130 صفحة مليئة بالأرقام: منظمة الإغاثة المسيحية "مالتيزر" أصدرت تقريرا جديدا يشمل أخبارا إيجابية لاسيما تجاه الاقتصاد وعلاقته بالهجرة في ألمانيا. التقرير يكشف عن نتائج أفضل مما كان متوقع.
إعلان
على الصفحة الأولى لعنوان تقرير الهجرة من منظمة الإغاثة "مالتيزر" يظهر رجل شاب في بدلة العمل الزرقاء أمام طاولة عمل. وتظهر عليه علامات الرضى. وطبقا للتقرير الذي يشمل 130 صفحة من حقه أن يكون سعيدا. فالحديث يدور حول "تقدم مدهش" عندما يتعلق الأمر بوضع المهاجرين في سوق العمل الألمانية.
وفي الجدل المحتدم حول الهجرة يقدم التقرير حقائق في المقام الأول. ودار إصدار التقرير هي منظمة الإغاثة الكاثوليكية "مالتيزر"، فيما المسؤول عن الجزء العلمي من التقرير هو معهد فالتر. ويقول مدير المعهد، لارس فيلد : "الاندماج في السنوات الأخيرة أفضل، اندماج اللاجئين أفضل مما تم التكهن به في البداية".
إنها أخبار جيدة حول الاندماج في سوق العمل، إذ يحقق المهاجرون من بلدان الهجرة الأساسية الثمانية (أفغانستان واريتريا والعراق وايران ونيجيريا وباكستان والصومال وسوريا) نتائج مدهشة. وبالمقارنة مع أبريل 2017 تضاعف عدد العاملين المسجلين في التأمين الاجتماعي في هذه المجموعة. ووصل هذا العدد في أبريل 2019 إلى نحو 312.000 شخص.
وتقيم مفوضة الاندماج في الحكومة الألمانية، أنيته فيلدمان ماوس هذا التطور كنجاح. "التطور في السنوات الأربع الماضية أفضل بكثير من تنبؤات خبراء سوق العمل"، حسب قولها لصحيفة "راينيشه بوست".
ألمانيا أكثر أمانا مما تكشف التقديرات
حتى بين السكان ينمو التفاؤل، على الأقل فيما يخص النتائج الاقتصادية للهجرة. 36.1 في المائة من الألمان يعتبرون تدفق المهاجرين فرصة للاقتصاد. وهم يمثلون بهذا 9 في المائة أكثر من عام 2016. والسبب وراء ذلك حسب التقرير هو الاندماج المتطور في سوق العمل الألمانية وتراجع أعداد طالبي اللجوء.
لكن في الوقت نفسه نجد أن عدد الناس الذين ينتابهم القلق بسبب الأمن في البلاد يرتفع أكثر. ففي السنة الماضية اعتبر 71.6 في المائة تدفق طالبي اللجوء بأنه خطر، وهي نسبة 2 في المائة أكثر من عام 2016.
علما أن ألمانيا تنعم بأمن أكبر مما تقدر فئة واسعة من السكان، ليس فقط في إطار الهجرة بل بصفة عامة. ونسبة الأعمال الإجرامية طوال سنوات في تراجع. ففي الوقت الذي تم فيه في عام 2009 تسجيل نحو ستة ملايين جنحة من قبل الشرطة، وصل عددها في 2018 إلى نحو 5.4 مليون جنحة. وفي السنة الماضية تم ضبط 1.93 مليون مشتبه به. و 69.5 في المائة بينهم كانوا مواطنين ألمان و 30.5 في المائة من غير الألمان.
إمكانية "احتواء" الهجرة
وتقرير الهجرة الأول لمنظمة الإغاثة "مالتيزر" صدر في 2017، ومن بين القضايا التي تناولها بالبحث تأثير استقبال المهاجرين على النظام المالي، إذ تبين أن طالبي اللجوء يمثلون عبئا إضافيا في حال عدم الاستفادة من قدراتهم في سوق العمل. وبعد ثلاث سنوات تصدر حصيلة أولية وهي أن اندماج المهاجرين في سوق العمل يسير بخطى أسرع مما كشفته التنبؤات. وبهذا تتقلص النفقات الاجتماعية ويستنتج التقرير في الختام أنه يمكن احتواء الهجرة لاسيما من الناحية المالية.
ميريام بينكه/ م.أ.م
إنقاذ المهاجرين من الغرق في المتوسط لا ينهي مأساتهم
عام 2018 كان مأساويا للمهاجرين عبر المتوسط، إذا ارتفع عدد الضحايا بشكل مضطرد. لكن عام 2019 لا يدعو إلى التفاؤل، إذ باتت مهمة "صوفيا" لإنقاذ المهاجرين في المتوسط مهددة بالانتهاء والخلاف مستمر حول استقبال من يتم إنقاذهم.
صورة من: Getty Images/C. McGrath
ارتفاع كبير في عدد الغرقى
أعلنت مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين أن عدد الضحايا على مسار الهجرة بين ليبيا والاتحاد الأوروبي ارتفع بأكثر من الضعف في عام 2018 ، إذ بلغ معدل الوفاة واحدا من بين كل 14 مهاجرا عبروا هذا الطريق وسط البحر المتوسط. وكان المعدل واحدا من بين كل 38 عام 2017 .
صورة من: Getty Images/AFP/A. Paduano
ستة غرقى كل يوم
حسب إحصائيات الأمم المتحدة بلغ إجمالي عدد المهاجرين الذين عبروا البحر المتوسط إلى أوروبا عام 2018 نحو 117 ألف شخص، وتوفي في البحر المتوسط 2275 على الأقل، مقارنة بـ 172 ألف مهاجر عبروا إلى أوروبا عام 2017 ووفاة 3139 شخصا. وحسب المفوضية، فإن البحر المتوسط شهد موت ستة أشخاص يوميا في المتوسط العام الماضي.
صورة من: picture-alliance/dpa/AP/Küstenwache Lybien
منع سفينة "سي ووتش 3" من الرسو
في آواخر عام 2018 أنقذت سفينة "سي ووتش 3"، التي تملكها منظمة إغاثة ألمانية وترفع علم هولندا، مهاجرين كانوا يستغيثون في البحر قبالة السواحل الليبية، لكن تم منعها من الرسو في إيطاليا أو مالطا.
صورة من: picture-alliance/dpa/Sea-Watch.org
البحث عن ملاذ آمن
بقيت "سي ووتش 3" مع المهاجرين على متنها تمخر عباب البحر بحثا عن ملاذ آمن، وتزامن ذلك مع استمرار الخلاف بين الدول الأوروبية حول استقبال هؤلاء المهاجرين، حيث رفضت إيطاليا استقبالهم مطالبة هولندا وألمانيا بذلك، لأن السفينة ترفع علم الأولى، بينما تتخذ المنظمة المالكة لها من برلين مقرا لها.
صورة من: Getty Images/AFP/F. Scoppa
توتر بين فرنسا وإيطاليا
في ظل الخلاف بين الدول الأوروبية حول استقبال المهاجرين الذين يتم إنقاذهم من الغرق في المتوسط، تصاعد التوتر بين فرنسا وإيطاليا، إذ تتهم روما باريس بأنها سبب الفوضى الحالية في ليبيا، وترى إيطاليا أن هذا الوضع غير المستقر يدفع المهاجرين إلى الهرب من ليبيا للوصول إلى الشواطئ الإيطالية عبر البحر المتوسط، وهو ما يشجع على تهريب البشر.
صورة من: picture alliance/CITYPRESS 24/f. Passolas
ألمانيا لن تستمر في مهمة "صوفيا"
مع تصاعد التوتر والخلاف الأوروبي حول ملف الهجرة واللاجئين، أعلنت ألمانيا أنها لن ترسل أي بديل للفرقاطة التي تنتهي مشاركتها في مهمة الاتحاد الأوروبي لإنقاذ المهاجرين في البحر المتوسط "صوفيا" في أوائل شباط/ فبراير المقبل.
صورة من: picture-alliance/dpa/M. Assanimoghaddam
مصير مجهول!
مهمة "صوفيا" لإنقاذ اللاجئين من الغرق باتت مهددة بالانتهاء، لأن الأمر متعلق بموقف دول الاتحاد الأوروبي مجتمعة، إذ يجب أن توافق عليها كل الدول الأعضاء في الاتحاد. وعلاوة على ذلك تطالب إيطاليا بتغيير قواعد وشروط المهمة. في هذا السياق صرح وزير الداخلية الإيطالية ماتيو سلفيني أن سفن المهاجرين التي كان يتم إنقاذها ترسو في الموانئ الإيطالية وبالتالي "إما يجب تغيير القواعد، أو إنهاء المهمة".
صورة من: picture-alliance/dpa/G. Lami
بارقة أمل
لكن رغم كل هذا الخلاف والتوتر، هناك بارقة أمل في تحسن الوضع خلال العام الجاري وتجاوز الدول الأوروبية لخلافاتها حول ملف الهجرة واللاجئين. فقد أعلن رئيس الوزراء الإيطالي جوزيبي أن اتفاق تقاسم مهاجرين مع ستّ دول أوروبية أخرى (فرنسا وألمانيا والبرتغال ومالطا ورومانيا ولوكسمبورغ) سيتيح إنزال وإنقاذ المهاجرين العالقين على متن سفينة"سي ووتش 3". إعداد: عارف جابو