شتاينماير يحذر من "تزييف اليمين للتاريخ وتدمير الديمقراطية"
١٣ فبراير ٢٠٢٠
حذر الرئيس الألماني فرانك فالتر شتاينماير من تدمير الديمقراطية في ألمانيا من داخل البرلمان الألماني ذاته، كما حذر من محاولات اليمين المتطرف استغلال قصف الحلفاء لمدينة درسدن، منددا بـ"المتلاعبين بالتاريخ سعيا لتوظيفه".
صورة من: picture-alliance/dpa/R. Michael
إعلان
قال الرئيس فرانك فالتر شتاينماير اليوم الخميس (13 فبراير/شباط 2020) في دريسدن إن الحياة السياسية تشهد الآن "كيف أن دولة القانون والمؤسسات الديمقراطية يستهان بها الآن ويهان ممثلوها ويهاجمون".
وفي كلمته، بمناسبة مرور 75 عاما على تدمير دريسدن في الحرب العالمية الثانية، قال شتاينماير "حين يعرض بعض النواب المنتخبين اليوم البرلمانات التي يجلسون داخلها بصورة مضحكة، فإن ذلك يعد محاولة لتدمير الديمقراطية من الداخل"، في إشارة ما حدث مؤخرا في ولاية تورينغن لكنه لم يذكر حزب "البديل من أجل ألمانيا" الشعبوي بالاسم.
كان عضو الحزب الديمقراطي الحر في ولاية تورينغن توماس كيمريش انتخب بداية شباط/ فبراير الجاري رئيسا لوزراء ولاية تورينغن بمساندة من أصوات "حزب البديل من أجل ألمانيا" اليميني الشعبوي، برغم أن هذا الحزب كان متقدما بمرشح منافس. وأدى هذا الحدث إلى أزمة سياسية كبيرة في الولاية وامتد أثرها إلى العاصمة برلين.
وربط شتاينماير بين ذكرى تدمير دريسدن قبل 75 عاما وبين مناشدة من جانبه للدفاع عن الديمقراطية. وأشار شتاينماير خلال الكلمة التي ألقاها داخل قصر الثقافة في دريسدن، إلى أن قصف دريسدن "يذكر بتدمير دولة القانون والديمقراطية في جمهورية فيمار، والتعالي القومي في ذلك الوقت، واحتقار الإنسان، ومعاداة السامية والجنون العنصري، مؤكدا بالقول: "وأنا أخشى ألا نكون قد تخلصنا من هذه المخاطر إلى اليوم".
وفي السياق نفسه حذّر شتاينماير بشدة من محاولات اليمين المتطرف استغلال قصف الحلفاء لمدينة دريسدن خلال الحرب العالمية الثانية، داعيا مواطنيه "إلى الاعتراض بصوت عال وبشكل حاسم، بوصفهم ديموقراطيين، على أولئك الذين ما زالوا يقارنون حتى اليوم بين قتلى دريسدن وقتلى أوشفيتز (...)، والذين يتعمدون تزييف الوقائع التاريخية".
لكن هذه الذكرى تشكل كل عام فرصة للنازيين الجدد لتنظيم "مسيرة"، متكئين على أسطورة "مدينة شهيدة" قضى عليها الحلفاء بدون مبرر. وذكّر الرئيس بأن "الألمان هم من أطلقوا تلك الحرب الرهيبة" والنازيون هم من "نظموا إبادة جماعية ليهود أوروبا". وتقام مسيرة النازيين الجدد والتظاهرات المضادة لها السبت وسط انتشار كثيف للشرطة.
من جهته، أقام حزب البديل من أجل ألمانيا اليميني الشعبوي منصة إعلامية في ساحة المدينة المركزية، على وقع صعوده المتنامي في شرق ألمانيا محققا افضل نتائج له في مقاطعة ساكس التي عاصمتها دريسدن. والهدف من هذه المبادرة المطالبة بتكريم "يليق بضحايا (القصف) ممن تم إحصاؤهم أو لم يتم إحصاؤهم".
ويشكك الحزب في إشارة المؤرخين إلى سقوط 25 الف قتيل في دريسدن. ويقول رئيسه المشارك تينو كروبالا إن الحصيلة "تناهز مئة ألف قتيل"، موضحا لأسبوعية دير شبيغل أنه يستند في ذلك إلى ما روته جدته ووالده و"شهود آخرون" أكدوا له أن "تلالا من الجثث" ملأت شوارع المدينة في شباط/فبراير 1945.
وساد جدل لعقود حول العدد الفعلي لضحايا القصف. لكن لجنة من المؤرخين خلصت العام 2010، بعد ستة أعوام من الأبحاث، إلى أن 25 ألف شخص قضوا جراء 650 الف قنبلة حارقة ألقاها الأميركيون والبريطانيون، ما يعني أن "حصة" دريسدن كانت أقل من "حصتي" هامبورغ وكولونيا اللتين تعرضتا لتدمير شبه كامل.
ع.ج.م/ع.ش (د ب أ، أ ف ب)
في الذكرى الـ80 ـ تدمير مدينة دريسدن شاهد على بشاعة الحروب
قبل 80 عاما، قام الحلفاء بقصف مدينة دريسدن الألمانية، فأحالوها إلى خراب، وتشير التقديرات إلى مقتل ما لا يقل عن 25 ألف شخص جراء القصف. ودمرت القذائف واحدة من أجمل المدن الألمانية، التي بدت كأنها تعرضت لزلزال مدمر.
صورة من: Getty Images/Matthias Rietschel
في 13 شباط / فبراير من العام1945 قامت قوات من سلاح الجو البريطاني، وقوات من سلاح الجو الأمريكي، بقصف مكثف على مدينة دريسدن،في خلال 23 دقيقة فقط بدت المدينة وكأنها مغطاة بسجادة من القنابل، وتم تدمير مركز المدينة بالكامل، القصف الأمريكي البريطاني أدى إلى تدمير ما محيطه 15 كيلو متر مربع بالكامل وسويت أبنيته بالأرض.
صورة من: picture-alliance/dpa
من جراء القصف تعرضت كنيسة "هوف كيرشة" الكاثوليكية الى تدمير شديد، وتدمر السقف والقبو الداخلي تماما، الكنيسة هي واحدة من أكبر الكنائس في مدينة دريسدن، وأنشأت بنفس المرحلة الزمنية تقريبا، مع الكنيسة البروتستانتية المشهورة "فراون كيرشه" وتبعد عنها حوالي 300 مترا فقط.
صورة من: picture-alliance/dpa
أيضا النصب التذكاري للمصلح مارتن لوثر الموضوع أمام الكنيسة البروتستانتية "فراون كيرشه"، أصابه الضرر من جراء القصف، النصب التذكاري هو عمل للنحات الألماني أدولف دوندورف في العام 1861، وتم عرضه للجمهور ابتداء من العام 1885.
صورة من: picture-alliance/akg-images
كنيسة فراون كيرشه والتي تعود الى العصر الباروكي تم تدميرها، وبقيت حتى العام 1993 على حالها، كتذكار للدمار العبثي الذي أصاب المدينة، بعدها تم إعادة بناء الكنيسة من جديد، أحد الفنانين البريطانيين المشاركين في إعادة إعمار الكنيسة،كان والده أحد الطيارين البريطانيين الذين شاركوا في قصف المدينة.
صورة من: picture alliance/dpa
بين العام 1994 والعام 2005 تم إعادة إعمار كنيسة " فراون كيرشه" بناء على التبرعات من جميع انحاء العالم، تكاليف الاعمار قاربت على 130 مليون يورو.
صورة من: picture-alliance/dpa/M. Hiekel
الكثير من السياح ألان، يتجولون في أحياء المدينة، ويتعجبون من أعادة اعمار المدينة المتقنة، كنيسة الهوف كيرشة الكاثوليكية، كان بناؤها ضروريا في محافظة ساكسونيا البروتستانية، اذ تذكر كتب التاريخ أن أوغستين الثاني الملقب باوغستين القوي حاكم ساكسونيا قد اضطر لتغير معتقده الديني من بروتستانت إلى كاثوليك، من أجل التمكن من ضم التاج البولندي لحكمه، الكنيسة الكاثوليكية بنيت من العام 1739 وحتى العام 1754.
صورة من: picture alliance/Johanna Hoelzl
النصب التذكاري لمارتن لوثر، الذي تضرر في العام 1945، انتظر عرضه مجددا أمام الجمهور حوالي العشر سنوات، في العام 1955 تم عرضه مجددا، وقبل ترميمه في الفترة ما بين 2003ـ2004 ، كان النصب التذكاري بموضعه قبالة الفراون كيرشه، مثالا على الدمار الذي أصاب المدينة.
صورة من: imago/Chromorange
اليوم تعتبر المدينة واحدة من أجمل المدن الألمانية، وهي عاصمة لولاية ساكسونيا، ويبلغ عدد سكانها 550 ألف نسمة، وتعتبر وجهة سياحية مهمة، نظرا للطراز المعماري للمدينة الذي يعود إلى العصر الباروكي
صورة من: picture-alliance/dpa/A. Lander
في إحدى المعامل السابقة لتخزين وضخ الغاز في دريسدن، يستطيع الزوار ألان مشاهدة بانوراما ضخمة للحرب ولقصف المدينة ،مما يمكنهم من معايشة هذه اللحظات العصيبة، التي مرت على المدينة، الفنان يديجار اسيسي ،أوجد جدارية تذكارية ضخمة، تجسد أوقات الحرب، وتظهر الجدارية مدى الدمار الذي لحق بالمدينة، وخاصة التدمير الكامل لمركز المدينة. ايفيتا اندورسكوفا / علاء جمعة
صورة من: Getty Images/Matthias Rietschel
في الذكرى الـ 80 هذا العام (13.2.2025) تستعد المدينة لإحياء هذه الذكرى الأليمة. ومن جانبها تستعد مجموعات يمينية متطرفة التظاهر والاحتفاء بهذه الذكرى بطريقتها. وتتوقع الشرطة خروج مظاهرات مضادة لليمين وسط مخاوف من مصادمات. لكن الآلاف يستعدون للاحتفال بطريقة سلمية وتشكيل سلسلة بشرية.