تبذل روسيا أقصى مجهودها لمساعدة النظام السوري في استعادة السيطرة على مدينة حلب، ما يؤشر على أنها اختارت الحل العسكري. في حين تقبع مدينة مضايا منذ عام تحت الحصار. لقاء مع أحد شهود العيان يوضح الوضع الحالي في المدينة.
إعلان
السيد رجاء برهان، لأول مرة منذ نصف سنة وصلت نهاية الأسبوع شحنة مساعدات إلى مدينة مضايا. ما هي البضائع التي وصلت، وكيف كان الوضع داخل المدينة؟
إنه يوم للاحتفال. الأمم المتحدة أحضرت كمية من السكر والطحين، مادتين مهمتين. ويمكن لنا أخيرا تحضير القليل منالخبز بعدما انتظرنا طويلا. وهذا يكفي لمدة شهر أو شهر ونصف. نحن جميعنا في حالة صوم، حتى يمكن تمديد فترة التموين. وما عدا ذلك فنحن نتوفر على بعض الدواء وعلى أجهزة التعبئة بالطاقة الشمسية لهواتفنا.
كيف هو الوضع عامة في مضايا؟ كيف يتعامل الناس مع الجوع؟
الحياة في مدايا تشبه إلى حد ما الحياة التي كانت سائدة أيام الاتحاد السوفيتي سابقا: لدينا جميعا نفس الطعام، ونفس الكمية ونأكل دوما نفس الطعام: بين 200 و 300 غرام من الأرز أو البرغل يوميا مطبوخ في الماء دون ملح أو زيت. وأحيانا لا آكل شيئا، وأذهب إلى النوم جائعا، لأنني لم أعد أطيق رؤية الأرز. في السابق كنت أمارس الرياضة، ويمكن القول بأنني كنت سمينا، كان وزني 93 كلم. والآن أصبحت نحيفا، لأنني فقدت بعضا من وزني.
هل هناك أطباء أو مستشفى؟
لا يوجد مستشفى، ولكن هناك مركز صحي. لدينا طبيب أسنان مازال في الحقيقة يدرس، وطبيبا بيطريا وهما ليسا أطباء عاديين. لكن الاثين يبذلان الجهد ويعتنيان بالناس.
كيف هي الحياة اليومية في مدينة محاصرة؟ ماذا تفعل طوال اليوم؟
لم نعد نتوفر على التيار الكهربائي، ليس هناك عمل، لكن كل واحد منا له موهبته. فأنا أحب التاريخ، ولدا أقرأ كثيرا. هذا هو الشيء الوحيد الذي يمكنني فعله. أصدقائي جميعهم غادروا مدايا، وبالتالي فأنا وحيد هنا.
ما الذي تفتقد إليه كثيرا مقارنة مع حياتك السابقة؟
الجامعة. أود فعلا العودة للدراسة. كنت أدرس علوم الاقتصاد في دمشق، وأجبرت على مغادرة الجامعة في 2011، لأنني شاركت في احتجاجات ضد النظام، فتم اعتقالي. وبعد شهرين عندما أُطلق سراحي لم أجرأ على العودة إلى دمشق وسكنت في زبداني، ومنذ 2014 وأنا مقيم في مدايا.
ما الذي يقلقك حاليا كثيرا؟ فصل الشتاء الذي يقترب؟
نحن بحاجة ملحة للوقود. فصل الشتاء مقبل علينا ونحن لا نملك شيئا للتدفئة أو للطبخ. نحن نحرق البلاستيك لنتمكن من الطبخ. في فصل الشتاء يكون الطقس باردا جدا، لدينا أغطية، ولكن نحتاج إلى كهرباء ووقود. الأمم المتحدة وعدت بالقدوم مجددا وإحضار بعض الأشياء، ونحن نأمل في أن يفعلوا ذلك قبل حلول فصل الشتاء.
هل بمقدورك مغادرة المدينة، أي الفرار؟
نحن محاصرون من قبل جيش النظام وحزب الله. هناك نقاط تفتيش كثيرة. الكثيرون حاولوا مغادرة مضايا، فقتلوا، أو فقدوا ساقهم بسبب الألغام. ربما سيتم إجلاؤنا يوما ما مثل الناس في دراجة الذين رُحلوا إلى الشمال.
وحتى لو أني لم أعد قادرا على متابعة الدراسة، وأعيش في بيت ليس في ملكي ولا توجد حركة في حياتي فأنا لا أريد مغادرة وطني، لأن ذلك سيوحي بأننا انهزمنا.
* رجاء برهان يبلغ من العمر 26 عاما، ويعيش في مدينة مدايا السورية المحاصرة.
أجرى المقابلة راهل كلاين/ م.أ.م
حلب وأخواتها في الحصار..كابوس سوريا الإنساني!
دخلت هدنة هشة حيز التنفيذ في سوريا مساء يوم الاثنين. قد تخفف هذه الهدنة معاناة وآلام السوريين، الذي تُركوا طوال سنوات نهباً للحرب والجوع والمرض. إنها مأساة كبيرة، ولاسيما في المدن والمناطق المحاصرة.
صورة من: Reuters/B. Khabieh
الأطفال...الحلقة الأضعف
في بؤرة الاهتمام العالمي تقع حلب. فالمدينة المُقسمة أضحت رمزاً لفظاعات الحرب. وفي القسم الشرقي، الذي يحاصره النظام السوري، هناك نقص في كل شيء: الماء، الطعام، المسكن، العلاج الصحي. يعيش في ظل هذه الظروف المأساوية حوالي 100 ألف طفل.
صورة من: Reuters/A. Ismail
الحصار كسلاح في الحرب
إلى جانب حلب هناك 18 مدينة (كمدينة مضايا في الصورة) وهي منطقة مقطوعة كلياً عن العالم الخارجي. وحسب بيانات الأمم المتحدة يقطن في هذه المدن والمناطق المحاصرة ما يقارب 600 ألف مواطن. يشترك كل أطراف النزاع في استخدام الحصار كسلاح في الحرب. إدخال المواد الإغاثية الإنسانية إلى بعض المناطق يتطلب موافقة الحكومة السورية، وكثيرا ما ترفض منح التراخيص لذلك مرة تلو الأخرى.
صورة من: Reuters/O. Sanadiki
داريا...مدينة مقاومة
كانت داريا من أولى المدن المنتفضة ضد النظام السوري في عام 2011. تحصن فيها مناهضو النظام السوري. وقام النظام بفرض الحصار عليها ما يقارب أربع سنوات وترك قاطنيها يتضورون جوعاً. في آب/ أغسطس الماضي سلَم مناهضو الأسد المدينة، ورحلوا إلى مناطق المعارضة في إدلب (في الصورة).
صورة من: picture-alliance/ZUMA Press
المشافي هي الأخرى عليلة
ليس بوسع المشافي في سوريا بعد الآن تقديم الخدمات الطبية للمرضى. "قد لاتوجد ضمادات وأدوية مما يجعل القيام بعملية استئصال الزائدة الدودية أو عملية ولادة قيصرية أمرا شبه مستحيل"، كما يشتكي رئيس "منظمة أطباء بلا حدود في ألمانيا"، فولكر فيسترباركي.
صورة من: Getty Images/AFP/O. H. Kadour
الموت في كل مكان
يقول رئيس "منظمة أطباء بلا حدود في ألمانيا"، فولكر فيسترباركي إنه خلال خمسة أشهر الماضية تدمرت المشافي الثمانية في الجزء الشرقي المحاصر من مدينة حلب أو تعرضت لأضرار. القلة القليلة الباقية من الأطباء السوريين يخاطرون بحياتهم لعلاج المرضى. "ليس الأمان موجوداً في أي مكان"ـ يضيف فيسترباركي.
صورة من: picture-alliance/AA/E. Leys
أطلال مدينة مُقسمة
الوضع جد مأساوي في القسم الشرقي من مدينة حلب، المحاصر من قبل النظام السوري وحلفائه. يعيش هناك حوالي 300 ألف شخص. وقد دمر القصف اليومي لطائرات النظام السوري والطائرات الروسية آلاف المنازل. في الأسبوع الماضي وحده لقي أكثر من مائة إنسان مصرعهم نتيجة هذا القصف.
صورة من: Getty Images/AFP/A. Alhalbi
نقص في كل شيء
هناك نقص في ماء الشرب والطعام والكهرباء في حلب. وهذا ينطبق أيضاً على الجزء الغربي من المدينة، الذي يسيطر عليه النظام. غير أن معاناة السكان هناك لا يمكن نقلها للعالم الخارجي، حيث لا يسمح النظام بدخول الصحفيين إليها.
صورة من: Reuters/A. Ismail
شوارع برائحة الموت
يندر أن يخرج النلاس إلى شوارع وأسواق حلب، خوفاً من القصف الجوي، يقول أحد مراسلي الإذاعة المحلية، "راديو حارة". أغلب المحالات التجارية مغلقة ولم تعد هناك حياة طبيعية. الحاضرة المليونية أضحت واحدة من أخطر مدن العالم.
صورة من: Reuters/A. Ismail
بين السجن الصغير والسجن الكبير
بالرغم من أن الهدنة تمنح للناس متنفساً لبعض الوقت وتخفف من معاناتهم قليلاً، إلا أن سكان المدن المحاصرة يستمرون في العيش مقطوعين عن العالم الخارجي وعن المساعدات الإنسانية. ووصف الأب الفرنسيسكاني، فراس لطفي، الذي يوزع الماء والطعام، الوضع هناك قائلا: "هنا يعيش الناس وكأنهم في سجن كبير".