شالكه المنافس الحقيقي الوحيد لبايرن ميونخ على لقب البوندسليغا
١٠ مارس ٢٠١٠لدى مدرب بايرن ميونخ الهولندي لويس فان خال رؤى وآراء غريبة في بعض الأحيان. فبعد تعادل فريقه مع نورنبيرغ مؤخراً بهدف لمثله، تحدث فان خال عن واحدة من أفضل المباريات التي خاضها فريقه. وعندما سحق البافريون بطل الدوري فريق فولفسبورغ في عقر داره بثلاثة أهداف لهدف، قال فان خال "لا أعتقد أننا قدمنا أداء قوياً". وعندما سُئل المدرب الهولندي عن أقوى منافسي فريقه البافاري على لقب الدوري، قال "فريق شالكه هو المنافس الأكبر لبايرن على اللقب لأنه يملك القدرات اللازمة للبقاء ضمن فرق الصدارة". وفان خال قال ذلك بالمناسبة قبل هزيمة باير ليفركوزن أمام نورنبيرغ ( 2 : 3) وفوز شالكه الكبير على أينتراخت فرانكفورت (4 : 1). وبرؤيته الثاقبة هذه أقنع فان خال الكثيرين ممن كانوا يشكّون في آرائه، وأثبت أن لديه بُعد نظر.
وهكذا فإن تقييم فان خال للمنافسة على لقب البوندسليغا سيكون في النهاية صحيحاً لأسباب عدة:
أولا: أنّ فريق شالكه يلعب بانسجام وتماسُك فريديْن من نوعهما في دوري البوندسليغا. فشباك الفريق الأزرق لم تُهزّ خلال الموسم الحالي إلا 19 مرة، ما يعني أن شالكه يملك أقوى خط دفاع في الدوري الألماني، إذ استطاع الفريق الأزرق، بفضل دفاعه القوي، إنهاء 12 مباراة ضمن منافسات البوندسليغا دون أن تُهزّ شباكه. والفضل في ذلك يعود بالدرجة الأولى إلى قائد خط الدفاع البرازيلي مارسيلو بوردون ونائبيْه هايكو فيسترمان وبنديكت هوفيدس.
ثانيا: أنّ شالكه يلعب بانضباط تكتيكي كبير بفضل الأساليب التدريبية لفليكس ماغات. هذه الأساليب تمنح لاعبي الفريق الأزرق لياقة بدنية عالية تجعلهم قادرين على تقديم أفضل ما لديهم لأكثر من 90 دقيقة أيضاً.
ثالثا: تنوّع أداء لاعبي شالكه، فأحياناً يقوم المدافع الأيمن بالدفاع عن الجهة اليسرى والعكس صحيح. كما يقوم لاعب خط الوسط بأدوار دفاعية مقنعة. وأحياناً يلعب الفريق الأزرق بقيادة صانع ألعاب وأحياناً دون صانعٍ للألعاب. هذا يعني أن فريق شالكه يستطيع التأقلم مع كل فريق يواجهه، فهو ينتظر أولاً إيقاع المباراة وأسلوب الخصم في اللعب قبل أن يُحدد المدرب الخطة التكتيكية اللازمة للفريق. خلافاً لشالكه يلعب فريق ليفركوزن دوماً بنفس الأسلوب ونفس الخطة تقريبا.
رابعا: استغلال الفرص المتاحة بفعالية. ففريق شالكه يستغل الفرص القليلة التي تُتاح له بفعالية كبيرة. بشكل عام، يبدأ شالكه المباراة بحذر ويحاول جسّ نبض الخصم في البداية. بعدها يضع الخطة اللازمة لمواجهة هذا الخصم. وغالباً ما كان يُسجّل الفريق الأزرق هدفاً في الشوط الأول، ثم ينتظر فُرصته في الشوط الثاني ويُسجّل هدفاً ثانيا لتنتهي المباراة بفوزه بثنائية نظيفة. وهذه النتيجة حققها شالكه 6 مرات حتى الآن خلال الموسم الحالي. وفي حال لم تكُن تتوفر فُرص جيدة للتسجيل في الشوط الثاني، كانت المباراة ستنتهي بفوز شالكه بهدف يتيم، ما يعني أيضاً كسب نقاط المباراة الثلاث.
فهنا يتفوق شالكه دون أدنى شك على باير ليفركوزن، على الرغم من أن أداء الأخير أكثر إثارة من شالكه. فقد استطاع لاعبو ليفركوزن خلال الموسم الحالي حسم ثلاث مباريات لصالحهم بنتيجة 4 : 0 ومباراة واحدة بنتيجة 5 : 0.
خامسا: فان خال سيكون محقاً في تقييمه للمنافسة على البوندسليغا لأنه يرى حالياً في مدرب فريق شالكه المخضرم فليكس ماغات مدرباً دؤوباً قادراً على صُنع الأبطال. هذا مع أن مدرب فريق ليفركوزن يوب هاينكس يتمتع أيضاً بخبرات واسعة اكتسبها خلال مسيرته الطويلة الحافلة بالألقاب والإنجازات الكروية.
فليكس ماغات - صانع الأبطال
ماغات، الملقب أيضاً برجل الإطفاء، كان يُستدعى في الغالب لإنقاذ الفرق من الهبوط إلى دوري الدرجة الثانية. فالفريق الذي كان مهدداً بالهبوط، كان يُسرّح مدربه ويتعاقد مع ماغات لإنقاذه من شبح الهبوط. وهذا ما حققه ماغات مع كل من نورنبيرغ وفيردر بريمن وشتوتغارت. لكن المدرب المخضرم المعروف بصرامته في التدريب أراد أن يكون أكثر من كونه منقذاً، أراد أن يكون صانعاً للأبطال. وهذا ما حققه بجدارة مع فريق بايرن ميونخ.
ربما يرى البعض أن قيادة بايرن ميونخ إلى الفوز بدرع الدوري وألقاب كروية أخرى لا يُعدّ إنجازاً خارقاً لأن الفريق البافاري فريقٌ قوي وعريق، ومن الطبيعي أن يُحقق ألقاب كروية. لكن قيادة فريق متوسط الأداء والمستوى، مثل فريق فولفسبورغ، إلى تحقيق لقبه الأول في تاريخ البوندسليغا يُعدّ بكل تأكيد إنجازاً كبيراً وفريداً من نوعه. فمن كان يعتقد قبل انطلاق الموسم الماضي أن فريق فولفسبورغ المغمور سيُتوّج في نهاية الموسم بطلاً للدوري الألماني؟ بالتأكيد قلة قليلة من الناس. لكن ماغات الذي شغل في فولفسبورغ منصب المدرب ومدير أعمال الفريق والمدير الرياضي في آن واحد أثبت أنه بالفعل صانعٌ للأبطال.
بيكنباور يتوقع فوز ماغات باللقب
وبانتقاله قبل انطلاق الموسم الحالي إلى شالكه، ازدادت حظوظ الفريق الأزرق كثيراً في الصعود إلى منصة التتويج كبطل للبوندسليغا لأول مرة منذ أكثر من 50 سنة. حتى أن الكثيرين يرون أن الفُرصة الوحيدة لشالكه للفوز بلقب البوندسليغا في الوقت الراهن تتمثّل في فليكس ماغات.
وعقب فوز شالكه المستحق على أينتراخت فرانكفورت بأربعة أهداف لهدف في منافسات الأسبوع 25 للبوندسليغا، حصد الفريق الأزرق بقيادة ماغات مديحاً من أبرز شخصيات كرة القدم، وعلى رأسهم مدرب المنتخب الألماني لكرة القدم يواخيم لوف وأسطورة كرة القدم الألمانية القيصر فرانتس بيكنباور. هذا الأخير لا يستبعد قط أن يقود فليكس ماغات فريقه الجديد شالكه إلى الظفر بدرع البوندسليغا للموسم الحالي.
الكاتب: علاء الدين موسى البوريني
مراجعة: طارق أنكاي