زر الإعجاب "لايك" على فيسبوك مسببٌ للإدمان، إذ يفتح ملايين الناس عيونهم صباحاً ليذهبوا إلى صفحتهم في الفضاء الأزرق، وتحديدا إلى خيار إشعارات "نوتيفيكسشن" فينظروا قبل كل شيء من وضع لهم "لايك". تقرير في علم النفس كشف السر.
إعلان
بشوق ولهفة تشبه لهفة العاشق للقاء حبيبته، يُهرع ملايين الناس إلى صفحاتهم الزرقاء طيلة اليوم ليمتعوا أنظارهم بمرأى الإبهام المرفوع علامة على الإعجاب، أو القلب الأحمر المعبر عن أعمق الإعجاب الممزوج بالحب. بل تطور الأمر إلى أنّ من يفقد عزيزاً رحل عن عالمنا ميتاً يسارع وهو في غمرة حزنه، إلى إنزال بوست لانتزاع التعازي بالإموجي الباكية.
دراسة عملية أجراها موقع ستارت ديجيتال المتخصص بتقنيات العالم الرقمي، و نشرها موقع "ميديوم كوربوريشن" الأمريكي كشفت أن أنزيم دوبامين Dopamine هو المسؤول عن هذا، فمع كل لايك أو ما يشبهه، ينال الدماغ جرعة من هذه المادة المسببة للإدمان، وكلما زادت الجرعات، نمت رغبتنا في الحصول على المزيد، وهكذا يعيش الناس في دوامة.
ونتيجة مراقبة سلوك ملايين المستخدمين لفيسبوك صحح العلماء نظريتهم عن مادة دوبامين، فقد كانوا يحسبونها مادة تبعث على البهجة، فاكتشفوا أنها مادة تسبب الإدمان، وما إن تبدأ الجرعات تسري في دم الإنسان حتى يطلب المزيد فالمزيد منها. الدراسة كشفت أيضا، أنّ البوست الذي ينتزع مزيداً من علامات الإعجاب، أو الانتقاد، يدفع كثيراً من الناس للمشاركة، انسياقا لمبدأ مشاركة القطيع حسب نظرية عالم الاجتماع الروسي بافلوف.
للخوارزميات دورٌ حاسم
وطبقا لخوارزميات فيسبوك، فإنّ كمية شارات لايك التي ننالها تعتمد على عدد الأصدقاء والمتابعين لبوستاتنا، وهكذا فإنّ معرفتك لمزاج متابعيك وأصدقائك، وإدراكك المبكّر لمساحات اهتمامهم، سيجعلك قادراً دائما على شدهم إلى منشوراتك، وكلما اشتد تفاعلهم مع منشوراتك، ازدادت مساحة انتشار هذه المنشورات، وزادت قدرتك على الحصول على أصدقاء. عام 2009 أدخل فيسبوك خدمة زر اعجاب لايك، بعد نحو خمسة أعوام من اطلاق مشروع فيسبوك الجامعي.
ومن المفارقات أنّ مارك زوكربيرغ لم يكنّ أي إعجاب لإطلاق هذا الزر. لكنّ مدمني صفحة فيسبوك يرون اليوم أنّ الصفحة لا قيمة لها دون زر الإعجاب الشهير جالب السعادة والرضا للنفوس! إحدى الدراسات المتخصصة بالسلوك البشري، بيّنت أنّ الإنسان يتكلم عن نفسه بنسبة 40 بالمائة من مجموع ما يقوله يومياً، لكن حين يكون على لوحة مفاتيح الكومبيوتر فاتحاً صفحته الزرقاء، ترتفع النسبة إلى 80 في المائة من مجمل ما يقوله.
هناك تفصيل مهم في هذا السياق، فالحوار وجهاً لوجه، لا يتيح للإنسان فرصة للتأمل والتصحيح لأن ردود فعل الآخرين إزاءه متنوعة وقد تختلف مع بعض ما يقوله، أما الآن فإنّ جلوس الإنسان إلى لوحة المفاتيح، وأمامه خيارات المعلومات الرقمية الهائلة تتيح له أن يهذب ما يقوله، وأن ينتقي المعلومات الصحيحة وأن يتأكد من كل شيء قبل أن يضعه على الصفحة، ومع ذلك فهناك صفحات شهيرة لها ملايين المتابعين تبثُ في أحيان كثيرة قصصاً مفتعلة وأخباراً كاذبة لمجرد انتزاع الإعجاب.
الإعجاب الافتراضي
لكنّ ترجمة هذا الإعجاب إلى فعل حقيقي على الأرض ليس سهلاً، بمعنى أنّ عرض إعلان تجاري لحذاء رياضي شهير جميل قد يحصد عشرات آلاف شارات الإعجاب، لكنّ هذا لا يعني أنّ عدداً كبيراً من المعجبين سيتحولون لشراء الحذاء الجميل، إذ اثبتت دراسة أخرى، أنّ المعجبين بالإعلانات لا يقررون غالباً شراء ما يعجبهم من النظرة الأولى، بل يحتاجون إلى مراعاة عدة عناصر، منها الثقة بالمنتج، السعر، إمكانية وصوله لهم بسرعة بالشكل المطلوب، عدم ثقتهم بأنّ الحذاء (في هذا المثال) سيناسب قياساتهم.
وهكذا، فإنّ الإعجاب يبقى محصورا في الفضاء الأزرق ولا يتحول إلى تعامل مالي . وينطبق هذا إلى حدٍ كبير على العلاقات التي تنمو سريعا على فيسبوك، فلو حاول الناس نقلها إلى الحياة اليومية، فإنّ عدداً كبيراً من هذه العلاقات لن يحظى بلايك واحد من الطرفين في أحيان كثيرة.
ملهم الملائكة / ط.أ
شركات عملاقة تقاطع فيسبوك!
مع تزايد الدعوات لمقاطعة فيسبوك بعد كشف فضيحة انتهاك الخصوصية، أعلنت شركات كبيرة أنها ستتخلى عن استخدام الموقع نهائيا أو مؤقتا. ولكن فيسبوك قالت إنها لم تلاحظ وجود عدد كبير من المقاطعين ووعدت بتحسسين أدائها وتصبح أفضل.
صورة من: picture-alliance/AP Photo/T. Camus
بلاي بوي
قالت شركات بلاي بوي إنها ستغلق صفحاتها على موقع فيسبوك، مع تزايد الفضيحة المحيطة بالموقع. وأوضحت بلاي بوي أنها واجهت العديد من الصعوبات في النشر على فيسبوك. وأضافت أن فضيحة الخصوصية كانت القشة التي قصمت ظهر البعير بعد فترة طويلة من المشكلات التي تعرضت لها بسبب قواعد فيسبوك الصارمة في عرض الصور العارية. وقد تفاعل نحو 25 مليون مستخدم مع صفحة بلاي بوي على الفيسبوك.
صورة من: Getty Images/J. Kempin
سبيس إكس وتيسلا
قال رجل الأعمال الملياردير إلون ماسك، أحد كبار المستثمرين في شركة تيسلا لتصنيع السيارات الكهربائية ومنتج صواريخ سبيس إكس، على تويترإنه سيحذف حسابات "فيسبوك" الخاصة بالشركتين. وقد بدا هذا القرار عفوياً بعد أن كتب ماسك أنه "لم يدرك" وجود حساب لـ "سبيس إكس" على فيسبوك. وكان للشركتين حوالي 2.6 مليون متابع قبل حذف حسابها.
صورة من: Reuters/T. Baur
موزيلا
أوضحت الشركة التي تقف وراء متصفح الويب الشهير فايرفوكس في بيان لها إنها "أوقفت مؤقتاً" إعلاناتها على فيسبوك. وأكدت أنها لن تحذف الحساب تماما على فيسبوك. لكنها ستتوقف عن نشر تحديثات منتظمة على حسابها. وقالت "عندما يتخذ فيسبوك إجراءات أقوى في البحث وراء مشاركة بيانات العملاء ... سنفكر في العودة".
صورة من: LEON NEAL/AFP/Getty Images
مصرف "كومرتس بنك"
أعلن مصرف "كومرتس بنك، أحد أكبر المصارف في ألمانيا، أنه توقف مؤقتاً عن نشر إعلاناته على فيسبوك. ونقلت صحيفة "هاندلسبلات" الألمانية عن مسؤول العلامة التجارية للشركة قوله "إننا سنأخذ استراحة (سوقف) إعلاناتنا على فيسبوك. وإن حماية البيانات والحفاظ على العلامة التجارية الجيدة أمر مهم بالنسبة لنا". وأضاف أن الشركة ستنتظر لفترة قبل اتخاذ أي قرارات أخرى.
صورة من: Daniel Roland/AFP/Getty Images
مؤسس واتس آب
كتب المؤسس المشارك لتطبيق واتسآب، برايان أكتون، في تغريدة على تويتر " لقد حان الوقت .. #deletefacebook" . وقد أصبح أكتون مليارديراً بعدما باع واتس أب إلى فيسبوك عام 2014. وعمل مؤخرا في استثمار جديد لتطبيق منافس باسم "سيجنال " إثر تركه واتسآب عام 2017.
صورة من: picture-alliance/dpa/M. Gerten
سونوس
قالت سونوس الشركة المصنعة للسماعات بالولايات المتحدة، إنها سحبت إعلاناتها من فيسبوك ومنصات وسائط التواصل الاجتماعي الأخرى، بما في ذلك انستغرام المملوك لشركة فيسبوك. وأوضحت سونوس أن الكشف الأخير "أثار تساؤلات" حول ما إذا كانت شركة فيسبوك قد اتخذت ما يكفي من الإجراءات لحماية خصوصية المستخدمين. لكنها قالت إنها لن تتخلى عن فيسبوك بشكل كامل لأنها خدمة "فعالة بشكل لا يصدق".
صورة من: picture-alliance/AP Photo/Sonos
"دكتور أوتكر"
طلبت شركة الأغذية الألمانية "د. أوتكر Dr. Oetker" من متابعيها على تويتر بالتصويت بشأن حذف حسابها على فيسبوك أم لا. وكتبت الشركة في 21 مارس/ آذار "سنحذف صفحتنا على الفيسبوك مقابل 1000 تغريدة ". وسرعان ما تم نشر أكثر من 1000 تغريدة، مما دفع الشركة إلى إلغاء تنشيط صفحتها على فيسبوك. لكنها أعادت تفعيل الحساب في اليوم التالي، وكتبت على تويتر أنه "لا يمكن" بدون فيسبوك.
صورة من: Dr. Oetker
رد فيسبوك؟
رداً على سؤال حول قرار بعض الشركات بوقف حسابها على شبكة التواصل الاجتماعي، أوضحت شركة فيسبوك أن "معظم الشركات التي تحدثنا معها هذا الأسبوع تشعر بالرضا تجاه الخطوات التي حددناها لحماية بيانات الأشخاص بشكل أفضل، ولديهم ثقة بأننا سوف نستجيب لهذه التحديات ونصبح شريكاً جيداً وشركة أفضل نتيجة لذلك ".
إعداد: ألكسندر بيرسون/ س.م