1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

سيف الإسلام يخلط الأوراق بترشحه للرئاسة .. فمن يقف وراءه؟

١٥ نوفمبر ٢٠٢١

كما اختفى سيف الإسلام القذافي فجأة عاد للظهور فجأة أيضا. لكن ظهوره هذه المرة أثار الكثير من التساؤلات حول مستقبل ليبيا وما يمكن أن يحدث إن فاز بانتخابات الرئاسة وموقف اللاعبين الدوليين من الأمر.

عاد سيف الإسلام القذافي إلى المشهد السياسي الليبي محدثاً الكثير من الجدل باعتزامه خوض السباق الرئاسي (14 نوفمبر 2021).
عاد سيف الإسلام القذافي إلى المشهد السياسي الليبي محدثاً الكثير من الجدل باعتزامه خوض السباق الرئاسي.صورة من: Khaled Al-Zaidy/Handout/Reuters

رغم رحيله قبل سنوات، إلا أن اسم القذافي لايزال يحتل موقعاً هاماً على الساحة السياسية الليبية. واليوم عاد الاسم يتردد بقوة بعد ان أعلن ابنه "سيف الإسلام" ترشحه لرئاسة البلاد وخوضه الانتخابات المقررة في نهاية شهر كانون الاول/ ديسمبر المقبل.

مستلهما إرث والداه الراحل، ظهر سيف الإسلام في فيديو، مرتدياً العباءة الليبية التقليدية والعمامة باللون البني، وهو الزي نفسه الذي كان والده يشتهر بارتدائه على الدوام، وتحدث سيف الإسلام ربما بالطريقة نفسها التي اشتهر بها والداه، ما عده البعض وسيلة لإثارة حنين الليبيين إلى وقت كانت البلاد فيه مستقرة رغم كونها ترزح تحت حكم ديكتاتوري طويل الأمد.

لعب سيف الإسلام أدواراً مهمة في الشأن الليبي قبل الثورة على والده. وبعد قيام الثورة، كان سيف الإسلام ثاني شخصية تدافع عن النظام، وظهر على شاشات التلفزيون الليبي أكثر من مرة يدافع عن والده وينتقد الثوار ويهددهم ويصفهم "بالعملاء والخونة".

وضع قانوني ملتبس

كان المدعي العام العسكري في ليبيا محمد غرودة قد طالب مفوضية الانتخابات بوقف إجراءات ترشح سيف الإسلام القذافي و الجنرال خليفة حفتر "إلى حين امتثالهما للتحقيق فيما أسند إليهما من وقائع"، إذ يتهم كلاهما بارتكاب جرائم بحق الليبيين.

 

وسبق أن أصدر مكتب المدعي العام العسكري بطرابلس مذكرّة لضبط سيف الإسلام القذافي، بعد ظهوره في مقابلة مع صحيفة "نيويورك تايمز". وكان سيف الإسلام  المحكوم في ليبيا بالإعدام، والمطلوب من القضاء الدولي، قد تقدم بمستندات ترشحّه إلى مكتب الإدارة الانتخابية في سبها جنوبي البلاد، كما استلم بطاقته الانتخابية من المركز الانتخابي المسجل به، مستكملاً المصوغات القانونية بحسب ما أعلنت  المفوضية الوطنية العليا للانتخابات.

يذكر أنه في عام 2015 حكم القضاء الليبي على سيف الإسلام القذافي الإعدام رمياً بالرصاص، "لتورطه بارتكاب جرائم حرب" لقمع الانتفاضة التي أطاحت بنظام والده، لكن الحكم لم ينفذ. وفي 2017، أعلنت المجموعة المسلحة التي كان محتجزاً لديها إطلاق سراحه وفقا لقانون "العفو العام" المثير للجدل الذي أصدره البرلمان الليبي.

لكن إطلاق سراحه لم يخضع لإجراءات قضائية حددها قانون العفو العام، إذ لم تصدر وزارة العدل أو المحكمة العليا (أعلى سلطة قضائية) أي قرارات رسمية ترفع عن سيف الإسلام الأحكام الصادرة بحقه.

رغم تمتعه بالكثير من المناصرين، إلا أن آخرين يرون فيه امتداداً لحقبة والده الديكتاتورية وتوريثاً للمنصب الرفيع.صورة من: Ben Curtis/AP Photo/picture alliance

وأكدت المحكمة الجنائية الدولية أن مذكرة التوقيف بشأنه لا تزال سارية المفعول. وقال فادي عبد الله المتحدث باسم المحكمة لقناة "ليبيا الأحرار" التلفزيونية إن "وضعية سيف الإسلام القذافي في المحكمة لا تزال كما هي، هو مطلوب وفقاً للمذكرة التي صدرت عام 2011".

ويرى عبد الله الكبير الكاتب الصحفي الليبي والمحلل السياسي أن هناك عوائق قانونية تحول دون ترشح سيف الإسلام بعضها محلي والآخر دولي، مشيراً إلى أن الكثيرين اليوم ينتظرون موقف النائب العام الليبي من هذا الأمر "خصوصاً وأن سيف الإسلام ظهر في جهة حكومية وحوله رجال أمن ومأموري ضبط قضائي يفترض أن يمارسوا عملهم بإلقاء القبض عليه باعتبار أنه مطلوب للقضاء وصادر في حقه حكم غيابي بالإعدام يلزمه بالمثول أمام المحكمة لكي يسقط هذا الحكم ويترافع أمام محكمة استئناف طرابلس، بالإضافة إلى أنه مطلوب للجنائية الدولية ووضعه القانوني كمطلوب لهذه المحكمة لم يتغير بترشحه للانتخابات الرئاسية" بحسب ما قال خلال حوار هاتفي مع DW عربية.

يرى عبد الله الكبير أن هناك عوائق قانونية تحول دون ترشح سيف الإسلام بعضها محلي والآخر دوليصورة من: Privat

مشهد سياسي معقد

ويرى المحلل السياسي عماد جلول أن سيف الإسلام استغل الصراع والفوضى لتمرير مشروعه السياسي. وأوضح جلول لوكالة الانباء الفرنسية أن "سيف الإسلام يعرف جيداً أن أحكام القضاء في ليبيا لا تحظى بقوة على الأرض لتنفذ، ويعوّل على المناخ المنقسم بين الأطراف المختلفة، ليقدّم مشروعه السياسي الطموح ويظهر بأنه المنقذ لليبيين من الصراع المستمر على السلطة".

ولعل اختيار سيف الإسلام لمدينة سبها لتقديم ترشحه فيها يعود الى أنها معقل قبيلة القذاذفة، أي المكان الذي لا تزال عائلة القذافي تتمتع فيه بقاعدة شعبية وبنوع من الحماية.

لكن هذا الأمر لا ينطبق على مناطق أخرى في ليبيا. إذ رفض مجلس حكماء وأعيان مدينة مصراتة ترشحه هو والجنرال حفتر للانتخابات. وحمل المجلس، في بيان صحفي أوردته قناة "ليبيا الاحرار" عبر حسابها على "تويتر" مسؤولية ما سماه "انهيار المشروع الانتخابي لرئيس مجلس النواب (عقيلة صالح) وعدد من أعضائه الذين شرعوا لترشح المجرمين".

 

وشدد بيان المجلس على الرفض التام لترشح نجل القذافي سيف الإسلام متهماً إياه بأنه "استخدم القوة المفرطة ضد الشعب الليبي وأن الاحكام الصادرة ضده نتيجة ارتكابه لجرائم ضد الإنسانية بحق الليبيين".

ولسيف الإسلام الكثير من المنافسين بالفعل في الانتخابات، وبحسب عبد الله الكبير الكاتب الصحفي الليبي والمحلل السياسي فإن "هناك شخصيات ترى فيه منافساً قوياً يحظى بكتلة انتخابية كبيرة، ستكون متضايقة للغاية من ظهوره، كخليفة حفتر وعقيلة صالح وفتحي باشاغا وحتى عبد الحميد الدبيبة رئيس الحكومة الحالي - إن سمح له بالترشح - وعارف النايض، السفير الليبي السابق في الإمارات ورئيس تكتل أحياء ليبيا، لذلك أتصور أن كل المرشحين المحتملين للرئاسة الآن سيعيدون حساباتهم، ولا شك أن معسكراتهم في ارتباك".

وأضاف أنه من المؤكد أن هناك انشقاقات في صفوف المؤيدين لخليفة حفتر، على اعتبار أن معركته السياسية أو العسكرية التي خاضها خلال السنوات الماضية والتي كان جزء كبير من حاشيته واتباعه ومقاتليه من أنصار القذافي، واليوم يتوقع أن ينشق هؤلاء عن حفتر ويذهبون وراء سيف الإسلام، الابن الأكبر للقذافي والوريث الشرعي للنظام السابق، ما قد ينتج عنه تراجع كبير في معسكر خليفة حفتر".

فيما أكد محمد عمر دوردة أحد مؤسسي مكتب ليبيا للاستشارات الربحية في اتصال هاتفي مع DW عربية أنه "في الوقت الحالي، تم تسجيل سيف الإسلام فقط كمرشح وأن هناك سيناريو لايزال قائماً وهو عدم قبول ترشيحه. ومع ذلك ، فإن عودته إلى المشهد ضمنت له مساحته في المشهد السياسي، سواء تمت الموافقة على ترشيحه أم لا. ويعتمد بقاء الرجل كشخصية سياسية مركزية في المشهد الليبي من عدمه على طبيعة الأوراق التي يملكها بين يديه والدور الذي يريد أن يلعبه والتحالفات التي يعتزم إنشاؤها والمستشارون الذين سيختارهم.. كل هذه أمور ستحدد مستقبله في ليبيا".

بدوره، يعتبر الباحث الدولي المختص بالشؤون الليبية جلال الحرشاوي أن تقدم سيف الإسلام ترشيحه للانتخابات الرئاسية، سوف يزيد من "هشاشة" العملية الانتخابية برمتها. وقال الحرشاوي لوكالة الانباء الفرنسية إن ترشح " سيف الإسلام الآن لا يمكن إلا أن يزيد من هشاشة المشروع الانتخابي، والارتباك في الوضع القائم".

من جانبه يرى المحلل السياسي عماد جلول أن " أنصار القذافي يظل لهم ثقل في الانتخابات، وهم يمثلون شريحة شعبية واسعة، وربما تصل أصواتهم بسيف الإسلام إلى مقاليد السلطة بشكل درامي".

وفيما أعرب مواطنون ليبيون عن قلقهم من ترشح سيف الإسلام للانتخابات واعتبروه نذير شؤم على مستقبل ليبيا وإشارة لتعقد المشكلة الليبية أكثر بدلا من حلها، قال آخرون إن ترشحه يمكن أن يكون له قبول عند بعض الناس لكن لا احد يعلم فعلياً ما هي خطط الرجل ولا طبيعة رؤيته للازمة الليبية حتى الآن.

حرب خفية بين داعمي المرشحين

دولياً، تتحدث تقارير عن مساندة بعض الدول الإقليمية والأوروبية لأسماء بعينها في الانتخابات الرئاسية الليبية المرتقبة.

ويؤكد عبد الله الكبير الكاتب الصحفي الليبي والمحلل السياسي أن "كل الشخصيات البارزة على الساحة الليبية لديها داعمين إقليميين ودوليين، فمثلاً حفتر هو ورقة روسية مصرية وإماراتية، أيضاً سيف الإسلام هو ورقة روسية تسبق أهمية خليفة حفتر والذي يبقى ورقة احتياطية لسيف الإسلام"، مضيفاً أن "ظهور سيف الإسلام في هذا التوقيت هو بمثابة رد روسي على الخطة الأمريكية بإجراء الانتخابات الرئاسية وتشكيل حكومة شرعية تتصدى للوجود الروسي في ليبيا وتحد من نفوذه وهذا أمر تريده كل الدول الأوروبية".

تلاحق الاتهامات بارتكاب جرائم قتل وانتهاكات كلا من خليفة حفتر وسيف الإسلام القذافي

ويضيف المحلل السياسي الليبي أن "الشخصيات الأخرى لها ارتباطاتها إما مع الولايات المتحدة أو مع فرنسا أو بريطانيا أو إيطاليا، "لذلك أصر على أن هذه المعركة الانتخابية إن جرت فهي ستكون معركة دولية وإقليمية بامتياز، غير أن الفيصل هنا هو صندوق الانتخاب بينما في المعركة السابقة - وهي أيضاً كانت دولية وإقليمية بامتياز شن فيها حفتر هجومه الفاشل على طرابلس - وقفت وراءها عدة دول كمصر والإمارات والأردن والسعودية وروسيا وفرنسا، وفي المقابل حظيت حكومة الوفاق بدعم تركي واضح وسط تعاطف محدود من إيطاليا وبريطانيا لم يصل إلى مستوى خوض المعركة ومواجهة الدول الأخرى التي كانت تساند حفتر".

وقال المحلل السياسي الليبي إنه رغم كون موضوع الانتخابات الرئاسية الليبية ومرشحيها موضوع ليبي داخلي ولا ينبغي لدول أخرى أن تتدخل فيه "لكن واضح جداً أن هذه المعركة الانتخابية هي معركة إقليمية ودولية بشكل مؤكد".

ولا يتوقع عبد الله الكبير ان تجرى الانتخابات في موعدها وان جرت فلن تجرى انتخابات رئاسية وسيكتفى بالبرلمانية "وربما تتفق القوى الدولية على تأجيل موعدها على اعتبار أنه ليس هناك شخصية واحدة عليها توافق أو إجماع خاصة وسط الجدل الدائر بشأن القوانين الانتخابية".

وفيما يقترب موعد الانتخابات الليبية، لا تزال الكثير من المشاكل عالقة، ما يضع عراقيل صعبة أمام إجراء هذا الاستحقاق خاصة مع وجود مراكز قوى متعددة المشارب تملك على الأرض كتائب عسكرية وتشكيلات مسلحة، وقد يلجأ البعض للقوة للتعبير عن موقفه الرافض للانتخابات أو لنتائجها.

عماد حسن/كاثرين شاير

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد
تخطي إلى الجزء التالي موضوع DW الرئيسي

موضوع DW الرئيسي

تخطي إلى الجزء التالي المزيد من الموضوعات من DW