سيمينيو ومبابي وفينيسيوس..صرخة اللاعبين السود ضد العنصرية
١٣ سبتمبر ٢٠٢٥
تعرض الغاني أنطوان سيمينيو، مهاجم بورنموث، لإساءة عنصرية من أحد المشجعين بعد مرور 30 دقيقة فقط من انطلاق بطولة الدوري الإنجليزي لكرة القدم (البريميرليغ). وفي نفس الأسبوع، قال أنتوي أديجي، لاعب شالكه، إنه تعرض لإساءة أثناء تنفيذه رمية تماس خلال مباراة في كأس ألمانيا.
وفي إيطاليا، أدان نادي يوفنتوس الإساءة العنصرية التي تعرض لها الأمريكي ويستون ماكيني، لاعب الفريق، أثناء عملية الإحماء ضمن منافسات الدوري. واعتقلت الشرطة الإسبانية مشجعا قام بتقليد أصوات القرود وأداء إشارات عنصرية تجاه الفرنسي كيليان مبابي، نجم ريال مدريد، خلال مباراة أُقيمت يوم 24 أغسطس/آب الماضي.
وقد أدى تصاعد النبرة العنصرية تجاه اللاعبين السود في مختلف البطولات الأوروبية إلى إثارة غضب النشطاء المناهضين للتمييز، كما سلط الضوء على استمرار العنصرية في كرة القدم، رغم الجهود التي يبذلها الاتحاد الدولي (الفيفا)، والاتحاد الأوروبي (يويفا)، والاتحادات الأخرى لمكافحة هذه الظاهرة.
ونتيجة للشعور بالإحباط من عدم إحراز تقدم ملموس في هذا الملف، طالب بعض اللاعبين السود بتشديد العقوبات على المسيئين، سواء من الجهات القضائية أو المؤسسات الكروية.
وقال سيمينيو في تصريحات لقناة "آي تي في: "في هذا العصر، لا يزال اللاعبون يتعرضون للإساءة العنصرية، وهذا أمر غير منطقي. نتساءل فقط: لماذا يستمر هذا في الحدوث؟"
تزايد حوادث العنصرية
تم القبض على المشتبه به في الإساءة لسيمينيو خلال مباراة افتتاح الدوري الإنجليزي أمام ليفربول، وأُطلق سراحه بكفالة، مع إلزامه بعدم الاقتراب لمسافة ميل واحد (1.6 كيلومتر) من أي ملعب في بريطانيا حتى انتهاء التحقيقات.
وسيكون على الاتحادات المعنية، مثل الفيفا و يويفا، العمل على تحقيق التوازن بين كونها مؤسسات تنظيمية للمسابقات وهيئات رقابية وتشريعية. وقال غاري نيفيل، مدافع مانشستر يونايتد ومنتخب إنجلترا السابق، إنه يأمل في فرض عقوبات صارمة على المخالفين.
ويشارك نيفيل في ملكية فريق سالفورد سيتي، أحد فرق الدرجة الخامسة في إنجلترا، والذي غادر لاعبوه الملعب خلال مباراة ودية بمدينة يورك في يوليو/ تموز الماضي، بسبب إساءة عنصرية من أحد مشجعي الفريق المضيف.
وقالت بيارا باور، المديرة التنفيذية لمجموعة "فير" المناهضة للتمييز في كرة القدم الأوروبية، إن حوادث العنصرية في الوقت الراهن "تزيد عن ضعف ما شهدناه في الموسم الماضي".
العنصرية في الملاعب الأوروبية: لماذا؟
لا تُعد حوادث العنصرية في الملاعب الأوروبية وليدة اللحظة، بل تعود إلى سنوات طويلة مضت. ويرى خبراء أن القاعدة الجماهيرية المتحمسة جعلت من الملاعب مسرحا مثاليا لظهور مشكلات اجتماعية مثل العنصرية.
وقد شهدت ملاعب كرة القدم الإنجليزية حوادث عنصرية مؤلمة بشكل خاص في السبعينيات والثمانينيات، حيث كان اللاعبون السود يتعرضون بانتظام لهتافات تحاكي أصوات القرود وإهانات عنصرية فجة.
ومع ثورة منصات التواصل الاجتماعي، أصبحت الإساءات العنصرية أكثر شيوعا، لكنها لا تزال تحدث أيضا داخل الملاعب.
ومن أبرز الأمثلة على ذلك ما حدث في إسبانيا عام 2023، حين نعت أحد المشجعين لاعب ريال مدريد فينيسيوس جونيور بـ"قرد". وقبل ذلك بأشهر، قام أربعة أشخاص بشنق دمية تمثل اللاعب البرازيلي على جسر سريع، ما أدى إلى صدور أحكام بالسجن بحقهم هذا العام.
ورغم الإجراءات المتخذة، مثل فرض عقوبات أطول على اللاعبين، وغرامات أكبر على الأندية، وإغلاق جزئي للملاعب، وخصم النقاط، إلا أن الهيئات الحاكمة لكرة القدم لا تزال تكافح للقضاء على هذه الظاهرة.
مبادرة جورج ويا ودروغبا
ومؤخرا، فرض الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا) غرامات على اتحادات ألبانيا وصربيا والبوسنة والهرسك بسبب مخالفات تضمنت العنصرية خلال مباريات تصفيات كأس العالم التي استضافتها هذه الدول.
كما عوقبت كل من الأرجنتين وكولومبيا وتشيلي بسبب ما وصفه الفيفا بـ"التمييز والإساءة العنصرية". وكان الفيفا قد أنشأت فريقا لمكافحة العنصرية عام 2013، لكنه أثار الجدل حين قام بحله بعد ثلاث سنوات، مدعيا أنه "أتم مهمته المؤقتة بالكامل".
وفي الأسبوع الماضي، أعلن الفيفا عن مبادرة جديدة تضم مجموعة من 16 لاعبا سابقا، من بينهم نجوم كبار مثل جورج ويا وديدييه دروغبا، لتقديم المشورة بشأن مبادرات مكافحة العنصرية. وأطلق رئيس فيفا، جياني إنفانتينو، على هذه المجموعة اسم "صوت اللاعبين". وقال: "سيواصل (أعضاء اللجنة) الدفع نحو تغيير ثقافة كرة القدم، لضمان أن الإجراءات ضد العنصرية لا تبقى مجرد حديث، بل تُنفذ فعليًا داخل وخارج الملعب."
ومن بين أعضاء اللجنة، قال المدافع السابق لمانشستر يونايتد، ميكائيل سيلفستر، إنه تلقى إهانات عنصرية على إنستغرام في اليوم التالي للإعلان عن المبادرة. وأضاف: "لقد كان الأمر مفاجئًا، لكنه زاد من عزيمتي."
تحرير: عارف جابو