سرقة وبيع الاطفال ... تجارة "منظمة" في أمريكا اللاتينية
١٨ نوفمبر ٢٠١٨
تُعد تجارة الأطفال من الفصول المظلمة في تاريخ ديكتاتوريات أمريكا اللاتينية. ورغم أن عهد الدكتاتوريات في القارة قد ولى، لكن تجارة سرقة الأطفال وبيعهم مازالت رائجة لأسباب منها مشاكل اجتماعية مرتبطة بالانتماء العرقي.
صورة من: Fotolia
إعلان
عبر السكان في بيرو عن امتعاضهم من نتيجة تحقيق للشرطة حول عصابة مشتبه بها في تجارة الأطفال بمدينة أريكيبا. وفي صلب التحقيقات يظهر رئيس الشرطة السابق في البلاد، راوول بيسيرا الذي يبدو أنه الذراع اليمنى لعصابة تنشط في تجارة الأطفال. كما يبدو أن العصابة احتجزت نساء حاملات وأرغمتهن على التخلي عن أطفالهن.
وحتى لو أن هذه الحالة مثيرة في بيرو، فإن تجارة الأطفال في أمريكا اللاتينية ليست حالة نادرة. وحسب منظمات إغاثة مختلفة فإن الأمر يتعلق بظاهرة مرعبة تطال كافة بلدان المنطقة.
والعصابات الإجرامية مختصة في مجالات متعددة في تجارة الأطفال. والمسألة الأساسية ترتبط بكفالات غير قانونية، حسبما يقول خوان مارتن بيريس غارسيا في مقابلة مع DW، وهو مدير شبكة Redlamyc . ويضيف أن المنظمات الإجرامية تتعاون في الغالب مع موظفين في جهاز الدولة للوصول إلى رضع وأطفال من أجل التبني. " هم يستغلون المؤسسات الضعيفة في بلادهم والقوانين الهشة أو غير الموجودة. وأحيانا لا تعرف العائلة المتبنية بأي طريقة وصلت إلى الطفل المكفول"، يقول بيريس غارسيا.
ويبدو أن الوضع مثير للغاية في غواتيمالا، حيث أن هذه البلاد رائدة منذ الثمانيات في السوق العالمية للتبني غير القانوني. فالعدد المتزايد لحالات الاختطاف منذ 2013 إضافة إلى المشاركة المفترضة لموظفين في قطاع الصحة تشكل أرضية خصبة لتجارة الأطفال، كما يجمع أخصائيون. وحالات الإفلات من العقاب تعزز هذا الوضع.
وتحذر منظمة اليونيسف منذ سنوات من أن الفقر أيضا عامل حاسم في تجارة الأطفال، لاسيما الأطفال من أوساط فقيرة، إذ أنهم معرضون للمخاطر، وبالتالي فإن تجارة الأطفال تمثل إشكالية اجتماعية مرتبطة أيضا بالانتماء العرقي. مريديث فابيان، الأخصائية في مؤسسة Casa Alianza التي تعمل في العديد من بلدان أمريكا اللاتينية من أجل حقوق الأطفال تشدد على المخاطر المحدقة بأطفال الشوارع، وتقول:" هم تنقصهم عوامل الحماية مثل العائلة أو المدرسة". كما أن المهاجرين معرضون للمخاطر، وهم يتحركون حاليا في مجموعات كبيرة من أمريكا اللاتينية في اتجاه الشمال.
وانطلاقا من عمر معين تتحول تجارة الأطفال من إطار التبني غير الشرعي إلى عمل الأطفال والدعارة التي تطال بالأساس الفتيات. ويؤكد ممثلو منظمات غير حكومية أنه لا توجد بيانات رسمية حول عدد ضحايا تجارة الأطفال في أمريكا اللاتينية.
الرضع ليسوا بضاعة
لكن كيف يمكن التصدي لتجارة الأطفال في أمريكا اللاتينية؟ فحسب وجهة نظر بيريس غارسيا يكون من الضروري إصلاح الاتفاقيات الدولية حول التكفل تجاوزها الدهر بسبب الأعمال الإجرامية المنظمة المتنامية بسرعة. لكنه يشك في أن هذا الموضوع له أولوية لدى البلدان الميسورة في هذا العالم. أما مريديث فابيان فتشدد على ضرورة مكافحة حالة الإفلات من العقاب المنتشرة في بلدان أمريكا اللاتينية. ويطالب بيريس غارسيا بالنسبة إلى مجال عمليات التبني بتحول في الوعي العام : " يجب علينا تغيير العقليات بأن تحصل عائلات على رضع وكأنهم حيوانات أليفة يمكن شراؤها حسب لون البشرة والأصل أو العمر. وبعبارة أخرى نحن نحتاج إلى أطفال يتكفلون بآباء وليس العكس.
انريكه أنارتيه/ م.أ.م
رحلة محفوفة بالمخاطر- تعقب آثار مهربي البشر في إفريقيا
عكف مراسلا DW يان فليب شولتس و أدريان كريش طوال أسابيع على جمع معلومات عن مهربي البشر من نيجيريا، وتعقبا آثارا تصل حتى إيطاليا واصطدما في مهمتهما بجدار من الصمت.
صورة من: DW/A. Kriesch/J.-P. Scholz
مهمة البحث انطلقت في مدينة بنين عاصمة ولاية إيدو النيجيرية. تقريبا كل شخص نتحدث معه هنا لديه أصدقاء أو أعضاء عائلة في أوروبا. فأكثر من ثُلاثة أرباع مجموع بائعات الهوى في إيطاليا ينحدرن من هذه المنطقة. الكثيرون لا يجدون آفاقا في بلدهم بسبب البطالة في صفوف الشباب.
صورة من: DW/A. Kriesch/J.-P. Scholz
الأخت بابيانا إيمناها تحاول منذ سنوات تحذير النساء الشابات من السفر إلى أوروبا. وقالت لنا "الكثير منهن يتم إغراؤهن بوعود كاذبة". فالعمل الموعود كمربية أطفال أو حلاقة ينكشف في عين المكان كأكذوبة. فجميع النساء الشابات تقريبا يكون مصيرهن شوارع البغاء.
صورة من: DW/A. Kriesch/J.-P. Scholz
بعد مفاوضات طويلة يوافق أحد مهربي البشر على التحدث إلينا. يسمي نفسه ستيف. ويقول إنه نجح في تهريب أكثر من مائة نيجيري إلى ليبيا، وهو يرفض تقديم معلومات عن الأشخاص الذين يقفون وراء هذه التجارة ـ ويعتبر أنه خادم بسيط. ويقول ستيف "الناس هنا في إيدو طماعين. من أجل حياة أفضل هم مستعدون لفعل كل شيء".
صورة من: DW/A. Kriesch/J.-P. Scholz
مقابل 600 يورو ينظم ستيف الرحلة من نيجيريا إلى إيطاليا. ويقول المهرب:"الغالبية تدرك خطر السفر عبر الصحراء". ومن حين لآخر تؤدي حوادث عطل إلى وفات بعض الأشخاص. "تلك هي المخاطرة"، يقول ستيف الذي يرافق المهاجرين حتى أغاديز في النيجر حيث يتولى شخص آخر المهمة.
صورة من: DW/A. Kriesch/J.-P. Scholz
مدينة أغاديز الصحراوية هي المحطة الأخطر في رحلة بحثنا. سكان هذه المنطقة يعيشون من تجارة البشر والمخدرات، ويتعرض أجانب من حين لآخر للاختطاف. لا يمكن لنا التحرك إلا تحت حراسة مسلحة، كما وجب علينا تغطية الرأس بزي تقليدي لتجنب لفت الأنظار.
صورة من: DW/A. Kriesch/J.-P. Scholz
ويعتبر سلطان أغاديز عمر إبراهيم عمر مثل العديد من الناس أنه لا يمكن القضاء على مشكلة تجارة البشر في عين المكان، وهو يطالب بأموال أكثر من المجتمع الدولي. وحجته في ذلك عندما يقول بأنه إذا أرادت أوروبا وقف تدفق المهاجرين عليها نحو البحر المتوسط، فوجب عليها دعم النيجر أكثر.
صورة من: DW/A. Kriesch/J.-P. Scholz
منذ شهور تنطلق كل يوم اثنين قبل غروب الشمس حافلات تقل مهاجرين من أغاديز في اتجاه الشمال. الفوضى في ليبيا أدت إلى تمكن المهربين من العبور دون مراقبة حتى البحر المتوسط. ونلاحظ بسرعة هنا أن السلطات في النيجر لا تكثرت لأنشطة المهربين.
صورة من: DW/A. Kriesch/J.-P. Scholz
الكثير من المهاجرات من نيجيريا يجدن أنفسهن في إيطاليا على قارعة الطريق للممارسة البغاء. الموظفة الاجتماعية ليزا بيرتيني تعمل مع بائعات هوى أجنبيات. وقالت لنا بيرتيني:"عددهن في ازدياد". وتكشف مصادر رسمية أن حوالي 1000 نيجيرية دخلن في عام 2014 إيطاليا. وفي 2015 تجاوز عددهن 4000 . وتلاحظ الموظفة الاجتماعية أن "عمر الفتيات يصغر".
صورة من: DW
بمساعدة زميل نيجيري تعقبنا أثر "سيدة" مفترضة. لقب "السيدة" تحصل عليه القوادات النيجيريات اللاتي يتربعن على قمة هرم شبكات تهريب. هذه الديوثة تعيش في إحدى ضواحي فلورينتسا. وتوجه إحدى الضحايا اتهامات قوية ضدها، وقالت "ضربتنا وأجبرتنا على ممارسة الدعارة".
صورة من: DW/A. Kriesch/J.-P. Scholz
وعندما واجهنا "السيدة" المفترضة بالاتهامات الموجهة إليها اعترفت بأنها تأوي ست شابات نيجيريات في منزلها. لكنها رفضت الاتهام بأنها تجبر البنات على الدعارة. وقررنا تقديم نتائج بحثنا إلى النيابة العامة الإيطالية.
صورة من: DW/A. Kriesch/J.-P. Scholz
الراهبة مونيكا أوشكفي تنتقد منذ مدة تقاعس السلطات الإيطالية. إنها تعتني منذ ثمان سنوات بضحايا تجارة البشر. وتحدثت في غضب عندما سألناها عن زبائن البنات. وقالت إن أولئك الرجال يبحثون دوما عن إشباع رخيص لغرائزهم: ممارسة الجنس مع فتاة نيجيرية تساوي 10 يوروهات فقط. وتقول بأنه بدون هؤلاء الصعاليك لما كانت المشكلة موجودة.