"سيلا أتلانتيك".. مشروع كهرباء "خضراء" من المغرب إلى ألمانيا
٢٥ سبتمبر ٢٠٢٥
يسعى مشروع "سيلا أتلانتيك" إلى نقل الكهرباء من مصادر متجددة من المغرب إلى ألمانيا عبر كابل بحري بأسعار معقولة. وقد وصل تخطيط المشروع إلى مراحل متقدمة، مما جعل الصحف الألمانية تسلط الضوء على تفاصيله.
في تقرير مطول لصحيفة هاندلسبلات، ذُكِر أن مشروع "سيلا أتلانتيك" لا يزال مجرد فكرة جريئة، ولكنه يختلف عن المشروع السابق "ديزرتك" كثيرا، إذ يتخذ نهجا مختلفا. وما يجعل المشروع جذاباً، هو فكرة استمرارية توليد الطاقة، إذ يمكن دمج طاقة الرياح والطاقة الشمسية مع تخزين البطاريات في المغرب لتوفير 7000 ساعة من التوليد المُستمر سنوياً.
ما أهمية المشروع؟
ويُشكّل توليد الطاقة غير المنتظم والمتقلب في ألمانيا تحدياً، مما يجعلها في حاجة إلى نظام احتياطي من محطات الطاقة ومرافق التخزين، ويتوجب توسيع الشبكات بشكل كبير.
قبل عقدين كان مشروع "ديزرتك" علامة فارقة في مجال الطاقة، لكنه لم يكن بنفس أهمية مشروع "سيلا أتلانتيك" اليوم؛ فقبل أكثر من 20 عاماً، لم يكن هناك نقص في إمدادات الطاقة في ألمانيا. لكن تغير الأمر بعد التخلي عن الطاقة النووية، والتخلص التدريجي من توليد الطاقة بالفحم، وقبل ثلاث سنوات مع الغزو الروسي لأوكرانيا.
لسنوات، حاول السياسيون إيجاد حوافز لبناء محطات طاقة جديدة تعمل بالغاز لسد الثغرات، لكن لم يُكتب النجاح لهذه المشاريع حتى الآن.
ومن بين الفروقات المهمة بين المشروع السابق والحالي أن مشروع "ديزيرتك" كان يعتمد بشكل أساسي على محطات الطاقة الشمسية الحرارية. في هذه المحطات، يتم تركيز الإشعاع الشمسي باستخدام المرايا لتوليد البخار، الذي يُشغّل توربيناً ويُولّد الكهرباء، كان مشروعاً جريئاً، ولكنه مكلف للغاية.
من ناحية أخرى، يسعى مشروع "سيلا أتلانتيك" إلى تركيب أنظمة الطاقة الكهروضوئية، وقد شهدت تكلفة أنظمة الطاقة الكهروضوئية انخفاضاً في التكلفة. وينطبق الأمر نفسه على طاقة الرياح.
وفي تقرير خاص حول الموضوع، اعتبرت صحيفة فوكس الألمانية، أن تفاصيل المشروع تجعل البعض تساورهم شكوك حوله، وقد جاء في التقرير أن "كابل عالي التيار بطول 4800 كيلومتر تقريباً، مُصمم لنقل طاقة الرياح والطاقة الشمسية من المغرب إلى ألمانيا، على طول الساحل الأطلسي البرتغالي، ثم السواحل الإسبانية والفرنسية والبلجيكية والهولندية، سيُمكّن من نقل 26 تيراواط/ساعة من الكهرباء إلى ألمانيا سنويا. وهذا يُعادل حوالي 5% من استهلاك ألمانيا الحالي من الكهرباء".
هل يلقى "سيلا أتلانتيك" مصير سلفه: الفشل؟
ويتساءل التقرير: هل سيفشل هذا المشروع الضخم كما فشل سلفه ديزيرتيك، الذي أُطلق في بداية الألفية؟ ويجيب كاتبه بأن الخطة الجديدة والتطورات التكنولوجية تُحسّن الآفاق.
التقرير ذاته للصحيفة الألمانية، يبرز أنه إذا نجح هذا المشروع الضخم، فسيُقدّم للمستهلكين الألمان عدة مزايا: أولها توفير كهرباء أرخص؛ إذ ستزيد الكهرباء المولدة في المغرب من العرض، مما سيؤدي إلى خفض أسعار الكيلوواط/ساعة، وسيوفر المستهلكون والقطاع الصناعي الكثير من المال.
ثانياً، سيوفر المشروع المزيد من الكهرباء الخضراء؛ إذ سينخفض الاعتماد على الغاز والفحم، مما سيقلل من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، وهو أمر مفيد للمناخ وللمستهلكين.
ثالثاً، سيسهم المشروع في إنتاج الكهرباء بتكاليف أقل، ففي المغرب، الجدوى الاقتصادية للطاقة الشمسية وطاقة الرياح في توليد الكهرباء أكبر من مثيلتها في ألمانيا، كما أن الفروقات بين الصيف والشتاء أقل.
رابعاً، توفير كهرباء لجنوب البلاد، فألمانيا تُنتج حاليا كمية كبيرة من الكهرباء عبر توربينات الرياح في الشمال، لكنها لا تستطيع إيصالها إلى جنوب البلاد بسبب نقص توسعة الشبكة. من المخطط أن يمتد أحد الكابلين من مشروع "سيلا أتلانتيك" مباشرة إلى جنوب ألمانيا. وسيوفر هذا الأمر الكهرباء الخضراء لمنطقة لا يُمكن الحصول فيها عليها، إلا من خلال توسعة الشبكة المكلفة للغاية، وهو ما يوفر التكاليف.
يبرز تقرير صحيفة فوكس أن الفرص الهائلة التي من المأمول أن يحققها "سيلا أتلانتيك" تُقابلها مخاطر كبيرة. فقد يكلف المشروع مليارات الدولارات ويفشل بعد اكتماله، بسبب تحول في سياسية إحدى الدول المشاركة.
من المتوقع أن تبلغ تكلفة مشروع "سيلا أتلانتيك" ما بين 30 و40 مليار يورو. ووفق صحيفة هاندلسبلات، يحتاج المشروع إلى دعم حكومي ليرى النور.
تحرير: خالد سلامة