عشرات الآلاف من المهاجرين الذين يصلون إلى إسبانيا يمثلون تحديا لحكومة الأقلية اليسارية في مدريد، إسبانيا رحبت حتى الآن باللاجئين، غير أن الوضع قد يتغير مع تصاعد ضغوط أحزاب اليمين.
إعلان
لم يمر شهران على تقلد رئيس وزراء إسبانيا بيدرو سانشيس مقاليد الحكم حتى بات يواجه أزمة سياسية كبيرة. مئات المهاجرين الأفارقة تجاوزوا في الأسبوع الماضي في شمال إفريقيا السياج الحدودي في مدينة سبتة الإسبانية. والمشاهد المثيرة لعملية العبور أثرت على الرأي العام. وأفادت الشرطة الإسبانية أن 22 من عناصرها أصيبوا بجروح أثناء العملية التي انتهت بوصول 602 من الأشخاص بنجاح إلى الأراضي الإسبانية.
وفي الوقت نفسه يعبر في هذا الصيف بشكل متزايد الكثير من الأشخاص على متن قوارب مطاطية مضيق جبل طارق: أكثر من 22.000 لاجئ دخلوا إلى حد الآن، حسب وزارة الداخلية الإسبانية بصفة غير شرعية من إفريقيا إلى إسبانيا. وتعود الزيادة في عدد الوافدين على إسبانيا بشكل اساسي إلى إغلاق الطريق البحري إلى اليونان وإيطاليا.
سانشيس في وجه الانتقادات
تأتي هذه الأزمة بالنسبة إلى بيدرو سانشيس وحزبه الاشتراكي في وقت سيء، ففي 27 يوليو/ تموز تكبدت حكومة الأقلية ضربة قوية عندما رفض البرلمان اقتراح حزبه الاشتراكي تحديد الحد الأقصى للديون. وغالبية الأحزاب التي ساعدت سانشيس عبر اقتراع سحب الثقة ضد سلفه ماريانو راخوي على الوصول إلى الحكم امتنعت عن التصويت وتكبد سانشيس بالتالي هزيمته الأولى.
لا يتوقع مراقبون أن يتأثر دعم حكومة الأقلية بسبب قضية اللجوء، لكن الأمور لن تصبح في الأيام المقبلة سهلة بالنسبة إلى رئيس الوزراء: " الحكومة في وضع ضعيف، لأن مواقف الأحزاب التي يعتمد عليها سانشيس في كل مبادرة مختلفة جدا"، يقول خبير الشؤون السياسية خوسي فرنانديس ألبيرتوس من المجلس الأعلى للبحوث العلمية.
والصحفية كريستينا فالاراس توضح أن الحكومة لها مشاكل أقل مع شركائها مقارنة مع المعارضة التي قد تحاول استغلال الموضوع سياسيا. وتعتبر فالاراس أن رئيس الوزراء سانشيس يوجد في مأزق: " الحكومة تتشاجر فيما إذا كانت ستتبع نهجا متشددا أم ناعما. أعتقد أنها لا يمكن إلا أن تخسر بهذا الموقف".
الخبير فرنانديس ألبيرتوس يعتقد أن الهجرة بالنسبة إلى إسبانيا على المدى الطويل قد تكون نافعة. لكن المشاهد المثيرة من سبتة تؤثر على الوعي الجماعي للإسبان. "الناس يشاهدون عبر التلفزة كيف أن النظام العام في مدن وعلى شواطئ يعرفونها يتأثر. ويرون رجال شرطة مجهدين لا يعرفون ما يحصل لهم. وهم ينتظرون أن تتم استعادة السيطرة".
وحتى لو أن عدد أولئك الذين يصلون إلى البلاد يبقى قليلا، فإن ظهورهم في وسائل الإعلام يبقى كبيرا. وهذا قد يغير الجدل، كما يعتبر خوسي فرانانديس ألبيرتوس. وحادثة سبتة قد تنهي سياسة الأذرع المفتوحة التي استهلتها الحكومة باستقبال 630 لاجئا كانوا على متن سفينة "أكواريوس/ "Aquarius في يونيو/ حزيران الماضي بعدما رفضت إيطاليا رسو السفينة في أحد موانئها.
"الحزب الاشتراكي يدرك أن ناخبيه متقدمون نسبيا في السن ولا يثقون في الغالب في سياسة الحدود المفتوحة. وهو يعلم أن خصومه السياسيين يستغلون الموضوع"، يقول لويس كورناغو، خبير مستقل مهتم بالشعبوية اليمينية.
التنافس في المعسكر اليميني
في الوقت نفسه اتخذ الرئيس المُنتخب مؤخرا لحزب الشعب المحافظ، بابلو كاسادو موقفا مناهضا للهجرة. وكتب زعيم أكبر حزب معارض عبر موقع تويتر:" ملايين الأفارقة ينتظرون فرصة العبور إلى أوروبا. ليس جميعهم بإمكانهم الحصول على وثائق إقامة، يجب علينا قول هذا حتى ولو أنه غير صحيح سياسيا". وبعدها بثلاثة أيام سافر كاسادو إلى الجنوب، وتم تصويره وهو يصافح مهاجرين.
ويرى خبير الشعبوية اليمينية لويس كورناغو بأن لدى السكان توجهات معادية للاجئين، ويعتقد أن الأحزاب اليمينية تريد استغلال هذه الأجواء. كما يرى بأن جزءا لا يُستهان به من السكان يخشى منافسة أقوى على الموارد الاقتصادية. أي أن "الموضوع يتناسب مع خوض التعبئة أو الدعاية السياسية".
وتوافق كريستينا فالاراس على هذا الرأي عندما تقول بأن المعارضة تختار التوجه نحو النهج المتشدد لوزير الداخلية الإيطالي ماتيو سالفيني للفوز بأصوات ناخبين. وتعتقد أن موقف كاسادو ليس إلا خطوة أولية في مسلسل تطور طويل المدى، مضيفة: "الآن يخوض حزب سيودادانوس وحزب الشعب منافسة مفتوحة من أجل أصوات الناخبين اليمينيين".
سانتياغو ساييز/ م.أ.م
بالصور.. حلاوة فراولة جنوب إسبانيا لا تُخفي مرارة جنيها!
هذا العام وصلت 15 ألف عاملة موسمية مغربية للعمل في جني الفراولة بإسبانيا. لكن العملية لم تمر دون ضجة، خصوصاً بعد شكاوى بعضهن من مضايقات جنسية . DW عربية زارت المنطقة والتقت بعدة عاملات حكين قصصهن عن تجربة مضنية.
صورة من: DW
ويلفا.. مملكة الفراولة في إسبانيا
يعدّ جني الفواكه الحمراء، خاصة الفراولة، أحد أكبر الأنشطة الزراعية بمنطقة الأندلس، وتحديداً في إقليم ويلفا، ما يساهم في جعل إسبانيا أحدى أكبر ثلاثة مصدرين لهذه الفاكهة عبر العالم. يحتاج كبار المنتجين في الإقليم إلى اليد العاملة الموسمية لعملية الجني، ما يدفعهم إلى الاستنجاد بالعمال المهاجرين، وبالعاملات الموسميات، خصوصاً القادمات من المغرب.
صورة من: DW
ظروف عمل صعبة بأجور زهيدة
يبدأ العمل مبكراً في الضيعات. يختلف الأجر بشكل طفيف، لكن العاملات يحصلن عموماً على 37 يورو (صافي) يوميا عن سبع ساعات ونصف، مع إمكانية تلّقي تعويضات مالية عن الساعات الإضافية. يعدّ هذا الأجر من الأضعف في إسبانيا، ولا يجذب، إلا نادراً، أبناء وبنات البلد. تبقى ظروف الجني جد صعبة، وعدة عاملات وعمال يُضطرون إلى التوقف بعد بضعة أيام.
صورة من: DW
مشاكل متعددة تُلاحق العاملات المغربيات
وصلت آلاف المغربيات على مراحل إلى الإقليم. لكن كثيرات منهن عانين مشاكل عديدة، من أبرزها أنهن لم يعملن مدة العقد الكاملة (3-4 أشهر)، ممّا أثّر على أجورهن، فضلاً عن نُدرة المترجمين وكثرة العراقيل أثناء الحصول على الأجور وأحياناً غياب المرافقة الطبية. مصادر تحدثت عن تعرّض عاملاتٍ لمضايقات جنسية، لكن هناك شبه إجماع أنها حالات معزولة.
صورة من: DW/I. Azzam
الفقر.. الدافع الأكبر للعمل الموسمي
الفقر أكبر الأسباب التي دفعت بالعاملات الموسميات إلى خوض تجربة العمل في إسبانيا. تحكي هذه السيدة أنها تعمل لأجل إعالة أبنائها، خاصة أن واحداً منهم يعاني إعاقة، مؤكدة أنها على استعداد للعودة العام المقبل ما دامت تجني هنا أكثر بكثير ممّا يمكن أن تجنيه بالمغرب. تنحدر جلّ العاملات من مناطق قروية، واختيارهن كان حكراً في الغالب على من لهن أبناء، حتى لا يبقين سراً في إسبانيا بعد نهاية العقد.
صورة من: DW/Ismail Azzam
السكن قرب الضيعات تفاديا لتكاليف أخرى
يعيش العمال والعاملات في مساكن خشبية قرب الضيعات. في كل بيت هناك 3 أو 4 غرف. بكل غرفة 3 أو 4 أشخاص، بينما توجد أحيانا غرف مخصصة للأزواج.توّفر الشركات أهم احتياجات الحياة بهذه المساكن، لكن على العمال تحمّل نفقات طعامهم، فيما يؤدي آخرون جزءاً من تكاليف السكن. توجد جنسيات متعددة في هذه المساكن، أهمها المغاربة والرومان والقادمون من إفريقيا جنوب الصحراء.
صورة من: DW/I. Azzam
"المسمن" المغربي حاضر بإسبانيا!
تحرص العاملات الموسميات على العيش وفق الطريقة المغربية. زرنا هذا المسكن في شهر رمضان حيثُ كانت سيدتان تعدّان مائدة الإفطار، وخصوصاً خبز "المسمن". بعض العاملات عبرن عن ارتياحهن للسكن بينما جرى العكس عند أخريات. تزامن موسم الجني مع شهر رمضان زاد من صعوبة العمل، خاصةً مع الحرارة المفرطة، وتأخر غروب الشمس للتاسعة والنصف أو أكثر.
صورة من: DW/I. Azzam
"الخطافة" في إسبانيا كذلك!
تحتاج العاملات إلى "الخطافة"، وهو لفظ يطلق على ممتهني النقل السري بالمغرب، لأجل بلوغ محلات التسوق. النقل الذي توّفره شركات الفراولة يخصّ فقط المسافة بين الضيعات والبيوت. تسعيرة "الخطافة" تتنوع حسب المسافة وتبدأ من يورو للعاملة الواحدة. بفضل العاملات الموسميات، حقق فرع سوق ممتاز ببلدة موغر أرقام مبيعات مرتفعة جعلته الأكثر نشاطاً بالإقليم ككل!
صورة من: DW/I. Azzam
تجارة مزدهرة.. بفضلهن!
تستغل العاملات الموسميات فرصة العمل بإسبانيا لشراء عدة سلع يأخذنها معهن إلى المغرب. تزامن موعد عودة الكثيرات منهن مع عطلة عيد الفطر، ما جعلهن يشترين هدايا لأقربائهن. وهو ما ساعد العاملات في بلدة موغر هو وجود محلات تجارية كثيرة يعمل بها مغاربة، ما سهل عليهن التواصل. بفضل هؤلاء النساء، حققت فروع تحويل المال في البلدة أرقام معاملات كبيرة، إذ يحرصن على تحويلات دورية لأسرهن بالمغرب.
صورة من: DW/I. Azzam
أكواخ البلاستيك "الصالحة" للسكن!
العمال المغاربة يستفيدون بدورهم من ضيعات الفراولة. لكن، بسبب حرص عدد منهم على توفير المال، أو معاناة آخرين في إيجاد الإيجار، أوعدم توّفرهم على وثائق الإقامة، يكون البديل في السكن هو أكواخ بلاستيكية تفتقر لشروط العيش الكريم. توجد في هذه الأكواخ بعض النساء لكن عددهن قليل. يسكن عمال آخرون في مراقد جماعية أفضل حالا بما بين 60 و100 يورو شهريا، بينما استطاع آخرون الظفر بسكن يُوّفره مُلاك المزارع.