سوريا ـ مظاهرات في السويداء تطالب بـ"حق تقرير المصير"
عبده جميل المخلافي أ ف ب
١٦ أغسطس ٢٠٢٥
تظاهر المئات في مدينة السويداء السورية تحت شعار "حق تقرير المصير " وتنديدا بأعمال العنف الدامية التي شهدتها المحافظة مؤخرا وأسفرت عن أكثر من 1600 قتيل. ورفع المتظاهرون الأعلام الدرزية وبعض الأعلام الإسرائيلية.
صورة من الأرشيف لمحتجين على تدهور الوضع الإنساني في مدينة السويداء، معقل الدروز في جنوب سوريا (28 يوليو/ تموز 2025). صورة من: Shadi Al-Dubaisi/AFP
إعلان
أوردت وكالة فرانس برس في تقرير أن مئات الأشخاص تظاهروا اليوم السبت (16 أغسطس/آب 2025) في محافظة السويداء في جنوب سوريا .
ورفع محتجون لافتات كتب على إحداها "حق تقرير المصير، حق مقدّس للسويداء"، وعلى أخرى "نطالب بفتح معبر إنساني"، وكذلك "أخرجوا الأمن العام من قرانا" كما شاهد مصوّر فرانس برس.
واعتلت المنصة سيدة طالبت بـ"الاستقلال التام"، وقالت "لا نريد إدارة ذاتية ولا حكما فدراليا، نريد استقلالا تاما" وسط تصفيق حار من الحضور بحسب ما أظهر مقطع فيديو نشره المرصد السوري لحقوق الإنسان ضمن تغريدة على موقع إكس:
وقال منيف رشيد (51 عاما) أحد سكان السويداء خلال مشاركته في التظاهرة "اليوم اتخذت السويداء موقفا واجتمعت بساحة الكرامة، بشعار حق تقرير المصير". وأضاف لوكالة فرانس برس "هذا موقف السويداء اليوم، ولا يلامون لأن الهجمة التي تعرضت لها لم تكن طبيعية".
وقال المتظاهر مصطفى صحناوي لفرانس برس وهو سوري يحمل الجنسية الأمريكية من ساحة التظاهرة "نحن تحت الحصار منذ أكثر من شهر، لا ماء لا كهرباء... لا مساعدات إنسانية". وأضاف "نطالب المجتمع الدولي و(الرئيس الأمريكي دونالد) ترامب بمساعدتنا في أسرع ما يمكن وفتح الممرات لأننا بحاجة لكل شيء، للماء، للطعام".
ما الذي حدث في المستشفى الوطني في السويداء الأسبوع الماضي؟
02:46
This browser does not support the video element.
الوضع لا يزال متوترا والوصول إلى السويداء صعبا
وشهدت السويداء بدءا من 13 تموز/يوليو ولأسبوع اشتباكات بين مسلحين دروز ومقاتلين بدو، قبل أن تتحول الى مواجهات دامية مع تدخل القوات الحكومية ثم مسلحين من العشائر.
إعلان
وأسفرت أعمال العنف عن مقتل أكثر من 1600 شخص، بينهم عدد كبير من المدنيين الدروز ، وفق آخر حصيلة وثقها المرصد السوري لحقوق الإنسان. وتخللتها انتهاكات وعمليات إعدام ميدانية طالت الأقلية الدرزية.
رجل يهتف وآخرون يرفعون شعارات خلال احتجاجات حول الوضع الإنساني في السويداء (28 يوليو/ تموز 2025)صورة من: Shadi Al-Dubaisi/AFP
ورغم وقف إطلاق النار الساري منذ 20 تموز/يوليو، لا يزال الوضع متوترا والوصول إلى السويداء صعبا. ويتهم سكان الحكومة بفرض حصار على المحافظة التي نزح عشرات الآلاف من سكانها، الأمر الذي تنفيه دمشق.
وأسفرت الاشتباكات عن انقطاع خدمات الماء والكهرباء، عدا عن شح في المواد الغذائية والأدوية والمحروقات. ولا يزال طريق رئيسي يربط السويداء بدمشق مقطوعا، مع تمركز مجموعات مسلحة محسوبة على السلطة تمنع حركة المرور واستئناف الحركة التجارية، بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان.
ودخلت خلال الأيام الماضية قوافل مساعدات عدة الى المحافظة، بواسطة الهلال الأحمر السوري، عبرت آخرها السبت وفقا لوكالة الأنباء الرسمية السورية "سانا".
وشكلت وزارة العدل نهاية الشهر الماضي لجنة تحقيق في أحداث السويداء، على أن تنجز تقريرها "خلال مدة لا تتجاوز ثلاثة أشهر". إلا أن مرجعيات درزية وناشطين يطالبون بتحقيق مستقل.
تحرير: عارف جابو
الدروز في الشرق الأوسط... سرية العقيدة ودواليب السياسة
تصدر "بنو معروف"، وهم أقلية دينية عربية عمرها نحو ألف عام، واجهة الأحداث مؤخراً وخاصة بعد سقوط نظام بشار الأسد. ألبوم صور نحاول فيه إلقاء الضوء على مذهبم الباطني وتاريخهم السياسي وأعدادهم وتوزعهم.
صورة من: Suwayda24/AP/picture alliance
الدروز طائفة باطنية تحافظ على درجة من السرية فيما يخص ممارساتها الدينية. ونشأت الدعوة الدرزية في مطلع القرن الحادي عشر، وهي متفرعة من المذهب الاسماعيلي، ثاني أكبر المذاهب الشيعية بعد الاثني عشرية. وتضم العقيدة الدرزية شعائر من الإسلام وفلسفات أخرى كالأفلاطونية مع التركيز على التوحيد وتناسخ الأرواح من بين أمور أخرى.
صورة من: Ammar Awad/REUTERS
المعتقد الدرزي غير تبشيري وتبقى تعاليم الطائفة ضمن أبنائها، ومن غير المستحب ومن النادر الزواج من خارج الطائفة. ولا يسمح المذهب بتعدد الزوجات. يرتدي المتدنيون من الرجال الزي الأسود والقلنسوة البيضاء، وتغطي النساء المتدينات منهن رؤوسهن وقسماً من وجوههن بوشاح أبيض مع زي أسود طويل.
صورة من: Ammar Awad/REUTERS
يقدر عدد الطائفة الدرزية بنحو مليون إنسان تتركز غالبية أتباعها في مناطق جبلية في لبنان وسوريا وإسرائيل والأردن ودول المهجر. وهاجر بعضهم إلى مختلف أنحاء العالم مثل أمريكا اللاتينية وجنوب شرق آسيا وأستراليا، إضافة الى الولايات المتحدة وكندا والمكسيك. من أبرز وجوههم في المهجر المحامية أمل علم الدين زوجة الممثل جورج كلوني. على رغم الانتشار، عمل الدروز على الابقاء على روابط وثيقة فيما بينهم.
صورة من: Alberto Pezzali/Invision/AP/picture alliance
في لبنان، يُقدّر عددهم بنحو 200 ألف، ويتركزون في جبال وسط البلاد، وخاصة الشوف وعاليه والمتن الأعلى، ومناطق عند امتداد السفح الغربي لجبل الشيخ مثل حاصبيا وراشيا. وأدى كمال جنبلاط دوراً سياسياً محوريا اعتباراً من الخمسينات من القرن الماضي وحتى مطلع الحرب الأهلية (1975-1990)، الى حين اغتياله في 1977 على يد مخابرات حافظ الأسد كما يتهم ابنه وخلفه في زعامة دروز لبنان، وليد جنبلاط.
صورة من: Houssam Shbaro/Anadolu/picture alliance Houssam Shbaro / Anadolu
أما في إسرائيل، يتوزع الدروز على أكثر من 20 قرية في الجليل وجبل الكرمل وهضبة الجولان المحتلة. ويبلغ عدد حاملي الجنسية الإسرائيلية 153 ألفا. يضاف إليهم نحو 23 ألفاً في الجولان، غالبيتهم العظمى تحمل إقامات إسرائيلية دائمة. ووفق مركز التراث الدرزي في اسرائيل، تعترف إسرائيل بالطائفة "بصفتها كياناً منفرداً له محاكمه الخاصة وقيادته الروحانية المستقلة". يتطوع الكثير من أبناء الطائفة في الجيش الإسرائيلي.
صورة من: Ammar Awad/REUTERS
النسبة الأكبر من الدروز في سوريا بعدد يبلغ نحو 700 ألف شخص يعيش معظمهم في جنوب البلاد حيث تعد محافظة السويداء معقلهم، كما يتواجدون في مدينتي جرمانا وصحنايا قرب دمشق، ولهم حضور محدود في إدلب، في شمال غرب البلاد. اشتهر منهم في سوريا سلطان باشا الأطرش، قائد الثورة السورية ضد الانتداب الفرنسي عام 1925. كما يُقدّر وجود ما بين 15 و20 ألف درزي في الأردن، خصوصاً في الشمال.
صورة من: Jalaa Marey/AFP/Getty Images
عقب اندلاع الثورة السورية عام 2011، حيد الدروز أنفسهم عن تداعياتها، فلم يحملوا إجمالاً السلاح ضد النظام ولا انخرطوا في المعارضة باستثناء قلة. بعد سقوط بشار الأسد اتسمت العلاقة بين السلطة الجديدة بقيادة أحمد الشرع والدروز، وخاصة زعيمهم الروحي حكمت الهجري بالتوجس والتوتر. وفي بداية أيار/مايو أدت أعمال العنف ومواجهات في جرمانا وأشرفية صحنايا قرب دمشق بين مسلحين دروز وقوات الأمن إلى مقتل 119 شخصاً.
صورة من: Rama Jarmakani/DW
في تموز/يوليو 2025 اندلعت مواجهات بين عشائر البدو وفصائل مسلحة درزية في مواجهات دموية اتخذت طابعاً طائفياً ذهب ضحيتها مئات القتلى من المدنيين والفصائل المسلحة من البدو والدروز وقوات الجيش والأمن العام. طلب حكمت الهجري تدخل إسرائيل التي استجابت بشن غارات "مؤلمة" في دمشق والسويداء ودرعا. وتقول إسرائيل إنها تريد حماية الدروز، مشددة على أنّها لن تسمح بوجود عسكري للحكومة الجديدة في جنوب البلاد.