يسافر عدد متزايد من طالبي اللجوء واللاجئين في ألمانيا إلى دول أخرى دون أن يدركوا أن ذلك قد يكون ممنوعاً بحسب القانون. هنا لمحة عامة عما إذا كان يسمح للاجئين بالسفر إلى خارج ألمانيا؟
إعلان
يقضي العديد من اللاجئين مدة طويلة في رحلة الوصول إلى أوروبا عبر العديد من البلدان ويواجهون العديد من المخاطر على الطريق. وبمجرد وصولهم إلى ألمانيا وتقديم طلب اللجوء، فإن رحلة العودة إلى بلدانهم الأصلية لزيارة أهاليهم قد تبدو فكرة جذابة للبعض، لكن هذا قد يكون له عواقب قانونية وخيمة.
وتعتمد إمكانية سفر طالبي اللجوء واللاجئين في ألمانيا على وضعهم القانوني، وهنا نلقي نظرة عامة على هذا الموضوع:
1- طالبو اللجوء الذين يحملون تصريح إقامة مؤقت أثناء البت بطلب اللجوء Aufenthaltsgestattung: لا يسمح لهم بمغادرة ألمانيا أو المنطقة التي يعيشون فيها.
يحصل طالبو اللجوء في ألمانيا على تصريح إقامة مؤقت أثناء البت بطلبات لجوئهم، وخلال هذه الفترة لا يسمح لهم بمغادرة البلاد. وقد يستغرق البت بطلب اللجوء سبعة أشهر أو فترة أطول. وخلال هذه المدة لا يسمح لطالبي اللجوء الانتقال من المنطقة التي يعيشون فيها.
2- الأشخاص الذين لديهم تصريح إقامة مؤقت لمنع الترحيل (Duldung)
لا يسمح لهم بمغادرة ألمانيا أو الولاية الألمانية التي يقيمون فيها.
عندما يتم رفض طلب اللجوء، فيمكن للشخص البقاء في ألمانيا إذا حصل على تصريح إقامة مؤقت لمنع الترحيل. وعادة ما يتم منح هذا التصريح للأشخاص الذين ليس لديهم حق بالحماية، ولكن لا يمكن ترحيلهم لأسباب قانونية وإنسانية، قد تكون بسبب الأوضاع في بلدانهم. لا يُسمح للأشخاص الذين يحملون هذا التصريح بالسفر إلى الخارج، كما يجب عليهم البقاء في الولاية الألمانية التي يقيمون فيها.
3- الحاصلون على الحماية الثانوية (Subsidiنrer Schutz) يسمح لهم بالسفر عند حصولهم على وثيقة سفر، لكن ليس إلى بلدهم الأصلي.
يحصل عدد متزايد من طالبي اللجوء في ألمانيا حالياً على الحماية الثانوية، والتي يسمح للحاصلين عليها بالسفر إلى الخارج. ومع ذلك، فإن بطاقة الإقامة التي يحصلون عليها لا تعتبر وثيقة للسفر، ولذلك يتعين عليهم الحصول على جواز سفر من بلدهم الأصلي حتى يتمكنوا من السفر إلى الخارج. وإذا لم يكن لديهم جواز سفر ولا يمكنهم تقديم طلب للحصول على جواز جديد، يمكنهم التقدم بطلب للحصول على "وثيقة سفر للأجانب" لدى دائرة الأجانب المسؤولة عنهم.
4- الأشخاص الحاصلون على حق اللجوء (الحماية الكاملة) يسمح لهم بالسفر إلى جميع البلدان إلا بلدهم الأصلي.
عندما يتم منح الشخص حق اللجوء التام وفقاً لاتفاقية جنيف للاجئين، يتمّ منحه وثيقة سفر أيضاً ويسمح له بالسفر إلى خارج ألمانيا وإلى جميع دول العالم إلا بلده الأصلي، لأن عودته تعني أنه لم يعد بحاجة إلى الحماية. ولذلك يجب على اللاجئين الانتباه إلى أنهم قد يفقدون حقهم في اللجوء إذا سافروا إلى بلدهم الأصليّ.
كما أنهم يخاطرون بفقدان الحماية الممنوحة لهم إذا قاموا بتجديد أو تمديد جوازات سفرهم من بلدهم الأصلي أو بعثاتها في الخارج. هل هناك قيود واستثناءات؟
قد تخضع مدة السفر لقيود، مثلاً ألا تزيد مدة التغيب عن 90 يوماً خلال ستة أشهر. ويمكن معرفة هذه القيود عن طريق سؤال دائرة الأجانب.
أما بالنسبة للاستثناءات، فقد يتم منح بعض الأشخاص استثناءات من قبل دائرة الأجانب المسؤولة عنهم، وذلك في حالات خاصة، عندما يصاب أحد أفراد العائلة المقربين بمرض مثلاً.
سرتان ساندرسون/م.ع.ح
اللاجئون في ألمانيا - من "ثقافة الترحيب" إلى "سياسة الترحيل"
في خريف عام 2015، فتحت ألمانيا أبوابها للآلاف من اللاجئين. وكان تفهم الألمان لمآسي هؤلاء ملفتا جداً. إلا أن أحداثاً عديدة قلبت ثقافة الترحيب إلى مطالب بالترحيل. بالصور: محطات من السياسة الألمانية تجاه اللاجئين.
صورة من: picture-alliance/dpa/G. Fischer
بداية الموجة
في 25 آب/ أغسطس 2015، علقت ألمانيا تنفيذ اتفاق دبلن تجاه اللاجئين السوريين. وينص الاتفاق على إعادة اللاجئين إلى بلد دخلوه في الاتحاد الأوروبي. وبعدها بأيام قالت المستشارة ميركل إن التغلب على موجة اللجوء؛ "مهمة وطنية كبيرة"، كما أصرت على أن "ألمانيا ستنجح في هذه المهمة". وخشيةً من مأساة تحل بآلاف اللاجئين، قررت ميركل إلى جانب النمسا استقبال اللاجئين، وكان ذلك في الخامس من أيلول/ سبتمبر 2015.
صورة من: Reuters/H. Hanschke
استقبال وترحيب
مثلت ""ثقافة الترحيب" عنصراً مهماً في استقبال اللاجئين في خريف 2015. وقد حظي اللاجئون عند وصولهم إلى عدد من المدن الألمانية بترحيب منقطع النظير من جانب المتطوعين من المواطنين الألمان والأجانب المقيمين في ألمانيا. وبادر هؤلاء المتطوعون إلى تقديم المساعدة المعنوية والمادية للعديد منهم. ففي ميونيخ مثلاً، تم إنشاء مطاعم مؤقتة للاجئين المنتظرين تسجيل أسماءهم لدى الشرطة، ونقلهم إلى مراكز الإيواء.
صورة من: picture alliance/dpa/J. Carstensen
أزمة السكن
عدد كبير من اللاجئين قصد ألمانيا بعد قرار ميركل عام 2015. الأرقام المتزايدة للاجئين شكلت تحديا كبيراً للألمان. وبدأت مدن ألمانية باستعمال المباني الخالية أو المهجورة كمراكز إيواء للاجئين، فيما استدعت السلطات الحكومية المختصة الموظفين المتقاعدين للعمل من جديد في مراكز اللاجئين. ويعتبر هذا المعطى واحداً من المؤشرات الأخرى التي فرضت على ألمانيا دخول تحدٍ جديدٍ، بسبب اللاجئين.
صورة من: picture-alliance/dpa/I. Fassbender
بداية أحداث قلبت الموازين
كانت أحداث كولونيا، التي وقعت في ليلة رأس السنة الجديدة 2016/2015 بداية فاصلة لتغير مزاج الألمان تجاه اللاجئين. حيث شهدت تلك الليلة عملية تحرش جماعي كبرى لم تشهدها ألمانيا من قبل. تلقت الشرطة مئات البلاغات من نساء تعرضن للتحرش والسرقة وفتحت الشرطة أكثر من 1500 تحقيق لكن السلطات لم تنجح في التعرف إلا على عدد قليل من المشتبه بهم، الذين كانت ملامحهم شرق أوسطية وشمال إفريقية، طبقا لشهود.
صورة من: picture-alliance/dpa/M. Böhm
مطالب بالترحيل
أعمال التحرش الجنسي في كولونيا، ليلة رأس السنة، تسببت في موجة استياء واسعة في ألمانيا بداية من عام 2016، وقد دفعت كثيرين للمطالبة بتشديد القوانين لترحيل الجناة وجعلت آخرين يطالبون بتفادي تجريم فئة معينة في المجتمع. وكانت حركة "بغيدا" أهم الأطراف، التي دعت إلى وقف تدفق اللاجئين على ألمانيا. وتعارض هذه الحركة الشعبوية بوجه خاص إيواء لاجئين من دول إسلامية بدعوى أن ثقافتهم لا تنسجم مع القيم الغربية.
صورة من: picture-alliance/dpa/M. Kappeler
تحديد سقف لعدد اللاجئين
على خلفية اعتداءات كولونيا ليلة رأس السنة، وجد زعيم الحزب الاجتماعي المسيحي المحافظ آنذاك هورست زيهوفر في الواقعة فرصة للتأكيد على طلبه الرئيسي المتمثل في تحديد سقف أعلى لعدد اللاجئين المسموح لهم بدخول ألمانيا. لكن ميركل كانت قد رفضت الأمر في مؤتمر حزب "الاتحاد الاجتماعي المسيحي" (البافاري) في ميونيخ.
صورة من: picture-alliance/dpa/D. Karmann
هجمات متفرقة ينفذها لاجئون
وقام بعض اللاجئين بأعمال عنف و"إرهاب" جعلت مؤيدين كُثراً يسحبون دعمهم لسياسة الترحيب. ومن أبرز هذه الاعتداءات، ما حصل بمدينة أنسباخ جنوبي ألمانيا. فقد فجَّر طالب لجوء سوري عبوة ناسفة من صنعه وهو ما أدى إلى مقتله وإصابة 12 شخصاً. كما أصاب طالب لجوء آخر (2016) خمسة أشخاص بجروح بفأس وسكين على متن قطار في فورتسبورغ.
صورة من: Reuters/M. Rehle
هجمات معادية للاجئين
وفي المقابل قام أشخاص بالاعتداء على مجموعة من مراكز إيواء اللاجئين مثل إضرام الحريق في مركز فيرتهايم. كما شهدت بعض المدن الألمانية مظاهرات معادية لاستقبالهم. هذه التصرفات دفعت المستشارة ميركل للقول إنه لا تسامح مع اليمينيين المتطرفين الذين يقومون بهجمات ضد اللاجئين.
صورة من: picture-alliance/dpa/R. Engmann
عملية دهس وراءها داعش!
في 19 ديسمبر/ كانون الأول 2016 اهتزت برلين لفاجعة الدهس بشاحنة، التي أدت لمقتل 12 شخصاً وإصابة 48 آخرين. هذا العمل الإرهابي قام به لاجئ في ألمانيا، فقد وُجهت التهمة لأنيس العامري، وهو تونسي الجنسية، كان يبلغ حينها 24 عاماً، باختطاف شاحنة بولندية ضخمة، ودهس بها تجمعاً بشرياً بأحد أسواق أعياد الميلاد في قلب برلين، قبل أن تقتله الشرطة الإيطالية. وقد أعلنت "داعش" فيما بعد تبنيها للاعتداء.
صورة من: picture-alliance/dpa/M. Kappeler
سياسة ميركل في مرمى الانتقادات
تصاعد الأزمات، وتفاقم المشاكل جعل شعبية المستشارة ميركل تقل، فقد اتهمها منتقدوها بأن سياسة "الباب المفتوح" التي اتبعتها فاقمت الأوضاع من خلال تشجيع المزيد من اللاجئين على الدخول في رحلاتهم الخطرة نحو أوروبا. وفي سبتمبر 2016 بدأت ألمانيا أيضا بعمليات مراقبة مؤقتة على حدودها مع النمسا.
صورة من: Getty Images/J. Simon
هل ستستقبل ألمانيا لاجئين جدد؟
أعلنت المفوضية الأوروبية لشؤون اللاجئين موافقة الحكومة الألمانية على استقبال 10 آلاف لاجئ ضمن برنامج "إعادة التوطين" التابع للاتحاد الأوروبي، في الوقت الذي يحاول وزير الداخلية الألمانية الإسراع بفتح مراكز جديدة للاجئين تتولى استقبال اللاجئ والبت في قراره ثم ترحيله في حالة رفض طلبه. بالإضافة إلى توجهه نحو التشدد حيال لمّ شمل عائلات اللاجئين الحاصلين على الحماية الثانوية. إعداد: مريم مرغيش