الأزمة الليبية محك لاختبار علاقات تونس مع "الشقيق الأكبر"
٢ فبراير ٢٠٢٠
يقوم الرئيس التونسي قيس سعيد بزيارة إلى الجزائر، في أول زيارة له للخارج، يرى المراقبون أن الأزمة الليبية ستتصدر فيها جدول الأعمال، في وقت يبحث فيه البلدان عن الاضطلاع بدور في هذا الملف الذي يهدد استقرار المنطقة برمتها.
إعلان
أوضحت الرئاسة الجزائرية أن الرئيس التونسي قيس سعيّد يقوم بزيارة رسمية للجزائر اليوم (الأحد الثاني من فبراير/ شباط 2020) بدعوة من نظيره الجزائري عبد لمجيد تبونسيجريان خلالها محادثات حول سبل تعزيز التعاون بين البلدين. وأضافت "إن الطرفين سيتطرقان خلال المحادثات إلى الوضع الدولي والإقليمي، خاصة في ليبيا". وتتقاسم الجزائر وتونس، نفس الرؤية لتسوية الأزمة الليبية، كما يشتركان في رفضهما لمبادرة السلام التي طرحها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، أو ما يوصف بـ" صفقة القرن" غير أن تونس لم تشارك في مؤتمر برلين الأخير حول ليبيا، فيما تبحث الجزائر عن دور لها في الملف بعد أشهر من الحراك الشعبي جعلها تغيب عن الساحة الدولية.
زيارة قيس سعيّد هي الأولى بعد مائة يوم من صعوده الى سدة الرئاسة. وتعهد سعيّد، خلال حملته الانتخابية، أن تكون الجزائر محطته الأولى، لكنه كان أدى زيارة إلى سلطنة عمان يوم 12 من الشهر الماضي لأداء واجب العزاء في وفاة السلطان الراحل قابوس. وتمثل زيارة الجزائر تقليدا دأب عليه رؤساء ورؤساء الحكومات في تونس منذ 2011 تأكيدا للعلاقات المتينة التي تجمع البلدين اللذين يرتبطان بحدود مشتركة تمتد على أكثر من 900 كيلومتر.
يذكر أن سعيّد كشف يوم الثلاثاء الماضي عن مبادرة لحل الأزمة في ليبيا تقوم على الانتقال من "الشرعية الدولية" إلى الشرعية" الليبية -الليبية " في مسعى لجمع الفرقاء. وقال الرئيس التونسي في كلمة توجه بها الى الشعب بمناسبة نهاية السنة الميلادية، إن مبادرته تقوم على جمع الفرقاء في البلد الجار على "كلمة سواء". وقال سعيد "كان المنطلق هو الانتقال من الشرعية الدولية التي تبقى هي المرجع لكن لا يمكن أن تستمر بدون نهاية، والانتقال إلى شرعية ليبية ليبية تعبر عن إرادة شعبنا في ليبيا".
ولم يوضح الرئيس، الذي استلم منصبه في تشرين أول/أكتوبر الماضي بعد فوزه بنسبة فاقت 70 بالمائة من أصوات التونسيين، تفاصيل أكثر عن مبادرته ولكنه شدد على ضرورة اعتماد القانون بدل السلاح للتوصل إلى حل في ليبيا. وتابع في كلمته "قد يكتب لهذه المبادرة النجاح أو بعض النجاح وقد تتعثر لكن ستبقى تونس ثابتة على نفس المبادئ فالمرجع هو القانون وليس أزيز الطائرات وطلقات المدافع وزخات الرصاص".
بتوقيت برلين - تفاقم الأزمة الليبية: هل ما زال السلام ممكنا؟
56:05
واستقبل سعيد الشهر الماضي الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في زيارة غير معلنة دفعت بتكهنات إلى السطح بقرب عمل عسكري وشيك في ليبيا، ما جعل الرئاسة في تونس تحت ضغط الإعلام والمعارضة.
كما أعلن وزير داخلية حكومة الوفاق الوطني الليبي في مؤتمر صحفي بتونس عن تحالف مع تونس وتركيا والجزائر، وهي معلومات نفتها الرئاسة التونسية لاحقا. وتعقيبا على ذلك قال سعيّد في بيان: "أرضنا وسماؤنا وبحارنا لا سيادة فيها إلا للدولة التونسية وحدها". وتابع الرئيس "نحن لا نريد تعاطفا من أي كان إذا كان بدون احترام، بل نريد احتراما لسيادتنا حتى إن لم يكن هناك تعاطف، فكرامتنا وسيادتنا لا تكون أبدا موضوعا قابلا للنقاش". وجاءت تصريحات سعيّد إثر لقاء له في تونس برئيس حكومة الوفاق المعترف بها دوليا فائز السراج ورئيس المجلس الرئاسي، في مسعى لتقريب وجهات النظر في ليبيا لكنه لم يلتق بعد ذلك بأحد ممثلي حكومة الشرق الليبي الموالية لحفتر.
من جهتها عرضت الجزائر الخميس استضافة "مؤتمر للمصالحة الوطنية" بين طرفي النزاع في ليبيا، وفق ما أعلنت لجنة الاتحاد الافريقي المكلفة "ايجاد حلول" للنزاع الذي يشهده هذا البلد. وقال وزير خارجية الكونغو جان كلود نغاكوسو إن "اللجنة اخذت علما بعرض الجزائر استضافة مؤتمر للمصالحة الوطنية"، وذلك خلال تلاوته بيانا ختاميا اثر اجتماع عقدته اللجنة التابعة للاتحاد الافريقي حول الأزمة في ليبيا في برازافيل.
وتأتي هذه التطورات في وقت ازدادت فيه التدخلات الخارجية في شؤون ليبيا، بالإضافة إلى إرسال الأسلحة ومقاتلين أجانب، منذ انعقاد مؤتمر برلين الدولي في 19 كانون الثاني / يناير بهدف السيطرة على التطورات، فيما تسعى الأمم المتحدة إلى استصدار قرار بالخصوص وسط صعوبات التوافق حوله.
ح.ز/ م.س (د.ب.أ، أ.ف.ب)
أبرز القوى المسلحة المتصارعة على النفوذ في المشهد الليبي
البعض يقول إنها حوالي 30، في حين يصل البعض الآخر بالرقم إلى 1600. إنها الجماعات والميلشيات التي تحمل السلاح في ليبيا. DW عربية ترصد في هذه الجولة المصورة أبرز القوى المسلحة في المشهد الليبي الديناميكي والمتداخل.
صورة من: Reuters TV
العاصمة طرابلس
قوة حماية طرابلس، وهي تحالف يضم مجموعات موالية لحكومة الوفاق. وأبرزها: "كتيبة ثوار طرابلس" وتنتشر في شرق العاصمة ووسطها. قوة الردع: قوات سلفية غير جهادية تتمركز خصوصاً في شرق العاصمة وتقوم بدور الشرطة ولها ميول متشددة. كتيبة أبو سليم: تسيطر خصوصا على حي أبو سليم الشعبي في جنوب العاصمة. كتيبة النواسي: إسلامية موجودة في شرق العاصمة حيث تسيطر خصوصا على القاعدة البحرية.
صورة من: Reuters/H. Amara
"الجيش الوطني الليبي"
قوات اللواء السابق خليفة حفتر المسماة "الجيش الوطني الليبي"، تسيطر على معظم مناطق الشرق من سرت غرباً إلى الحدود المصرية. وتسيطر قوات حفتر على مناطق الهلال النفطي على ساحل المتوسط شمالاً إلى مدينة الكفرة ونواحي سبها جنوباً وتسعى حاليا للسيطرة على طرابلس. قوات حفتر هي الأكثر تسلحا وقوامها بين 30 و45 ألف مقاتل، وضمنهم ضباط سابقون في الجيش الليبي وتشكيلات مسلحة وعناصر قبلية إضافة إلى سلفيين.
صورة من: Getty Images/AFP/A. Doma
كتائب مصراتة
فصائل نافذة في مصراتة الواقعة في منتصف الطريق بين مدينتي طرابلس وسرت، وهي معادية للمشير خليفة حفتر ومنقسمة بين مؤيدين ومعارضين لحكومة الوفاق الوطني. والمعارضة منها متحالفة مع فصائل إسلامية موالية للمفتي صادق الغرياني ولخليفة الغويل. وتتواجد بعض هذه الفصائل كذلك في العاصمة. وتسيطر مجموعات من مصراتة على سرت ومحيطها، وتمكنت من تحرير سرت من تنظيم الدولة الإسلامية في نهاية 2016.
صورة من: picture alliance/abaca
"فجر ليبيا"
كان تحالفاً عريضاً لميلشيات إسلامية، يربطها البعض بجماعة الإخوان المسلمين (حزب العدالة والبناء)، وضم ميلشيات "درع ليبيا الوسطى" و"غرفة ثوار طرابلس" وكتائب أخرى من مصراته. في 2014 اندلعت معارك عنيفة بين هذا التحالف و"الجيش الوطني الليبي" بقيادة حفتر، خرج منها حفتر مسيطراً على رقعة كبيرة من التراب الليبي.
صورة من: picture-alliance/AP Photo
فصائل منكفئة في الزنتان
انكفأت فصائل الزنتان بعد طردها من طرابلس في 2014 إلى مدينتها الواقعة جنوب غرب العاصمة. تعارض هذه الفصائل التيارات الإسلامية، ويبقي عدد منها على صلات مع حكومة الوفاق الوطني و"الجيش الوطني الليبي" في الوقت نفسه. وتسيطر هذه الفصائل على حقول النفط في غرب البلاد. وعينت حكومة الوفاق أخيرا ضابطا من الزنتان قائدا عسكريا على المنطقة الغربية.
صورة من: DW/D. Laribi
جماعات متحركة في الصحراء
تعتبر فزان أهم منطقة في الجنوب الليبي تنتشر فيها عمليات التهريب والسلاح..وتحدثت تقارير إعلامية عن وجود ما لا يقل عن سبعة فصائل إفريقية، تنحدر من تشاد ومالي والسودان والنيجر والسنغال وبروكينافاسو وموريتانيا، في المناطق الحدودية في الجنوب الليبي. ومن أبرز الجماعات المسلحة في الجنوب الليبي: الطوارق، وجماعات تابعة لقبائل التبو، وجماعات جهادية(القاعدة وداعش) تتنقل على الحدود بين دول الساحل والصحراء.
صورة من: picture-alliance/AP Photo/J. Delay
"داعش"
دخل تنظيم "الدولة الإسلامية" المعروف إعلامياً باسم "داعش" ليبيا في تشرين الأول/ أكتوبر 2014. وفي كانون الأول/ديسمبر من نفس العام تبنى التنظيم أول اعتداء بعد تمركزه في البلاد مستغلاً غياب السلطة. ويمارس التنظيم لعبة الكر والفر، كما حقق مكاسب، إذ سيطر في فترات على النوفلية وسرت ودرنة وغيرها، ليعود ويخسر بعض الأراضي. وفي شباط/فبراير 2015 خرج شريط بثه التنظيم الإرهابي يظهر ذبح 21 قبطياً مصرياً.
صورة من: picture-alliance/militant video via AP
"القاعدة" وأفراخها
في 2012 قتل أربعة أميركيين بينهم السفير في هجوم على القنصلية الأميركية في بنغازي. واتهمت واشنطن مجموعة "أنصار الشريعة" المرتبطة بالقاعدة بتنفيذ الاعتداء. وقبل ثلاثة أشهر قضت محكمة أمريكية بسجن أحمد أبو ختالة، الذي يعتقد أنه كان زعيماً لـلمجموعة، لمدة 22 عاماً بعدما دانته بالتورط في الهجوم. وتحدثت تقارير إعلامية أن فصائل تنشط على رقعة واسعة من التراب الليبي مرتبطة بالقاعدة وتعمل تحت مسميات مختلفة.
صورة من: Reuters
بين 2011 و2018
ذكرت تقارير للأمم المتحدة أنه يوجد في ليبيا ما يقرب من 29 مليون قطعة سلاح بين خفيفة ومتوسطة وثقيلة. وبدوره قدر رئيس الوزراء الليبي الأسبق، محمود جبريل، عدد الميلشيات المسلحة بأكثر من 1600 ميليشيا مسلحة، بعد أن كانوا 18 تشكيلاً عسكريا فقط يوم سقوط العاصمة في آب /أغسطس 2011.
إعداد: خ.س/ م.س