"سقوط كوباني يعني أفغانستان ثانية بالشرق الأوسط"
٨ أكتوبر ٢٠١٤DW-عربية: شهدت العديد من المدن الأوروبية مظاهرات تعبر عن غضب الأكراد من الغرب وعما أسموه "الصمت الدولي" إزاء ما يجري في كوباني، لماذا هذا الغضب؟
أوسي: أعتقد أن السؤال ينبغي أن يكون لماذا هذا الصمت الغربي عما يجري في كوباني؟ وليس العكس. فالغرب صامت تماما عن الدعم التركي للتنظيمات الإرهابية في السنوات الثلات الماضية. الغرب صامت عن استهداف "داعش" لكوباني منذ سنة، فهي ليست محاصرة منذ أسبوعين أو ثلاثة. لكن مصالح الغرب مع تركيا كونها عضو في "الناتو" وحليفة أمريكا ومرشحة لعضوية الاتحاد الأوروبي. كل هذه الأشياء تجعل الغرب يغض الطرف عن التورط التركي إلى أن وصلت السكين إلى العظم. إذن فرد فعل الأكراد طبيعي، بل إن رد الفعل هذا جاء متأخرا. الأكراد كانوا يعولون على بعض المواقف الغربية وخاصة الموقف الأمريكي والموقف الأوروبي، لكن اتضح أن هذه المواقف يشوبها الكثير من الشك والريبة حيال ما يجري في كوباني.
انتقدت الموقف التركي وهو ما يراه بعض المراقبين نوعا من التناقض في موقف الأكراد تجاه تركيا، فمن ناحية يطلبون دعمها وحمايتها لهم، لكن في نفس الوقت يرفضون أي تدخل كبير منها. لماذا؟
أنا لا أرى أي تناقض في الموقف الكردي، فالأكراد أنفسهم يتفاوضون مع الأتراك فيما يتعلق بتسوية سلمية للقضية الكردية في تركيا، الزعيم الكردي أوجلان طالب تركيا بالتدخل، ويمكن قراءة ذلك على منحيين: الأول وقف الدعم اللوجيستي لـ"داعش" لأن المقاتلين الأجانب يدخلون من تركيا إلى سوريا، كما أن جرحى "داعش" يعالجون في المستشفيات التركية على أنظار من حكومة العدالة والتنمية التركية. أوجلان طالب بوقف هذا الدعم. ثانيا: هناك ربما دعم عسكري واستخباراتي على الأرض أيضا. الدور التركي في التحالف الغربي ضد داعش مشكوك فيه، فلا وجود لضمانات أن تركيا لن تقدم معلومات استخباراتية لداعش، بدليل أن القصف الجوي في منطقة سنجار والموصل في العراق حال دون تمدد وتقدم داعش. لكن القصف الجوي في منطقة كوباني لم يحل دون ذلك، وداعش دخلت المدينة.
أكراد العراق حصلوا على دعم عسكري لكن ماذا عن الأكراد السوريين، هل لديهم هيئة موحدة (سورية) تتعامل مع المجتمع الدولي؟
أعتقد أن مسألة عدم وجود هيئة موحدة تضم الأكراد السوريين للتعامل معهم ودعمهم بالسلاح ليس هو المبرر، ربما يكون هو أحد المبررات. فهل ينبغي لداعش أن ترتكب مجازر فظيعة في كوباني كتلك التي حدثت في العراق حتى يقوم الغرب بإمداد المقاتلين الأكراد السوريين بالسلاح!؟ أعتقد أن تركيا تحول دون ذلك، فهي تمنع الأوروبيين والأمريكيين من إمداد المقاتلين السوريين الأكراد بالأسلحة خوفا من أن تقع في أيدي مقاتلي حزب العمال الكردستاني.
لكن الغرب متخوف فعلا من وقوع الأسلحة في يد حزب العمال الكردستاني والذي مازال مصنفا كجماعة إرهابية في أوروبا، فكيف يمكن إذن التعامل مع هذا الوضع؟
بتقديري أن الدول الأوروبية والغربية ينبغي أن تتعامل بجدية مع حزب العمال الكردستاني وشطبه من لائحة المنظمات الإرهابية. فالحزب لم يرتكب أي عمل مسلح على الأراضي الأوروبية منذ أكثر من عقد من الزمن، ثانيا: هو لم يكن يستهدف المصالح الأوروبية أو الأمريكية. إذن لم يعد هناك مبرر لوجود الحزب على لائحة المنظمات الإرهابية وهو منخرط في عملية سلام مع تركيا. ينبغي للأمريكيين والأوروبيين تشجيع عملية السلام.
وما هي المطالب الأساسية الأخرى التي يريدها الأكراد من الغرب في الوقت الحالي؟
يريد الأكراد الضغط على تركيا بشكل جاد حتى تكف عن دعمها للمنظمات التكفيرية المتطرفة، فتركيا -وللعلم- لم تدعم المنظمات المتطرفة في عهد حزب العدالة والتنمية التركي فقط، فهي احتضنت جماعة الإخوان المسلمين السورية بعد فشل تمردها المسلح مطلع الثمانينات في عهد الرئيس التركي الأسبق كنعان إيفرين العلماني، وقامت بدعمهم ضد نظام الأسد لأن هذا الأخير كان يأوي حزب العمال الكردستاني والمنظمات اليسارية المعارضة لتركيا. ثانيا: ينبغي الضغط على تركيا حتى تنخرط بشكل جدي في عملية سلام مع الأكراد، الذين قدموا كل التنازلات الممكنة، كما أنهم ظلوا صامدين أمام"داعش" المدعومة من تركيا ومن نظام الأسد. الأكراد يطالبون بحماية حقيقية، فلماذا تركيا ينبغي لها التأثير على مصير أكراد سوريا؟ أكراد سوريا يريدون إدارة محلية وحكما ذاتيا، فإذا كانت المناطق الكردية تنعم بالاستقرار والسلم فهذا من مصلحة تركيا. ولا ينبغي أن ننسى أن الأمريكيين أنفسهم اعترفوا بضلوع تركيا في دعم الإرهاب كما قال جون بايدن. الأكراد يريدون مواقف عملية ولا يريدون مجرد تصريحات.
كوباني تشرف على السقوط في يدي تنظيم "داعش" الإرهابي فما هي عواقب سقوط هذه المنطقة في يد هذا التنظيم؟
حسب المعلومات التي وردتنا فكوباني مازالت تقاوم ومازالت شرسة والعالم ينظر إلى الإرادة الفولاذية التي يتمتع بها المقاتلون والمقاتلات الأكراد. لكن في حال إذا سقطت كوباني لاقدر الله فستكون العواقب وخيمة جدا، ستكون الرقعة الجغرافية التي تسيطر عليها داعش أفغانستان جديدة يشهدها الشرق الأوسط، ولمصلحة من أن تكون أفغانساتان ثانية في الشرق الأوسط والعالم لم ينته بعد من ترتيب أوراق أفغانستان الأولى؟ ينبغي أن يعي الغرب ومراكز القرار في ألمانيا وفي أوروبا خطورة ما يجري، وتقديم الدعم للمقاتلين الأكراد الذين يواجهون لوحدهم الخطر الذي يحدق بالشرق الأوسط والأخطار الأخرى كالنظام السوري والتورط الإيراني في سوريا ولبنان والتيارات التكفيرية المتطرفة الأخرى سواء السنية أو الشيعية منها.