1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

سكان جنوب لبنان.. قلق من "حرب شاملة" بين حزب الله وإسرائيل

٢٠ يونيو ٢٠٢٤

مع تصاعد المواجهات عبر الحدود بين حزب الله وإسرائيل يجد سكان المناطق الواقعة تحت خط النار في لبنان أنفسهم بين خيارين كلاهما أمر من الآخر، فإما المغامرة بحياتهم والبقاء في منازلهم، أو النزوح بكل ما يعني ذلك من معاناة.

تصاعد الدخان إثر قصف إسرائيلي في مجدل زون بجنوب لبنان (أرشيف 15/04/2024)
مع تصاعد العمليات العسكرية بين حزب الله وإسرائيل والتهديدات من قبل الطرفين، تتزايد المخاوف من اندلاع حرب شاملةصورة من: AFP

مع اندلاع موجة القتال الحالية بين حزب الله والجيش الإسرائيلي، كانت اللبنانية ملاك ضاهر تأمل في ألا تستمر المواجهة بين الطرفين طويلا في أعقاب السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.

بيد أن آمال ملاك، البالغة من العمر 30 عاما، انهارت مع استمرار القتال بين حزب الله والجيش الإسرائيلي خلال الأشهر الماضية ما دفعها إلى النزوح عن بلدتها ميس الجبل في جنوب لبنان التي تقع مباشرة على الحدود الإسرائيلية.

وفي مقابلة مع DW، قالت "الابتعاد عن منزلي وحياتي يعد أمرًا بالغ الصعوبة. أشعر وكأن حياتي قد توقفت رغم استمرار الحياة في مكان آخر، لكن قلبي معلق في بلدتي".

تزامن هذا مع ما شهدته الأسابيع الماضية من  تصاعد في المواجهات بين حزب الله والجيش الإسرائيلي  فيما لم تكن هذه المواجهة الأولى التي تعاصرها الشابة ملاك، إذ نجت في عام 2006، من الحرب التي دارت في جنوب لبنان بين إسرائيل وحزب الله. ورغم ذلك، تؤكد أن الوضع الحالي لا يقارن بما حدث عام 2006.

وأطلق حزب الله الأسبوع الجاري  أكثر من 160 صاروخا على إسرائيل بعد اغتيال اثنين من قادته.

ومؤخرا، وضعت إسرائيل قواتها في حالة تأهب قصوى بعد نشر حزب الله لقطات مراقبة جوية زعم أنها تخص العديد من البنية التحتية العسكرية الإسرائيلية والمنشآت المدنية، بما في ذلك مواقع بمدينة حيفا الساحلية الإسرائيلية.

وعلى وقع ذلك، خرج وزير الخارجية الإسرائيلي، إسرائيل كاتس، ليحذر حزب الله من أن بلاده سوف "تدمره" في حالة اندلاع "حرب شاملة" على الحدود الإسرائيلية-اللبنانية.

يشار إلى أنه في مطلع يونيو/حزيران الجاري، أفادت جماعات حقوقية بأن إسرائيل أطلقت ذخائر الفسفور الأبيض على بلدات لبنانية، في انتهاك للقانون الإنساني الدولي فيما شهد الأسبوع الماضي إطلاق حزب الله أكثر من 160 صاروخاً على إسرائيل ردا على اغتيال اثنين من قادته.

يأتي ذلك مع استمرار التوتر على الحدود اللبنانية-الإسرائيلية منذ  هجوم حماس الإرهابي على إسرائيل  في السابع من أكتوبر / تشرين الأول الماضي والذي أسفر عن مقتل حوالي 1200 شخص في إسرائيل.

يذكر أن حركة حماس هي مجموعة مسلحة فلسطينية إسلاموية، تصنفها ألمانيا والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة ودول أخرى على أنها منظمة إرهابية.

وتعتبر دول عديدة، من بينها الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي ودول أعضاء في جامعة الدول العربية حزب الله  أو جناحه العسكري، منظمة إرهابية. كما حظرت ألمانيا نشاطه على أراضيها في عام 2020 وصنفته كـ "منظمة إرهابية".

ويعد حزب الله، اللاعب القوي في لبنان على الساحتين السياسية والاجتماعية، حليفا وثيقا لحماس وعدوا لإسرائيل. فبعد حربين غير حاسمتين دارت رحالهما بين عامي 1996 و2006، فضل الطرفان شن هجمات انتقامية متبادلة عبر الحدود من دون التسبب في سقوط ضحايا كُثر.

شبح حرب بمعنى الكلمة

بيد أنه منذ السابع من أكتوبر / تشرين الأول الماضي، تزايدت الهجمات المتبادلة بين حزب الله وإسرائيل من حيث حجمها ونطاقها مما  أثار مخاوف من انزلاق الأمور إلى حرب واسعة النطاق . وفي السياق ذاته، خرجت بعض الأصوات السياسية اليمينية في إسرائيل لتقول إنه يتعين على إسرائيل مهاجمة حزب الله الآن، فيما كشف استطلاع للرأي الشهر الجاري عن أن غالبية الإسرائيليين يرون أن بدء حرب مع حزب الله بمثابة "فكرة جيدة".

وفي ذلك، أفاد "مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية" ومقره واشنطن في مارس / آذار الماضي، أن "هجمات السابع من أكتوبر / تشرين الأول أدت إلى زيادة الشعور بانعدام الأمن داخل إسرائيل إلى مستوى كبير. فإذا كانت حماس ذات التدريب والتسليح الأقل مقارنة بحزب الله، كان بمقدورها قتل أكثر من 1100 إسرائيلي بصورة وحشية، فماذا يمكن أن يفعل حزب الله الأكثر قوة؟"

ورغم تزايد المخاوف، إلا أن الغموض مازال يكتنف التقديرات التي تتكهن بقرب اندلاع حرب واسعة النطاق، خاصة مع استمرار الجهود الدولية الرامية إلى إبعاد شبح وقوع حرب شاملة.

وفي السياق ذاته، يشير معظم الخبراء إلى أن قرار إسرائيل بفتح جبهة جديدة مع استمرار عملياتها العسكرية في عزة في مقبل الأيام لن يكون صائبا من الناحية الاستراتيجية، خاصة في ظل قوة وتسليح حزب الله مقارنة بحركة حماس.

وفيما يتعلق بلبنان، البلد الغارق في أزمات اقتصادية وسياسية منذ سنوات، يقول خبراء إن سكانه من غير المرجح أن يدعموا أي مساع من قبل حزب الله لجر البلاد صوب حرب بسبب الوضع الاقتصادي والسياسي المتأزم، رغم أن الكثير منهم يتعاطف مع الوضع الراهن في قطاع غزة. 

وتقول السلطات اللبنانية إن أكثر من 375 شخصا قتلوا منذ أكتوبر /تشرين الأول الماضي بينهم 88 مدنيا جراء الغارات الإسرائيلية، فيما أفاد الجيش الإسرائيلي بمقتل 18 جنديا و10 مدنيين إثر هجمات حزب الله.

مشكلة النزوح

وتسبب التوتر الحالي بين حزب الله وإسرائيل في نزوح عشرات الآلاف من المدنيين ممن كانوا يعيشون قرب المناطق الحدودية، إذ قدرت التقارير نزوح قرابة مئة ألف لبناني وأكثر من 60 ألف إسرائيلي.

وفي حديث إلى DW، قال عدد من السكان إن النازحين من جنوب لبنان غير متحمسين للعودة إلى ديارهم إلا إذا دعت الضرورة لذلك، حيث يتفقد البعض ممتلكاتهم عندما تهدأ الأجواء. وأشاروا إلى استمرار إغلاق معظم المتاجر في جنوب لبنان ما يزيد من صعوبة العثور على المستلزمات الضرورية.

وفيما يتعلق بالممرضة ملاك ضاهر، فقد كانت عاطلة عن العمل عندما قررت النزوح إلى العاصمة بيروت مع بدء القصف المتبادل عبر الحدود  أواخر عام 2023 ، لكنها قررت قبل وقت قريب العودة إلى العمل في مستشفى في جنوب شرق بنت جبيل قرب الحدود الإسرائيلية.

وحاليا، تداوم الشابة لمدة ثلاثة أيام في المستشفى ثم تعود إلى بيروت حيث تقيم مع والدتها عند أقاربهم.

وفي مقابلتها مع DW، قالت ملاك إنها شعرت ووالدتها ذات الستين عاما، بالرغبة في العودة إلى ميس الجبل، إلا أن واقع الأمر كان كابوسا، مضيفة: "لم نستطع النوم بسبب الصواريخ والقذائف التي كانت تسقط طوال الليل ما دفعنا إلى الاختباء في أحد الممرات".

وقالت ملاك التي يعمل زوجها في الكويت "اعتقدت للوهلة أننا سنموت"، مشيرة إلى أنها عادت برفقة والدتها إلى بيروت مع شروق الشمس. وعلى وقع ذلك، تعود ملاك إلى جنوب لبنان للعمل في المستشفى فقط رغم خطورة ذلك، ففي أواخر مايو/أيار الماضي كادت غارة إسرائيلية أن تصيب المستشفى الذي تعمل فيه.

وتقول ملاك إن المواجهات انعكست على حياتها ونفسيتها "فقد أصبحت امرأة غاضبة وفي حالة قلق مستمر انتظر يد العون. قبل ذلك، كنت امرأة مستقلة"، على حد تعبيرها.

رفض سيناريو النزوح

ورغم نزوح الكثير من سكان المناطق الحدودية، إلا أن مجموعة صغيرة من السكان ترفض سيناريو المغادرة، رغم استمرار القتال ومخاوف انزلاق الأمور إلى حرب شاملة.

يعد عصام العلوية، الأب البالغ من العمر 44 عاما، من بين القلائل الذين قرروا البقاء في قريته مارون الراس الواقعة على بعد كيلومترين من الحدود اللبنانية-الإسرائيلية، مع زوجته واثنين من أبنائه السبعة.

وفي مقابلة مع DW، قال عصام إن أسرته نجت من ثلاث غارات جوية إسرائيلية، لكنه فقد حاسة السمع لمدة أسبوع بعد هجوم قوي. وأضاف "لا نسمع سوى سقوط القذائف. نشعر وكأن بركانا ينفجر".

ورغم المخاطر، إلا أن عصام يمضي قدما في عمله بمخبز في منطقة بنت جبيل القريبة، قائلا: "رغم أن الراتب ليس جيدا في ظل انخفاض حركة البيع بنسبة 95%، إلا أنني مضطر للاستمرار في توفير الطعام لأطفالي".

وشدد عصام على أن العيش في قريته رغم الظروف الخطيرة أفضل من سيناريو النزوح وما يحمل في طياته من طلب للمساعدة، مشيرا إلى أن جيرانه اعتبروا قراره بالبقاء في البلدة رغم القصف المستمر "جنونا".

وحول ذلك، قال عصام إن أسرته قد تكيفت مع الوضع الراهن حتى أن أطفاله اعتادوا على سماع صوت القصف. وأضاف "إذا قررت الفرار وترك كل شيء هنا ورائي، فسوف أشعر بالإهانة وأنا أرفض ذلك. حتى إذا وقع ما هو أشد، فسوف أبقى فهذا منزلي. لا أستطيع العيش بعيدا عن جنوب لبنان. هذه الأرض بمثابة أمي التي لا أستطيع العيش بدونها. سوف ننتصر طالما بقينا صامدين على أرضنا".

كاثرين شير / رولا فرحات

أعده للعربية: محمد فرحان 

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد
تخطي إلى الجزء التالي موضوع DW الرئيسي

موضوع DW الرئيسي

تخطي إلى الجزء التالي المزيد من الموضوعات من DW