1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

شابة عربية محجبة تثير فضول زوار متحف يهودي في برلين

شكري الشابي ٢٨ مارس ٢٠١٦

هي فتاة عربية تبدو للوهلة الأولى وهي محجبة عندما تصادفها في مدخل متحف الطفلة اليهودية آنه فرانك في برلين، بأنها زائرة، لكن مبادرتها بالتحدث إلى الزوار تجعلهم يدركون أنهم أمام دليل من نوع استثنائي، اسمها نسرين.

Anne Frank- Ausstellung Nesrin Hajjaj
صورة من: DW/C. Chebbi

يلفت نظر زائر المتحف البرليني الذي يحمل اسم "آنه فرانك"، الطفلة اليهودية التي نجت من عمليات إبادة اليهود في ظل النظام النازي إبان الحرب العالمية، في مدخل المتحف فتاة محجبة تستقبل الزوار بابتسامة واثقة. نسرين حجاج الشابة والطالبة العربية البالغة من العمر ثلاثة وعشرين ربيعا من أصول فلسطينية، فر والدها من الحرب الأهلية اللبنانية قبل ما يزيد عن خمسة وعشرين عاما ليحطوا رحالهم كلاجئين في برلين.

إلتحقت نسرين بمعرض آنه فرنك عبر صديق لها كان يعمل في المتحف فرحبت الطالبة العربية فورا بالعرض لتقدم مباشرة طلبها للأدارة التي وافقت على رغبتها نظرا "لانفتاحها على العالم ولرؤيتها الايجابية للإنسانية والثقافات العالمية" كما تقول نسرين، موضحة: "لم يكن للباسي الديني وانتمائي للحضارة الإسلامية أي دور في حديثي مع الساهرين على المعرض(المتحف) كما أن الجانب العقائدي كان جانبيا. طاقم المتحف رحب بي كمسلمة، قدموا لي غرفة للصلاة لأقوم بواجبي الديني كل ما حان وقت الصلاة". ثم تضيف: "يبدي لي طاقم العمل وكل الساهرين على المعرض من مختلف مواقعهم إحتراما وهذا ما يجعلني أقوم بمهمتي كدليل في المعرض على أحسن وجه".

متحف آنه فرانك يقع في قلب برلين ويرتاده زوار كثيرونصورة من: DW/C. Chebbi

"نحن الفلسطينيين لسنا في عداء مع اليهود"

يتوافد الزوار إلى أروقة المعرض من كل صوب وحدب, يجد المرء سياحا قدموا من مختلف دول العالم ,فضلا عن الألمان وسيما منهم البرلنيين، وهم ينتمون إلى مختلف الشرائح الإجتماعية والفئات العمرية. ويتألف المعرض من عدد من الأجنحة وتكسو جدرانه صور تعود للعهد النازي، وصور للطفلة "آنه" ولعائلتها في ألمانيا والمهجر الهولندي ناهيك عن نسخ مصورة لمقتبسات بخط يدها من مذكراتها التي تركتها. وبعد موتها في معسكر نازي، قام والدها إثر تأسيس جمهورية ألمانيا الإتحادية، بعرض "دفاتر آنه فرانك"(مذكرات طفلة صغيرة) وهي عبارة ما دونته إبنته عن يومياتها اثناء ملاحقة عائلتها وما عاشته كطفلة في العهد النازي. وألهمت قصة آنه فرانك المبدعين ومنها ألفت روايات وانتجت أفلاما.

تقوم نسرين بعملها بكل أريحية وحماس وتبدو في بعض الأحيان أنها تصل إلى حد تقمص شخصية الطفلة آنه فرانك بالرغم من مأساوية الحياة التي عرفتها الطفلة (آنه)، وتضيف الشابة الفلسطينية بالقوال: بأنها في كثير من الأحيان تشعر بالحزن نظرا لما عاشته الطفلة اليهودية من عنصرية وإحتقار وتهميش ممنهج من قبل النظام النازي آنذاك.

العمل الذي تؤديه نسرين يهدف إلى توعية المرء سياسيا ورسالتها من خلال حديثها للزوار كما تقول :"يجب على المرء أن يكون منفتحا على الآخر وعليه أن لا يرفض الآخر لا لشيء إلا لأنه مختلف عنه إما جنسيا أو ثقافيا أو عقائديا...".

قصة آنه فرانك الطفلة اليهودية ألهمت المبدعين ومنها ألفت روايات وانتجت أفلامصورة من: Internationales Auschwitz Komitee

ومن خلال ظهورها وهي مرتدية لباسها الإسلامي تريد الشابة العربية أن تبرز، كما تقول لزوارالمعرض الذين يجهلون أو لا يعرفون إلا القليل عن خلفيتي الدينية أولئك الذين ينسبون أعمال "داعش" للإسلام، "بأنني ضد العنصرية والكراهية والحروب، كما أنني هنا من أجل محاربة الأفكار العدائية للإسلام من خلال ما تقدمه من معلومات تاريخية ملموسة في التاريخ الألماني وما انجر عنه من تداعيات وخيمة على الشعب الألماني عقب الحرب العالمية الثانية".

وتضيف الطالبة الفلسطينية قائلة :"بصفتي كفلسطينية فخورة بعملي هذا في المعرض اليهودي وأريد من خلال عملي هذا بأننا كمسلميين وفلسطينيين لسنا ضد اليهود وليس لنا أية مشكلة معهم، فهم بشر مثلنا كما أنهم من نسل إبراهيم". وحسب نسرين فإن العمل في المعرض الذي له علاقة باليهود وتاريخهم الأليم في عهد هتلر، هو عمل "ينسجم مع الاسلام". وترى أن "التعامل مع مختلف الديانات بنزاهة أمر هام، وهو من تعاليم الديانة الإسلامية".

القصة التي أزعجت نسرين

وتقول الشابة المسلمة إن تجاربها في المعرض إيجابية عموما فهي بشكل عام لم تواجه "إزعاجا أوملاحظة عنصرية من الزوار" الذين ينتمون إلى مختلف الأعمار والثقافات. الكثير منهم لا يخفي إعجابه حينما تشرع في الحديث معهم باللغة الألمانية بطلاقة، وهذا مايزيد "في إحترامهم لي"، كما ان درايتها بالتاريخ الألماني في العهد النازي وتمكنها من قصة وتاريخ "آنه فرنك"يجعلها تحظى باحترام الزوار.

نسرين أثناء تقديم عرض للزوار حول قصة آنه فرانكصورة من: DW/C. Chebbi

انزعجت نسرين مرة حينما كانت تقود مجموعة من المسنيين الألمان في فضاء المعرض وكانت تعرض عليهم معلومات وصورا حول عنصرية النظام النازي آنذاك، والأساليب غير الإنسانية التي استعملت ضد كل المنبوذين من بينهم اليهود والغجر والمثليين والمعارضة بمختلف أشكالها. وبينما هي مستغرقة في كلامها إستمعت لملاحظة مسن عاش الحرب العالمية الثانية، وهو يقول هذا يذكرني بـ"داعش" اليوم. حزت العبارة الأخيرة في نفس نسرين وشعرت أنهاجرحت في كرامتها وديانتها وهي التي تريد، مكافحة الأفكار المسبقة وقبول الغير رغم إختلافه العرقي أو الديني، كما تقول.

وتقول المعلمة الزائرة للمعرض السيدة كريستين فوكل أنها ترى في نسرين شابة شجاعة، فهي من خلال ظهورها على هذا الشكل تريد أن تقول بأنها مسلمة وإنسانة، "لا أرى في لباسها الإسلامي عيبا فهو حق من حقوقها وعليها ان تتصرف كما تراه لائقا بها. علينا أن نتعلم من تاريخنا ومن مذكرات "آنه فرانك" التي فقدت حياتها سوى كونها يهودية". أما الطالب كفين شولتز من مدينة بوتسدام والبالغ من العمر خمس عشرة عاما، فيقول بخصوص حجاب نسرين: "حجابها لا يزعجني بتاتا، إنها شابة مسلمة ودينها يفرض عليها إرتداء مثل هذه الملابس علي أن أحترمها. إنها تتقن اللغة الألمانية، وهي ألمانية مثلنا. لقد كانت لطيفة جدا عند عرضها لتاريخ " آنه فرانك".

ويشيد الزوار في كل مرة بعد إنتهاء العرض الذي تقدمه نسرين ويدوم حوالي الساعة، مشجعيين إياها للإستمرار في أداء رسالتها في توعية الزوار بتاريخ ألمانيا، وهم يرون بأن لباسها يعكس شخصيتها المتفتحة.

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد
تخطي إلى الجزء التالي موضوع DW الرئيسي

موضوع DW الرئيسي

تخطي إلى الجزء التالي المزيد من الموضوعات من DW