1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

شبح "الحاكم بأمره" يثير مخاوف من الانقلاب على دستور تونس

طارق القيزاني - تونس١٨ أبريل ٢٠١٦

بعد ست سنوات على ثورة تونس وتوزيع جديد للسلطات، ينادي أعضاء في الحزب الحاكم بتغيير الدستور بشكل يضمن توسيع صلاحيات رئيس البلاد، وهو ما يحذر منه النقاد ويعتبرونه انتكاسة ورجوعاً إلى عهد الرئيس بن علي مطلق الصلاحيات.

Beji Caid Essebsi Parteivorsiztender von Nidaa Tounes 17.11.2014 Kampagne in Beja
صورة من: Reuters/Z. Souissi

لم يجف بعد حبر دستور الجمهورية الثانية، الذي تباهى به التونسيون قبل عامين والذي توّج الانتقال الديمقراطي بعد ثورة 2011، لكن مع ذلك تتعالى أصوات اليوم مطالبة بمراجعات وتعديلات.

ومنذ صعوده إلى السلطة لا يفوت رئيس الجمهورية الباجي قايد السبسي أي مناسبة دون أن يلمح إلى صلاحياته المقيدة رغم التزامه المعلن بتطبيق ما جاء في الدستور وعدم المبادرة إلى تعديله. لكن حزبه "حركة نداء تونس"، الذي يقود الائتلاف الحكومي هو من يدفع باتجاه ذلك اليوم وإن لم يطرح مشروعَ قانون بشكل رسمي على طاولة البرلمان إلا أن نقاشات وتصريحات مبررة لتلك الخطوة تظهر على السطح من قيادات في النداء.

أزمة نظام سياسي

وفي الواقع كان لطفي زيتون القيادي البارز في حزب حركة النهضة الإسلامية، الشريك في الائتلاف الحكومي والكتلة الأولى في البرلمان اليوم، هو أول من كشف النقاب عن أزمة صامتة في النظام السياسي التونسي على الرغم من حداثة الدستور الجديد. وذلك على خلفية الصلاحيات المتضاربة في السلطة وضعف مؤسسات الدولة وهو واقع جعل من الديمقراطية الناشئة تبدو في كثير من الأحيان كديمقراطية عرجاء بسبب عدم فعالية النظام.

لطفي زيتون(يسار الصورة) القيادي في حزب النهضة يجلس إلى جانب زعيم الحزب، راشد الغنوشيصورة من: DW

وفي حواره معDW عربية يوضح لطفي زيتون المستشار السياسي لزعيم حركة النهضة راشد الغنوشي، أن النظام السياسي الحالي لم يكن نتاج دستور 2014 بل أن ملامحه تشكلت منذ صعود حكومة التحالف الثلاثي عقب انتخابات المجلس الوطني التأسيسي بعد ثورة 2011 بقيادة حركة النهضة الإسلامية والمكلف آنذاك بصياغة الدستور الجديد. وما حصل هو أن النظام السياسي، الذي تعايشت معه الأحزاب في المرحلة الانتقالية في فترة المجلس الوطني التأسيسي، تكرس في الدستور الجديد.

ويضيف زيتون في تحليله "اليوم نتحدث عن نحو ست سنوات من تجربة النظام السياسي الجديد القائم على برلمان منتخب ورئيس جمهورية منتخب على دورتين. وهي فترة نجح خلالها النظام الحالي في الصمود والعبور بالبلاد من المرحلة الانتقالية، لكن الآن هناك نقائص".

بالنسبة لزيتون وأنصار التعديل الدستوري، فإن النظام السياسي الحالي جاء هجينا ولا يقوم على تعريف دقيق باعتباره جمَع بين نمط الحكم البرلماني والحكم الرئاسي ووضع سلطتين متقابلتين بين رئيس دولة ورئيس حكومة يتمتع بصلاحيات واسعة.كما تسبب في حالة من الشلل العام بمؤسسات الدولة وعطل مشاريع القوانين ونسق الاستثمار.

والفكرة المحورية الآن أن الزخم الواسع وحالة الشحن التي رافقت الانتخابات الرئاسية في 2014 لم تكن متناسبة مع حقيقة حجم ودور الرئيس في النظام السياسي الجديد بعد الثورة من حيث الصلاحيات.

ويوضح زيتون "من النادر الحديث عن سلطة برأسين في الديمقراطيات العريقة، والشائع أن البرلمان هو من ينتخب الرئيس بخلاف الأنظمة الرئاسية القليلة مثل الولايات المتحدة وفرنسا. كان من الأجدر الاتجاهنحو نظام سياسي متناسق إما برلماني أو رئاسي".

صورة الرئيس الحبيب بورقيبة الزعيم المستبد تهيمن على ثقافة جانب من الطبقة السياسية في تونسصورة من: DW

حلقة مفرغة وحسابات سياسية

وسواء تعلق الأمر بتعزيز صلاحيات الرئيس أو البرلمان،فإنه بات واضحاً أن أزمة النظام السياسي في تونس باتت تدور في حلقة مفرغة منذ ظهور إرهاصاتها الأولى عام 2013 مع حكم الإسلاميين. وفي نظر مراقبين، فإن ما يحصل اليوم من نقاشات بشأن مراجعات دستورية إنما هو بسبب نظام أفرزته تفاهمات وحسابات سياسية سابقة.

وفي رأي الأستاذ الجامعي للقانون الدستوري ورئيس مركز تونس للقانون الدستوري من أجل الديمقراطية قيس سعيد، فإن النظام السياسي الحالي هو نظام تونسي خالص وقد وضع كما توضع الدساتير على المقاس في الدول العربية.

ويوضح سعيد في حديثه لـDW عربية "في أزمة 2013 كان كل طرف يقترح حكما بناء على قراءاته للتوازنات وحظوظه في الفوز بالانتخابات وجاء النظام السياسي في ظل هذا الوضع بناء على توازنات سابقة".

الخوف من عودة دولة الاستبداد في تونسصورة من: picture alliance/dpa

وعلى الرغم من أن تونس تتمتع بتجربة دستورية متقدمة عربيا منذ منتصف القرن التاسع عشر، فإن قيس سعيد يشير إلى أن الجدل الحالي لا يعد سابقة، إذ أن النقاشات نفسها كانت رافقت وضع دستور دولة الاستقلال عام 1959 عندما اعترف مقرر الدستور آنذاك علي البلهوان بصياغة دستور على المقاس كاللباس على الجسد.

ويعلق سعيد قائلا "بعد انتخابات 2014 تغير الجسد ففكر البعض في تغيير الثوب واللباس حتى يكون الدستور على مقاسه".

ولا تنظر المعارضة التونسية بارتياح إلى مثل هذه الخطوة مع أنها كانت في مقدمة المنتقدين نحو تركيز نظام برلماني صرف والذي نادى به الإسلاميون في 2013.

مرحلة للتقييم

ويفسر أمين عام حزب الديمقراطيين الاشتراكيين زياد الأخضر النائب عن الجبهة الشعبية المعارضة في البرلمان في حديثه مع DWعربية، أن الدستور الجديد بالكاد وضع موضع تنفيذ ومن السابق لأوانه الحديث عن تعديله.

ويضيف الأخضر في تحليله أن "الأمر يطرح اليوم في وضع سياسي متفجر بينما تطرأ تغييرات على تركيبة الكتل البرلمانية والمشهد السياسي، وبالتالي، فإن التأويلات الحالية لا تخدم سوى مصالح حزبية ضيقة.من المهم احترام الدستور وفسح المجال لفترة أطول حتى يتسنى تقييم هذه التجربة والأهم من ذلك الانطلاق في تقييم أداء من هم في السلطة أولا".

مخاوف من شبح الاستبداد

وبين أولوية تعديل الدستور أو تقييم أداء الحاكمين فإن صورة الرئيس "الحاكم بأمره" التي امتدت على مدى عقود طويلة في تونس لا يبدو أنها قد فارقت أذهان عدد من التونسيين المتطلعين إلى تغيير فعلي في ممارسة السلطة.

ويرى باسم سعدي الطالب والناشط في منتدى الشباب لثقافة المواطن بجهة القصرين في حديثه مع DWعربية، أن توسيع صلاحيات الرئيس قد يؤدي ضمنيا إلى هيمنة الحزب الحاكم على المشهد السياسي وإقصائه لباقي الأحزاب وبالتالي سيكون ذلك مقدمة للعودة إلى المربع الأول للاستبداد.

ويضيف سعدي "منح صلاحيات إضافية للرئيس ستكون فعالة ومفيدة لو تم حصرها في الجانب الاقتصادي".

وفي المقابل يرى ياسين العقوبي وهو طالب لغة إنجليزية وناشط مستقل أن عدم حسم المشرعينبشكل صريح في طبيعة النظام السياسي منذ البداية أوجد لبساً في الدستور الحالي.

وفي نظرالعقوبي، فإن من الأنسب اعتمادالنظام البرلماني على اعتبار أنه الأكثر تداولا لدى الديمقراطيات العريقة وتحويل منصب الرئيس إلى منصب شرفي دون أن يكون له دور حاسم في القضايا الرئيسيةمقابل تعزيز صلاحيات رئيس الحكومة على أن يكون شخصية سياسية قوية.

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد
تخطي إلى الجزء التالي موضوع DW الرئيسي

موضوع DW الرئيسي

تخطي إلى الجزء التالي المزيد من الموضوعات من DW