"سوق سوداء" للحصول على مواعيد من أجل تصاريح الإقامة بفرنسا!
٣ يوليو ٢٠٢٣"المواعيد تعطى لمن يصل أولا"، خدمة سريعة وفعالة لأخذ موعد من أجل أوراق الإقامة أو تصاريح الإقامة في مراكز المحافظات الفرنسية، لكن لم تعد هناك حاجة لتمضية المزيد من الساعات الطويلة من أجل البحث اللامتناهي لأخذ موعد. فعلى تطبيقات فيس بوك وتيك توك وحتى سنابشات، مجموعات إعادة بيع المواعيد في المحافظة للحصول على تصريح الإقامة أو تجديدها كثيرة وتتكاثر.
بالمقابل، شارك العشرات من مستخدمي الإنترنت قلقهم ومصاعبهم للحصول على موعد من أجل أوراق الإقامة، على شبكات التواصل الاجتماعي، مثال آدم الذي كتب "أبحث عن موعد من أجل أوراق إقامتي منذ 3 أشهر، ولم أجد أي موعد، وتصريح إقامتي المؤقت ينتهي خلال شهر أرجوكم ساعدوني". وتوسل شخص آخر "أنا أحتاج إلى موعد في محافظة نانتير، بشكل سريع". سئموا جميعهم وملوا من شيء واحد، رؤيتهم العبارة الشهيرة على الموقع الإلكتروني الخاص بمححافظتهم "لم يعد هناك أي موعد متاح. يرجى البدء مرة أخرى لاحقًا".
"لم أعد أستطيع العمل"
إبراهيم، وهو رجل من مالي يبلغ من العمر 50 عاما، دفع 350 يورو حتى تختفي هذه العقبة من أمامه. وصل هذا المهاجر إلى فرنسا في عام 2006، بعد حصوله على "OQTF" وعمل لعدة سنوات باستخدام هوية شخص آخر. قرر أخيرًا الدفع مقابل الحصول على موعد في المحافظة لأن رئيسه في العمل أدرك أن الأوراق التي بحوزته ليست أوراقه. قال "لم أعد أستطيع العمل".
وأضاف إبراهيم، ذو الجسد الضخم، بغضب" أتقن جميع المهن المطلوبة في مواقع وورشات البناء، افتقر فقط إلى الأوراق النظامية". مضيفا "توصلت عن طريق صديق مالي إلى بائع مواعيد، كان هو قد استخدمه من قبل".
بعد ذلك "لم يكن لدي ما أفعله تقريبا". فبعد الاتصال بالرقم، "دفعت وكان لدي موعد بعد أسابيع قليلة". لكن على الرغم من صرف مئات اليوروهات، إلا أنه لا يزال في وضع غير قانوني، وقد تم رفض ملفه، وقدم طلب استئناف لدراسة الملف من جديد.
أما بالنسبة إلى بالا، وهو شاب من جزر القمر ويبلغ من العمر 32 عاما وليس لديه وثائق رسمية ويعيش في جزيرة مايوت الفرنسية. فقد كلفه الحصول على موعد 300 يورو. وقال إنه عثر "بسهولة" على "سايبر" في العاصمة مامودزو، بعد طرده مرة واحدة واضطراره إلى العودة وعبور البحر في "كواسا كواسا"، وهو قارب صغير يستخدم بانتظام لقطع مسافة الـ 70 كم التي تفصل جزيرة مايوت عن جزر القمر.
بحسب بالا وهو والد لأسرة يقول "هؤلاء هم الأشخاص الذين يقولون إن لديهم مصدر في المحافظة ويحددون المواعيد. نرسل ملفنا إلى "السيبر" ويرسل إلينا بريدا إلكترونيا بالموعد". بالنسبة إليه، كما بالنسبة لإبراهيم فإن مدة الانتظار للحصول على موعد من أجل أوراق الإقامة بعد دفع المبلغ ليست سوى عدة أسابيع فقط.
بالإضافة إلى شبكات التواصل الاجتماعي، يتم تقديم هذه الخدمات أيضًا من خلال مواقع الويب مثل"alerte-rdv-prefecture" أو "prefecture-rendezvous". وبفضل الروبوت، يقومون بعملية مسح إلكترونية للمحافظات على مدار 24 ساعة في اليوم وينبهون المشتركين على الفور عند توفر المواعيد. بالنسبة إلى البعض، عشرة يوروهات كافية لتكون على قائمة التنبيه.
"يستغل هؤلاء الأشخاص نقاط ضعف أناس مثلنا"
عمليات الحصول على مواعيد من أجل أوراق الإقامة بهذه الطريقة هي سوق سوداء تعج أيضا بعمليات الاحتيال. بالنسبة إلى سارة، 45 عاما، وهي جزائرية، فإنها مرت بتجربة مريرة في هذا الأمر. فمنذ وصولها إلى فرنسا في شباط /فبراير 2020، سعت إلى تسوية وضعها. تقول "إنهم يضعون في فمك الماء ثم يأخذون منك كل شيء،" وتضيف إنه بعد الدفعة الأولى البالغة 70 يورو، طُلب منها دفعة ثانية قدرها 130 يورو "لتأكيد الموعد". ورغم حذرها، إلا أنها قبلت، على أمل وضع حد للانتظار. ولكن بعد حصولها على موعد وجدت أنه "كان وهميا ومزيفا تماما".
كانت خيبة أمل كبيرة، وأشارت بحزن "صدقت ذلك لأنني رأيت رسائل على Facebook من أشخاص يشكرونهم. لكنها كانت كلها مزيفة". مضيفة "عندما تكون في حالة يرثى لها وترى رسائل على وسائل التواصل الاجتماعي فإنك تقول إنها تعمل، تتشبث بذلك وتذهب إلى هناك. هؤلاء الأشخاص يستغلون نقاط ضعف أناس مثلنا".
تعيش سارة اليوم مع زوجها لكنها لا تستطيع العمل وهي في وضع غير نظامي منذ ثلاث سنوات "أنا أعيش في سجن كبير. ليس لدي حياة اجتماعية. بدون تصريح إقامة، لا يمكنني فعل أي شيء على الإطلاق". إضافة إلى ذلك "أنا في انتظار يائس للحصول على موعد بالطرق النظامية والعادية، لكن هذا يكاد يكون مستحيلاً".
"من الجنون أن ينتهي الأمر بالناس إلى الدفع مقابل الحصول على الخدمات العامة المجانية"
إذا كانت هذه التجارة أي (الحصول على مواعيد لتصاريح الإقامة من خلال الإنترنت) مزدهرة لعدة سنوات حتى الآن، فهذا نتيجة "استحالة الوصول إلى المحافظات والحصول على المواعيد لتصاريح الإقامة في المحافظات إلا من خلال الانترنت". وفق المسؤولة عن مسائل الدخول والإقامة والحقوق الاجتماعية في"لا سيماد" La Cimade، ليز فارون. مضيفة بتضخم الظاهرة أيضا مع الأزمة الصحية وجائحة كورونا "حيث كان هناك إغلاق كامل للإدارات". "كان ذلك مفهومًا في ذلك السياق، ولكن منذ ذلك الحين لم تفتح المحافظات أبوابها أبدًا للعموم"، تأسف ليز فارون التي دعت إلى إعادة فتح المواعيد وفي المقار وليس من خلال الإنترنت.
فصعوبة الوصول إلى المحافظات والحصول على مواعيد من أجل تصاريح الإقامة تغرق أولئك المعنيين في خطر شديد. "هناك المزيد والمزيد من الأشخاص الذين يأتون إلينا لأنهم لا يستطيعون تجديد تصريح إقامتهم، لذلك فإن هؤلاء الأشخاص يقضون أسابيعا، وحتى شهورا، دون أي مستند يبرر إقامتهم النظامية.
فتصريح الإقامة النظامي يمنحهم حقوق مختلفة، كالعمل والحماية الاجتماعية أو الحق في العيش على الأراضي الفرنسية دون مخاطر التفتيش والطرد"، كما أفادت ليز فارون.
واستكملت الناشطة "نحن حقًا على منطق تحلل أو تفكك وتفسخ الناس وفشل الإدارات ما يؤدي إلى نهايات القانون. ونجد أن الدفع مقابل الحصول على الخدمات العامة المجانية، أمر مجنون،لكن هذا نتيجة سياسة السلطات العامة".
منظمات أخرى، مثل Le Défenseur des droits, "المدافعة عن الحقوق"، أو حتى أعضاء في مجلس الشيوخ، نبهت الدولة إلى هذه "السوق السوداء". وردا على سؤال من موقع مهاجر نيوز، أشارت وزارة الداخلية إلى أن هذه الحالات "تخضع بشكل منهجي لشكاوى قضائية" وأنه "تم وضع العديد من الأجهزة التقنية للحد من مخاطر تسجيل المواعيد على الإنترنت".
منذ حزيران/ يونيو 2020، تم تحديد وإحباط نحو 170 مليون "اتصال غير مشروع أو وهمي ومزيف" ، ما يدل على "فعالية الجهاز". ومع ذلك، فإن هذه الإجراءات "لا تجعل محاربة الاحتيار أمرا ممكنا". وفق الوزارة.
مهاجر نيوز 2023 - رومان فيليبس/ م.م