شركات ألمانية تطالب بتحالف عسكري لحماية النقل بالبحر الأحمر
١٦ ديسمبر ٢٠٢٣
بعد هجمات نفذها المتمردون الحوثيون من اليمن على سفن تجارية في البحر الأحمر، طالبت رابطة تعنى بمصالح شركات الملاحة الألمانية بتشكيل تحالف عسكري دولي لحماية النقل البحري المدني في أحد شرايين التجارة الدولية.
إعلان
طالبت رابطة شركات الملاحة الألمانية بتشكيل تحالف عسكري دولي لحماية النقل البحري المدني في البحر الأحمر وذلك بعد هجوم الحوثيين الذي وقع على سفينة حاويات تابعة لشركة هاباغ-لويد الألمانية في البحر الأحمر أمس الجمعة.
وفي مقابلة تلفزيونية، قال الرئيس التنفيذيللرابطة مارتين كروغر اليوم السبت (16 كانون الأول/ديسمبر 2023): "سيكون من المناسب أن تشارك ألمانيا في هذا" مشيراً إلى أن هناك تواجد لسفن تابعة للبحرية الأمريكية والفرنسية والبريطانية في المنطقة.
وأوضح كروغر أن المسألة لا تتعلق بحماية السفن التجارية وحسب بل بحماية البحارة أيضاً، وقال: "إذا تخيلتم أنكم على متن السفينة وجرى قصفها بصواريخ أو مسيرات أو صواريخ كروز، فهذا بالطبع تصعيد للعنف بطريقة لم نشهدها من قبل قط مع النقل البحري التجاري، وهو عنف غير مقبول تماماً".
وكانت رئيسة لجنة الدفاع في البرلمان الألماني (بوندستاغ) ماري-اغنيس شتراك-تسيمرمان أعربت في وقت سابق عن تأييدها لمشاركة محتملة للبحرية الألمانية في حماية حرية النقل البحري في البحر الأحمر.
وأشار كروغر إلى تجارب سابقة في حماية سفن الحاويات من هجمات القراصنة في منطقة القرن الأفريقي، وقال: "كانت رحلات القوافل من أكثر الوسائل فعالية حيث تقوم سفن من البحرية بمرافقة السفن التجارية"، ونوه إلى أن لدى السفن البحرية الأسلحة اللازمة للتصدي لهجمات الطائرات المسيرة والصواريخ.
وكانت سفينة الحاويات "الجسرة" التابعة لشركة هاباغ-لويد تعرضت للقصف في المضيق البحري بين اليمن وجيبوتي أمس الجمعة ما أسفر عن وقوع أضرار للسفينة التي عبرت قناة السويس وكانت في طريقها من ميناء بيريوس اليوناني إلى سنغافورة، وعلى إثر ذلك قامت الشركة بتعليق حركة السفن في البحر الأحمر حتى بعد غد الاثنين.
مجموعة فرنسية تعلن وقف مرور سفنها عبر البحر الأحمر
واليوم السبت أعلنت شركة "سي أم آ سي جي أم" الفرنسية للنقل البحري أنها علقت عبور سفن الحاويات التابعة لها في البحر الأحمر، على غرار مجموعتي "مايرسك" الدنماركية و"هاباغ-لويد" الألمانية.
وقالت بريطانيا اليوم السبت إن إحدى سفنها الحربية أسقطت طائرة مسيرة يشتبه أنها هجومية كانت تستهدف سفناً تجارية في المنطقة.
وكثف الحوثيون هجماتهم على السفن في الأسابيع الماضية وأطلقوا طائرات مسيرة وصواريخ باتجاه إسرائيل، واستهدفوا مدينة إيلات على البحر الأحمر اليوم السبت.
وتعهد الحوثيون، الذين يسيطرون على معظم اليمن، بمواصلة هجماتهم حتى توقف إسرائيل هجومها في غزة، لكنهم قالوا أمس الجمعة إنهم لا يستهدفون سوى السفن المتجهة إلى الموانئ الإسرائيلية.
بيد أنّ شركة مارين ترافيك لتتبع السفن نشرت بيانات أظهرت أن السفينتين بالاتيوم 3 وألانيا، التابعة أيضاً لشركة البحر الأبيض المتوسط للشحن (إم.إس.سي) وتعرضت هي الأخرى لتهديد، كانتا متجهتين إلى مدينة جدة السعودية.
وباب المندب هو أحد أهم الطرق في العالم لشحن السلع الأولية بحراً، وخاصة النفط الخام والوقود من الخليج إلى البحر المتوسط عبر قناة السويس أو خط أنابيب سوميد القريب، بالإضافة إلى السلع المتجهة شرقاً إلى آسيا، ومنها النفط الروسي.
خ.س/أ.ح (د ب أ، رويترز)
باب المندب - مضيق لا تتراجع أهميته الاستراتيجية عبر التاريخ
أعلنت السعودية، أكبر مصدر للبترول في العالم "وقفا مؤقتا" لعبور صادراتها البترولية من مضيق باب المندب بعدما هاجم الحوثيون في اليمن ناقلتي بترول. وتظهر من جديد أهمية أمن باب المندب، المدخل الجنوبي للبحر الأحمر.
صورة من: picture alliance/Photoshot/BCI
أهمية منذ فجر التاريخ
لأن مضيق باب المندب يمثل البوابة الجنوبية للبحر الأحمر، أحد أهم البحار من الناحية التجارية والاستراتيجية منذ قدم التاريخ، بدأ الصراع للسيطرة عليه وتأمين عبور السفن فيه منذ أقدم العهود، بداية من مصر القديمة (الفرعونية) ومرورا بالإمبراطوريات المتعاقبة، وحتى القوى العظمى والإقليمية في عصرنا الحاضر.
صورة من: Getty Images/Hulton Archive
باب الدموع
كلمة المندب في اللغة العربية تعني البكاء والنواح على الميت، ولذلك تُحكى حول سبب تسميته بباب المندب حكايات كثيرة، منها ما يُقال أن أمهات الأفارقة على الجانب الغربي، كن يقفن ينحن على أولادهن، الذين أخذهم العرب عبيدا، إلى الشاطئ الآخر من المضيق.
داخل المياه الإقليمية لثلاث دول
وفقا للقانون الدولي فإن المياه الإقليمية لأي دولة عادة تمتد من ساحلها 12 ميلا بحريا (حوالي 22 كيلومتر) إلى داخل المياه. وبهذا يكون مضيق باب المندب واقعا ضمن المياه الإقليمية لثلاث دول، هي اليمن وجيبوتي وإريتريا، حيث يبلغ عرضه حوالي 30 كيلومتر بين رأس باب المندب شرقا ورأس سيان غربا.
صورة من: picture alliance/Photoshot/BCI
اليمن والسيطرة على باب المندب
في قلب مضيق باب المندب تقع جزيرة بريم اليمينة، التي تقسمه إلى ممرين بحريين أحدها شرقي ضيق، عرضه أقل من 4 كيلومتر وآخر غربي واسع (حوالي 21 كيلومتر) لكن توجد به أيضا جزر أخرى صغيرة تجعل اتساعه أقل من 18 كيلومتر. ويقول العالم العراقي عبدالزهرة شلش العتابي إن من يسيطر على عدن بالدرجة الأولى وجيبوتي بالدرجة الثانية يسيطر على مضيق باب المندب.
صورة من: Imago/photothek
أهمية استراتيجية
رغم أهميته الاستراتيجية منذ القدم، ازداد مضيق باب المندب أهمية بعد افتتاح قناة السويس في عام 1869، حيث أصبح الطريق الرئيسي للتجارة بين أوروبا وجنوب شرق آسيا بديلا عن طريق رأس الرجاء الصالح. وتعبر المضيق حاليا من الجنوب للشمال والشمال للجنوب نحو 21 ألف قطعة بحرية سنويا.
صورة من: picture-alliance/akg-images
الطريق الرئيسي لناقلات البترول
مع اكتشاف البترول في الجزيرة العربية في ثلاثينات القرن الماضي ازدادت أهمية باب المندب مرة أخرى حيث إنه يربط منطقة الانتاج (الجزيرة العربية) بمناطق الاستهلاك في أوروبا والولايات المتحدة. ويمر منه يوميا ما لا يقل عن 4 ملايين برميل نفط ، حسب الباحث المصري أحمد التلاوي.
صورة من: picture-alliance/dpa
ثغرة أمن قومي لدول عديدة
يشكل أمن مضيق باب المندب مسألة أمن قومي بالنسبة لدول إقليمية مثل مصر وإسرائيل ودول الخليج العربية، خصوصا السعودية. وهناك مخاوف من سيطرة الحوثيين، المدعومين من إيران على المضيق. واعترفت مصر في عام 2016 بوجود قوات بحرية لها في باب المندب "لوقف إمدادات الحوثيين بالسلاح والمواد اللوجستية".ا
صورة من: picture-alliance/dpa
القراصنة الصوماليون
قبل تهديد الحوثيين لأمن باب المندب كان هناك القراصنة الصوماليون، الذين ظهروا بقوة عام 2008، حيث بدأوا في مهاجمة السفن العملاقة في منطقة القرن الإفريقي مهددين الملاحة في باب المندب. غير أن التدخل الدولي جعل القرصنة تتراجع تماما منذ عام 2012.
صورة من: picture alliance/AP Photo/F.Abdi Warsameh
أهمية مزدوجة لدول الخليج
لا شك أن الاقتصاد العالمي يتأثر بأمن المضيق لكن بالنسبة لدول الخليج العربية فإن أمن باب المندب أهميته مزدوجة، فهو منفذ الخليج على أسواق النفط الأوروبية والأميركية، ومن ناحية أخرى فإن تهديد أمنه الآن يأتي من الحوثيين المدعومين إيرانيا. وعندما هاجم الحوثيون ناقلتي نفط سعوديتين أعلنت السعودية (الأربعاء 25/7/2018) وقفا مؤقتا لمرور نفطها في باب المندب. وارتفعت أسعار النفط عالميا.