رفضت منظمة "بروآكتيفا أوبن آرمز" غير الحكومية عرض مدريد استقبال سفينتها الإنسانية التي تنقل نحو مئة مهاجر في البحر المتوسط، معتبرةً أن الوصول للمرفأ الذي اقترحته إسبانيا "غير قابل للتحقيق على الإطلاق".
إعلان
عرضت الحكومة الإسبانية اليوم الأحد (18 آب/أغسطس 2019) أن يستقبل ميناء مدينة ألخثيراس "الجزيرة الخضراء" أكثر من 100 مهاجر على متن سفينة إغاثة تقطعت بها السبل قبالة سواحل إيطاليا بعد انتظار تجاوز أسبوعين لتجد ميناء يسمح لها بالرسو.
لكن منظمة "بروآكتيفا أوبن آرمز" الخيرية، التي تدير سفينة الإنقاذ، قالت إن ليس بإمكانها قبول العرض الإسباني معللة ذلك بالوضع العاجل على متنها. وقالت لورا لانوزا المتحدثة باسم المنظمة لإذاعة "كوبي" الإسبانية أن وصول السفينة، المتواجدة حالياً قبالة جزيرة لامبيدوزا الإيطالية، إلى مرفأ ألخثيراس جنوب إسبانيا "غير قابل للتحقيق على الإطلاق"، وذلك بسبب "حالة الطوارئ الإنسانية" على متنها بعد 17 يوماً في البحر.
من جهته، أكد مؤسس المنظمة أوسكار كامبس أنه يلزم السفينة خمسة أيام لعبور ألف ميل بحري والوصول إلى ألخثيراس.
مسائية DW: سالفيني وسفن إنقاذ اللاجئين.. ماذا يقول القانون الدولي؟
13:53
وكانت السفينة التابعة لمنظمة (أوبن آرمز) انتشلت المهاجرين، ومعظمهم أفارقة، من المياه الواقعة قبالة ساحل ليبيا وانتظرت لإنزالهم على جزيرة لامبيدوزا بجنوب إيطاليا. وأمر وزير الداخلية الإيطالي اليميني ماتيو سالفيني بعدم السماح بإنزال المهاجرين، لكنه قدم تنازلا جزئيا أمس السبت عندما سمح بمغادرة 27 قاصرا السفينة مشيرا إلى أنه لم يوافق إلا بعد إصرار رئيس الوزراء الإيطالي جوزيبي كونتي.
وقال رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانتشيز على تويتر "تتحرك إسبانيا على الدوام في الحالات الإنسانية الطارئة. من الضروري التوصل إلى حل منظم وداعم في الاتحاد الأوروبي وأن نكون على قدر التحدي الذي تشكله الهجرة بقيم التحضر والإنسانية التي يعتنقها الاتحاد الأوروبي".
وأطلقت الخارجية الإسبانية من جهتها في بيان النداء الأخير "للسلطات الإيطالية لكي تسمح بإنزال" المهاجرين، مع ضمان أن يجري توزيعهم بين الدول الأوروبية "كما اتفق مسبقاً".
وأكدت "أوبن آرمز" في وقت سابق أن مدريد اتخذت هذا القرار "بسبب الوضع الطارئ على متن السفينة، بعد أسبوعين من الإبحار"، مشيرةً إلى أن السفينة تنقل 105 راشدين وطفلين بظروف "لا يمكن تحملها". وأضافت المنظمة غير الحكومية "الموانئ الإسبانية ليست الأقرب ولا الأكثر أماناً بالنسبة لـ"أوبن آرمز"، لكن في الوقت الحالي، إسبانيا هي البلد الوحيد المستعد لاستقبالها في إطار تسوية أوروبية".
وقال سالفيني عبر حسابه على فيسبوك إن القرار الإسباني يشكل انتصارا لموقفه. وقالت "أوبن آرمز" إن بعض المهاجرين قفزوا من السفينة وبثت على تويتر تسجيلا مصورا لهم وهم يحاولون السباحة للوصول للشاطئ قبل أن يلحق بهم منقذون قفزوا خلفهم.
ز.أ.ب/ع.ش (أ ف ب، رويترز)
إنقاذ المهاجرين من الغرق في المتوسط لا ينهي مأساتهم
عام 2018 كان مأساويا للمهاجرين عبر المتوسط، إذا ارتفع عدد الضحايا بشكل مضطرد. لكن عام 2019 لا يدعو إلى التفاؤل، إذ باتت مهمة "صوفيا" لإنقاذ المهاجرين في المتوسط مهددة بالانتهاء والخلاف مستمر حول استقبال من يتم إنقاذهم.
صورة من: Getty Images/C. McGrath
ارتفاع كبير في عدد الغرقى
أعلنت مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين أن عدد الضحايا على مسار الهجرة بين ليبيا والاتحاد الأوروبي ارتفع بأكثر من الضعف في عام 2018 ، إذ بلغ معدل الوفاة واحدا من بين كل 14 مهاجرا عبروا هذا الطريق وسط البحر المتوسط. وكان المعدل واحدا من بين كل 38 عام 2017 .
صورة من: Getty Images/AFP/A. Paduano
ستة غرقى كل يوم
حسب إحصائيات الأمم المتحدة بلغ إجمالي عدد المهاجرين الذين عبروا البحر المتوسط إلى أوروبا عام 2018 نحو 117 ألف شخص، وتوفي في البحر المتوسط 2275 على الأقل، مقارنة بـ 172 ألف مهاجر عبروا إلى أوروبا عام 2017 ووفاة 3139 شخصا. وحسب المفوضية، فإن البحر المتوسط شهد موت ستة أشخاص يوميا في المتوسط العام الماضي.
صورة من: picture-alliance/dpa/AP/Küstenwache Lybien
منع سفينة "سي ووتش 3" من الرسو
في آواخر عام 2018 أنقذت سفينة "سي ووتش 3"، التي تملكها منظمة إغاثة ألمانية وترفع علم هولندا، مهاجرين كانوا يستغيثون في البحر قبالة السواحل الليبية، لكن تم منعها من الرسو في إيطاليا أو مالطا.
صورة من: picture-alliance/dpa/Sea-Watch.org
البحث عن ملاذ آمن
بقيت "سي ووتش 3" مع المهاجرين على متنها تمخر عباب البحر بحثا عن ملاذ آمن، وتزامن ذلك مع استمرار الخلاف بين الدول الأوروبية حول استقبال هؤلاء المهاجرين، حيث رفضت إيطاليا استقبالهم مطالبة هولندا وألمانيا بذلك، لأن السفينة ترفع علم الأولى، بينما تتخذ المنظمة المالكة لها من برلين مقرا لها.
صورة من: Getty Images/AFP/F. Scoppa
توتر بين فرنسا وإيطاليا
في ظل الخلاف بين الدول الأوروبية حول استقبال المهاجرين الذين يتم إنقاذهم من الغرق في المتوسط، تصاعد التوتر بين فرنسا وإيطاليا، إذ تتهم روما باريس بأنها سبب الفوضى الحالية في ليبيا، وترى إيطاليا أن هذا الوضع غير المستقر يدفع المهاجرين إلى الهرب من ليبيا للوصول إلى الشواطئ الإيطالية عبر البحر المتوسط، وهو ما يشجع على تهريب البشر.
صورة من: picture alliance/CITYPRESS 24/f. Passolas
ألمانيا لن تستمر في مهمة "صوفيا"
مع تصاعد التوتر والخلاف الأوروبي حول ملف الهجرة واللاجئين، أعلنت ألمانيا أنها لن ترسل أي بديل للفرقاطة التي تنتهي مشاركتها في مهمة الاتحاد الأوروبي لإنقاذ المهاجرين في البحر المتوسط "صوفيا" في أوائل شباط/ فبراير المقبل.
صورة من: picture-alliance/dpa/M. Assanimoghaddam
مصير مجهول!
مهمة "صوفيا" لإنقاذ اللاجئين من الغرق باتت مهددة بالانتهاء، لأن الأمر متعلق بموقف دول الاتحاد الأوروبي مجتمعة، إذ يجب أن توافق عليها كل الدول الأعضاء في الاتحاد. وعلاوة على ذلك تطالب إيطاليا بتغيير قواعد وشروط المهمة. في هذا السياق صرح وزير الداخلية الإيطالية ماتيو سلفيني أن سفن المهاجرين التي كان يتم إنقاذها ترسو في الموانئ الإيطالية وبالتالي "إما يجب تغيير القواعد، أو إنهاء المهمة".
صورة من: picture-alliance/dpa/G. Lami
بارقة أمل
لكن رغم كل هذا الخلاف والتوتر، هناك بارقة أمل في تحسن الوضع خلال العام الجاري وتجاوز الدول الأوروبية لخلافاتها حول ملف الهجرة واللاجئين. فقد أعلن رئيس الوزراء الإيطالي جوزيبي أن اتفاق تقاسم مهاجرين مع ستّ دول أوروبية أخرى (فرنسا وألمانيا والبرتغال ومالطا ورومانيا ولوكسمبورغ) سيتيح إنزال وإنقاذ المهاجرين العالقين على متن سفينة"سي ووتش 3". إعداد: عارف جابو