سوريا- مظاهرات في السويداء والحكومة تشكل لجنة تحقيق في العنف
١ أغسطس ٢٠٢٥
تظاهر المئات من سكان محافظة السويداء ذات الغالبية الدرزية في جنوب سوريا اليوم الجمعة (الأول من أغسطس/آب 2025) وفق المرصد السوري لحقوق الانسان ومراسل لوكالة فرانس برس، مطالبين السلطة الانتقالية بسحب مقاتليها من المنطقة ورفع "الحصار" عنها، ورفضاً للجنة التحقيق الحكومية التي تم تشكيلها بعد اشتباكات دامية وقعت في المحافظة الشهر الماضي.
ويتهم سكان السلطات بفرض "حصار" على السويداء، مع تقييدها حركة الوصول إليها، وانتشار قواتها في أجزاء عدة من المحافظة، وهو ما تنفيه دمشق.
لجنة تحقيق في أعمال عنف السويداء
وتعهدت سوريا بالتحقيق في الاشتباكات التي وقعت في محافظة السويداء جنوب البلاد والتي أودت بحياة المئات الشهر الماضي. وأحداث العنف الطائفي تلك هي ثاني واقعة كبرى من نوعها منذ الإطاحة ببشار الأسد في ديسمبر / كانون الأول الماضي 2024.
وفي مرسوم بتاريخ أمس الخميس (31 يوليو/تموز 2025) قال وزير العدل مظهر الويس إن لجنة من سبعة أشخاص، بينهم قضاة ومحامون ومسؤول عسكري، ستنظر في الظروف التي أدت إلى "أحداث السويداء".
وذكرت الوكالة العربية السورية للأنباء (سانا) "تحدد مهام اللجنة بكشف الظروف والملابسات التي أدت إلى الأحداث في السويداء، والتحقيق في الاعتداءات والانتهاكات التي تعرض لها المواطنون، وإحالة من تثبت مشاركته فيها إلى القضاء". وأضافت الوكالة أن اللجنة ستقدم "تقريرها النهائي خلال مدة لا تتجاوز ثلاثة أشهر من تاريخ تشكيلها".
ورفض المتظاهرون لجنة التحقيق الحكومية التي تم الإعلان عن تشكيلها مؤخراً، وطالبوا بإجراء تحقيق دولي مستقل في أعمال العنف الأخيرة، وذلك حسبما أفاد ناشطون والمرصد السوري لحقوق الإنسان .
ونظم المتظاهرون وقفات في عدة مناطق من بينها ميدان الكرامة في السويداء، ومدينة شهبا، وقرية سالم، كما أفاد موقع "السويداء 24". وهتف المحتجون ضد الحكومة وحلفائها المحليين، متهمين إياهم بمحاصرة المحافظة، ورفعوا لافتات كتب عليها: "لا نثق بكم" و"نطالب بلجنة دولية مستقلة".
السلطات تنفي فرضها حصاراً على السويداء
وفي ساحة الكرامة في وسط مدينة السويداء، حيث تجمع العشرات من المتظاهرين بينهم نسوة وأطفال، وفق ما شاهد مصور فرانس برس، قالت روان أبو عساف، الناشطة في منظمة غير حكومية: "نتظاهر للمطالبة ببنود عدة بينها فك الحصار المفروض على محافظة السويداء وخروج قوات السلطة من كافة قرى المحافظة". ورفع المتظاهرون لافتات بلغات عدة، جاء في بعضها "السويداء تحت الحصار" و "ارفعوا الحصار عن الأطفال"، وطالبت أخرى مكتوبة بخط اليد بـ "فتح ممر إنساني مع الأردن".
ولا يزال طريق رئيسي يربط السويداء بدمشق مقطوعاً، مع تمركز مجموعات مسلحة محسوبة على السلطة تمنع حركة المرور واستئناف الحركة التجارية، بحسب المرصد السوري. وتنفي السلطات السورية بالمطلق فرض حصار على المحافظة، وتُلقي باللوم على "مجموعات خارجة عن القانون"، وهي تسمية تطلقها على المقاتلين الدروز.
وقال المتحدث باسم وزارة الداخلية نور الدين البابا رداً على سؤال لفرانس برس، إنه لو كان ثمة حصار مفروض على السويداء "لما دخلت أساساً قوافل المساعدات الإنسانية" إليها. وسأل: "كيف تُستأنف الحركة التجارية إذا كانت مجموعات مسلحة خارجة عن القانون تحتل المنطقة؟".
ودخلت خلال الأيام الماضية قوافل مساعدات عدة الى المحافظة، بواسطة الهلال الأحمر السوري. وأعلنت الأمم المتحدة أمس الخميس إرسال مساعدات منقذة للحياة من أجل تلبية "الاحتياجات العاجلة للأسر والمجتمعات المتأثرة بالتطورات الأمنية الأخيرة والانقطاع الحاد في إمكانية الوصول الى الخدمات الأساسية".
المرصد: الحكومة تحاصر السويداء وتُدخِل مساعدات
وقال الناشط المدني خالد سلوم لفرانس برس على هامش مشاركته في التظاهرة: "الوضع في السويداء كارثي بامتياز، ولا تكاد تكفي المساعدات التي يتم إدخالها". وتابع: "نحن بحاجة ماسة لفتح معبر إنساني فوراً وفك الحصار عن السويداء".
وبحسب مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبد الرحمن: "تفرض القوات الحكومية حصاراً على محافظة السويداء من أجل تطويع سكانها، في موازاة سماحها بإدخال المساعدات الإنسانية من أجل الحفاظ على صورتها أمام المجتمع الدولي". وأفاد مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة قبل أيام أن "الوصول الإنساني إلى السويداء ما زال مقيداً بشدة بسبب الحواجز الأمنية وانعدام الأمان وغيرها من العراقيل".
وأسفرت الاشتباكات عن انقطاع خدمات الماء والكهرباء، عدا عن شح في المواد الغذائية والأدوية والمحروقات. وألحقت دماراً واسعاً، وقال مصور لفرانس برس في السويداء إن السكان يقفون في طوابير طويلة أمام الأفران التي ما زالت تعمل للحصول على الخبز.
خلفيات أزمة السويداء
واندلعت أعمال العنف في السويداء في 13 يوليو/تموز 2025 بين مسلحين من البدو وآخرين من فصائل درزية. وأرسلت الحكومة السورية قوات لوقف القتال، لكن إراقة الدماء تفاقمت. ونفذت إسرائيل غارات على القوات السورية قائلة إنها بهدف دعم الدروز.
ومحافظة السويداء ذات أغلبية درزية لكن تقطنها أيضاً عشائر سنية، ويوجد توتر طويل الأمد بين الدروز والبدو بشأن الأراضي والموارد الأخرى.
وتشهد محافظة السويداء ظروفاً إنسانية صعبة رغم سريان وقف لإطلاق النار منذ 20 يوليو/ تموز 2025 بوساطة أمريكية أنهى أسبوعاً من المواجهات، قبل أن تتفاقم مع تدخل القوات الحكومية ومسلحي العشائر الى جانب البدو. وأسفرت أعمال العنف عن مقتل أكثر 1400 شخص، العدد الأكبر منهم دروز، وفق المرصد، وشردت 176 ألف شخص من منازلهم، بحسب الأمم المتحدة.
تحرير: عماد حسن