تحاول الأمم المتحدة إنشاء جسر جوي طبي لنقل آلاف المرضى من العاصمة اليمنية صنعاء التي يسيطر عليها المتمردون الحوثيون، وذلك في مسعى لعلاج هؤلاء المرضى في خضم حرب خلفت آلاف القتلى وملايين المهددين بالمجاعة.
إعلان
أعلنت الأمم المتحدة الأحد (16 سبتمبر/ أيلول 2008) أنها تسعى لإقامة "جسر جوي طبي" لنقل مرضى من العاصمة اليمنية صنعاء، الخاضعة لسيطرة المتمردين الحوثيين، إلى الخارج لتلقي العلاج، آملة في أن تقلع الرحلة الأولى "في أقرب وقت".
وقال ممثل منظمة الصحة العالمية التابعة للأمم المتحدة في اليمن، نيفيو زاجاريا، في بيان تلقت وكالة فرانس برس نسخة منه، إن "المرضى الذين سيجري نقلهم يعانون أمراضاً مزمنة"، وإن 80 في المائة منهم نساء وأطفال.
وأوضح زاجاريا أن الأمم المتحدة تسعى لنقل المرضى في طائرات من صنعاء إلى منشأة طبية في بلد آخر لم يحدده، مشيراً إلى أن المنظمة الأممية تعمل للحصول على موافقة كل أطراف النزاع لبدء نقل المرضى إلى الخارج، مضيفاً أنه تم الطلب من شركة خاصة مستقلة التدقيق في ملفات المرضى، وأن الجسر الجوي الطبي سيستمر لمدة ستة أشهر في مرحلة أولى.
ويسيطر المتمردون الحوثيون على صنعاء ومناطق أخرى منذ سبتمبر/ أيلول 2014. وتحاول القوات الحكومية استعادة الأراضي التي خسرتها بمساندة تحالف عسكري تقوده السعودية في هذا البلد دعماً لقوات الحكومة منذ مارس/ آذار 2015.
ومنذ التدخل السعودي، قتل في اليمن نحو عشرة آلاف شخص، غالبيتهم مدنيون، بينما تهدد المجاعة حياة ملايين السكان في البلد الفقير الغارق في أزمة إنسانية هي الأكبر في العالم، وفق الأمم المتحدة. ويسيطر التحالف العسكري على الحركة الجوية في مطار صنعاء والمقتصرة على طائرات الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية، بينما يطالب المتمردون الأمم المتحدة بالضغط على التحالف لفتح الأجواء أمام الطائرات التجارية.
وتسعى الأمم المتحدة لإحياء محادثات السلام مجدداً بعدما فشلت قبل نحو عشرة أيام في جمع أطراف النزاع في جنيف لإجراء أول محادثات منذ 2016.
وانتهت المفاوضات غير المباشرة حتى قبل أن تبدأ بعدما رفض المتمردون في اللحظة الأخيرة التوجه إلى جنيف من دون الحصول على ضمانات من الأمم المتحدة بالعودة سريعاً الى العاصمة. كما طالبوا بنقل جرحى على متن الطائرة التي كانت ستقلّهم إلى جنيف، مشددين على ضرورة أن تكون الطائرة عُمانية وأن تمر عبر مسقط.
ولم يعلّق التحالف على احتمال إقامة الجسر الجوي الطبي، بينما قال المتمردون على لسان وزير الخارجية في حكومتهم غير المعترف بها دولياً، هشام شرف عبد الله، خلال لقاء مع المبعوث الأممي مارتن غريفيث في صنعاء الأحد، إن الجسر الجوي "حل جزئي"، حسبما نقلت وكالة "سبأ" المتحدثة باسم المتمردين.
ي.أ/ ح.ع.ح (أ ف ب)
الحوثيون - من هم وماذا يريدون؟
بدأ الحوثيون كحركة تطالب بالحقوق وتظاهروا نصرة للديمقراطية مع اليمنيين ضد الرئيس الراحل علي عبد الله صالح، ثم استولوا على العاصمة صنعاء ويخوضون حربا مع الحكومة والتحالف العربي بقيادة السعودية. فما هو هدف الحوثيين؟
صورة من: Getty Images/AFP/G. Noman
انبثقوا من صعدة
الحوثيون، هم جماعة سياسية - دينية (شيعية) مسلحة يطلق على تنظيمهم السياسي والعسكري "حركة أنصار الله". يرتبط اسمهم بمؤسس الحركة حسين الحوثي الذي قتلته القوات اليمنية في عام 2004. تأسست الحركة عام 1992 واتخذت من منطقة صعدة شمال اليمن مركزا لها. خاضت الحركة مواجهات مسلحة على مدى سنوات ضد نظام الرئيس السابق علي عبدالله صالح راح ضحيتها الآلاف.
صورة من: Gamal Noman/AFP/Getty Images
المذهب الزيدي
ينتمي الحوثيون إلى المذهب الزيدي الشيعي القريب من المذاهب السنية. يعيش أغلب الزيديين في شمال اليمن، أي في معقلهم؛ محافظة صعدة قرب السعودية. لكن الحوثيين زحفوا اليوم إلى مناطق جنوب اليمن. وقد مثل سقوط حكم صالح عام 2012 فرصة ثمينة للحوثيين لتعزيز موقعهم ونفوذهم في اليمن، حتى أنهم بسطوا سيطرتهم عام 2014 على العاصمة صنعاء.
صورة من: Getty Images/AFP/STR
مطالب اجتماعية وسياسية
حين اندلعت الثورة في اليمن عام 2011، شارك الحوثيون بقوة في الانتفاضة الشعبية وتبنوا مطالب الشعب اليمني، مما جعلهم يظهرون كحركة ديمقراطية مناهضة للديكتاتورية. بيَن الحوثيون منذ البداية أن غرضهم هو الدفاع عن حقوق أبناء منطقة صعدة، ليشمل تقديم خدمات اجتماعية وتعليمية، وتحول إلى مطالبة بإشراك المكون الحوثي في أجهزة الدولة.
صورة من: DW
اسم على مسمى
يعتبر حسين بدر الدين الحوثي الزعيم الأول للحركة. وقد ارتبط ابن رجل دين زيدي بارز، في بداية مسيرته السياسية بحزب سياسي صغير كان يعرف باسم "الحق". فاز هذا الحزب بمقعدين في برلمان اليمن في انتخابات 1993، وشغل حسين أحدهما خلال الفترة ما بين 1993 و1997. بعد مقتله في عام 2004 تولى شقيقه عبد الملك الحوثي قيادة الحركة.
صورة من: picture-alliance/dpa/Yahya Arhab
الحروب الست
خاض الحوثيين صراعا مسلحا مع حكومة صالح. كما حضروا في الحروب الست التي دارت بين عامي 2004 و2010 في الشمال اليمني. غير أن الحوثيين تحالفوا فيما يعد مع قوات صالح في الحرب الدائرة ضد التحالف الذي تقوده السعودية دعما للرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي الذي اتخذ من الرياض مقرا له بعد هروبه من صنعاء.
صورة من: Reuters/Abdullah
الأسلحة والذخائر!
يعتقد أن الحوثيين يمتلكون ترسانة ضخمة من الأسلحة والذخائر. ويظن أن إيران المزود الرئيس للحوثيين بالأسلحة. ويرى بعض المراقبين أن الحوثيين استولوا على أسلحة كثيرة من الجيش اليمني وعملوا على تطويرها. وترجح الفرضية الأخرى تعاطف تجار السلاح، الذين قد يمدونهم بالأسلحة والمدخرات نظرا للارتباط القبلي بهم (زيديين) أو انتقاما من الجيش الذي حل بمنطقتهم.
صورة من: Reuters/Houthi War Media
انتقادات
توجه للحوثيين انتقادات كثيرة، أبرزها: استغلال الأطفال وتجنيدهم. ولا يرى الحوثيون حرجا في تجنيد مراهقين، وذلك بمباركة من القبائل المناصرة لهم. ولا تستثننى قوات الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي من تهمة تجنيد الأطفال أيضا (في الصورة مراهقون مناصرون للرئيس اليمني).
صورة من: Getty Images/N.Hassan
ماذا يريدون بالضبط؟
بعد فشل محادثات جنيف للسلام يوم السبت الثامن من سبتمبر/ أيلول 2018، وتغيب وفد الحوثيين بذريعة عدم حصولهم على ضمانات لعودتهم إلى صنعاء. يتساءل عديدون عن الهدف الذي تسعى إليه الحركة، خاصة أمام تنامي عدد ضحايا الحرب في اليمن نتيجة الصراع المستمر بين الحوثيين والحكومة اليمنية. إعداد: مريم مرغيش