دعا خبراء أمميون السلطات الانتقالية في سوريا إلى معاقبة المتورطين في أعمال العنف، التي شهدتها محافظة السويداء وراح ضحيتها مئات المواطنين الدروز، ودعوا إلى فتح تحقيقات. الخبراء تحدثوا عن استهداف عشرات النساء الدرزيات.
اندلعت أعمال عنف في محافظة السويداء ذات الغالبية الدرزية في 13 تمّوز/يوليو وأسفرت عن مقتل أكثر من 1600 شخص، معظمهم من الدروزصورة من: Izettin Kasim/Anadolu/picture alliance
إعلان
ندد أكثر من اثني عشر خبيرا مستقلا من الأمم المتحدة بالعنف الذي مورس بحق الدروز في سوريا، عقب اشتباكات طائفية حدثت في تموز/يوليو 2025، ودعوا السلطات إلى معاقبة المسؤولين عنه.
وأعرب الخبراء عن "قلقهم العميق" إزاء الهجمات ضد الأقلية الدرزية "بسبب معتقداتها ودوافع أخرى". كما استنكروا "خطاب الكراهية على وسائل التواصل الاجتماعي الذي يصور الدروز خونة وكفارا يستحقون القتل، بالإضافة إلى دعوات لخطف واستعباد الدرزيات".
هؤلاء الخبراء في مجالات متعلقة بحقوق الإنسان مُفوضون من قِبل مجلس حقوق الإنسان، لكنهم لا يتحدثون باسم الأمم المتحدة.
تفاصيل الأزمة
اندلعت أعمال عنف في محافظة السويداء ذات الغالبية الدرزية في 13 تمّوز/يوليو وأسفرت عن مقتل أكثر من 1600 شخص، معظمهم من الدروز، وفق آخر حصيلة نشرها المرصد السوري لحقوق الإنسان.
وبدأت أعمال العنف في السويداء باشتباكات بين مسلحين محليين وآخرين من البدو، ثم تطورت إلى مواجهات دامية بعدما تدخلت فيها القوات الحكومية.
يرى الخبراء أنه على السلطات السورية السماح بإجراء تحقيقات سريعة ومستقلة، ومقاضاة الجناة، وتحديد مصير المفقودين ومكان وجودهصورة من: Omar Sanadiki/AP Photo/picture alliance
وتقول دمشق إن قواتها تدخلت لإنهاء الاشتباكات. لكن شهود عيان وفصائل درزية والمرصد السوري لحقوق الإنسان يتهمون السلطات بالانحياز إلى البدو وارتكاب انتهاكات بحق الدروز.
وشنّت إسرائيل خلال أعمال العنف ضربات قرب القصر الرئاسي وعلى مقر هيئة الأركان العامة في دمشق، متعهدة حماية الأقلية الدرزية.
استهداف النساء
وأفاد الخبراء بخطف "ما لا يقل عن 105 نساء وفتيات درزيات على يد جماعات مسلحة تابعة للسلطات السورية الانتقالية، لا تزال 80 منهن مفقودات".
وأضاف الخبراء "لا تستطيع بعض النساء المحررات العودة إلى منازلهن خوفا على سلامتهن. وفي ثلاث حالات على الأقل، وردت تقارير عن اغتصاب نساء درزيات قبل إعدامهن"، مشيرين إلى أن 763 شخصا، بينهم نساء، ما زالوا في عداد المفقودين.
ورأوا في هذا الوضع "إخفاقا واضحا في حماية الأقليات ومكافحة العنف القائم على النوع الاجتماعي، بغياب تحقيقات شاملة ومستقلة ونزيهة في حالات الإعدام التعسفي أو التعذيب أو الخطف".
وأضافوا أن "التقارير التي تفيد بتورط قوات السلطات الانتقالية في الهجمات عززت الإفلات من العقاب والخوف، ما أدى إلى إسكات عائلات الضحايا وعرقلة جهود العثور على المفقودين".
وأكد الخبراء أنهم يراقبون وضع 192 ألف نازح أجبروا على الفرار من ديارهم بسبب العنف، ويعيشون في وضع محفوف بالمخاطر. ويرون أن "على السلطات السورية السماح بإجراء تحقيقات سريعة ومستقلة، ومقاضاة الجناة، وتحديد مصير المفقودين ومكان وجودهم".
تحرير: عبده جميل المخلافي
الدروز في الشرق الأوسط... سرية العقيدة ودواليب السياسة
تصدر "بنو معروف"، وهم أقلية دينية عربية عمرها نحو ألف عام، واجهة الأحداث مؤخراً وخاصة بعد سقوط نظام بشار الأسد. ألبوم صور نحاول فيه إلقاء الضوء على مذهبم الباطني وتاريخهم السياسي وأعدادهم وتوزعهم.
صورة من: Suwayda24/AP/picture alliance
الدروز طائفة باطنية تحافظ على درجة من السرية فيما يخص ممارساتها الدينية. ونشأت الدعوة الدرزية في مطلع القرن الحادي عشر، وهي متفرعة من المذهب الاسماعيلي، ثاني أكبر المذاهب الشيعية بعد الاثني عشرية. وتضم العقيدة الدرزية شعائر من الإسلام وفلسفات أخرى كالأفلاطونية مع التركيز على التوحيد وتناسخ الأرواح من بين أمور أخرى.
صورة من: Ammar Awad/REUTERS
المعتقد الدرزي غير تبشيري وتبقى تعاليم الطائفة ضمن أبنائها، ومن غير المستحب ومن النادر الزواج من خارج الطائفة. ولا يسمح المذهب بتعدد الزوجات. يرتدي المتدنيون من الرجال الزي الأسود والقلنسوة البيضاء، وتغطي النساء المتدينات منهن رؤوسهن وقسماً من وجوههن بوشاح أبيض مع زي أسود طويل.
صورة من: Ammar Awad/REUTERS
يقدر عدد الطائفة الدرزية بنحو مليون إنسان تتركز غالبية أتباعها في مناطق جبلية في لبنان وسوريا وإسرائيل والأردن ودول المهجر. وهاجر بعضهم إلى مختلف أنحاء العالم مثل أمريكا اللاتينية وجنوب شرق آسيا وأستراليا، إضافة الى الولايات المتحدة وكندا والمكسيك. من أبرز وجوههم في المهجر المحامية أمل علم الدين زوجة الممثل جورج كلوني. على رغم الانتشار، عمل الدروز على الابقاء على روابط وثيقة فيما بينهم.
صورة من: Alberto Pezzali/Invision/AP/picture alliance
في لبنان، يُقدّر عددهم بنحو 200 ألف، ويتركزون في جبال وسط البلاد، وخاصة الشوف وعاليه والمتن الأعلى، ومناطق عند امتداد السفح الغربي لجبل الشيخ مثل حاصبيا وراشيا. وأدى كمال جنبلاط دوراً سياسياً محوريا اعتباراً من الخمسينات من القرن الماضي وحتى مطلع الحرب الأهلية (1975-1990)، الى حين اغتياله في 1977 على يد مخابرات حافظ الأسد كما يتهم ابنه وخلفه في زعامة دروز لبنان، وليد جنبلاط.
صورة من: Houssam Shbaro/Anadolu/picture alliance Houssam Shbaro / Anadolu
أما في إسرائيل، يتوزع الدروز على أكثر من 20 قرية في الجليل وجبل الكرمل وهضبة الجولان المحتلة. ويبلغ عدد حاملي الجنسية الإسرائيلية 153 ألفا. يضاف إليهم نحو 23 ألفاً في الجولان، غالبيتهم العظمى تحمل إقامات إسرائيلية دائمة. ووفق مركز التراث الدرزي في اسرائيل، تعترف إسرائيل بالطائفة "بصفتها كياناً منفرداً له محاكمه الخاصة وقيادته الروحانية المستقلة". يتطوع الكثير من أبناء الطائفة في الجيش الإسرائيلي.
صورة من: Ammar Awad/REUTERS
النسبة الأكبر من الدروز في سوريا بعدد يبلغ نحو 700 ألف شخص يعيش معظمهم في جنوب البلاد حيث تعد محافظة السويداء معقلهم، كما يتواجدون في مدينتي جرمانا وصحنايا قرب دمشق، ولهم حضور محدود في إدلب، في شمال غرب البلاد. اشتهر منهم في سوريا سلطان باشا الأطرش، قائد الثورة السورية ضد الانتداب الفرنسي عام 1925. كما يُقدّر وجود ما بين 15 و20 ألف درزي في الأردن، خصوصاً في الشمال.
صورة من: Jalaa Marey/AFP/Getty Images
عقب اندلاع الثورة السورية عام 2011، حيد الدروز أنفسهم عن تداعياتها، فلم يحملوا إجمالاً السلاح ضد النظام ولا انخرطوا في المعارضة باستثناء قلة. بعد سقوط بشار الأسد اتسمت العلاقة بين السلطة الجديدة بقيادة أحمد الشرع والدروز، وخاصة زعيمهم الروحي حكمت الهجري بالتوجس والتوتر. وفي بداية أيار/مايو أدت أعمال العنف ومواجهات في جرمانا وأشرفية صحنايا قرب دمشق بين مسلحين دروز وقوات الأمن إلى مقتل 119 شخصاً.
صورة من: Rama Jarmakani/DW
في تموز/يوليو 2025 اندلعت مواجهات بين عشائر البدو وفصائل مسلحة درزية في مواجهات دموية اتخذت طابعاً طائفياً ذهب ضحيتها مئات القتلى من المدنيين والفصائل المسلحة من البدو والدروز وقوات الجيش والأمن العام. طلب حكمت الهجري تدخل إسرائيل التي استجابت بشن غارات "مؤلمة" في دمشق والسويداء ودرعا. وتقول إسرائيل إنها تريد حماية الدروز، مشددة على أنّها لن تسمح بوجود عسكري للحكومة الجديدة في جنوب البلاد.