لم يعد معارضو "داعش" في مأمن من رصاص مقاتلي التنظيم الاسلاموي، حتى خارج حدود سوريا. عملية اغتيال الصحفي السوري ناجي الجرف في تركيا لم تكن أيضا الأولى من نوعها، حيث تنسب الى التنظيم الإرهابي عمليات اغتيال أخرى.
إعلان
رصاصتان في الرأس قضتا على الصحفي والمخرج السوري ناجي الجرف في أحد شوارع مدينة عنتاب جنوب شرق تركيا. رحل الجرف في السابعة والثلاثين من العمر، تاركا ورائه بنتين، وقد عرف خاصة بتقاريره الناقدة لوحشية تنظيم "داعش"، آخرها تقرير يوثق فيه بشاعة الإرهابيين في مدينة حلب السورية. خبر اغتيال الجرف نزل كالصاعقة على صديقه المخرج المسرحي السوري نوار بلبل (42 سنة)، حيث اعتبر في لقاء مع DW: "باغتياله فقدنا أحد أكبر السينمائيين السوريين". ويضيف قائلا: "لقد كان أحد أعمدة المشهد السينمائي". ولم يخف بلبل علمه بمن قتل الجرف، ويؤكد قائلا: "لا أشك في القول إن مجرمي "داعش" هم من اقترفوا هذه الجريمة". من جانب آخر يحمل بلبل نظام الأسد أيضا مسؤولية اغتياله: "لو لا بشاعة نظام الأسد المجنون، لما ظهر تنظيم "داعش" أصلا".
حزب العدالة والتنمية ضد الصحافة الحرة
يأتي مقتل الجرف في وقت تزداد فيه صعوبة عمل الصحفيين في تركيا. ففي التقرير السنوي لحرية الصحافة في العالم، صنفت منظمة "مراسلون بلا حدود" تركيا في المرتبة 149 من ضمن 180 دولة. ونظرا لخطورة الحادث، تفادت وسائل إعلام عديدة الإسهاب في تغطية عملية الاغتيال، ولم يكن بالإمكان العثور على تقارير معمقة على شبكة الانترنيت.
يحمل قارث يانكينس، الخبير في الشؤون التركية في معهد سياسات الأمن والتنمية في اسطنبول، الحزب الحاكم في تركيا مسؤولية في ذلك موضحا أن "حزب العدالة والتنمية يحاول قمع كل صوت ينتقد سياساته". وما يثير قلق الخبير هو أن "أنصار داعش تمكنوا من اختراق تركيا لتصفية أشخاص يعارضونهم".
تنامي خوف الصحفيين المعارضين
يشكل اغتيال الجرف في الواقع مجرد حلقة جديدة في مسلسل اعتداءات همجية ضد معارضي نظام " داعش" في تركيا. فقد نُفذت سابقا هجمات انتحارية ضد نشطاء أكراد ويساريين، ولم يسلم الصحفيون السوريون منها أيضا. ففي أكتوبر/تشرين الماضي قتل كل من ابراهيم عبد القادر وفارس حمدي بدم بارد، وهما صحفييان كانا يعملان مع ناجي الجرف لدى الموقع الإخباري "الرقة تذبح بصمت". وكشف الموقع الستار عن جرائم "داعش" البشعة. وفي الخريف الماضي، توجت تقارير الموقع بالجائزة العالمية لحرية الصحافة.
ويشير التقرير السنوي للجنة الدولية لحماية الصحفيين أن 69 صحفيا في العالم تم اغتيالهم بطريقة مستهدفة أثناء القيام بمهمتهم، ولقي حوالي 40 بالمائة منهم مصرعهم على أيدي جماعات إسلامية متطرفة.
"ننعى موت صديق مقرب لنا جدا"، يقول عبدالعزيز الحمزة، المتحدث باسم الموقع لـDW. ويضيف: "لقد كنا نظن أننا أكثر آمانا في تركيا. نحن محبطون لكننا سنواصل عملنا رغم ذلك". من الصعب التكهن بالعواقب على الصحافة الحرة والناقدة في تركيا، على حد تعبير قارث يانكينس، ويضيف: "تنامي الخوف هي أكبر معضلة تواجه الصحفيين. هذا ما يدفع بالعديد من الصحفيين لتفادي القيام بالتغطية للصحف الناقدة والجريئة أو الرافضة لسياسة الحكومة التركية في سوريا. وما يثير الإهتمام هو أن موقف حزب العدالة والتنمية هذا ساهم عن قصد أو عن غير قصد في تقوية أنصار "داعش" وبالتالي لتصفية خصومهم في تركيا، وفق المتحدث حمزة.
ناجي الجرف: بطل في عيون رفاقه
حتى خلال وجوده في سوريا، رفض ناجي الجرف الرضوخ لسياسة تكميم الأفواه. وهذا ما يجعله بطلا في عيون المعارض لنظام الأسد نوار البلبل، الذي انفلت من قبضة الإرهاب، حيث هرب من الحرب الأهلية في سوريا إلى الأردن. ولا يبدو وضعه أفضل بكثير من قبل. لكن ذلك لن يمنعه من مواصلة عمله. ويؤكد بلبل في ختام لقائه مع DW: "ينتابني الخوف من نظام الأسد وأيضا من تنظيم "داعش"، لكن لن نفقد الأمل. فمسؤوليتنا كصحفيين ومخرجين وفنانين تقتضي أن ننقل للعالم حقيقة ما يجري في سوريا".
صحفيون ضحايا الاغتيال عبر العالم
لائحة الضحايا من الصحفيين يجري تحديثها باستمرار ويزداد عدد من دفعوا حياتهم ثمناً للحقيقة. وحسب "مراسلون بلا حدود"، يقتل أسبوعيا صحفي، ويعد عام 2012 الأكثر دموية للصحفيين. وآخر الضحايا هو الصحفي السعودي جمال خاشقجي.
صورة من: DW
جمال خاشقجي
بعد أكثر من شهر من مقتله في مقر القنصلية السعودية باسطنبول وجهت النيابة العامة السعودية تهما لـ 11 شخصا سعوديا تهما بالمسؤولية في قتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي. بيان النيابة العامة السعودية يأـي بعد روايات سعودية متكررة عن الحادثة ولم تلق قبولا لدى حكومات غربية عديدة، فجمال كان منتقدا لسياسة ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، ولذلك ما طالبت دول ومنظمات دولية بتحقيق شفاف وكشف ملابسات الحادث.
صورة من: picture-alliance/AA/O. Shagaleh
فريق اغتيال؟
دخل خاشقجي القنصلية في الثاني من أكتوبر/ تشرين الأول ولم يخرج منها على قدميه. وسربت عدد من الصحف التركية أنباء عن تصفيته داخلها على يد "فريق اغتيال" مكون من 15 شخصا قدموا من السعودية لهذا الغرض. وقال مسؤولون سعوديون في البداية إنه خرج من القنصلية ولا يعرفون مكانه، قبل أن تعود الرياض وتعلن رسميا موته في القنصلية وتعتقل 18 شخصا سعوديا للتحقيق معهم حول القضية.
صورة من: www.sabah.com.tr
سمير قصير
في الثاني من يونيو/حزيران 2005 اغتيل الصحفي اللبناني سمير قصير عن سن يناهز 45 عاما بعد انفجار سيارته في بيروت. ورغم مرور عقد ونيف على اغتياله لم يكشف بعد عن قاتل سمير قصير، لكن أصابع الاتهام وجهت للنظام السوري، الذي كان قصير من أشد منتقديه.
صورة من: dpa
جبران تويني
أسابيع بعد اغتيال سمير قصير، تم اغتيال الصحفي جبران تويني في 12 ديسمبر/ كانون الأول من عام 2006. كان تويني يشغل منصب رئيس مجلس إدارة مؤسسة النهار الإعلامية. عرف تويني بمعارضته للتدخل السوري في لبنان.
صورة من: AP
علي حسن الجابر
هو رئيس قسم التصوير في قناة الجزيرة، اغتيل عن عمر يناهز 55 عاما في 12 من مارس/ آذار 2011 وذلك في كمين استهدف طاقم قناة الجزيرة جنوب غرب مدينة بنغازي. الصورة لجنازة علي حسن الجابر وهو مغطى بالعلمين القطري والليبي.
صورة من: dapd
حرب على الصحفيين في سوريا
شهد الصراع في سوريا مقتل عشرات الصحفيين. في الصورة تظهر الصحفية الأمريكية، ماري كولفين و الصحفي الفرنسي ريميه أوشليك اللذين اغتيلا بالقرب من حمص في 22 فبراير/ شباط 2012. وقد سبق للصحفية الأمريكية كولفين أن فقدت عينها في تغطية صحفية في سيريلانكا.
صورة من: Montage DW/AP
هرانت دينك
هرانت دينك صحفي تركي من أصل أرميني، اشتهر بدفاعه عن الأرمن ومطالبته الحكومة التركية بالاعتراف بمذابح الأرمن. اغتيل في اسطنبول أمام مقر صحيفة آغوس التي يرأس تحريرها في 19 يناير/ كانون الأول 2007 عن عمر يناهز 53 سنة.
صورة من: AP
روسيا من أكثر الدول خطراً على الصحفيين
شهدت روسيا عددا من الاغتيالات في صفوف الصحفيين، من أشهرها اغتيال الصحفية آنا بوليتكوفسكايا، التي اغتيلت في 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2006 بإطلاق الرصاص عليها أمام منزلها.عرفت آنا بمعارضتها للحرب الشيشانية وللرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
صورة من: picture-alliance/dpa
سوكراتيس جيولياس
كان سوكراتيس جيولياس مدير إذاعة محلية وصاحب مدونة سياسية تحظى بشعبية كبيرة في اليونان، اغتيل في أثينا في 19يوليو/ تموز 2010 عن عمر يناهز 37 سنة. وكان الصحفي اليوناني يقوم بتحقيق عن قضايا الفساد في المجال التجاري.
صورة من: AP
حرب الصحفيين وعصابات المخدرات
حائط تذكاري في مكسيكو سيتي للصحفيين ضحايا القتل والاختطاف في المكسيك. تعد المكسيك ودول أخرى في أمريكا اللاتينية، مثل كوبا وكولومبيا، من أخطر الدول في العالم على الصحفيين، إذ يغتال أفراد عصابات المخدرات كل من يحاول أن يفضح نشاطهم من الصحفيين.
صورة من: AP
دانيال بيرل
تتضارب المعلومات حول اليوم الذي قتل فيه الصحفي الأمريكي دانيال بيرل. لكن صحيفة "وول ستريت" التي كان بيرل يشغل منصب مدير مكتبها في جنوب آسيا ترجح أنه قتل في 21 فبراير/ شباط 2002. تم إعدام بيرل بوحشية في باكستان من قبل عناصر تنظيم القاعدة عن عمر ناهز 39 سنة.
صورة من: AP
مقتل صحفيي دويتشه فيله
في 6 أكتوبر/ تشرين الأول 2006 اغتيل صحفيان تابعان لمؤسسة دويتشه فيله في أفغانسان، إذ تم إطلاق النار على الصحفية كارين فيشر (الصورة) والصحفي كريستيان شتروفه. أسباب القتل ما تزال مجهولة. توفيت كارين عن عمر ناهز 30 عاماً وكريستيان عن عمر ناهز 38 سنة.