أكد وزير الخارجية الألماني عقب لقاء رياض حجاب ترحيبه بوقف الغارات الجوية على حلب، مطالبا في الوقت نفسه بتوسيعه على القصف المستمر للمدينة. كما دعا جميع الأطراف الفاعلة في النزاع السوري التدخل لإنهاء معاناة المدنيين.
إعلان
قال وزير الخارجية الألماني فرانك فالتر شتاينماير إن استمرار التوقف عن تنفيذ غارات جوية على منطقة شرق حلب في سوريا ساهم في تخفيف معاناة السوريين المحاصرين منذ أشهر في المدينة. لكنه اضاف أنه "ومع ذلك نرى أن القصف لا يزال مستمرا على أحياء تقع في أطراف المدينة وفي المناطق المحيطة بها، تماما كما هو الحال في مناطق أخرى بسوريا، وهي المناطق التي لازالت تصلنا منها أخبار مفزعة عن الأسلوب الوحشي للنظام وداعميه". وأضاف شتاينماير: "إنها أخبار عن قصف المدارس وموت أطفال المدارس ومهاجمة مستشفيات أو استخدام أسلحة كيمياوية".
وجاء ذلك عقب التقاء شتاينماير رياض حجاب، منسق الهيئة العليا للمفاوضات بالمعارضة السورية، في مبنى الخارجية الألمانية اليوم الخميس (الثالث من فبراير/ تشرين الثاني 2016) في برلين. وأشار شتاينماير إلى أن روسيا أعلنت تجديد الهدنة في سوريا غدا الجمعة ولمدة عشر ساعات أخرى، وهي المهلة التي وصفها شتاينماير مجددا بغير الكافية، موضحا أن الوقت "غير كافٍ لإجلاء المرضى وشديدي الإصابة وللبدء في توفير الرعاية الإنسانية لسكان حلب".
وشدد شتاينماير على ضرورة الحيلولة من أن يؤدي التغيير الوشيك في الإدارة الأمريكية لحدوث فراغ وقال: "لذلك نحتاج وبشكل ملح لمحفزات جديدة لإجراء محادثات بين موسكو واشنطن ولكن أيضا بين القوى الإقليمية الفاعلة".
في صور: معارك بلا هوادة وحرب بلا نهاية - حلب تحت النار
صورة من: Reuters/A. Ismail
"ماذا بقي من حلب؟"، لعل هذا السؤال الذي يطرحه هذا الطفل الذي يتأمل ما خلّفه القصف المتواصل على المدينة الجريحة المنكوبة؟ أو فقط لعله يتساءل عما بقي من بيت أهله وأين سيقضي ليلته دون سقف قد لا يقيه راجمات الأسد ولا قاذفات حلفائه الروس. في غضون ذلك، تتواصل معاناة عشرات الآلاف من سكان حلب...والعالم لا يحرك ساكنا!
صورة من: Reuters/A. Ismail
حتى عندما قصفت الصواريخ التي أطلقتها قوات الأسد مدعومة بقوات روسية المستشفيات، على غرار مستشفى ميم 10 والمعروف باسم "مستشفى الصخور" الواقع في شرق حلب وقُتل اثنان من المرضى وأصيب العشرات منهم، لم يحرك العالم ساكنا. البعض ندد وناشد... والأسد - مدعوما بحلفائه روسيا وإيران وحزب الله - يواصل الحرب على شعبه.
صورة من: Reuters/A. Ismail
وفيما تتفاقم معاناة المدنيين، تحتفل قوات الأسد بتقدمها على حساب فصائل المعارضة في حلب... ودمشق تؤكد أن جيشها سيواصل حملته العسكرية الكبيرة - بمؤازرة من فصائل تدعمها إيران وغطاء جوي روسي - لاستعادة السيطرة.
صورة من: Getty Images/AFP/G. Ourfalian
في غضون ذلك، يشيع الحلبيون يشيعون موتاهم إلى مثواهم الأخير في حرب تعددت فيها الجبهات وتنوعت فيها الأطراف بين من يدعم الأسد جهراً وسراً وبين من يدعم المعارضة بالسلاح بشكل مباشر أو غير مباشر. حرب وُصفت بـ"الوحشية" من قبل الأمم المتحدة، فيما تتحدث الصور التي تصلنا عنها عن "بشاعة" تكاد لا تجد ما يضاهيها في الشرق الأوسط منذ عقود طويلة.
صورة من: Getty Images/AFP/A. Alhalbi
ومن لم يحالفه الحظ بالهرب إلى خارج البلاد، يكون مصيره إما الموت أو الإصابة أو العيش في هلع يومي. الأكيد أن أكبر ضحايا هذه الحرب هم الأطفال. فقط بعض الصور التي تصلنا من حلب توثق مدى معاناة هؤلاء: ففي آب/ أغسطس الماضي، صدمت صورة الطفل عمران بوجهه الصغير الملطخ بالدماء والغبار وهو يجلس داخل سيارة إسعاف، الملايين حول العالم بعد إنقاذه من غارة استهدفت الأحياء الشرقية في حلب. وما لا نعرفه كان أعظم!
صورة من: picture-alliance/AA/M. Rslan
حتى قوافل المساعدات الإنسانية التي جاد بها المجتمع الدولي للتخفيف بعض الشيء من معاناة المدنيين في حلب لم تسلم من القصف. فقبل أسبوعين تعرضت قافلة مساعدات في بلدة أورم الكبرى في ريف حلب الغربي للقصف ما أسفر عن مقتل "نحو عشرين مدنياً وموظفاً في الهلال الأحمر السوري، بينما كانوا يفرغون مساعدات إنسانية من الشاحنات"، وفق الاتحاد الدولي للصليب الأحمر والهلال الأحمر السوري.
صورة من: picture alliance/newscom/O. H. Kadour
وفيما يبقى المجتمع الدولي عاجزا حتى على التوصل إلى وقف لإطلاق النار في حلب وإتاحة المجال لتوصيل المساعدات الإنسانية والطبية إلى المدنيين المحاصرين، يبقى أصحاب الخوذات البيضاء "الأبطال" في عيون العديد من الحلبيين. رغم الحديد والنار ورغم الصواريخ والقاذفات، ظلوا في مدينتهم لمد يد المساعدة وإنقاذ الأرواح من تحت الأنقاض.
صورة من: Reuters/A. Ismail
وبينما يقضي أقرانها في أغلبية دول العالم أوقاتهم في المدرسة أو في اللعب، تجد هذه الطفلة السورية نفسها مجبرة على الوقوف في صف طويل من أجل الحصول على بعض من الطعام الذي توزعه بعض المنظمات الانسانية - طبعا إن سملت هي بدورها من قصف قوات الأسد وقاذفات الطائرات الروسية. بالنسبة للعديد هذه الصورة إنما حالة تبعث للحزن، ولكنها واقع مر لعشرات الآلاف من الأطفال السوريين...
صورة من: picture-alliance/AA/E. Sansar
وفيما يتحمل العديد من الحلبيين الواقع المر بالكثير من الصبر، نفذ صبر واشنطن خلال مفاوضاتها مع روسيا للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في سوريا. وروسيا، التي عبرت طبعاً عن أسفها لذلك، تواصل دعمها للأسد. مراقبون يتحدثون عن لعبة بوتين في الشرق الأوسط من أجل حمل أمريكا وحلفائها الغربيين على إسقاط العقوبات المفروضة على بلاده بشأن دورها في أوكرانيا. إذن سوريا ليست إلا ورقة تفاوض للي ذراع أمريكا؟
صورة من: Getty Images/AFP/J. Samad
في الأثناء يواصل مجلس الأمن الدولي نقاشاته ومبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا ستافان دي ميستورا لم ينفك يتحدث عن الأزمة السورية ومعاناة الشعب السوري - وخاصة المدنيين في حلب - ويناشد المجتمع الدولي وخاصة المنخرطين في الصراع السوري بعضا من "الشفقة"... والكل يدين ويكرر الدعوات إلى إيجاد حلول سياسية. فهل من آذان صاغية؟
صورة من: Reuters/A.Kelly
إلى حين إيجاد حل للأزمة السورية... إن وجد أصلا، يبقى العديد من المدنيين في حلب يواجهون مصيرهم بأنفسهم تحت القصف المتواصل دون أن تلوح في الأفق بادرة عن نهاية معاناتهم. فهل من أمل في غد أفضل؟
شمس العياري
صورة من: picture-alliance/AA/E. Sansar
11 صورة1 | 11
ورأى شتاينماير أن على جميع أطراف النزاع في سوريا القيام بما تمليه عليها مسؤوليتها لتخفيف معاناة الناس في حلب وسوريا بشكل عام ولإنهاء هذه الكارثة وقال إن الخطوة الأولى في هذا الطريق كانت وتظل هي الهدنة.
كما شدد وزير الخارجية الألماني على ضرورة فصل مقاتلي جبهة النصرة الذين وصفهم بالإرهابيين عن بقية مقاتلي المعارضة السورية المسلحة. وأكد أن ما تقتضيه الإنسانية تقديم الرعاية الإنسانية لأصحاب المعاناة في سوريا وهو واجب المجتمع الدولي الذي تكفل بمهمة العمل على إيجاد حل سياسي للنزاع في إطار الأمم المتحدة وتحت إشرافها، ليحمل روسيا المسؤولية الرئيسية عن ذلك بصفتها الداعم الرئيسي للنظام السوري.
ميدانيا، قتل 12 مدنيا وأصيب أكثر من 200 بجروح الخميس في قصف للفصائل المعارضة والإسلامية على الاحياء الغربية الواقعة تحت سيطرة قوات النظام في مدينة حلب السورية، وفق ما أفادت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا). ونقلت سانا أن "عدد ضحايا الاعتداءات الإرهابية بالقذائف والرصاص المتفجر على أحياء حلب الجديدة والموكامبو والمشارقة وكلية الآداب" في الجهة الغربية لمدينة حلب (شمال) بلغ "12 شهيدا وأكثر من 200 جريح". وأفاد مدير المرصد السوري لحقوق الانسان رامي عبد الرحمن بدوره عن مقتل "11 مدنيا بينهم أربعة اطفال" في قصف الفصائل لأحياء حلب الغربية خلال استئنافها للهجوم على هذه المنطقة.