"سياسة أمريكا إزاء إيران تعني الحرب في نهاية المطاف"
٢٥ يوليو ٢٠١٨
في حوار له مع DW تحدث البرلماني الألماني من أصل إيراني، أوميد نوريبور عن تداعيات سياسة الولايات المتحدة تجاه إيران، بما فيها التصعيد الأخير على تويتر وكذلك الموقف الصعب للأوروبيين بين طهران وواشنطن.
إعلان
إيران وأمريكا.. تهديد ووعيد "بالأحرف الكبيرة"
02:14
DW : برأيك ما مدى خطورة التصعيدات الأخيرة على موقع التواصل الاجتماعي " تويتر" بين كل من طهران وواشنطن؟
أوميد نوريبور: إن التصعيد على "تويتر" هو مجرد إشارة على توجه مقلق للغاية في سياسة الولايات المتحدة تجاه إيران. وبالأخص ترسخت فكرة تغيير النظام من الخارج في واشنطن أيضاً، نتيجة تنامي نفوذ منظمة "مجاهدي خلق"، وهي جماعة معارضة، عنيفة ومكروهة إلى حد كبير من قبل الإيرانيات والإيرانيين. هذه السياسة قد تجر معها الحرب إلى المنطقة في نهاية المطاف. ومثل هذه الحرب ستكون كارثة إنسانية وسياسية ذات أبعاد عالمية، كما أوضحت ذلك التغريدات الأخيرة.
ـ بعد مرور شهرين ونصف فقط على خروج الولايات المتحدة من الاتفاقية النووية، تدهور الوضع الاقتصادي في إيران بشكل كبير: انهيار في العملة، التضخم، انقطاع التيار الكهربائي، وأصبحت الاحتجاجات على جدول الأعمال، حتى البازار في طهران قد أغلق احتجاجًا لعدة أيام. ما مدى خطورة ذلك بالنسبة للمؤسسة السياسية في طهران ومن المستفيد من وراء كل هذا؟
الاحتجاجات بدأت في إيران قبل خروج الولايات المتحدة من الاتفاق النووي بفترة من الزمن والموجهة بشكل عام ضد الوضع الاقتصادي والسياسي في البلاد. الأمر يتعلق بالفساد وسوء التدبير وتزايد عدم المساواة الاجتماعية، ناهيك عن الوضع الكارثي المتزايد للحريات وحقوق الإنسان. هذا وضع المستفيدين من هذه الممارسات تحت الضغط. ومع العقوبات، حصل عكس ما يريده صقور واشنطن: المعسكرات المختلفة داخل النظام الإيراني التحمت مع بعضها البعض، كما ستكون القطاعات الفاسدة في الحكومة، أكبر المستفيدين من ظاهرة التهريب.
ما هو تأثير ألمانيا، هل لا تزال أوروبا في موقف ما بين طموحات واشنطن لتغيير النظام وبين رغبة بقاء الطبقة السياسية في إيران؟
من المحتمل أن يكون لأوروبا تأثير كبير. باعتبارنا طرف فاعل في إيران، نحن أكثر مصداقية من الولايات المتحدة، المتدخلة بشكل متكرر في شؤون البلاد في العقود الأخيرة. نحن نمثل عامل اقتصادي كبير، ولكن لتحقيق الاستفادة القصوى من هذه الإمكانية، يجب على أوروبا الآن أن تأخذ الأمور على محمل الجد. نحن بحاجة إلى تطوير آليات فاعلة لمنع تأثير العقوبات الأمريكية المتحكم بنا. ومن ثم سيكون لدينا فرصة من أجل سياسة مستقلة في إيران وأماكن أخرى.
ما هي الإمكانيات الواقعية التي تمتلكها ألمانيا والدول الأوروبية الموقعة على الاتفاق النووي، من أجل تقديم حوافز اقتصادية كافية لإيران للبقاء في الاتفاق النووي، رغم الضغط الشديد الذي فرضته العقوبات الثانوية الأمريكية؟
يشكل خلق هذه الحوافز تحديًا كبيرًا. النقطة المركزية تمثلها صادرات النفط للبلاد. أوروبا تحتاج إلى توفير آليات حول كيفية الاستمرار في تنفيذ عمليات التسليم هذه. لكن الأمر يتعلق أيضاً بخلق المزيد من الحوافز الاقتصادية: التعاون الوثيق والاستثمارات في قطاع المياه، الذي هو على وشك الانهيار في إيران، يمكن أن يكون حجة مهمة لأولئك الذين يريدون البقاء في الاتفاق النووي.
ما مدى توافق أوروبا مع الأطراف الأخرى الموقعة على الاتفاق النووي، روسيا والصين، المتبقيتين في الاتفاق النووي حول هذه المسألة؟
ستجد أوروبا والصين وروسيا نفسها في تحالف دبلوماسي إجباري لإنقاذ الاتفاق. التصويت بين بروكسل وموسكو وبكين جيد. لكن العلاقات الأطلسية، هي من يشكل أزمة حقيقة وذلك لأن الحكومة الأمريكية تهدد الأمن الأوروبي من خلال سياستها بشكل مباشروهذا لا يتوافق مع أهداف الشراكة الأطلسية.
ولد أوميد نوريبور في العاصمة الإيرانية طهران ووصل إلى ألمانيا وهو في الثالثة عشرة من عمره. وهو منذ عام 2006 عضو في البوندستاغ ومتحدث باسم كتلة حزب الخضر في شؤون السياسية الخارجية كما أنه عضو في لجنة الشؤون الخارجية و لجنة حقوق الإنسان والمساعدات الإنسانية.
أجرى الحوار ماتياس فون هاين/ إيمان ملوك
البرنامج النووي- محطات من الشد الإيراني والجذب الغربي
لعبة القط والفأر مع الغرب. بداية البرنامج النووي الإيراني في نهاية خمسينات القرن الماضي كانت واعدة. ثم جاءت القطيعة مع وصول الخميني للحكم لتتوالى فصول الترغيب والترهيب: اتفاق عام 2015، ثم انسحاب أمريكي وعقوبات قاسية.
صورة من: picture-alliance/AP Photo/Iranian Presidency Office/M. Berno
البداية النووية
كان العام 1957، بداية البرنامج النووي الأيراني حين وقع شاه إيران اتفاق برنامج نووي مع أمريكا، ليتم الإعلان عن "الاتفاق المقترح للتعاون في مجال البحوث ومجال الاستخدامات السلمية للطاقة الذرية" تحت رعاية برنامج أيزنهاور "الذرة من أجل السلام". وفي1967، أسس مركز طهران للبحوث النووية. لكن توقيع إيران معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية في 1968، جعلها تخضع للتفتيش والتحقيق من قبل الوكالة الدولية للطاقة.
صورة من: gemeinfrei
إنهاء التدخل الغربي في البرنامج النووي
الإطاحة بحكم الشاه وقيام جمهورية إسلامية في إيران سنة 1979، جعلت أواصر العلاقات بين إيران والدول الغربية موسومة بقطيعة، فدخل البرنامج النووي في مرحلة سبات بعد انسحاب الشركات الغربية من العمل في المشاريع النووية وإمدادات اليورانيوم عالي التخصيب؛ فتوقف لفترة برنامج إيران النووي .
صورة من: Getty Images/Afp/Gabriel Duval
البحث عن حلول
سمح خميني عام 1981 بإجراء بحوث في الطاقة النووية. وفي 1983، تعاونت إيران والوكالة الدولية للطاقة الذرية لمساعدة طهران على الصعيد الكيميائي وتصميم المحطات التجريبية لتحويل اليورانيوم، خاصة في موقع أصفهان للتكنولوجيا النووية، لكن الموقف الغربي عموما كان رافضا لمثل هذا التعاون. ومع اندلاع الحرب بين إيران والعراق تضرر مفاعل محطة بوشهر النووية فتوقفت عن العمل.
صورة من: akairan.com
روسيا تدخل على الخط، والصين تنسحب!
في التسعينات تم تزويد إيران بخبراء في الطاقة النووية من طرف روسيا. وفي 1992، انتشرت مزاعم في الإعلام الدولي بوجود أنشطة نووية إيرانية غير معلنة، مما جعل إيران تستدعي مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية لزيارة المنشآت النووية، وخلصت التفتيشات حينها إلى أن الأنشطة سلمية. في 1995، وقعت إيران مع روسيا عقدا لتشغيل محطة بوشهر بالكامل، في حين انسحبت الصين من مشروع بناء محطة لتحويل اليورانيوم.
صورة من: AP
إعلان طهران وزيارة البرادعي لإيران
طلبت الوكالة الدولية، في 2002، زيارة موقعين نوويين قيل أنهما غير معلنين، لكن إيران لم تسمح بذلك حتى مرور ستة أشهر على شيوع الخبر. وفي 2003، زار محمد البرادعي، المدير السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية، إيران للحصول على إيضاحات في ما يخص استئناف أنشطة تخصيب اليورانيوم، واصدرت الوكالة تقريرا سلبيا تجاه تعاون إيران.
صورة من: AP
شد وجذب
أصدرت الوكالة الدولية، في 2004، قرارا يطالب إيران بالإجابة عن جميع الأسئلة العالقة، وبتسهيل إمكانية الوصول الفوري إلى كل المواقع التي تريد الوكالة زيارتها، وبتجميد جميع الأنشطة المتعلقة بتخصيب اليورانيوم بمستوى يتيح إنتاج الوقود النووي والشحنة الانشطارية. لكن الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد وبعد انتخابه، عمل على تفعيل البرنامج النووي ولم يكترث للتهديدات الغربية، كما أسس مفاعل "أراك" للماء الثقيل.
صورة من: AP
فصل جديد
في 2006، صوت أعضاء الوكالة الدولية على إحالة الملف الإيراني إلى مجلس الأمن، الذي فرض حظرا على تزويد إيران بالمعدات اللازمة لتخصيب اليورانيوم وإنتاج صواريخ بالستية. وردت إيران على هذا الإجراء بتعليق العمل بالبروتوكول الإضافي وجميع أشكال التعاون الطوعي. وفي نفس السنة، أعلن الرئيس الإيراني؛ أحمدي نجاد، عن نجاح بلده في تخصيب اليورانيوم بنسبة 3,5 بالمائة. الصورة لوفد قطر أثناء التصويت على القرار.
صورة من: AP
مفاعلات نووية سرية
في عام2009 ، تحدث بعض المسؤولين الأميركيين والبريطانيين والفرنسيين، عبر وسائل الاعلام، عن قيام إيران ببناء مفاعل نووي في ضواحي مدينة قم، كما قال هؤلاء بأنه تحت الأرض ويبنى بكل سرية، دون أن تخبر به إيران الوكالة الدولية للطاقة الذرية، في حين نفت طهران ذلك واعتبرته مجرد ادعاءات.
صورة من: AP
على مشارف حل
في عام 2014، تم الاتفاق على وقف تجميد الولايات المتحدة لأموال إيرانية قدرت بمليارات الدولارات، مقابل توقف إيران عن تحويل اليورانيوم المخصب بنسبة 20 بالمائة إلى وقود. وفي نفس السنة، قامت منظمة الطاقة الذرية الإيرانية باجراء تعديلات على منشأة "أراك" لضمان إنتاج حجم أقل من البلوتونيوم.
صورة من: ISNA
الاتفاق التاريخي
في عام 2015، وبعد سلسلة من الاجتماعات، في فيينا، أعلن عن التوصل لاتفاق نهائي؛ سمي اتفاق إطار، بخصوص برنامج إيران النووي. الاتفاق جمع الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وروسيا والصين وفرنسا وألمانيا بإيران. وكان من المرجح أن ينهي هذا الاتفاق التهديدات والمواجهة بين إيران والغرب.
صورة من: Getty Images/AFP/R. Wilking
طموحات حدها الاتفاق!
كان باراك أوباما، الرئيس الأمريكي السابق، واحدا من رؤساء الدول المتفقة مع إيران، فيما يخص البرنامج النووي، من الذين رأوا في الخطوة ضمانا لأمن العالم، بالمقابل قال نظيره الإيراني؛ حسن روحاني، إن بلاده حققت كل أهدافها من خلال الاتفاق. لكن الأمور لم تعرف استقرارا، خاصة مع رغبة إيران في تطوير برنامجها نووي، دون أن تلفت اليها الأنظار.
صورة من: Getty Images/A. Burton/M. Wilson
أمريكا تنسحب
آخر التطورات في الاتفاق النووي، كانت يوم الثلاثاء 8 أيار/مايو 2018، حيث أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، قرار الانسحاب من الاتفاق النووي مع إيران، متعهداً بأن تفرض بلاده "أعلى مستوى من العقوبات الاقتصادية على النظام الإيراني". وفي هذا الصدد، عبرت طهران عن عدم رغبتها في الدخول في جولات جديدة من المفاوضات الشاقة مع أمريكا.
صورة من: Imago/Zumapress/C. May
شروط أي "اتفاق جديد"
بعد الانسحاب الأميركي، أعلن وزير الخارجية مايك بومبيو 12 شرطاً أميركياً للتوصل إلى "اتفاق جديد". وتضمنت هذه الشروط مطالب شديدة الصرامة بخصوص البرنامج النووي وبرامج طهران البالستية ودور إيران في الشرق الأوسط. وهدّد بومبيو إيران بالعقوبات "الأقوى في التاريخ" إذا لم تلتزم بالشروط الأميركية.
صورة من: Getty Images/L. Balogh
واشنطن تشدد الخناق
فرضت إدارة ترامب أول حزمة عقوبات في آب/أغسطس ثم أعقبتها بأخرى في تشرين الثاني/نوفمبر. وشملت هذه العقوبات تعطيل معاملات مالية وواردات المواد الأولية إضافة إلى إجراءات عقابية في مجالي صناعة السيارات والطيران المدني. وفي نيسان/أبريل من عام 2019، أدرجت الولايات المتحدة الحرس الثوري الإيراني على لائحتها السوداء لـ"المنظمات الإرهابية الأجنبية"، وكذلك فيلق القدس المكلف بالعمليات الخارجية للحرس الثوري.
صورة من: picture-alliance/U. Baumgarten
أوروبا تغرد خارج السرب
في 31 كانون الثاني/يناير 2019، أعلنت باريس وبرلين ولندن إنشاء آلية مقايضة عرفت باسم "إنستكس" من أجل السماح لشركات الاتحاد الأوروبي بمواصلة المبادلات التجارية مع إيران رغم العقوبات الأميركية. ولم تفعل الآلية بعد، كما رفضتها القيادة العليا في إيران. وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني أكدت على "مواصلة دعمنا الكامل للاتفاق النووي مع إيران، وتطبيقه كاملاً"، داعية إيران إلى التمسك به.
صورة من: Reuters/S. Nenov
طهران ترد
في أيار/مايو الماضي، قررت طهران تعليق بعض تعهداتها في الاتفاق النووي التاريخي المبرم عام 2015 مع الدول الكبرى بعد عام على القرار الأميركي الانسحاب من الاتفاق. وحذرت الجمهورية الإسلامية من أنها ستستأنف تخصيب اليورانيوم بدرجة أعلى من المسموح بها في الاتفاق خلال 60 يوماً، إذا لم يوفر لها الأوروبيون الحماية من العقوبات الأمريكية. مريم مرغيش/خالد سلامة