سحب ترخيص الجزيرة لمخالفتها "قيم وأخلاق الشعب السوداني"
١٧ يناير ٢٠٢٢
بررت السلطات السودانية سحبها ترخيص قناة "الجزيرة مباشر" بما أسمته نقل القناة لمضامين مخالفة لـ"قيم وأخلاق الشعب السوداني". ويحتل السودان المرتبة 159 بين 180 دولة في التصنيف العالمي لحرية الصحافة وفق "مراسلون بلا حدود".
إعلان
قالت وزارة الثقافة والإعلام السودانية إن قرار سحب ترخيص قناة "الجزيرة مباشر" دون غيرها من القنوات الفضائية "جاء بعد العديد من الدعوات للطاقم العامل بضرورة مراعاة المهنية والمصلحة العامة والتوقف عن نقل محتوى "ضار بالنشء ومخالف لقيم ومثل وأخلاقيات الشعب السوداني". وأضافت الوزارة في بيان صادر اليوم الإثنين، وفقا لما نقلته وكالة السودان للأنباء (سونا)، أن من بين مثل هذه المشاهد، والتي تم بثها على هامش المظاهرات التي تشهدها البلاد حاليا، "ظاهرة التعري المستنكرة من قبل المجتمع السوداني، وإطلاق ألفاظ نابية غير لائقة، ومشاهد لعناصر متفلتة في حالة غير طبيعية".
وسحبت السلطات السودانية ترخيص قناة "الجزيرة مباشر"، التي أوقف مدير مكتبها في البلاد في 25 تشرين الأول / أكتوبر ثلاثة أيام على أثر الانقلاب في السودان حيث أوقف صحافيون كثر. ومنتصف تشرين الثاني/ نوفمبر أوقف مدير مكتب قناة الجزيرة في الخرطوم السوداني المسلمي الكباشي ثلاثة أيام من دون الإعلان عن سبب توقيفه.
وكان رئيس تحرير صحيفة القوات المسلحة السودانية قد اتّهم القناة بأنها "نشرت تقارير مجافية للواقع وفيديوهات قديمة أعيد نشرها مرة أخرى واستضافت شخصيات عدائية وظلت تنفخ في نار الفتنة".
والسبت تكررت هذه الاتهامات في بيان أصدرته وزارة الثقافة والإعلام السودانية أعلنت فيه سحب ترخيص قناة الجزيرة مباشر بسبب "التناول غير المهني" للشأن السوداني "الذي يعمل على ضرب النسيج الاجتماعي بالبلاد".
وقناة الجزيرة مباشر تابعة لشبكة الجزيرة القطرية وهي متخصصة في التغطية المباشرة للأحداث من دون أي مقدمين أو تعليقات.
والأحد جاء في تغريدة أطلقتها الجزيرة أن "السلطات السودانية تعلن سحب ترخيص الجزيرة مباشر ومنع طاقمها من العمل في السودان".
وندّدت السفارة الأميركية في الخرطوم بـ"خطوة إلى الوراء لحرية الصحافة التي تشكل حجر الزاوية في عملية الانتقال الديموقراطي" المتعثّرة منذ الانقلاب الذي نفّذه قائد الجيش في 25 تشرين الأول/أكتوبر.
وكانت الخرطوم قد أغلقت مكتب الجزيرة وسحبت تصاريح عمل صحافييها في 2019 السنة التي أطاح فيها الجيش بالرئيس عمر البشير تحت ضغط انتفاضة شعبية.
ونهاية كانون الأول/ديسمبر أفرجت السلطات السودانية عن مراسلتي قناة الشرق السعودية في السودان بعد ساعات على احتجازهما داخل مكتب القناة في الخرطوم.
السودان.. انقلاب عسكري يعصف بالانتقال الديمقراطي
منذ اندلاع الثورة السودانية في ربيع 2019 شهد السودان تجاذبات بين القوى المدنية والعسكر. الرهان كان على المرحلة الانتقالية التي شهدت بدورها صراعات قوية تبدو أن ذروتها سجِّلت في ليلة انقض فيها العسكر على مكتسبات الثورة.
صورة من: Hannibal Hanschke/REUTERS
اعتقالات بالجملة
منذ فجر الاثنين 2021.10.25، تتوالى تقارير إعلامية من السودان تفيد باعتقال الجيش لعددٍ من الوزراء وسياسيين بارزين من بينهم قيادات "قوى الحرية والتغيير" المظلة المدنية التي قادت انتفاضة شعبية أطاحت بنظام الجنرال عمر حسن البشير 2019.04.11. رئيس الوزراء عبد اللّه حمدوك ذُكر في البداية إنه وضع تحت الإقامة الجبرية، وأكدت وزارة الثقافة والاعلام أنه نُقل بدوره إلى مكان مجهول بسبب "رفضه تأييد الانقلاب".
صورة من: Hannibal Hanschke/REUTERS
متمردون سابقون
قائمة المعتقلين حسب وسائل الإعلام تطول تباعا لتشمل أيضا ياسر عرمان، نائب الأمين العام للحركة الشعبية لتحرير السودان وفق ما نشر حسابه على تويتر. وكانت جماعته المتمردة قد وقعت اتفاق سلام في 2020 مع السلطات الانتقالية متعهدة بالاندماج في الجيش. وعمل ياسر عرمان مؤخرا كمستشار لعبد الله حمدوك.
صورة من: picture-alliance/AP Photo/N. El-Mofty
إعلاميون وصحفيون
الاعتقالات طالت أيضا إعلاميين وصحفيين، فقد اقتحمت قوات عسكرية مقر الإذاعة والتلفزيون في أم درمان، واحتجزت عدداً من العاملين. فيما تمّ قطع الانترنت، في وقت تواترت فيه تقارير عن توجه عبد الفتاح البرهان رئيس المجلس السيادي إلى تعليق العمل بالوثيقة الدستورية التي تنظم المرحلة الانتقالية في البلاد.
صورة من: Hussein Malla/AP Photo/picture alliance
إعلان طلاق
رئيس مجلس السيادة السوداني الفريق أول عبد الفتاح البرهان أعلن الاثنين(2021.10.25) فرض حالة الطوارئ في السودان وحل مجلسي السيادة والوزراء. كما أعلن تعليق العمل ببعض بنود الوثيقة الدستورية، وتجميد عمل لجنة إزالة التمكين، وإنهاء عمل ولاة السودان، مشيرا إلى التمسك باتفاق جوبا للسلام. وزارة الإعلام السودانية وصفت إجراءات البرهان بأنها "انقلاب عسكري".
صورة من: picture-alliance/AA
غضب وإنزال أمني
على الفور خرج العشرات من المدنيين لشوارع الخرطوم وتم إحراق الإطارات، كما تم نشرت قوات الدعم السريع في شوارع العاصمة الخرطوم.
صورة من: REUTERS
دعوات للخروج إلى الشارع
مباشرة بعد الاعتقالات دعت القوى الثورية وعلى رأسها "تجمع المهنيين السودانيين" المعارض، في حسابه على فيسبوك، إلى "الخروج للشوارع واحتلالها وإغلاق كل الطرق بالمتاريس، والإضراب العام عن العمل وعدم التعاون مع الانقلابيين، والعصيان المدني في مواجهتهم". رئيس الوزراء حمدوك بدوره طالب بـ "احتلال الشوارع دفاعاً عن الثورة". ذات الدعوات أطلقها أيضا حزبا "الأمة" و"الشيوعي".
صورة من: ASHRAF SHAZLY/AFP via Getty Images
ردود فعل دولية
اجتمعت القوى الدولية بما في ذلك الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي على أن ما حدث في السودان فجر الاثنين انقلاب "مخالف للإعلان الدستوري والتطلعات الديمقراطية للشعب السوداني، وغير مقبول على الإطلاق"، كما جاء على لسان المبعوث الأمريكي الخاص للقرن الأفريقي جيفري فيلتمان الذي هدّد بوقف المساعدات إلى السودان.
صورة من: Getty Images/AFP/R. Arboleda
قلق على مستقبل السودان
قلق بالغ على مستقبل السودان شددت عليه تصريحات مسؤولين من الأمم المتحدة ودول غربية وسط مطالبات حثيثة إلى إعادة العملية الانتقالية إلى مسارها الصحيح. الاتحاد الأوروبي دعا إلى الإفراج عن قادة السودان المدنيين وشدد على وجوب "تجنّب العنف وسفك الدماء"، من جهته دعا الإتحاد الأفريقي إلى "الاستئناف الفوري للمشاورات بين المدنيين والعسكريين في إطار الإعلان السياسي والإعلان الدستوري".
صورة من: Giscard Kusema
انقلاب بعد انقلاب
الانقلاب الجديد جاء بعد أربعة أسابيع عن محاولة انقلاب فاشلة لم تفهم تفاصيله بعد. وبعد يومين من تظاهرات حاشدة نزل فيها عشرات الآلاف من السودانيين إلى شوارع المدن، دعماً لانتقال كامل للحكم إلى المدنيين، فيما كان أنصار العسكر يواصلون اعتصاماً أمام القصر الجمهوري وسط العاصمة الخرطوم منذ السبت الماضي، في مؤشر على الانقسام المهيمن على المشهد.
صورة من: picture-alliance/Photoshot
مآل الثورة؟
المشهد اليوم يوحي بنهاية اتفاق 2019، حين وقّع العسكريون والمدنيون الذين كانوا يقودون الحركة الاحتجاجية التي أطاحت بالرئيس البشير، اتفاقًا لتقاسم السلطة نصّ على فترة انتقالية من ثلاث سنوات تم تمديدها لاحقا. وبموجبه، تم تشكيل سلطة تنفيذية من الطرفين، على أن يتم تسليم الحكم لسلطة مدنية إثر انتخابات حرة. غير أن الشروخ اتسعت بين فريق يسعى إلى عودة العسكر إلى الحكم وفريق آخر يريدها "مدنية..مدنية". و.ب
صورة من: EBRAHIM HAMID/AFP via Getty Images
10 صورة1 | 10
وفي اليوم نفسه هاجمت قوات الأمن السودانية مكتب قناة "العربية" السعودية في الخرطوم حيث تعرّضت بالضرب لصحافيين وصادرت تجهيزات. وأفاد صحافيون بتعرّضهم للتوقيف وللاعتداء خلال تغطيتهم تظاهرات مناهضة للانقلاب قتل فيها إلى الآن 64 شخصا.
واعتقل مئات الأشخاص منذ الانقلاب الذي نفّذه الفريق أوّل عبد الفتّاح البرهان في 25 تشرين الأول / أكتوبر. وقبل الانقلاب، كان السودان يحتل المرتبة 159 بين 180 دولة في التصنيف العالمي لحرية الصحافة الذي تعدّه منظمة "مراسلون بلا حدود". وتطالب الأمم المتحدة السلطات السودانيّة بـ"احترام حرّية التعبير والصحافة" في بيئة تعتبر المنظمة الأممية أنها تصبح "أكثر فأكثر عداءً للصحافيّين".