سوريا- تواصل القصف على مناطق منزوعة السلاح في إدلب وحماة
٢ فبراير ٢٠١٩
ذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان أنه رصد عمليات قصف من قبل قوات النظام على مناطق وبلدات وقرى في محيط حماة وإدلب، فيما طالبت الأمم المتحدة بضرورة إمكانها الوصول إلى مناطق بشرق سوريا لمساعدة الفارين من القتال ضد داعش.
إعلان
أكد المرصد السوري لحقوق الإنسان عمليات قصف من قبل قوات النظام، على مناطق في بلدات وقرى اللطامنة وحصرايا وكفرنبودة وكفرزيتا، في القطاع الشمالي من ريف حماة، بينما استهدفت تلك القوات مناطق في بلدتي الهبيط وسكيك في الريف الجنوبي لإدلب، تزامناً مع استهدافها لأماكن في منطقة الكتيبة المهجورة، في القطاع الشرقي من ريف إدلب.
ونقلت وكالة الأنباء الألمانية (د ب أ) عن قائد ميداني يقاتل مع القوات الحكومية السورية تأكيده "استهداف مواقع مسلحي هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقا) على أطراف بلدة الهبيط في ريف ادلب الجنوبي الغربي بعد محاولة عناصرهم استهدف القرى والمواقع التابعة للجيش السوري". وأوضح القائد الميداني أن "القوات الحكومية ملتزمة باتفاق خفض التصعيد ولكن لديها الحق بالرد على أي قصف أو تسلل عناصر المجموعات الارهابية باتجاه مواقعها".
كما ذكر المرصد السوري أن اشتباكات بين قوات النظام والمسلحين الموالين لها من جهة، والفصائل المقاتلة والإسلامية من جهة أخرى، جرت على محاور في منطقة الملاح ومحيطها، في الريف الشمالي لحلب، وسط استهداف متبادل على محاور القتال.
كذلك أكدت مصادر المعارضة مواصلة القوات الحكومية السورية قصفها على مناطق سيطرة المعارضة السورية في محافظات حماة وادلب وسط وشمال سوريا يوم أمس الجمعة (الأول من شباطم فبراير). وقال قائد عسكري في جيش ادلب الحر لوكالة الأنباء الألمانية إن "قوات النظام تحشد قواتها في مناطق سهل الغاب استعدادا لمعركة إدلب وريف حماة".
وحول مواصلة القوات الحكومية حشدها على خطوط التماس مع مناطق خفض التصعيد استبعد سكان في تلك المنطقة أن تشن القوات الحكومية السورية هجوما على مناطقهم. وقال السكان لـوكالة الأنباء الألمانية: "ما دامت نقاط المراقبة التركية موجودة نستبعد هجوما وتقدما للقوات الحكومية السورية باتجاه منطقة خفض التصعيد وما تقوم به القوات الحكومية هو قصف من بعيد فقط".
مناشدة الأمم المتحدة
على صعيد آخر، طالبت الأمم المتحدة أمس الجمعة بالوصول إلى شرق سوريا لتقديم مساعدات إلى النازحين الفارين من آخر منطقة يتواجد فيها تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) الذي يتعرض لهجوم تشنه قوات سوريا الديموقراطية. وأكدت قوات سوريا الديموقراطية التي تضم فصائل كردية وعربية مدعومة أميركياً، بدورها أنها ناشدت الأمم المتحدة الوصول إلى المنطقة بعدما فتحت ممرات آمنة خرج عبرها عشرات آلاف الأشخاص.
وقال ناطق باسم المفوضية العليا للاجئين التابعة للأمم المتحدة اندري ماهيسيتش، إنه قبل أسبوعين، "طلب منظمات الإغاثة الفاعلة من القوات التي تسيطر على المنطقة (...) تحديد موقع عبور على طريق الهول للتمكن من تسليم مساعدة حيوية" لهؤلاء الأشخاص. وعبر عن أسفه لأن "الطلب بقي بلا رد".
من جهته، أعرب القيادي البارز في قوات سوريا الديموقراطية ريدور خليل عن "استغرابه". وقال لوكالة فرانس برس "نحن لم نتلق اي دعوة بهذا الشكل من الامم المتحدة".
ح.ع.ح/ع.ج (أ.ف.ب، د.ب.أ)
إدلب الخضراء.. طبول الحرب تقرع في "أرض مملكة إيبلا"
ترتفع الأصوات الدولية التي تحذّر النظام السوري من إعادة استخدام الأسلحة الكيميائية في محافظة إدلب، مع سعي النظام للسيطرة على المعقل الرئيسيّ لفصائل المعارضة. فما هي الأهمية الاستراتيجية والتاريخية لإدلب؟
صورة من: picture-alliance/AP
أهمية استراتيجية
تعتبر محافظة إدلب في شمال غربي سوريا آخر المعاقل الرئيسية لفصائل المعارضة، وتتمتع بأهمية استراتيجية كبيرة فهي من جهة محاذية لتركيا الداعمة للمعارضة، ولمحافظة اللاذقية، معقل الطائفة العلوية التي ينتمي إليها الرئيس السوري بشار الأسد من جهة ثانية. كما أن مدينة إدلب (مركز المحافظة) لا تبعد عن طريق حلب - دمشق الدولي سوى 20 كليومتراً.
صورة من: AP
إدلب الخضراء
قبل اندلاع الحرب الأهلية في سوريا كان غالبية سكان إدلب يعتمدون على الزراعة وخصوصاً الزيتون والقطن والقمح. وبسبب اشتهارها بزراعة الزيتون فقد كان يطلق عليها "إدلب الخضراء". كما أنها كانت سوقاً تجارياً واسعاً للمناطق المحيطة بها، بالإضافة إلى كونها أحد مراكز صناعة الصابون في سوريا.
صورة من: Colourbox
أرض مملكة إيبلا
وتعرف محافظة إدلب بكثرة متاحفها ومواقعها الأثرية التي تعود لحقب تاريخية قديمة، ومن أبرزها مدينة إيبلا الأثرية، إحدى أقدم الممالك في سوريا قبل الميلاد. قبل اندلاع النزاع في 2011، كان متحف إدلب يتميز باحتوائه على مجموعة قيمة من الرقم المسمارية، التي تروي عبر نصوص سياسية وأدبية تاريخ مملكة إيبلا. إلا أن المتحف الذي أُعيد افتتاحه هذا الشهر، لم يسلم خلال سنوات الحرب من القصف وأعمال السرقة والنهب.
صورة من: Daniel Leal-Olivas/AFP/Getty Images
معقل للمعارضة
انضمت محافظة إدلب سريعاً إلى ركب الاحتجاجات على النظام السوري التي اندلعت في آذار/ مارس 2011، والتي تحولت لاحقاً الى نزاع مسلح تعددت أطرافه. وفي آذار/ مارس 2015 سيطر "جيش الفتح"، وهو تحالف يضم فصائل إسلامية وجهادية بينها جبهة النصرة (فرع تنظيم القاعدة بسوريا) التي تحولت إلى "هيئة تحرير الشام" على كامل محافظة إدلب باستثناء بلدتي الفوعة وكفريا ذات الغالبية الشيعية.
صورة من: dapd
اقتتال داخليّ
بعد اقتتال داخلي بين الفصائل المتعددة في 2017، باتت هيئة تحرير الشام تسيطر على الجزء الأكبر من محافظة إدلب مقابل تواجد محدود لفصائل أخرى أبرزها حركة أحرار الشام وحركة نور الدين زنكي. وفي 18 شباط/ فبراير 2018، أعلنت الحركتان المذكورتان اندماجهما تحت مسمى "جبهة تحرير سوريا" لتخوضا مجدداً معارك مع جهاديي هيئة تحرير الشام.
صورة من: picture-alliance/AP Photo/Nusra Front on Twitter
مليونان ونصف المليون
ومنذ سيطرة فصائل المعارضة عليها، وطوال سنوات، شكلت محافظة إدلب هدفاً للطائرات الحربية السورية والروسية، كما استهدف التحالف الدولي بقيادة واشنطن قياديين جهاديين فيها بشكل دوريّ. ويعيش في إدلب حالياً نحو 2,3 مليون شخص بينهم أكثر من مليون نزحوا من مناطق أخرى، مع أعداد كبيرة من المقاتلين الذين رفضوا إلقاء السلاح ولا سيما من الغوطة الشرقية التي خضعت لحصار طويل وهجمات عنيفة.
صورة من: picture-alliance/AA/M. Khder
هجمات كيميائية
منذ 2014 تعرضت إدلب إلى عدة هجمات كيميائية، فبعد تأكيد لجنة التحقيق التابعة للأمم المتحدة أن قوات النظام استخدمت الغازات السامة في كل من بلدة تلمنس (21 نيسان/ ابريل 2014) وبلدتي سرمين وقميناس (آذار/ مارس 2015)، تعرضت مدينة خان شيخون لهجوم كيميائي في 2017، أدوى بحياة عشرات الأشخاص بينهم 30 طفلاً. واتهمت الأمم المتحدة النظام السوري بشن الهجوم، رغم نفي الأخير.
صورة من: Reuters/A. Abdullah
تصعيد في منطقة "خفض التصعيد"
تشكل محافظة إدلب مع أجزاء من محافظات محاذية لها إحدى مناطق اتفاق خفض التصعيد التي تم التوصل إليها في أيار/ مايو 2017 في أستانا برعاية روسيا وإيران، حليفتي دمشق، وتركيا الداعمة للمعارضة. وبدأ سريان الاتفاق في إدلب في أيلول/ سبتمبر الماضي. لكنها تعرضت نهاية 2017 لهجوم عسكري تمكنت خلاله قوات النظام بدعم روسي من السيطرة على عشرات البلدات والقرى في الريف الجنوبي الشرقي وعلى قاعدة عسكرية استراتيجية.
صورة من: picture-alliance/AA/M. Sultan
الأسد: هدفنا الآن إدلب
أكد الرئيس السوري بشار الأسد في 26 تموز/ يوليو الماضي أن "هدفنا الآن هو إدلب على الرغم من أنها ليست الهدف الوحيد". وفي 9 آب/ أغسطس الجاري قصفت قوات موالية للنظام السوري مواقع في إدلب قالت بأنها لفصائل معارضة وجهاديين وألقت منشورات تدعو السكان للاستسلام.
صورة من: picture-alliance/abaca
تحذيرات من "حمّام دم"
ودعت الأمم المتحدة إلى التوصل إلى "اتفاقات" لتفادي "حمام دم" في إدلب، وكان مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى سوريا ستافان ديمستوريا قد قال في أيار/ مايو إنه في حال تكرار سيناريو الغوطة في إدلب فإن حجم الدمار وأعداد الضحايا قد تكون أكبر بست مرات، مشيراً إلى نصف الناس الذين يعيشون في إدلب، البالغ عددهم 2,3 مليون شخص، نازحون و"ليس لديهم مكان آخر يلجؤون إليه".
صورة من: Reuters/K. Ashawi
تمهيد للهجوم؟
وبعد أن اتهمت روسيا فصائل المعارضة بالتحضير لعمل "استفزازي" يتمثل بهجوم كيميائي في إدلب بهدف تحميل دمشق المسؤولية عنه واستخدامه كمبرر للقوى الغربية لضرب أهداف حكومية في سوريا، أبدت الدول الغربية الأعضاء في مجلس الأمن الدولي قلقاً متزايداً على مصير ملايين المدنيين في إدلب، خصوصاً بعد أن عززت روسيا من وجودها العسكري قبالة السواحل السورية، فهل سيتكرر سيناريو الغوطة في إدلب؟
محيي الدين حسين