيل ويزوران كيبوتسا يقع على الحدود مع قطاع غزة.
التقى في عام 2024 المستشار الحالي فريدريش ميرتس (من الحزب المسيحي الديمقراطي) برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في إسرائيلصورة من: Kobi Gideon/GPO/dpa/picture alliance
ميركل تحدثت في الكنيست عن "المصلحة الوطنية"
وتأتي هذه الزيارة من الناحية السياسية في الأيام الأولى للحكومة الألمانية الاتحادية الجديدة برئاسة المستشار فريدريش ميرتس (من الحزب المسيحي الديمقراطي). ومثل جميع المستشارين الذين سبقوه - يدرك ميرتس أيضًا أهمية ألمانيا ومسؤوليتها الخاصة تجاه إسرائيل.
وعندما زارت المستشارة الألمانية السابقة أنغيلا ميركل إسرائيل في عام 2008 وتحدثت في البرلمان الإسرائيلي (الكنيست)، استخدمت لوصف هذه الأهمية مصطلح "المصلحة الوطنية"، التي تتعلق من وجهة نظرها بمسؤولية ألمانيا السياسية الخاصة عن ضمان وجود إسرائيل وأمنها.
إعلان
المصلحة الوطنية - مبدأ توجيهي وليست قانونًا
وهذا المبدأ (المصلحة الوطنية) سياسي وليس قانونيًا. ولكن المستشارين بعد ميركل (ومعظم المستشارين قبلها) عملوا دائمًا ولا يزالون يعملون وفق هذه المصلحة الوطنية. وعلى الرغم من جميع الانتقادات لما يقوم به الإسرائيليون في قطاع غزة، إلا أنَّ السياسيين الألمان يؤكدون مرارًا وتكرارًا على أنّ لإسرائيل الحق في الدفاع عن نفسها بعد هجوم حماس الإرهابي في 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023، وأنَّ ألمانيا تظل بثقة إلى جانب إسرائيل.
ولكن عمليًا يمكن أن يكون تحقيق هذا المبدأ في غاية الصعوبة: فحتى في ألمانيا تزداد الانتقادات للإجراءات الإسرائيلية القاسية في قطاع غزة، الذي تمنع إسرائيل منذ بداية آذار/مارس وصول المساعدات إليه، ونتيجة ذلك هي انتشار الجوع والموت.
"من حق إسرائيل الدفاع عن نفسها": رئيسا إسرائيل وألمانيا، هرتسوغ وشتاينماير، في كيبوتس بئيري المدمر بعد أسابيع قليلة من هجوم حماس الإرهابي في خريف عام 2023صورة من: Bernd von Jutrczenka/dpa/picture alliance
وحول ذلك قال فريدريش ميرتس للقناة الأولى الألمانية (ARD) في لقائه الأول كمستشار: "إسرائيل مصدر قلقنا الأكبر. وسيسافر وزير خارجيتنا الجديد بالنيابة عني إلى إسرائيل نهاية الأسبوع القادم. وأنا لا أريد استباق ذلك. حاليًا نحن نستعد لهذه الزيارة معًا. ولكن يجب أن يكون واضحًا أنَّ الحكومة الإسرائيلية يجب عليها أن تفي بالتزاماتها بموجب القانون الدولي وقانون الحرب".
إدخال المساعدات إلى غزة... قنبلة موقوتة تهدد ائتلاف نتنياهو
02:18
This browser does not support the video element.
نتنياهو والمحكمة الجنائية الدولية
في تشرين الثاني/نوفمبر 2024 أصدرت المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي مذكرات اعتقال بحق أشخاص من بينهم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع الإسرائيلي السابق يوآف غالانت، وذلك للاشتباه بارتكاب جرائم حرب في قطاع غزة. وبما أنّ ألمانيا من الأعضاء المؤسسين للمحكمة الجنائية الدولية، فيجب عليها اعتقال نتنياهو إذا جاء إلى ألمانيا.
ولكن مع ذلك فقد قال المستشار الحالي ميرتسفي اليوم التالي للانتخابات الاتحادية بعد إجرائه مكالمة هاتفية مع نتنياهو: إنَّه سيجد بصفته مستشارًا في حالة زيارة نتنياهو ألمانيا "الوسائل والسبل، التي تضمن له تمكنه (نتنياهو) من زيارة ألمانيا ومغادرتها من دون أن يُعتقل في ألمانيا". ولم يكرر ميرتس هذه العبارة بعد انتخابه مستشارًا.
آخر زيارة لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتيناهو إلى ألمانيا تعود إلى مارس/ آذار 2023 قبل اندلاع الحرب في غزة صورة من: Kay Nietfeld/picture alliance/dpa
ميرتس: يجب على إسرائيل أن تفي بالتزاماتها الإنسانية
وبدلًا من ذلك، قال المستشار الجديد للقناة الألمانية الأولى: "من حق إسرائيل الدفاع عن نفسها ضد هذا الهجوم الوحشي، الذي قام به إرهابيو حماس في 7 تشرين الأول/أكتوبر وكل ما أعقبه. ولكن يجب على إسرائيل أيضًا أن تبقى دولة تحترم التزاماتها الإنسانية، وخاصة هنا حيث تسود الآن هذه الحرب المروعة - في قطاع غزة، حيث يدور بحكم الضرورة هذا النزاع مع إرهابيي حماس".
ويذكر أن حركة حماس هي مجموعة مسلحة فلسطينية إسلاموية، تصنفها ألمانيا والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة ودول أخرى على أنها منظمة إرهابية.
آخر اجتماعات حكومية كانت قبل وقت طويل
ويُبين الجدل حول مذكرة اعتقال رئيس الوزراء الإسرائيلي مدى تعقيد العلاقة بين البلدين حتى يومنا هذا، وكيف تساهم حرب غزة في تحديدها. ومع أنَّ وزيرة الخارجية السابقة أنالينا بيربوك (من حزب الخضر) زارت إسرائيل عدة مرات بعد اندلاع الحرب، لكن زيارة نتنياهو الأخيرة لبرلين كانت قبل أكثر من عامين. فقد زار نتنياهو في آذار/مارس 2023 المستشار في ذلك الوقت أولاف شولتس (من الحزب الاشتراكي الديمقراطي).
وفي الواقع، تعقد ألمانيا مع إسرائيل أيضًا ما يعرف باسم مشاورات حكومية، أي اجتماعات بين حكومتي الجانبين. وتهدف هذه الاجتماعات إلى التأكيد على الأهمية الخاصة للعلاقات بين البلدين. وتعقد ألمانيا مثل هذه الاجتماعات مع اثنتي عشرة دولة فقط. أما آخر مشاورات حكومية مع إسرائيل فقد جرت قبل أكثر من سبع سنين.
أعده للعربية: رائد الباش
في صور.. سبعون عاماً على قيام إسرائيل
قبل 70 عاماً تأسست دولة إسرائيل. بعد الهولوكوست بات الـ 14 من أيار/مايو 1948 نقطة تحول في تاريخ اليهود ينظرون منها إلى مستقبل واعد. وحسب التقويم العبري يصادف بعد غد الخميس ذكرى التأسيس. أهم المحطات التاريخية في صور!
صورة من: Imago/Seeliger
"انتصار الأمل"
في الـ 14 من أيار/مايو 1948 أعلن رئيس الوزراء ديفيد بن غوريون قيام دولة إسرائيل. ومما قاله بن غوريون آنذاك: "لم يفقد الشعب اليهودي الأمل مطلقاً. ولم تنقطع صلواته للحرية وللعودة إلى وطنه. واليوم عاد اليهود إلى وطنهم الأصلي. وصار لهم دولة خاصة بهم".
صورة من: picture-alliance/dpa
انتصار دبلوماسي
بعد ذلك مباشرة تم في نيويورك رفع علم الدولة الجديدة أمام مبنى الأمم المتحدة. وبالنسبة للإسرائيليين شكل ذلك خطوة إضافية نحو الأمن والحرية. وأخيراً أصبح لهم دولة معترف بها دولياً.
صورة من: Getty Images/AFP
الساعة المظلمة
يمكن قراءة أهمية تأسيس دولة إسرائيل على خلفية الهولوكوست. فالنازيون قتلوا خلال الحرب العالمية الثانية ستة ملايين يهودي. الصورة لمعتقلين في معسكر أوسشفيتس.
صورة من: picture-alliance/dpa/akg-images
"النكبة" ـ الكارثة
يحيي الفلسطينيون يوم تأسيس دولة إسرائيل كيوم "نكبة" بالنسبة لهم؛ إذ توجب على نحو 700.000 فلسطيني مغادرة أراضيهم. وعليه فإن تأسيس دولة إسرائيل هو بداية ما يسمى "صراع الشرق الأوسط" الذي لم يتم حله حتى بعد مرور 70 عاماً عليه.
صورة من: picture-alliance/CPA Media
العمل من أجل المستقبل
الطريق السريع رقم 2 تربط بين مدينتي تل أبيب ونتانيا وتوثق كذلك لإرادة انبعاث الدولة الفتية. وتم تدشين الطريق في 1950 من قبل وزيرة العمل الإسرائيلية غولدا مايير التي فرضت على البلاد بعد توليها رئاسة الحكومة نهج تحديث اقتصادي واجتماعي صارم.
صورة من: Photo House Pri-Or, Tel Aviv
كيبوتس
الكيبوتسات هي تجمعات سكنية تعاونية تم إشادتها في كل أنحاء إسرائيل، ولاسيما في السنوات الأولى بعد تأسيس الدولة. وفيها طبق اليهود العلمانيون وأيضاً من ذوي التوجهات الاشتراكية تصوراتهم حول المجتمع.
صورة من: G. Pickow/Three Lions/Hulton Archive/Getty Images
الدولة الحصينة
استمرت التوترات مع الجيران العرب. وفي 1967 أدت تلك التوترات إلى "حرب الأيام الستة" التي انتصرت فيها إسرائيل على مصر والأردن وسوريا ولبنان، التي كانت مدعومة أيضا من وحدات سعودية ويمنية أقل. وفي الوقت نفسه بسطت إسرائيل سيطرتها على القدس الشرقية والضفة الغربية ـ وكان ذلك بداية توترات وحروباً إضافية في المنطقة.
صورة من: Keystone/ZUMA/IMAGO
انتصار وموت
في الألعاب الأولمبية في 1972 بميونيخ أحرز السباح اليهودي الأمريكي مارك شبيتس سبعة أرقام قياسية عالمية. وفي منتصف الدورة الأولمبية اقتحم إرهابيون فلسطينيون القرية الأولمبية واحتجزوا الرياضيين الإسرائيليين كرهائن. وانتهت محاولة تحريرهم من قبل الشرطة الألمانية بكارثة: إذ قتل الإرهابيون الرياضيين الإسرائيلين المحتجزين.
صورة من: dapd
مستوطنات في أرض العدو
سياسة الاستيطان الإسرائيلية عامل تسخين دائم للنزاع مع الفلسطينيين. وتتهم سلطة الحكم الذاتي الفلسطينية إسرائيل بمنع قيام دولة فلسطينية مستقبلية من خلال بناء مزيد من المستوطنات. وحتى الأمم المتحدة تشجب بناء المستوطنات، إلا أن إسرائيل إلى يومنا هذا لا تعبأ بذلك.
صورة من: picture-alliance/newscom/D. Hill
غضب وكراهية وحجارة
في شتاء 1987 احتج الفلسطينيون ضد الحكم الإسرائيلي في الأراضي المحتلة. وتفجرت الاحتجاجات في مدينة غزة وانتقلت بسرعة إلى القدس الشرقية والضفة الغربية. واستمرت تلك الانتفاضة على مدار سنوات وانتهت بتوقيع اتفاقيات أوسلو في 1993.
صورة من: picture-alliance/AFP/E. Baitel
وأخيراً السلام؟
بوساطة الرئيس الأمريكي الأسبق بيل كلينتون باشر رئيس الوزراء الإسرائيلي إسحاق رابين والزعيم الفلسطيني الراحل ياسر عرفات في 1993 محادثات سلام. وانتهت هذه المفاوضات بتوقيع "اتفاقية أوسلو" وبالاعتراف المتبادل.
صورة من: picture-alliance/CPA Media
كرسي فارغ
اغتال طالب حقوق متطرف إسحاق رابين في الرابع من تشرين الثاني/نوفمبر 1995. نسف الاغتيال عملية السلام وكشف الانقسام السياسي داخل المجتمع الإسرائيلي؛ فقد زادت الفجوة بين اليهود المعتدلين والمتطرفين، وكذلك بين العلمانيين والأصوليين. الصورة تظهر رئيس الوزراء السابق شيمون بيريس بجانب الكرسي الفارغ لسلفه.
صورة من: Getty Images/AFP/J. Delay
محاولة قول ما لا يمكن قوله
الإبادة الجماعية بحق اليهود تؤثر إلى يومنا هذا على العلاقات الألمانية الإسرائيلية. وفي شباط/فبراير 2000 كان الرئيس الألماني الأسبق يوهانس راو أول رئيس ألماني يلقي كلمة باللغة الألمانية أمام الكنسيت. طلب راو العفو من أجل صالح الأبناء والأحفاد.
صورة من: picture-alliance/dpa
الجدار الإسرائيلي
سياسة الاستيطان الإسرائيلية وراء تسخين المواجهة مع الفلسطينيين. وفي عام 2002 شيدت إسرائيل جداراً يبلغ طوله 107 كيلومتراً في الضفة الغربية. ورغم أن الجدار قلل من أعمال العنف، إلا أنه لم يحل المشاكل السياسية للنزاع المستمر منذ 70 عاماً بين الشعبين.
صورة من: picture-alliance/dpa/dpaweb/S. Nackstrand
انحناء أمام الموتى
وزير الخارجية الألماني الجديد هايكو ماس يسير بخطى ثابتة على تقليد التقارب الألماني الإسرائيلي. وقادته رحلته الخارجية الأولى كوزير للخارجية إلى إسرائيل. وفي آذار/مارس 2018 وضع ماس إكليلاً من الورود على النصب التذكاري ياد فاشيم إجلالاً لضحايا الهولوكوست.