من مدينة كيوتو اليابانية التي ارتبط اسمها بأول التزام دولي للحد من الانبعاثات الغازية، شدد الرئيس الألماني شتاينماير على ضرورة اتخاذ إجراءات حاسمة للتصدي لتغير المناخ كاشفا عما ينتظره من قمة كوب 27 في شرم الشيخ بمصر.
إعلان
دعا الرئيس الألماني فرانك فالتر شتاينماير اليوم الخميس (الثالث من تشرين الثاني/نوفمبر 2022) إلى اتخاذ إجراءات حاسمة في مكافحة تغير المناخ، وذلك في تصريحات أدلى بها من مدينة كيوتو اليابانية التي شهدت من قبل اتفاقا بيئيا رئيسيا. وقال الرئيس الألماني في خطابه في جامعة دوشيشا: "يجب أن تعيش روح كيوتو. يجب ألا نتخلف عن التنفيذ، على الرغم من الأزمات العديدة .. بل يجب أن نذهب إلى أبعد من ذلك".
وأعرب الرئيس الألماني عن أمله في أن تحافظ القمة العالمية المقبلة للمناخ (كوب 27) بمدينة شرم الشيخ المصرية "على طموح الوفاء بالتزامات باريس وجلاسكو". وقال شتاينماير إن الأمر متروك للبشرية الآن لاتخاذ خطوات لإعادة الهيكلة اللازمة لمجتمعات العالم.
وبالتوقيع على بروتوكول كيوتو في عام 1997، التزمت الدول الأطراف لأول مرة بموجب القانون الدولي بالحد من انبعاثات الغازات الدفيئة. وفي خطوة أولى، وافقت الدول الصناعية على خفض انبعاثاتها بما مجموعه 5% على الأقل من عام 1990 إلى عام .2012 وصدقت 191 دولة والاتحاد الأوروبي حتى الآن على الاتفاق، الذي دخل حيز التنفيذ في عام .2005 ورغم توقيع الولايات المتحدة على البروتوكول في عام 1998، فإنها تظل الدولة الصناعية الوحيدة التي لم تصدق عليه بعد.
و صرح الرئيس الألماني فرانك-فالتر شتاينماير بأنه يرى أن الأفعال التي يقوم بها نشطاء حماية المناخ التابعين لمجموعة "الجيل الأخير" بألمانيا ليست هادفة في مكافحة تغير المناخ.
وقال شتاينماير "عندما أنظر لألمانيا، فإنني أكون سعيدا حقا بأن هناك حساسية متزايدة في قضايا البيئة وأن هناك كثيرا من الأشخاص مقتنعون بأنه يتعين علينا اتخاذ إجراء أكثر حسما وتصميما في مواجهة تغير المناخ"، لافتا إلى أن هناك دعما لذلك في كثير من قطاعات المجتمع.
وتابع الرئيس الألماني قائلا: "السؤال هو إذا ما كان ما نراه هذه الأيام في أن يتم إلقاء أطعمة على لوحات لا تُقدر بثمن أو يقوم أشخاص بلصق أنفسهم بالشوارع، سيساعد في تحقيق هدف المناخ أم لا".
وأضافا الرئيس الألماني: "أخشى أن يؤدي ذلك إلى التشكيك في الدعم المجتمعي الواسع لتحقيق حماية مناخ أكثر حسما وأن يسلبنا الفرصة في أن يصير هذا الدعم أكبر".
وأشار شتاينماير بهذه التصريحات إلى أعمال احتجاجية لمجموعة "الجيل الأخير" الذي يلصق نشطاؤه أنفسهم بالشوارع منذ شهور.
يذكر أن نشطاء هذه المجموعة ألقوا مؤخرا بطاطس مهروسة على لوحة لمونيه في متحف باربيريني في بوتسدام.
توقعات صادمة
في الوقت نفسه ذكر تقرير لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونسكو) أن بعض الأنهار الجليدية الأكثر شهرة في العالم، بما في ذلك الموجودة في جبال دولوميت في إيطاليا ومتنزهي يوسمايت ويلوستون في الولايات المتحدة وجبل كليمنغارو في تنزانيا ستختفي بحلول 2050 بسبب الاحتباس الحراري بغض النظر عن تصورات ارتفاع درجة حرارة الأرض.
وتراقب اليونسكو نحو 18600 نهر جليدي في 50 موقعا من مواقع التراث العالمي التابعة لها، وقالت إن من المتوقع أن يختفي ثلثها بحلول عام 2050.
وبينما يمكن إنقاذ الباقي عن طريق الحفاظ على ارتفاع درجة الحرارة العالمية بأقل من 1.5 درجة مئوية مقارنة مع مستويات ما قبل عصر الصناعة، في تصور انبعاثات الأنشطة المعتادة، فإنه من الممكن أن يختفي حوالي 50 بالمئة من الأنهار الجليدية المدرجة في قائمة التراث العالمي بالكامل بحلول عام 2100.
وتمثل الأنهار الجليدية المدرجة في قائمة التراث العالمي كما حددتها اليونسكو حوالي 10 في المائة من مناطق الأنهار الجليدية في العالم، وتشمل بعضا من أشهر الأنهار الجليدية في العالم، والتي سيكون فقدانها ملحوظا بشكل واضح لأنها تمثل مقاصد محورية للسياحة العالمية.
ا.ف/ ع.أج (رويترز، د.ب.أ)
نهر دجلة.. شريان العراق الحيوي ضحية للتغير المناخي وسدود تركيا
بعد أن كان ينساب لآلاف السنين مارا بجنة عدن وسومر وبابل، بات نهر دجلة عرضة للتغير المناخي والجفاف والنشاط البشري الجائر مهدداً وجود شريان الحياة هذا. وضاعف بناء السدود التركية عند منبع النهر من تراجع منسوب المياة.
صورة من: Ayman Henna/AFP
روى نهر جنة عدن وسومر وبابل عبر التاريخ، لكنه بات اليوم يصارع الموت. إذ يهدّد النشاط البشري الجائر والتغيّر المناخي بمحو شريان حياة عمره آلاف السنوات في هذا البلد الذي يبلغ عدد سكانه 42 مليونا، ويعتبر مصدرا للحضارة وللزراعة، الكوارث الطبيعية لا تعد ولا تحصى.
صورة من: Murtadha Ahmed
باتت ظاهرة التغير المناخي ماثلة للعيان فبدءا من نيسان/ أبريل، تتجاوز الحرارة 35 درجة مئوية وتتتالى العواصف الرملية مغطية البشر والحيوانات والآلات بغشاء برتقالي. ثم يحل فصل الصيف، موسم الجحيم بالنسبة إلى العراقيين، حين تصل الحرارة إلى 50 درجة مئوية وتنقطع الكهرباء بسبب زيادة الضغط على الشبكة.
صورة من: Mohammed Falah Ibrahim/AA/picture alliance
أصبح العراق اليوم واحدا من أكثر خمسة بلدان في العالم عرضة لعواقب تغيّر المناخ، بحسب الأمم المتحدة، مع الجفاف وانخفاض نسبة الأمطار وارتفاع درجات الحرارة والتصحّر المتسارع. وتأثّر بذلك نهر دجلة مع تراجع الأمطار، وكذلك بسبب السدود المبنية في تركيا حيث ينبع النهر.
صورة من: Ayman Henna/AFP
تبدأ الرحلة العراقية لنهر دجلة في جبال كردستان العراق عند تقاطع العراق وسوريا وتركيا. هنا، يكسب السكان لقمة عيشهم من خلال زراعة البطاطا وتربية الأغنام.
صورة من: Ismael Adnan/AFP
تتهم السلطات العراقية والمزارعون الأكراد في العراق تركيا بقطع المياه عن طريق احتجازها في السدود التي أنشأتها على المجرى قبل وصوله الى العراق. وتؤكد الإحصاءات الرسمية ذلك: فمستوى نهر دجلة لدى وصوله من تركيا هذا العام لا يتجاوز 35 في المئة من متوسط الكمية التي تدفقت على العراق خلال المئة عام الماضية.
صورة من: Getty Images/B. Kara
كلما ازداد احتجاز المياه، قلّ تدفق النهر الذي يمتدّ على 1500 كيلومتر يجتازها نهر دجلة قبل أن يندمج مع توأمه نهر الفرات ويلتقيا في شط العرب الذي يصب في الخليج. ويشكّل هذا الملف مصدرا للتوتر الدائم في العلاقات بين تركيا والعراق.
صورة من: Ismael Adnan/AFP
تطلب بغداد بانتظام من أنقرة الإفراج عن كميات أكبر من المياه. وردا على ذلك، دعا السفير التركي لدى العراق علي رضا غوني في تموز/ يوليو الماضي العراقيين إلى "استخدام المياه المتاحة بفعالية أكبر". وأضاف في تغريدة "المياه مهدورة على نطاق واسع في العراق".
صورة من: Ayman Henna/AFP
الخبراء بدورهم يتحدّثون عن أساليب ريّ طائشة: كما في زمن السومريين، يستمر المزارعون العراقيون في إغراق حقولهم لريّها ما يؤدي إلى هدر هائل في المياه.
صورة من: picture-alliance/AP Photo/A. Khalil
في بعض الأماكن، يبدو النهر مثل برك ناتجة عن مياه الأمطار. فالتجمعات الصغيرة للمياه في مجرى نهر ديالى هي كل ما تبقى من رافد نهر دجلة في وسط العراق الذي بدونه، لا يمكن زراعة أي شيء في المحافظة. وبسبب الجفاف، خفضت السلطات هذا العام المساحات المزروعة في كل أنحاء البلاد إلى النصف. ونظرا إلى أن لا مياه كافية في ديالى، فلن يكون هناك حصاد.
صورة من: ddp images/AP Photo/Hadi Mizban
بحلول 2050، "سيؤدي ارتفاع الحرارة درجة مئوية واحدة وانخفاض المتساقطات بنسبة 10 بالمائة، إلى انخفاض بنسبة 20 بالمائة في المياه العذبة المتاحة" في العراق، وفق ما حذّر البنك الدولي نهاية عام 2021.
صورة من: Ahmad Al-Rubaye/AFP
بدورها حذّرت الأمم المتحدة والعديد من المنظمات غير الحكومية في حزيران/ يونيو الماضي من أن ندرة المياه والتحديات التي تواجه الزراعة المستدامة والأمن الغذائي، هي من "الدوافع الرئيسية للهجرة من الأرياف إلى المناطق الحضرية" في العراق. ووفقا لمنظمة الهجرة الدولية نزحت بحلول نهاية آذار/ مارس 2022 أكثر من 3300 أسرة بسبب "العوامل المناخية" في عشر مقاطعات من وسط البلاد وجنوبها.
صورة من: Ahmad Al-Rubaye/AFP
هذا الصيف، كان منسوب دجلة منخفضا في بغداد. وتقول وزارة الموارد المائية ذلك الى "الرواسب الرملية". ونظرا للرواسب لم تعد تنصرف باتجاه الجنوب بسبب نقص تدفّق المياه، تراكمت في قاع النهر واختلطت بالمياه المبتذلة، ما أدى إلى صعوبة تدفق مياه النهر.
صورة من: Hadi Mizban/AP Photo/picture alliance
حتى وقت قريب، كانت الحكومة ترسل آلات لشفط الرمال الراكدة في قاع النهر، لكن بسبب نقص الموارد، توقّفت غالبية المضخات عن العمل. ومع انخفاض منسوب المياه العذبة، بدأت مياه البحر تغزو شط العرب. وتشير الأمم المتحدة والمزارعون بأصابع الاتهام إلى أثر تملّح المياه على التربة وانعكاساته على الزراعة والمحاصيل.
صورة من: Andrew Parsons/EPA/dpaweb/picture-alliance
بلغ مستوى الملوحة في شط العرب في شمال البصرة 6800 جزء في المليون، وفق ما أفادت السلطات المحلية مطلع آب/ أغسطس 2022. من حيث المبدأ، لا تتجاوز نسبة الملوحة في المياه العذبة ألف جزء في المليون، وفقا لمعايير المعهد الأمريكي للجيوفيزياء الذي يحدّد مستوى المياه "المتوسطة الملوحة" بين ثلاثة و10 آلاف جزء في المليون.
صورة من: Nabil al-Jurani/AP Photo/picture alliance
وأدى ذلك إلى هجرة أنواع معينة من أسماك المياه العذبة التي تحظى بشعبية كبيرة لدى الصيادين من شط العرب، ما يتسبب في ظهور أنواع أخرى تعيش عادة في أعالي البحار.
صورة من: Ismael Adnan/ZUMAPRESS.com/picture alliance