Israel Libanon
٤ أغسطس ٢٠١٠العنف الذي اندلع على الحدود اللبنانية الإسرائيلية، والذي يعتبر الأقوى من نوعه منذ نهاية حرب تموز عام 2006، هو رسالة تحذير واضحة مفادها أنه "يجب على المجتمع الدولي أن يهتم بشكل أكثر حسما لوقف الصراع في الشرق الأوسط." فالوضع بين إسرائيل ولبنان، وكذلك أيضا الوضع بين إسرائيل وغزة متوتر لدرجة أنه يمكن أن يتسبب أي نزاع بسيط حول شجرة بالمنطقة الحدودية في اندلاع تبادل لإطلاق النيران يسفر عنه سقوط قتلى.
وأهم مصادر الخطورة هو أن هناك ثمة شيء يوضع دائما في الحسبان وهو تواجد قوى على كافة الأطراف المشاركة تُمنى نفسها إلى درجة معينة بالحصول على مزايا من خلال المغامرات العسكرية أو التصعيد الذي يمكن التحكم فيه. فمن خلال الصدام العنيف مع إسرائيل تمكنت ميليشيات إسلامية راديكالية مثل حماس وحزب الله من تحقيق شرعية وشعبية مضاعفة وبهذا يمكنهما خلق حالة من الضغط العام تؤدي من تلقاء نفسه إلى تشدد مواقف معظم أصحاب القرار من العرب. إذ لا يوجد قائد عربي بإمكانه في أوقات الأزمات ترك الاتهامات توجه إليه بأنه ليس متضامنا مع "الإخوة" في غزة أو لبنان.
وفي إسرائيل أيضا توجد مخاطر من أن يحاول المتشددون تحقيق أهداف سياسية من خلال استخدام العنف، فمن خلال الصدام مع من يعادون اسرائيل علنا لا تتحقق مكاسب داخلية فقط، فتنفيذ عمليات عسكرية ضد حزب الله أو حماس يمكن أن يكون أيضا عملا رمزيا مناسبا في أعين بعض أصحاب الاستراتيجيات، كي يجري التوضيح لإيران أن إسرائيل تدافع الآن عن نفسها بكل قوة ضد حلفاء طهران، وأنها لن تسمح أبدا بحصول إيران على السلاح النووي.
الأفكار الاستراتيجية من هذه النوعية هي أفكار خطيرة، إذ أن العمليات العسكرية التي يزعم أنها تحت السيطرة سرعان ما تصبح في هذه المنطقة خارج نطاق السيطرة ويمكن أن تتسبب في الحالة الراهنة في اندلاع حرب كبيرة.
الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة وغيرهم يدعون الآن أطراف النزاع إلى ضبط النفس، وهذا هو المطلب السليم، بيد أنه في الوقت ذاته قليل جدا، فالنداءات ومحاولات الوساطة ليست وحدها هي الضرورية وإنما من الضروري أيضا التدخل الفعلي بشكل أكبر. ومن يريد إحلال السلام في الشرق الأوسط أو على الأقل المحافظة على استقراره؛ يجب أن يكون بمقدوره مطالبة الإسرائيليين واللبنانيين والفلسطينيين على حد سواء بتقديم تنازلات ذات مصداقية. ويجب أن تكون لديه خطة واضحة المعالم وأن يبين عواقب عدم الالتزام بها، ولا يقدر على فعل ذلك الآن سوى الولايات المتحدة، ومع أن الرئيس الأميريكي الحالي يبذل مجهودا أكبر من سلفه إلا أن أفعاله لا تزال قليلة جدا.
الكاتب: راينر زوليش
مراجعة: هيثم عبد العظيم