سوريون يحتفلون بالعودة إلى الوطن ويستعدون لمستقبل بلادهم
٨ ديسمبر ٢٠٢٤
بعد سنوات من الحرب واللجوء، فتحت الحدود أبوابها أمام السوريين العائدين إلى وطنهم مع سقوط نظام بشار الأسد. وسط مشاعر مختلطة من الفرح والحنين، يستعيد العائدون الأمل بمستقبل جديد لوطن تحرر من سنوات القمع والصراع.
إعلان
في مشهد يحمل رمزية تاريخية، بدأت الحدود السورية تستقبل العائدين بعد إعلان سقوط نظام بشار الأسد وسيطرة المعارضة المسلحة على دمشق. فرحة العودةإلى الوطن امتزجت بذكريات مؤلمة وأمل في بداية جديدة، حيث شهدت معابر الأردن ومصر ودول أخرى حكايات تعكس آمال السوريين وتحدياتهم في بناء مستقبل أفضل.
العودة من الأردن: "فرحة لا توصف"
عند معبر جابر- نصيب بين الأردن وسوريا، بدأت سيارات السوريين تعبر الحدود في مشهد يعكس فرحة عارمة بعودة طال انتظارها. أحمد عايد، أحد العائدين، قال بلهفة: "لم أستطع النوم بعد سماعي الخبر، الفرحة لا توصف. نحمد الله على تحرير سوريا". أحمد، الذي لجأ إلى الأردن لمدة سبع سنوات وعاد إلى درعا قبل أربع سنوات، يأمل أن تكون الحكومة الجديدة على قدر المسؤولية، وتعمل على توفير الأمن والنظام والتعليم.
أبو المجد، المقيم في الأردن منذ 14 عامًا، أعرب عن شعور مماثل وقال: "شعور لا يوصف بعد سقوط النظام الفاشي". بينما رأى مالك صبيحي، سائق سيارة أجرة، في الحدث فرصة لعودة اللاجئين وإعادة بناء سوريا.
من جهته وبعد إعلان سقوط بشار الأسد، قرّر اللاجئ السوري أحمد عايد قطع زيارته الى الأردن والعودة. وقال عايد الذي أمضى شهرا في الأردن، لوكالة فرانس برس "كنت أخطط للعودة بعد يومين، ولكنني لم أستطع النوم، فالفرحة لا توصف، ونحمد الله على تحرير سوريا".
وأضاف "نتأمل أن تصير الحياة أحسن بهمة الشباب"، في إشارة إلى فصائل المعارضة التي دخلت قواتها دمشق فجر الأحد بعد أن سيطرت على مساحات واسعة ومدن أخرى خلال الأيام الماضية.
ولجأ عايد خلال سنوات النزاع لمدة سبع سنوات الى الأردن، قبل أن يعود قبل أربع سنوات الى محافظة درعا (جنوب) التي كانت تحت سيطرة النظام حتى قبل وقت قصير مضى. "أهم شيء أن يكون هناك تعليم ونظام وتتراجع عمليات القتل والخطف والسرقة وأن تكون الحكومة الجديدة القادمة على قدر المسؤولية
وللأردن حدود برية مع سوريا تمتد على 375 كيلومترا. وتقول عمان إنها تستضيف أكثر من 1,3 مليون لاجئ سوريا منذ اندلاع النزاع في سوريا العام 2011، ووفقا للأمم المتحدة، هناك نحو 680 ألف لاجئ سوري مسجلين في الأردن.
احتفالات في مصر: "سنعيد بناء سوريا"
في القاهرة، حيث يقيم آلاف السوريين، عمّت الاحتفالات مناطق السوريين في غرب المدينة. رضا الخضر، شاب يبلغ من العمر 15 عامًا، عبّر عن سعادته قائلاً: "سنعود إلى سوريا التي تحررت". رضا، الذي فقد والده خلال الحرب، يأمل في أن تكون هذه بداية لإعادة بناء البلاد.
محمد فراس، لاجئ آخر يعيش في القاهرة، كشف عن نيته العودة قريبًا لرؤية عائلته بعد غياب 13 عامًا، مؤكدًا أن أهله يسألونه الآن عن أول وجبة سيأكلها عند عودته إلى دمشق.
في الوقت ذاته، أبدى العديد من أصحاب الأعمال السوريين تفاؤلًا مشوبًا بالحذر. محمد الشامي، شيف في القاهرة، قال إنه سيعود إلى سوريا"عندما يستقر الوضع السياسي والاقتصادي". رغم ذلك، أكد ثقته بقدرة الشعب السوري على النهوض من جديد.
في غرب القاهرة حيث انشئت العديد من المحال والمطاعم السورية، طغت الاحتفالات على الأجواء الأحد.
وقال مدير أحد المطاعم إنّ الموظفين "فرحون للغاية، نصفهم لم يحضر إلى العمل". واضاف لفرانس برس بينما كان مسرعا لتلبية طلب أحد الزبائن "لقد أمضوا الليل يحتفلون. والآن نعاني نقصا في الموظفين".
منذ عام 2011، عندما تحوّل قمع الأسد للاحتجاجات الشعبية إلى نزاع مسلّح، لجأ حوالى 1,5 مليون سوري إلى مصر، وفقا لتقديرات الأمم المتحدة بالاستناد إلى بيانات الحكومة. ومن بين هؤلاء، هناك حوالى 150 ألف لاجئ تقريبا مسجّلين لدى الأمم المتحدة.
إعلان
بين الفرح والحسرة
على الرغم من الأجواء الاحتفالية، لا يزال الحزن يخيم على بعض السوريين الذين فقدوا أحبّاءهم خلال الحرب. محمد نجم، لاجئ يعيش في ألمانيا وكان في زيارة للأردن، تحدث عن فرحة ممزوجة بالغصة. فقد ساقه في الحرب، ويأمل أن يكون أقرباؤه المعتقلون قد أُفرج عنهم مع تحرير السجون السورية.
ياسين نور، شاب من حلب، عبّر عن فرحته بسقوط الأسد لكنه تمنى أن يكون صديقه الذي نادى بالحرية قبل 15 عامًا حيًا ليشهد هذه اللحظة.
مع كل هذه المشاعر المتباينة، يدرك السوريون أن طريق إعادة بناء سوريا طويل وشاق. منازل مدمرة وذكريات أليمة، لكن الأمل يبقى حاضراً في نفوس العائدين الذين يرون أن سقوط النظام هو الخطوة الأولى نحو السلام والاستقرار.
ع.أ.ج/ ع غ (أ ف ب)
سوريا.. سقوط حكم عائلة الأسد بعد أكثر من خمسة عقود من السلطة
فر بشار الأسد من سوريا في الثامن من ديسمبر/ كانون الأول عام 2024. وكتب هذا الفرار نهاية حكم عائلة الأسد الذي استمر خمس عقود ونصف. هنا لمحة عن أبرز المحطات التي مرت بها سوريا منذ بدء حكم عائلة الأسد وحتى نهايته.
صورة من: Hussein Malla/AP/dpa/picture alliance
نهاية حقبة حكم بيت الأسد
8 ديسمبر/ كانون الأول، 2024 نقطة فاصلة في تاريخ سوريا.. فقد أسقطت المعارضة المسلحة نظام الرئيس بشار الأسد، الذي أضطر لترك منصبه وغادر دمشق إلى مكان مجهول، وذلك على وقع الأحداث المتسارعة التي بدأت في 27 نوفمبر/تشرين الثاني 2024.
صورة من: Iranian Presidency Office/ZUMAPRESS/picture alliance
هجوم المعارضة المسلحة
في الثاني من ديسمبر/كانون الأول 2024، اعتبر الأسد هجوم المعارضة المسلحة، الذي بدأ في 27 نوفمبر/ تشرين الثاني، "محاولة لتقسيم المنطقة وتفتيت دولها، وإعادة رسم الخرائط من جديد"، بيد أن هذه المزاعم لم تجد هذه المرة.
صورة من: Bakr Alkasem/AFP/Getty Images
حرب أهلية دموية مدمرة
أتى سقوط نظام بشار الأسد بعد أكثر من 13 عاما على بدء انتفاضة شعبية في خضم "الربيع العربي"، والتي تحولت إلى حرب أهلية دموية أسفرت عن مقتل أكثر 300 شخص ما بين 2013 و2021، بحسب الأمم المتحدة، وفرار الملايين إلى خارج البلاد أو نزوجهم داخل البلاد.
صورة من: Bulent Kilic/AFP/Getty Images
تهاوي سلطة بشار
تمسك بشار الأسد بالسلطة وقاوم بشرسة الاحتجاجات الشعبية والدعوات الدولية للتنحي عن السلطة، مستعينا بدعم عسكري من روسيا وإيران وحزب الله. لكن عندما تخلت عنه هذه الأطراف لم يكن أمامه سوى الفرار.
صورة من: Orhan Qereman/REUTERS
تراجع الدعم العسكري الروسي
كان للدعم العسكري الروسي المباشر لبشار ألأسد دورا في صموده خلال الحرب الأهلية، لكن بدأ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين تجنب مواصلة دعم الأسد أمام هجوم المعارضة المسلحة، كونه بوتين لديه جبهة حرب أخرى مفتوحة في أوكرانيا.
صورة من: Valeriy Sharifulin/IMAGO/SNA
احتجاجات تحولت إلى نزاع دامٍ!
في العام 2011، لحقت سوريا بركب الثورات في دول عربية عدة، أبرزها مصر وتونس، في ما عُرف بـ"الربيع العربي". ومع اندلاع الاحتجاجات المناهضة لنظامه، قمع الأسد المتظاهرين السلميين بالقوة، وتحولت الاحتجاجات نزاعاً دامياً، سرعان ما تعددت جبهاته والضالعين فيه. وأودى النزاع المستمر بأكثر من 388 ألف شخص وهجّر وشرّد الملايين داخل البلاد وخارجها، وسوّى مناطق كاملة بالأرض.
صورة من: AFP/O. H. Kadour
بقاء على رأس السلطة بدعم روسي
في سنوات النزاع الأولى، فقدت قوات الحكومة السورية سيطرتها على مساحات واسعة من سوريا بينها مدن رئيسية. لكن وبدعم عسكري من حلفائها، إيران ثم روسيا، استعادت القوات الحكومية تدريجيًا نحو ثلثي مساحة البلاد، إثر سياسة حصار خانقة وعمليات عسكرية واسعة ضد الفصائل المعارضة والتنظيمات الجهادية. ولعب التدخل الجوي الروسي منذ خريف 2015 دوراً حاسماً في تغيير موازين القوى لصالح دمشق.
صورة من: Reuters/O. Sanadiki
الوصول إلى الحكم عبر التوريث
2000، ورث بشار الأسد الحكم عن والده الراحل، حافظ الأسد، الذي حكم سوريا من خلال زعامة حزب البعث الموجود في السلطة منذ أكثر من خمسين عاما. أصبح بشار الأسد، وهو في الرابعة والثلاثين من العمر، رئيسا عن طريق استفتاء لم يشهد أي معارضة.
صورة من: Louai Beshara/AFP
تولي الحكم بعد انقلاب "الحركة التصحيحية"
في 16 تشرين الثاني/نوفمبر 1970، نفّذ حافظ الأسد الذي كان يتولّى منصب وزير الدفاع انقلاباً عسكرياً عُرف بـ"الحركة التصحيحية" وأطاح برئيس الجمهورية حينها نور الدين الأتاسي. في 12 آذار/مارس 1971، انتخب الأسد الذي كان يترأس حزب البعث العربي الاشتراكي، رئيساً للجمهورية ضمن انتخابات لم ينافسه فيها أي مرشح آخر. وكان أول رئيس للبلاد من الطائفة العلوية التي تشكل عشرة في المئة من تعداد السكان.
صورة من: AP
"حرب تشرين"
في السادس من تشرين الأول/أكتوبر 1973، شنّت مصر وسوريا هجوماً مفاجئاً على إسرائيل من جهة قناة السويس غرباً، ومرتفعات الجولان شرقاً، في محاولة لاستعادة ما خسره العرب من أراض خلال حزيران/يونيو 1967، لكن تمّ صدهما. في أيار/مايو 1974، انتهت الحرب رسمياً بتوقيع اتفاقية فضّ الاشتباك في مرتفعات الجولان.
صورة من: Getty Images/AFP/GPO/David Rubinger
علاقات دبلوماسية بين واشنطن ودمشق!
في حزيران/يونيو 1974، زار الرئيس الأمريكي ريتشارد نيكسون دمشق، معلناً إعادة إرساء العلاقات الدبلوماسية مع سوريا، بعدما كانت مجمّدة منذ العام 1967. في الصورة الرئيس الأمريكي الأسبق ريتشارد نيكسون مع وزير الخارجية ومستشار الأمن القومي الأمريكي وقتها هنري كيسينجر.
صورة من: AFP/Getty Images
هيمنة على لبنان
في 1976 تدخّلت القوات السورية في الحرب الأهلية اللبنانية بموافقة أمريكية، وبناء على طلب من قوى مسيحية لبنانية. وفي 1977، بدأت المواجهات بين القوات السورية، التي انتشرت في معظم أجزاء البلاد ما عدا المنطقة الحدودية مع إسرائيل، وقوات مسيحية احتجت على الوجود السوري. وطيلة ثلاثة عقود، بقيت سوريا قوة مهيمنة على المستوى العسكري في لبنان وتحكمت بكل مفاصل الحياة السياسية حتى انسحابها في العام 2005.
صورة من: AP
قطيعة بين دمشق وبغداد!
في العام 1979، تدهورت العلاقات بين سوريا والعراق، اللذين حكمهما فرعان متنافسان من حزب البعث العربي الاشتراكي، بعد اتهام الرئيس العراقي آنذاك صدام حسين الوافد حديثاً إلى السلطة، دمشق بالتآمر. وقطعت بغداد علاقتها الدبلوماسية مع دمشق في تشرين الأول/أكتوبر 1980، بعدما دعمت الأخيرة طهران في حربها مع العراق. في الصورة يظهر الرئيس العراقي الأسبق صدام حسين (يسار) مع الرئيس السوري السابق حافظ الأسد (وسط).
صورة من: The Online Museum of Syrian History
"مجزرة حماه"
في شباط/فبراير 1982، تصدّى النظام السوري لانتفاضة مسلّحة قادها الإخوان المسلمون في مدينة حماه (وسط)، وذهب ضحية ما يعرف بـ"مجزرة حماه" بين عشرة آلاف وأربعين ألف شخص. وجاء ذلك بعد قرابة ثلاث سنوات من هجوم بالرصاص والقنابل اليدوية على الكلية الحربية في مدينة حلب، أسفر عن مقتل ثمانين جندياً سورياً من الطائفة العلوية. وتوجّهت حينها أصابع الاتهام إلى الإخوان المسلمين بالوقوف خلف الهجوم.
صورة من: picture alliance /AA/M.Misto
محاولة انقلاب فاشلة
في تشرين الثاني/نوفمبر 1983، أصيب الأسد بأزمة قلبية نقل على إثرها إلى أحد مشافي دمشق. ودخل في غيبوبة لساعات عدّة، حاول خلالها شقيقه الأصغر رفعت الاستيلاء على السلطة عبر انقلاب فاشل، قبل أن يستعيد الأسد عافيته. وبعد عام، أُجبر رفعت على مغادرة سوريا. الصورة لحافظ الأسد (يمين) مع أخيه رفعت.
صورة من: Getty Images/AFP
تقارب مع الغرب!
بدأ الجليد الذي شاب علاقات سوريا مع أمريكا والغرب بالذوبان، عقب انهيار الاتحاد السوفياتي. انضمت سوريا إلى القوات متعددة الجنسيات في التحالف الذي قادته أمريكا ضد صدام حسين بعد غزو العراق للكويت. وفي تشرين الأول/أكتوبر 1994، زار الرئيس الأمريكي بيل كلينتون الأسد في دمشق. بعد أربع سنوات، زار الأسد فرنسا في أول زيارة له إلى بلد غربي منذ 22 عاماً، واستقبل بحفاوة من نظيره الفرنسي جاك شيراك.
صورة من: Remy de la Mauviniere/AP Photo/picture alliance
الابن يخلف أباه في الرئاسة!
توفي الأسد في 10 حزيران/يونيو 2000، عن عمر ناهز 69 عاماً، وكان شيراك الرئيس الغربي الوحيد الذي حضر جنازته.
وبعد شهر، تولّى نجله بشار السلطة، بعد تعديل دستوري سمح له بالترشّح. وحاز في استفتاء لم يضم أي مرشح آخر سواه على 97 في المئة من الأصوات.
صورة من: picture-alliance/dpa
انفتاح نسبي ولكن..!
بين أيلول/سبتمبر 2000 وشباط/فبراير 2001، شهدت سوريا فترة انفتاح وسمحت السلطات نسبياً بحرية التعبير. في 26 أيلول/سبتمبر 2000، دعا نحو مئة مثقّف وفنان سوري مقيمين في سوريا السلطات إلى "العفو" عن سجناء سياسيين وإلغاء حالة الطوارئ السارية منذ العام 1963. لكنّ هذه الفسحة الصغيرة من الحرية سرعان ما أقفلت بعدما عمدت السلطات إلى اعتقال مفكرين ومثقفين مشاركين في ما عُرف وقتها بـ"ربيع دمشق". م.ع.ح/م.ع/ع.ج.م