شباب الثورة في اليمن: الثورات لا تنجح بالمبادرات
٢ ديسمبر ٢٠١١عبر شباب الثورة اليمنية عن رفضهم المطلق للمبادرة الخليجية منذ تقديمها، لأنها تضمنت تقديم ضمانات وحصانة للرئيس صالح وأعوانه ضد المساءلة والمحاكمة، فهم، كما يقول عنهم شباب الثورة، ضالعون في جرائم حرب ضد الإنسانية، وقيادة عملية الفساد في البلاد، ونهب المال العام، وانتهاك حقوق وحريات الإنسان على مدى ثلاثة عقود من حكم الرئيس صالح وعائلته.
المحلل السياسي اليمني د.محمود البكاري يميز بين نوعين من ردود فعل شباب الثورة على توقيع المبادرة الخليجية؛ الأول "يعبر عن التكوينات الحزبية وهو متفاعل إيجابيا مع توقيع المبادرة استجابة لمواقف أحزابهم، والثاني يعكس التكوينات الشبابية المستقلة وهو معترض على توقيع المبادرة".
"الثورات لا تعرف أنصاف الحلول"
ويستغرب الكثير من شباب الثورة في اليمن عندما يُسألون عن موقفهم من توقيع المبادرة الخليجية، ويرد بعضهم بحزم أن الثورات لا تعرف الوساطة ولا تنجح بأنصاف الحلول. عبدا لله هزاع، رئيس ائتلاف طلائع شباب التغيير، يسميها "بالمؤامرة الخليجية" ويقول في حديث مع دويتشه فيله "لا وجود للمبادرة في خارطة الثورة" ويضيف "الثورات لا تقبل الحوارات أو المبادرات التي تقدم أنصاف الحلول".
ويقول الشاب محفوظ القاسمي لـ دويتشه فيله إن التوقيع على المبادرة قد "أعاد الحياة لنظام صالح". ولا يرى يحيى الأسطى في التوقيع على المبادرة سوى "استراحة محارب لإعداد العدة للقضاء على الثورة". ويتساءل الأسطى في حديث مع دويتشه فيله "كيف يمكن تنفيذ المبادرة ووحدات الجيش والأمن في يد الأولاد ولا يتم شيء إلا بإذنه؟".
أما صفوان الصفواني فيرى في هذه المبادرة "التفاف على الثورة". ويشاطره الرأي القيادي في شباب التحديث عبد الكريم المنزلي، فهو يرى أن "المبادرة تمت بين القوى السياسية الفاعلة قبل الثورة" ويأخذ عليها "منح الحصانة لمن قتل المتظاهرين، وتأخير هيكلة الجيش، وإهمال المطالبة برد المال العام". لكن رشاد الصبري، رئيس حركة التغيير والتصحيح والأمين العام للمجلس المدني الديمقراطي (مدد)، فيرى أن التوقيع على المبادرة قد "أخرج صالح من الحكم، لكن المبادرة لم تحقق أهداف الثورة أو تلبي طموحات الشباب".
ومن جانبه رأى عامر عبد الرحمن،عضو الهيئة التنفيذية لاتحاد الشبيبة الديمقراطية للتغيير والعدالة، في التوقيع على المبادرة وآليتها التنفيذية " انتصارا للإرادة الشعبية، لأنه حقق الهدف الأول للثوار، ومهد للانتقال السلمي لبناء الدولة المدنية". ويشاطره الموقف عبد الملك الحاج، عضو اللجنة الإعلامية لتكتل قوى الحداثة، فقد اعتبر التوقيع على المبادرة "خطوة أولى نحو تحقيق أهداف الثورة".
"الثوار سيبقون حتى تتحقق كافة مطالبهم"
رغم تباين المواقف من توقيع المبادرة إلا أن موقف الشباب من استمرار ثورتهم كان موحدا وإن كان هناك تباينا في الوسائل إلى حد ما، فالأسطى يؤكد على استمرار الثورة، ويرى أنها ستنتصر عبر التصعيد الثوري "بالمسيرات اليومية والزحف على الوزارات والمرافق الحكومية كما حصل في مصر وتونس"، فيما يرى الحاج أن "الثوار سيبقون في الساحات حتى تتحقق كافة مطالبهم وأهداف ثورتهم".
ويفكر المنزلي في نفس الاتجاه مؤكدا "نحن مستمرون في الساحات حتى تحقيق أهداف الثورة في إسقاط النظام وبناء الدولة المدنية الحديثة" ولكن الصبري يطرح تصورا عمليا لرؤية استراتيجية لاستمرار وانتصار الثورة " فنحن بصدد التواصل لتكوين رابطة أو كيان ثوري يعمل في الساحات وفق استراتيجيات وآليات عمل متجددة لمواصلة الثورة حتى تتحقق الأهداف التي توافق عليها الشباب والقوى الموجودة في الساحات منذ شهور" ويقول رشاد إن من شأن هذا جعل " الساحات هي الجهة أو الطرف الضامن والمنظم لسير عملية الانتقال والتغيير السلمي إذا اعتبرنا المبادرة هي المخرج الأقل كلفة من وجهة نظر السياسيين".
ويدعو الثائر في ساحة التغيير بصنعاء هائل ناجي "الأحزاب السياسية إلى رفع وصاياها إلى قيادة الثورة" مشيرا إلى أن " الشباب قادرون على مواصلة ثورتهم بالدعم الشعبي ". و يرى المحلل السياسي البكاري أن قدرة الشباب على الاستمرار في الثورة "ستقف عند حدود الاعتصامات السلمية في الساحات" دون الخروج بمسيرات يومية كما جرت العادة.
ويدعو البكاري حكومة الوفاق الوطني إلى الأخذ "برؤية شباب الثورة عند وضع سياساتها لإحداث تجانس بين الرؤى المتعددة والأداء المؤسسي للحكومة"، على اعتبار أن الشباب هم حسب رأيه "قاطرات التغيير، وتجاهلهم سيصيب قطاعا واسعا من المجتمع بالإحباط".
لكن سمير عبد الحميد يرى أن أمام الثوار في اليمن الكثير من الوسائل لمواصلة ثورتهم السلمية، فإلى جانب الاستمرار في الاعتصامات والمظاهرات السلمية، بإمكان الشباب "توثيق الجرائم والانتهاكات لحقوق الإنسان وتسليم ملفاتها للمحاكم الدولية" ومطالبة كل دول العالم بعدم استقبال مسؤولي نظام صالح المتورطين بجرائم حرب، على أراضيها، والمطالبة بتجميد أرصدتهم المالية، ورفع قضايا جنائية ضدهم أمام المحاكم الوطنية والدولية والأوروبية.
سعيد الصوفي – صنعاء
مراجعة: منى صالح