"شرعنة" المستوطنات... يثير جدلا قانونيا وسياسيا في إسرائيل
٨ فبراير ٢٠١٧أقام مستوطنون يهود نحو 4000 وحدة سكنية في الضفة الغربية على أراضي خاصة بفلسطينيين. وظلت تلك البنايات حتى الآن حسب القانون الإسرائيلي غير قانونية. غير أن غالبية داخل الكنيست تريد الآن تغيير هذا الوضع. وبمجموع 60 أمام 52 صوتا وافقوا على قانون يضفي الشرعية لاحقا على بناء مستوطنات.
لكن هذا القانون الجديد يجب أولا أن يمر عبر المؤسسات القانونية، ومن المشكوك فيه أن يجتاز المحكمة. ويقول رجل القانون يوفال شاني من الجامعة العبرية بالقدس إن غالبية القانونيين الإسرائيليين تتوقع أن ترفض المحكمة العليا القانون. وأوضح شاني:"النائب العام الإسرائيلي أوضح أيضا أنه لن يعتبر القانون متماشيا مع الدستور. وحسب تقديره فإنه لا يتناسب مع القانون الدولي. ولهذا لا يريد هو الدفاع عن القانون أمام المحكمة".
"إحدى الحكومات اليمينية خلال الـ 30 سنة الأخيرة"
ورأى القانون النور في وضع سياسي خاص داخل الكنيست، كما أعلن خبير الشؤون الإسرائيلية بيتر لينت من مؤسسة العلوم والسياسة الذي أضاف:"الحكومة الإسرائيلية الحالية تُعد من الحكومات المتطرفة يمينيا خلال الـ 30 سنة الأخيرة. بعض أعضاءها اعتبروا دوما أن الضفة الغربية جزء من إسرائيل".
هذا الجناح اليميني تقوى في السنتين الأخيرتين. وفي بداية فبراير أخلت السلطات الإسرائيلية مستوطنة عامونا الإسرائيلية ـ تحت احتجاج كبير من قبل المستوطنين ومسانديهم. وأرادت الحكومة بالقانون الجديد تهدئة خواطر المنتقدين، علما أنها تقيم تحالفا مع الحزب القومي المحافظ "بيتنا اليهودي" المتعاطف مع المستوطنين.
انتقادات دولية
وأثار القانون انتقادات دولية كثيرة، إذ انتقدت وزارة الخارجية الألمانية بشدة الشرعنة اللاحقة للمستوطنات اليهودية. وقال متحدث باسم الوزارة الثلاثاء:"الكثيرون في ألمانيا الذين يقفون إلى جانب إسرائيل تركتهم هذه الخطوة في خيبة أمل". وحتى الحكومة الفرنسية والبريطانية انتقدتا القانون على غرار الأمم المتحدة.
ولا يبالي مساندو القانون الجديد داخل الكنيست بهذه الانتقادات. ويقول بيتر لينت إنهم يعولون على حماية الإدارة الأمريكية الجديدة تحت قيادة دونالد ترامب."وهذا ما اتضح جليا أثناء المصادقة على القانون، إذ وجه أحد أصحاب المبادرة الشكر بصراحة لترامب".
ويبدو أن الثقة كبيرة في ترامب، ما يشجع مساندي القانون على اللامبالاة بالانتقادات الصادرة من أوروبا. ومنذ مدة طويلة تتعرض سياسة الاستيطان الإسرائيلية للانتقاد من قبل غالبية الدول الأوروبية.
توجه له مخاطره
هذا النهج يظل محاطا بمخاطرة، لأنه لا يُعرف كيف تقف الإدارة الأمريكية الجديدة تجاه بناء المستوطنات. ترامب يُعد صديقا كبيرا لإسرائيل. ولقيت فكرته التي تقضي بنقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس ترحيبا كبيرا لدى اليمين الإسرائيلي. غير أن الحكومة الأمريكية الجديدة أعلنت قبل أيام أن بناء مستوطنات إسرائيلية جديدة "لا يساعد".
وعليه فان أعضاء الكنيست يتبعون نهج مواجهة قوي، لأن تبني القانون الجديد لا يعني سوى العدول عن حل الدولتين الجارتين. ويقول بيتر لينت، خبير الشؤون الإسرائيلية:"المستوطنات غير الشرعية التي يتم شرعنتها هنا كانت تهدف أصلا إلى عرقلة حل الدولتين. فكرة حركة المستوطنين كانت منع الانسحاب الإسرائيلي".
الرأي العام الإسرائيلي المنقسم
ويثير القانون الجديد جدلا داخل المجتمع الإسرائيلي. 50 في المائة من السكان اليهود يعتبرون توسيع المستوطنات غير ذكي سياسيا. وحتى بعض وسائل الإعلام الإسرائيلية عبرت عن انتقاد قوي. وافترضت صحيفة هآريتز أن نتانياهو غير مقتنع بالقانون نظرا للمخاطر التي يكتنفها. وعلى خلفية أن تواجه إسرائيل عزلة متزايدة دوليا بسبب القانون الجديد، فإنه يأمل أن ترفض المحكمة العليا القانون. واعتبرت الصحيفة أن هذا الأسلوب في التسيير الحكومي يدل على ضعف في القيادة، لأن هناك مخاطرة بمصالح البلاد أملا في إنقاذ المصير السياسي الشخصي.
كرستين كنيب/ م.أ.م