شتاينماير يدعو لتشكيل تحالف لدعم الديمقراطية ومناهضة التطرف
٢٩ يناير ٢٠٢٤
في خضم احتجاجات حاشدة ضد اليمين في ألمانيا، دعا الرئيس الألماني فرانك-فالتر شتاينماير إلى تشكيل تحالف واسع النطاق لدعم الديمقراطية ومناهضة التطرف، مشيرا إلى أن "المظاهرات وتحالفات الشركاء الاجتماعيين لا تحل محل السياسة".
إعلان
قال الرئيس الألماني فرانك-فالتر شتاينماير اليوم الاثنين (29 يناير/كانون الثاني 2024) في برلين: "عندما تتعرض ديمقراطيتنا للهجوم، فإن هذا يعني تجاوزا للحدود توضع عنده الخلافات جانبا. في هذه الحالة يجب على الوسط الديمقراطي، الذي يمثل الأغلبية الكبيرة في مجتمعنا، أن يتخذ موقفا"، مشيرا إلى أنه يجب أن يصبح واضحا عبر قطاع الأعمال والثقافة والمجتمع "إننا لن ندع /صائدي الفئران/ المتطرفين ليدمروا هذا البلد".
وأضاف شتاينماير أن" الأخبار حول خطط تجريد الجنسية التي يسعى من خلالها يمينيون متطرفون إلى طرد ملايين الأشخاص، بما فيهم مواطنون ألمان، هزت بلادنا" مشيرا إلى أن مظاهرات الأسابيع الماضية قدمت مثالا يحتذى به.
والتقى الرئيس الألماني في برلين ممثلين عن نقابات وروابط اقتصادية ومجالس عمال، وقال شتاينماير إنه دائما عندما يصبح الأمر جديا، فإن التعاون بين الشركاء الاجتماعيين يساعد في التغلب على الأزمات.
ورأى شتاينماير أن تشكيل تحالف ضد التطرف وحده لا يمكنه أن يحدث الفرق، وقال إن "المظاهرات وتحالفات الشركاء الاجتماعيين لا تحل محل السياسة. نحتاج إلى حكومات ومعارضة، تؤدي عملها بشكل جيد". لكنه أضاف أنه يمكن أن إظهار تحمل المسؤولية بشكل مشترك من شأنه أن يكون مشجعا.
من جانبه أنتقد "حزب البديل من أجل ألمانيا" شتاينماير، وقال تينو كروبالا، زعيم الحزب ورئيس كتلته البرلمانية، إنه يود ألا يتصرف الرئيس الاتحادي كعضو سابق في الحزب الاشتراكي الديمقراطي ينحاز إلى أحد الجانبين، بل "يجب أن يحاول توحيد هذا البلد والتصدي لهذا الانقسام الذي أراه حاليا والذي يقلقني أيضا".
وشهدت ألمانيا مظاهرات مناهضة لليمين المتطرف في كل أنحاء البلاد ، وكثيرا ما كان يزيد عدد المشاركين في هذه المظاهرات عن المتوقع. كما تظاهر أمس الأول الخميس عشرات آلاف الأشخاص في العديد من المدن الألمانية للإعراب عن الاحتجاج على التطرف اليميني.
لكن بيرند باومان، الرئيس التنفيذي للكتلة البرلمانية لحزب البديل من أجل ألمانيا ، يرى بأن الاحتجاجات على سياسة الحزب بمثابة "المحاولة الأخيرة أو المجهود الأخير لكسب نقاط بطريقة أو بأخرى في الانتخابات المقبلة" المزمع إجراؤها في العام الحالي. ورأى باومان أن الذين خرجوا إلى الشوارع هم "بضع مئات الآلاف" لكن حزب البديل لديه 10 مليون ناخب، حسب زعمه.
وجاءت هذه الاحتجاجات كرد فعل بعد أن كشفت منصة "كوريكتيف" الإعلامية أن عدة مسؤولين كبار في "حزب البديل من أجل ألمانيا" اليميني الشعبويالتقوا في مدينة بوتسدام شرقي ألمانيا في الخامس والعشرين من تشرين الثاني/نوفمبر الماضي مع شخصيات يمينية متطرفة من بينها النمساوي مارتن زيلنر، الذي تزعم على مدار فترة طويلة حركة الهوية الاشتراكية الأوروبية المتطرفة التي تعارض بشدة هجرة المسلمين إلى أوروبا.
"مواطنو الرايخ".. متطرفون ألمان يخططون لإسقاط الدولة
يُعرف عن أعضاء حركة "مواطني الرايخ" التطرف اليميني والعنف وعدم الاعتراف بجمهورية ألمانيا الاتحادية التي تأسست بعد انهيار النازية. فما هي هذه الحركة؟ وما الخطر الذي تشكله؟ وكيف تتعامل معهم ألمانيا؟
صورة من: picture-alliance/chromorange/C. Ohde
ماذا يعتقد أعضاء الحركة؟
ترفض حركة "مواطني الرايخ" وجود شيء اسمه الدولة الألمانية الحديثة، ويصرّ أعضاء الحركة على أن الامبراطورية الألمانية لا تزال قائمة بحدود 1937 أو حتى بحدود 1871. تقول الحركة إن ألمانيا حاليا لا تزال محتلة من لدن القوى الأجنبية، وأن البرلمان والحكومة وكذلك السلطات الأمنية، ليست سوى دمى متحكم فيها من تلك القوى.
صورة من: picture-alliance/SULUPRESS/MV
فولفغانغ إبل.. أول "مواطني الرايخ"
فولفغانغ إبل من برلين الغربية هو أول من قال باستمرار وجود "دولة الرايخ". عمل إبل في خدمة القطارات المحلية ببرلين التي أدارتها آنذاك حكومة ألمانيا الشرقية تحت اسم "دويتشه رايشسبان". وعند تسريحه من وظيفته عام 1980، زعم بأنه كان موظفا حكوميا بالفعل في "دولة الرايخ" ولا يمكن إقالته من قبل مؤسسة قامت بعد الحرب. لكنه خسر كل الدعاوى القضائية التي رفعها ليتبنى بعد ذلك نظريات متطرفة وعنصرية.
صورة من: picture-alliance/dpa/D. Ebener
ماذا يفعل أعضاؤها؟
يرفض المنتسبون للحركة أداء الضرائب أو الغرامات. يعتبرون أن كل ما يجنونه مالهم الخاص وأن ممتلكاتهم كالمنازل هي أمور بعيدة تماما عن أيّ تنظيم أو إشراف من سلطات الدولة. يرفض أعضاؤها كذلك الإقرار بالدستور الألماني وبقية القوانين الموجودة في البلد، لكنهم في الآن ذاته يرفعون عدة دعاوى قضائية! يقومون بإعداد أوراقهم الخاصة غير المعترف بها كجوازات السفر ورخص القيادة.
صورة من: picture-alliance/Bildagentur-online/Ohde
كيف تطوّرت الحركة؟
بدأت الحركة سنوات الثمانينيات، لكن ما بدا أنه مجموعة ضعيفة دون قيادة، تطوّر إلى حركة من حوالي 19 ألف منتسب بحسب ما تؤكده الاستخبارات الألمانية. حوالي 950 من أعضائها تم تصنيفهم متطرفين من أقصى اليمين. على الأقل ألف عضو في الحركة يملكون رخص حيازة السلاح، وعدد كبير منهم يتبنون إيديولوجيات معادية للسامية وللأجانب.
صورة من: picture-alliance/dpa/R. Weihrauch
ما هي سمات أعضائها؟
يبلغ معدل أعمار أعضاء المجموعة 50 عاما. الرجال هم الجنس الأكثر حضورا داخلها. كما تجذب أشخاصًا يعانون من مشاكل مالية واجتماعية. يترّكز أعضاؤها بشكل أكبر في جنوبي وكذلك شرقي البلاد. من أشهر أسمائها، أدريان أرساخي، متوج سابق بلقب أكثر رجال ألمانيا وسامة. يقضي حاليا عقوبة بسبع سنوات، منذ الحكم عليه عام 2019 بعد إطلاقه النار وتسبّبه بجروح لرجل شرطة.
صورة من: picture-alliance/dpa/H. Schmidt
المنعطف الخطير
تُعتبر قضية فولفغانغ ب. ، الذي حُكم عليه بالسجن مدى الحياة عام 2017 بعد إدانته بقتل ضابط شرطة، هي المنعطف الذي دفع السلطات الألمانية إلى التعامل بشكل أكثر جدية مع متطرّفي هذه المجموعة. قام هذا المُدان بإطلاق النار على ضباط كانوا يفتشّون منزله بحثًا عن إمكانية حيازته أسلحة نارية. أحدثت الجريمة ضجة كبيرة وجذبت أنظار العالم كما طرقت ناقوس الخطر حول العنف اليميني المتطرف في ألمانيا.
صورة من: picture-alliance/dpa/D. Karmann
جهود متأخرة
يتهم متتبعون ألمانيا بأنها لم تأخذ لمدة طويلة التهديد الذي تمثله هذه المنظمة على محمل الجد، ففي 2017 فقط بدأت الأجهزة الأمنية الألمانية لأول مرة بتوثيق الجرائم ذات الخلفية المتطرفة بين المجموعة. منذ ذلك الحين، تكرّرت المداهمات الأمنية لأهداف الحركة، كما قامت السلطات بحظر العديد من أنشطتها وفروعها. كذلك حقق جهازا الشرطة والجيش داخلياً لمعرفة إذا ما وُجد أعضاء أو متعاطفون مع الحركة بين صفوفهما.
صورة من: picture-alliance/dpa/P. Zinken
"إخوة" عبر العالم
رغم إعلان تشبثها بـ"الامبراطورية الألمانية"، إلّا أن عددا من أعضائها ظهروا مع العلم الروسي، ما قوّى اتهامات للحركة بأنها مدعومة من روسيا لأهداف تضرّ بالسلطات الألمانية. هناك تشابه بين "مواطني الرايخ" والحركة الأمريكية "حرية على الأرض" التي يؤمن أعضاؤها أنهم لا يحترمون إلّا القوانين التي تناسبهم بها وبالتالي فهم مستقلون عن الحكومة وقوانينها.
صورة من: DW/D. Vachedin
الأمير هاينريش الثالث عشر.. قائد المؤامرة
تزعم الأمير هاينريش الثالث عشر مجموعة "مواطني الرايخ" المتهمة بتدبير مؤامرة الانقلاب التي كشفت عنها السلطات مؤخرا. كان هاينريش قد خسر كل القضايا التي رفعها لاستعادة ممتلكات تعود لحقبة القيصر. وزعم بعد ذلك أن جمهورية ألمانيا الاتحادية قامت على أسس غير صحيحة، مرددا عبارات معادية للسامية وروج لإحياء الإمبراطورية وزعم أنه جرى تفكيكها ضد رغبة الشعب. إعداد: سامانثا إيرلي، رينا غولدينبرغ (ترجمة إ.ع/ م.ع)