1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

شباب بلا أمل في قطاع غزة

٢ مارس ٢٠١٩

يعيش في قطاع غزة مليونا نسمة، ولم تتمكن غالبيتهم أبدا من مغادرة المنطقة الواقعة بين إسرائيل ومصر. والشباب بوجه خاص يعانون من انعدام الآفاق لأسباب عدة في مقدمتها تفاقم مشكلة البطالة وسوء الخدمات الصحية.

Palästina-Israel Konflikt am Gazastreifen
صورة من: Getty Images/M. Abed

أضحى الشباب الذين يمشون على عكاز في مدينة غزة جزءا من المشهد اليومي للمدينة، محمود أبو زير واحد منهم وهو لا يقدر على الحركة، لأن الجروح ماتزال حديثة، يقضي بالتالي غالبية وقته داخل غرفة في بيت والديه في حي النفق بغزة. قبل أسبوعين أطلق قناص إسرائيلي الرصاص على رجليه، كما يقول الشاب البالغ من العمر 19 عاما. وعلى غرار كل يوم جمعة في الشهور الأخيرة قضى فترة بعد الظهر على "السياج" وألقى بحجارة. ويقول أبو زير في حديث مع دويتشه فيله:" كان عاديا الذهاب إلى هناك. جميع أصدقائي تقريبا كانوا هناك".

الاحتجاجات الشعبية "لمسيرة العودة" على طوال السياج الحدودي بين إسرائيل وقطاع غزة بدأت قبل عام تقريبا. ويطالب المتظاهرون بنهاية حصار القطاع المنفصل عن العالم الخارجي من كل الجوانب أي من جهة البحر والجو وكذلك على الأرض. وغالبية المتظاهرين الشباب لم تغادر غزة أبدا بسبب قيود السفر المتشددة التي تعللها إسرائيل بأمنها. وسياسة الحصار للبلدين المجاورين إسرائيل ومصر تهدف بالأساس لممارسة الضغط على الحكام في قطاع غزة، حيث استولت حركة حماس في 2007  بالقوة على  السلطة في القطاع بعد نزاع مسلح مع سلطة الحكم الذاتي الفلسطينية بقيادة الرئيس محمود عباس. لكن بعد أكثر من عشر سنوات وثلاثة حروب، باتت انعكاسات الحصار جلية في كل مكان: فالبطالة ازدادت والكهرباء أضحت بضاعة شحيحة كما لا يمكن تجاوز الحدود بالنسبة إلى غالبية السكان. وقد خابت آمال الكثيرين من محاولات المصالحة الفاشلة بين الخصوم السياسيين من حركتي حماس وفتح. ومع غياب الحل السياسي يبقى القلق من اشتعال حرب جديدة بين حماس وإسرائيل قائما.

محمود أبو زير يجلس بالقرب من والدتهصورة من: DW/T. Krämer

لا آفاق ولا أمن

ويقول محمود أبو زير بأنه ليس لديه ما يخسره وبالتالي هو يذهب للمشاركة في المظاهرات. "لا يوجد مستقبل لنا نحن الشباب. وسأعطي رجلي الاثنتين من أجل أن يتحسن الوضع لعائلتي". وقبل إصابته اشتغل كمساعد في إصلاح السيارات، إلا أنه لا يجد في الشهور الخمسة الأخيرة أي عمل. وأبو زير هو واحد من الشباب الكثر الذين يبحثون عن عمل. وتصل نسبة البطالة بين الشباب، حسب البنك الدولي إلى نحو 70 في المائة. " الناس في ورشة الإصلاح كانوا يتصلون هاتفيا عندما كانوا بحاجة إلى أحد. لكن الآن لا حركة. كل شيء انتهى. وعندما أتوجه إلى باب بيتنا، فإنني بحاجة إلى مساعدة شخصين أو ثلاثة لأتمكن من الصعود". وحاليا لا يقدر على الحركة لولا استخدام كرسي متحرك أو عكازين.

وينتاب والدته القلق عندما يتوجه ابنها إلى "السياج". وتقول بأنه "لا يوجد عمل للشباب ولا للكبار. أعتقد أن بعضهم يتوجه إلى هناك لأنهم يريدون الهروب من هذا الوضع الذي يعيشون فيه. ويريد بعضهم ربما أن يتعرض للقتل".

والإصابة الصعبة للابن لا تسهل الوضع المتأزم للعائلة. وبغض النظر عن الولد البكر الذي يعمل كخياط، وقلما يجد زبائن، فإن جميع الأطفال يبحثون عن عمل. وحتى المنحة المالية بقدر نحو 87 يورو التي تدفعها حماس للجرحى لا تكفي.

وإسرائيل تسمي المظاهرات "إرهابا" وتتهم حماس بتوظيف الاحتجاجات لأهدافها الذاتية. أما الفلسطينيون فيعتبرون أن من حقهم التظاهر. ومنذ مارس/ آذار من العام الماضي تم، حسب الأمم المتحدة ووزارة الصحة الفلسطينية قتل أكثر من 180 فلسطينيا وجرح أكثر من 6000 بذخيرة حية، بينهم أطفال وأعضاء طاقم طبي وصحفيون. وعلى الجانب الإسرائيلي توفي جندي واحد وجُرح آخرون.

هالة شمان، طبيبة الأسنان التي ضيعت منحة دراسية في تركيا بسبب الحصارصورة من: DW/T. Krämer

"الوضع يزداد سوء"

وفي غزة يزداد الاستياء من ظروف الحياة الصعبة والشعور بعدم التحكم في المستقبل. وهذا يضع حماس تحت ضغط أكبر. ويرى بعض المراقبين بالتالي في تلك الاحتجاجات متنفسا لإفراغ الغضب وصرف الانتباه عن الفشل الذاتي المتمثل في تقديم الدعم للمواطنين. وبالنسبة إلى البعض الآخر باتت حركة الاحتجاج ببساطة خطيرة. ويقول بلال أبو نادي:" لن أتوجه للتظاهر، ليس لأنني لست وطنيا، ولكن لأنني أتحمل مسؤولية آخرين". وهذا الشاب الفلسطيني يقول بأنه محظوظ بوجود شغل في محل النجارة التابع لعمه بعدما فقد عملا آخر.

"بالنسبة إلي غزة مكان جميل، لكن أصبح من شبه مستحيل العيش هنا. وهذا ينطبق بالأخص على الشباب. وإذا لم يتغير الوضع السياسي والاقتصادي، فإن الغالبية ستحاول المغادرة من هنا". ويقول أحد أصدقائه" يشعر المرء هنا وكأنه ميت حي، والسياسيون من كل الأطياف يتكلمون كثيرا، لكن لا يوجد تغيير، بل يزداد الوضع سوءا".

ومن الصعب مغادرة المنطقة الصغيرة. هالة شمان جربت ذلك عدة مرات في السنوات الأخيرة، لكنها فشلت بسبب ترخيص سفر مرفوض أو بسبب معبر حدودي مغلق. وطبيبة الأسنان البالغة من العمر 26 عاما تواجه الحياة بالعمل في عيادتين للأسنان، وفي بعض الأيام تعمل كموظفة إغاثة متطوعة في الاحتجاجات. وبما أن المعبر الحدودي مع مصر مغلق باستمرار خسرت منحة لمتابعة الدراسة العليا في تركيا. وفي تلك الفترة بالذات كانت الحدود مغلقة طوال أسابيع. " ضياع هذه الفرصة دمرني نفسيا لوقت طويل. في الأسبوع الأول لم أقدر على الأكل"، كما تتذكر الشابة.

والنقص في الآفاق للشباب تعرفه أيضا ماري إليزابيت إنغريس التي تدير منظمة أطباء بلا حدود في الأراضي الفلسطينية المحتلة. وفي إحدى عيادات المنظمة في مدينة غزة يتلقى أيضا محمود أبو زير العلاج. وطاقم الأطباء والممرضين يواجه بوجه خاص التهابات العظام المرتبطة بالجروح التي تسببها الطلقات النارية. ومن الصعب في غزة معالجة هذه الالتهابات بسبب نظام الصحة المتعثر. فالعدد الكبير من الجرحى يمثل تحديا إضافيا. وتقول المديرة إنغريس بأن الوضع السيء لنظام الصحة قد يدفع في حال عدم تدارك الوقت إلى بتر أعضاء المصابين من الشباب.

تانيا كريمر/ م.أ.م

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد
تخطي إلى الجزء التالي موضوع DW الرئيسي

موضوع DW الرئيسي

تخطي إلى الجزء التالي المزيد من الموضوعات من DW

المزيد من الموضوعات من DW