حدث انقطاع كبير في خدمات الهاتف والإنترنت، ووقعت اضطرابات في حركة الملاحة الجوية جراء الحريق الضخم الذي اندلع في مركز اتصالات "سنترال رمسيس" في وسط القاهرة. وقد أثارت واقعة الحريق جدلا كبيرا بين المصريين.
أثار الحريق الذي اندلع في "سنترال رمسيس" انتقادات وحالة جدل في مصر خاصة مع الاضطرابات التي طالت الاتصالات والانترنت.صورة من: AFP via Getty
إعلان
"ليس مجرد حريق عابر" عبارة يرددها المصريون، وتعكس واقع الخسائر والاضطرابات والجدل الذي نجم عن الحريق الكبير الذي اندلع في مركز اتصالات سنترال رمسيس في وسط العاصمة المصرية القاهرة.
يُعد سنترال رمسيس علامة بارزة وشهيرة في قلب القاهرة، إذ أن المبنى الضخم والازدحام أمامه، الذي لا ينقطع نهارا وليلا، لا يمكن أن تخطئه عين أي زائر لوسط البلد النابض.
لا يبعد "سنترال رمسيس" سوى خطوات قليلة عن محطة تحمل أيضا اسم "رمسيس"، وهي محطة القطارات الرئيسية التي تربط كافة المحافظات من الإسكندرية وحتى أسوان.
ويؤدي سنترال رمسيس دورا محوريا في البنى التحتية للإنترنت والهاتف في مصر.
وربما كانت هذه العوامل مجتمعة السبب في أن الحريق الذي اندلع في سنترال رمسيس أثار جدلا في مصر، وأربك الاتصالات، وأثار تساؤلات في أكبر بلد عربي من حيث عدد السكان.
وبحسب وزارة الصحة المصرية، فقد لقي أربعة أشخاص حتفهم وأصيب سبعة وعشرون إثر الحريق.
ولا تزال الاتصالات في مصر تشهد حتى الآن اضطرابات، بينما أعلنت البورصة تعليق التداول الثلاثاء "في ضوء المستجدات الأخيرة التي أثرت على بيئة العمل بالسوق".
يقع سنترال رمسيس في قلب وسط القاهرة ويؤدي دورا محوريا في البنى التحتية للإنترنت والهاتف في مصرصورة من: AFP via Getty
وأوضحت البورصة في بيان أن قرار التعليق "يأتي انطلاقا من حرصها على مصالح كافة الأطراف العاملة بالسوق، وضمان تحقيق مبدأ تكافؤ الفرص بين جميع المتعاملين"، على أن يتم استئناف العمل "فور التأكد من جاهزية البنية التحتية الفنية واستقرار بيئة التداول".
وأكدت وزارة الطيران المدني الثلاثاء "إقلاع جميع الرحلات الجوية التي تأثرت نتيجة العطل المفاجئ الذي طرأ على شبكات الاتصالات والإنترنت خلال الساعات الماضية"، بعد أن شهدت حركة الملاحة "تأخيرات محدودة" بسبب الحريق.
اندلع الحريق في الطابق السابع من السنترال، وأظهرت مقاطع فيديو انتشرت على نطاق واسع على وسائل التواصل الاجتماعي دخانا يتصاعد من الطوابق العليا للمبنى، وقد أمكن رؤيته من على بعد كيلومترات عدة.
وتم احتواء الحريق بعد ساعات من اندلاعه، فيما أعلن محافظ القاهرة أنه تسبب في انقطاع التيار الكهربائي عن المنطقة لعدة ساعات.
وعلى منصات التواصل الاجتماعي، أثار الحريق الكثير من التساؤلات حيال حالة الإرباك، مع شكاوى كثيرة من أعطال طالت البنوك وتطبيقات مالية وحتى بعض ماكينات الصراف الآلي.
تحرير: عبده جميل المخلافي
بالصور - مشروع "مانهاتن النيل".. هل هو رؤية جديدة للقاهرة؟
"مانهاتن النيل" مخطط للحكومة المصرية تسعى لتنفيذه في جزيرة الوراق النيلية بالقاهرة. ولهذا تقوم الدولة بهدم المنازل ونقل السكان إلى مناطق أخرى. أمر يحدث أيضا في أحياء أخرى بالقاهرة لكن السكان يقاومون حملات طردهم.
صورة من: KHALED DESOUKI/AFP
مانهاتن المصرية!
تظهر الصورة من الجو كوبري (جسر) "تحيا مصر"، الذي بني عام 2019، ويمر عبر الجزء الجنوبي من جزيرة الوراق فوق نهر النيل بالقاهرة. في نهاية شهر يوليو/ تَـمُّوز من العام الجاري، أعلنت الحكومة المصرية عن خطتها للبناء على الجزيرة بأكملها. المشروع عبارة عن حيّ حديث، على طراز "مانهاتن" بنيويورك، سيتم بناؤه فوق أراضي الجزيرة. لكن هذا المشروع يتطلب إعادة توطين سكان الجزيرة الحاليين.
صورة من: AFP
ناطحات سحاب تهدد طبيعةً خلابة
المشروع الضخم المخطط له لن يعني طردَ السكان من منازلهم فحسب، بل سيعني أيضاً تغيير طابع الجزيرة بشكل كلي. إذ تمارس الزراعة هنا منذ أجيال، والحقول الخضراء تتخللها شبكات قنوات الري والمباني المبنية من الطوب الأحمر للسكان. في المقابل تخطط الحكومة لبناء ناطحات سحاب ضخمة ومراسي لليخوت.
صورة من: MOHAMED EL-SHAHED/AFP/Getty Images
بحث عن المستقبل في رمال الصحراء
الحكومة المصرية لديها رؤية براقة لمستقبل العاصمة. في عام 2008 تم طرح "رؤية القاهرة 2050"، والآن أعيد تنشيط تلك الرؤية. وكجزء من هذا المشروع الضخم، يجري بناء "العاصمة الإدارية الجديدة" على بعد 45 كيلومترا شرق القاهرة. وتظهر الصورة هنا أعمال البناء ويعد تحويل جزيرة الوراق إلى حي تجاري ضخم جزءا من هذا المشروع أيضًا.
صورة من: KHALED DESOUKI/AFP/Getty Images
تدمير أم "تطوير"؟
هذا المشروع الضخم يعني أن المزيد من عمليات إعادة التوطين القسرية لسكان الوراق أمر مخطط له مسبقا. في بداية عام 2015، أعلنت الحكومة عن "تطوير" أكبر جزيرة في نطاق العاصمة القاهرة، وبعدها قامت بإجراءات على أرض الجزيرة. هنا مثلا في يوليو/ تموز عام 2017، نرى سيدة من سكان الجزيرة تحمل طفلة أمام أنقاض منزل مدمر. ويعيش حوالي 90 ألف شخص في الجزيرة.
صورة من: AFP/ Getty Images
مقاومة الإخلاء
يقاوم سكان الجزيرة إجراءات الإخلاء. وخلال محاولة من الشرطة لاقتحام جزء من الجزيرة عام 2017 توفي شخص واحد. وتبرر الحكومة أيضاً إعادة التوطين القسري للسكان بالقول إن الأراضي الزراعية بالجزيرة هي "أملاك دولة " وضع السكان أيديهم عليها قبل أكثر من 15 عاماً، وحوّلوا الجزيرة إلى "منطقة عشوائية فقيرة".
صورة من: AFP/ Getty Images
بسبب الجزيرة.. اتهام ناشط بالإرهاب
لكن السلطات تتخذ إجراءات مشددة، فقد أمضى الناشط المصري رامي كامل، أكثر من عامين في السجن قيد الحبس الاحتياطي قبل إطلاق سراحه في يناير/ كانون الثاني من العام الجاري 2022. وقد وجهت إليه تهمة "الإرهاب". ويحاول النشطاء مثل رامي كامل الحفاظ على جزيرة الوراق كما هي عليه اليوم - حتى مع ظهور أعمدة جسر الطريق السريع الجديد في الخلفية.
صورة من: KHALED DESOUKI/AFP
آخر وسيلة للوصول للجزيرة
في الصورة نرى قاربا أو "مُعَدِّيَةً"، كما يسميه الناس في مصر. تنقل "المعدية" الركاب من البر الرئيسي بالقاهرة إلى جزيرة الوراق، فالرحلة تحتاج إلى وسيلة نقل بحري. الآن يُسمح للأشخاص الذين يعيشون على الجزيرة فقط بدخول الوراق. وقال أحد السكان لوكالة "فرانس برس": "تم مؤخرا إيقاف تشغيل إحدى المعديات. والاثنتان المتبقيتان تجري مراقبتهما من قبل الأجهزة الأمنية".
صورة من: MOHAMED EL-SHAHED/AFP/Getty Images
إزالة مقابر لها طابع تاريخي
تنفذ الحكومة أيضا عمليات إخلاء جماعي في مناطق أخرى من القاهرة، هنا مثلا في منطقة البساتين، حيث توجد منطقة مقابر قديمة ذات طابع تاريخي، من بين الأكبر في القاهرة. الناس الذين لا يستطيعون تحمل أسعار الإيجارات الباهظة في القاهرة وجدوا هنا مأوى وسط المقابر. لكن الجرافات هدمت الأكواخ وأزالت غرف الدفن القديمة عام 2020، مما أفسح المجال أمام بناء طريق سريع يمر بالمقابر، رغم احتجاجات السكان واليونسكو.
صورة من: KHALED DESOUKI/AFP
منظر محزن في العمرانية
يقول الباحث والمخطط العمراني أحمد زعزع: "إنها عملية تحسين للأحياء يتم من خلالها إخلاء وسط المدينة من الفقر لإفساح المجال للاستثمار". وتتم إعادة التوطين أيضاً بسبب مشاريع إنشاء الطرق مثل محور الملك سلمان، هنا بحي العمرانية بالجيزة، ويظهر في الصورة بناء الجسر مباشرة بجانب نوافذ وشرفات الشقق السكنية. سياسة التحديث تأتي قبل كل شئ على حساب ذوي الدخل المنخفض.
صورة من: KHALED DESOUKI/AFP
مخاوف لدى سكان جزر أخرى
عربة يجرها حمار تمر تحت كوبري (جسر) "تحيا مصر". يخشى سكان الجزر الأخرى في النيل من أن يكون مشروع الوراق مجرد بداية. فقد تم تسليم 16 جزيرة نيلية أخرى للجيش هذا العام. ويقدر الخبراء أن 15 ألف مبنى قد هدمت وأن هناك أكثر من 220 ألف شخص طُرِدوا من مساكنهم في منطقة القاهرة الكبرى منذ تولي الرئيس عبد الفتاح السيسي السلطة. إعداد: نيله يينش/ إيمان ملوك.