كشفت تسريبات "وثائق بنما" عن تورط سياسيين ومشاهير وبنوك وأثرياء في امتلاكهم لشركات في ملاذات ضريبية، حيث ليست لها مقرات على أرض الواقع. ورغم قانونية هذه الشركات، تبقى الشبهات قائمة بشأن غسيل الأموال أوالتهرب الضريبي.
إعلان
حسب ما كشفت عنه "وثائق بنما" فإن كل من لاعب كرة القدم ليونيل ميسي، والرئيس الأوكراني بترو بورشينكو، والرئيس الأرجنتيني ماوريسيو ماكري، والملك السعودي سلمان بن عبد العزيز، وأمير قطر السابق حمد بن خليفة، وابن خال الرئيس السوري رامي مخلوف وغيرهم امتلكوا أو لا يزالون يمتلكون حتى اللحظة شركات وهمية والتي يطلق عليها صفة "شركات العنوان بريدي". وقد سمحت هذه التسريبات من مكتب الخدمات القانونية "موساك فونسيكا" بالإطلاع على 214 ألف شركة من هذا النوع.
عادة ما تكون هذه الشركة عبارة عن عنوان لصندوق بريد، غير أن هذا العنوان مهم للغاية. فمن خلاله يتم الحصول على مقر للشركة الوهمية. وتقوم السلطات المالية في دول "شركة العنوان البريدي" بجباية ضرائب منخفضة جدا على أموال وأعمال الشركة. وهذا هو السبب الذي يدفع بالكثيرين لتسجيل شركاتهم في تلك الدول، لأن نسبة الضرائب والجبايات في بلدانهم الأصلية تكون أعلى بشكل ملحوظ. ويحقق صاحب الشركة مكسب آخر: فلشركة يديرها غالبا شخصا آخر غير الأشخاص الممولين، فتبقى أسماؤهم خفية عن المتابعة الضرائبية في بلدانهم. كما يمكن بواسطة تلك الشركات إخفاء حركة الأموال، مما يساعد على غسل الأموال غير الشرعية ومضاعفة الأرباح.
مالكو شركات العنوان البريدي مجرمون؟
لا يعد امتلاك شركة خارج حدود الدولة خرقاً للقانون، عدا إن كانت عبارة عن "شركة عنوان بريدي". ويتساءل الخبير الضريبي وعضو البرلمان الأوروبي عن حزب الخضر، سفن غيغولد:"لماذا يتحمل مالك الشركة هذا العناء؟" ويجيب الخبير: "يتم ذلك، عندما يكون لديه شيء يخفيه عن بلده الأصلي".
الإشكالية القانونية تتجلى في أنه لا يمكن للسلطات المالية في البلد الأصلي لمالك الشركة استيفاء الضرائب على الأرباح. وهذا نوع من التهرب الضريبي، وبموجب "مبدأ الدخل العالمي" يلزم دفع الضرائب في البلد الذي يعيش فيه الشخص.
شركات للأثرياء فقط؟
مبدئيا يمكن لأي شخص فتح مثل هذه الشركة الوهمية، ولكن ما الفائدة من ذلك؟ ويجيب عضو البرلمان الأوروبي قائلا: "لا شيء!" لأنه يجب جني أرباح عالية من مثل تلك الشركات التي تحتاج إلى استثمارات ضخمة، على خلاف الموظف العادي الذي يقتطع من راتبه ضرائب بشكل مباشر. ولذلك فقلما يمكن لذوي الدخل المنخفض فتح مثل تلك الشركات.
وعلاوة عما سبق ذكره، فقد تكون الخدمات التي تقدمها مكاتب الخدمات القانونية، مثل موساك فونسيكا، باهظة التكاليف. يمكن تفهم مثل هذه الخطوة لو كانت هناك عدم ثقة لدى المستثمرين بالنظامين البنكي والقانوني في البلد الأصلي، كما يقول غيغولد، مؤلف كتاب "تجفيف الملاذات الضريبية". ويتابع: "السؤال الذي يطرح نفسه هو: هل تشكل بنما الملاذ الضريبي الأول على مستوى العالم؟"
ما استفادة السلطات الضريبية من "وثائق بنما"؟
حسب المعلومات الأولية من "وثائق بنما" فإننا نعرف الآن أن بعض مشاهير الرياضيين والساسة متورطون في"شركات العنوان البريدي". وتتيح هذه الوثائق للسلطات الضريبية إمكانية جديدة لملاحقة المتهربين من دفع الضرائب. "يتوجب الآن على السلطات الضريبية التأكد من أسماء الشركات الأنفة الذكر في الكشوف الضريبية للساسة والرياضيين الواردة أسماءهم في وثائق بنما "، حسب غيغولد. فهل تم تدوين كل المداخيل المالية للأشخاص الواردة أسماؤهم؟ وهل تم استيفاء ضرائب عليها؟ "في حال الأوربيين الواردة أسماؤهم في القائمة فإنه يمكننا القول إنهم لم يدونوا كل مداخليهم ولم يدفعوا ضرائب عليها".
ما الذي يمكن فعله حيال تلك الشركات؟
"مفتاح القضية بيد المصارف"، هذه هي قناعة غيغولد. لا يريد مالكو "شركات العنوان البريدي" إيداع أموالهم في بنما أو في ملاذات ضريبية فقط. فهم يودون تشغيل أموالهم. ولم يكن من العبث أن ظهرت في "وثائق بنما" أسماء عريقة لمؤسسات تمويلية ومصارف- بعضها ألمانية- فهذه المصارف والمؤسسات تفتح حسابات لأصحاب الشركات، وهم يودعون فيها أموالهم، وهي لاتسأل أصحاب الشركات عن مصدرتلك الأموال. لذلك فإن غيغولد يطالب كل البنوك بالإبلاغ عن كل شخص يقوم بمعاملات اقتصادية مع أي من دول الملاذات الضريبية.
لقد كان للولايات المتحدة تجربة في هذا المضمار. يتوجب على جميع البنوك السويسرية إبلاغ السلطات الأمريكية عن كل مواطن أمريكي تتعامل معه. وبالطبع فإن هذا خطوة أولى، لأنه يمكن للمالكين نقل أموالهم إلى مكان آخر- إلى بنما على سبيل المثال.
أضرار "شركات العنوان البريدي"
تتزايد الضغوط للقيام بشيء ما: فمن جهة، تخسر الدول مداخيل ضخمة بسبب التهرب الضريبي. ومن جهة أخرى يحصل الضرر المالي الأكبر بسبب ما تساهم به مثل هذه الشركات في جعل الجريمة مغرية وجذابة، كما يقول غيغولد. "فلولا وجود هذا النظام المالي القذر، الذي يوفر ملاذاً آمناً، لما زادت التجارة بالمخدرات بالسلاح" والكلام دائما للخبير.
وللمسألة تأثيرات اجتماعية خطيرة؛ فعندما يتمكن الأثرياء من التهرب من الضرائب ولا يمكن تقديمهم للعدالة. "سيدمر هذا على المدى الطويل الثقة في الديمقراطية وحكم القانون"، كما يستخلص الخبير الضريبي.
وثائق بنما.. كشف المستور عن شخصيات سياسية عربية
لا يزال صدى تحقيق الاتحاد الدولي للصحافيين الاستقصائيين وصحيفة زوددويتشه تسايتونغ الألمانية استنادا لملايين الوثائق التي سربها مكتب المحاماة البنمي "موساك فونسيكا" يتفاعل عالميا. من هم القادة العرب الواردة أسماءهم فيها؟
صورة من: Getty Images/AFP/A. Jocard
ذكرت الوثائق أن للملك السعودي سلمان بن عبد العزيز "دورا غير محدد" في شركتين مسجلتين في "جزر العذراء البريطانية". حصلت الشركتان على قرضين بقيمة 36 مليون دولار عام 2009 لشراء شقق فاخرة في لندن ويخت. وبينما لم تحدد الوثائق دور الملك السعودي بالضبط، إلا أنها ذكرت أن القرضين "لهما صلة" به وبممتلكاته.
صورة من: Getty Images/AFP/S.Loeb
في الأول من أكتوبر عام 2007 اشترى فرع البنك السويسري UBS في باريس شركتي Alyneth Limited و Havelock Capital Corporation المسجلتين في بنما. ثم طلب البنك فتح حساب لشركة Havelock Capital Corporation بشكل عاجل. وفي نفس اليوم أخذ الأمير ولي العهد ووزير الداخلية السعودي محمد بن نايف، تفويضاً بالتصرف بالشركتين وحساباتهما المصرفية. وفي آذار 2014 أغلق الأمير حساب شركة هافلوك ثم جمدها في ابريل 2014.
صورة من: picture alliance/AP Photo/H. Ammar
امتلك امير قطر السابق حمد بن خليفة آل ثاني منذ سبتمبر 2013 أغلب أسهم شركتي Rienne S.A وYalis S.A. وتمتلك الشركتان ودائع في بنك "أوف تشينا" في لوكسمبورغ. كما يمتلك حمد بن جاسم 25 بالمائة من أسهم الشركتين.في عام 2014 قد قام محام في لوكسمبورغ بمحاولة شراء شركة Afrodille S.A المسجلة في جزر العذراء.
صورة من: AP
في عام 2002، امتلك حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني شركة في جزر العذراء وثلاث شركات أخرى في جزر البهاما. وفي عام 2004 أصبح مديراً لها. ثم قام بحل هذه الشركات. وفي عام 2011 عندما بدأت قطر بالاستثمار في الشركات في لوكسيمبورغ، اشترى حمد أربع شركات بنمية. وقد شغل حمد منصب وزير خارجية قطر من 1992 وحتى 2013 ورئيس الوزراء من 2007 وحتى 2013. وكان أيضا رئيس هيئة الاستثمار القطرية.
صورة من: Reuters
امتلك الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات 30 شركة على الأقل مسجلة في جزر العذراء. ومن خلالها امتلك عقارات سكنية وتجارية في مناطق غالية في لندن، وتبلغ قيمتها على الأقل 1.7 مليار دولار. وقد مول الشيخ شراءه من خلال قروض من فرع لندن لبنك أبوظبي والبنك الملكي الاسكتلندي.
صورة من: Getty Images
ذكرت الوثائق أن رئيس الوزراء العراقي الأسبق، إياد علاوي، يمتلك شركة I.M.F. Holdings Inc.المسجلة في بنما ولها ممتلكات في لندن .وكذلك فهو المدير والمالك الوحيد لشركاتFoxwood Estates Limited, Moonlight Estates Limited. وأن ثروة علاوي المسجلة باسمه في عام 2013 بلغت مليون ونصف مليون دولار.
صورة من: Reuters
في عام 2002 سأهم رجل الاعمال رامي مخلوف ابن خال الرئيس السوري بشار الاسد بتأسيس شركة "سيرتل" للهواتف المحمولة، وامتلك بنفسه 10 بالمائة من الأسهم و63 بالمائة من أسهم الشركة عن طريق شركة company Drex Technologies S.A المسجلة في جزر العذراء. في عام 2011 طلبت السلطات المالية في جزر العذراء من مكتب المحاماة موسكا فونسكيا قطع علاقته مع شركات مخلوف بسبب اتهامات بالرشوة والفساد .
صورة من: picture-alliance/abaca
من بين المتورطين علاء مبارك ابن الرئيس المصري المخلوع . فقد امتلك علاء شركة Pan World Investments Inc المسجلة في جزر العذراء ويديرها بنك كريديت سويس. وبعد تنحي حسني مبارك أصدرت السلطات في الجزر قرار تجميد حسابات علاء، تماشيا مع القانون الأوروبي. وفرضت غرامة في عام 2013 بقيمة 37.500 دولار على موساك فونيسكا، لعدم قيامها بالتحقق بشكل صحيح من أن علاء زبون ذي مخاطر عالية.
صورة من: Reuters/A. Abdallah Dalsh
قبل شهر من استقالته عام 2003 أصبح علي أبو الراغب رئيس وزراء الاردن السابق وزوجته يسرى مديران لشركة Jaar Investment Ltdالمسجلة في جزر العذراء والتي تمتلك حساباً في البنك العربي في جنيف. كما أصبح ابو الراغب لاحقا مديراً لشركة Jay Investment Holdings Ltd المسجلة في جزر العذراء. وحتى ديسمبر 2014 امتلك الراغب 3 شركات في الدولة الإفريقية سيشل. كما قام أولاده بإدارة عدة شركات في جزر العذراء.
صورة من: picture-alliance/epa/J. Nasrallah
كان الرئيس السوداني السابق(1986-1989) أحمد علي الميرغيني يمتلك شركة مسجلة في جزر العذراء باسم Orange Star Corporation. وقد اشترت الشركة شققا باهضة الثمن في لندن شمال ساحة هايد بارك بمبلغ يزيد عن 600 ألف دولار. وعند وفاته عام 2008 كان له ممتلكات مسجلة باسم الشركة بقيمة 2,7 مليون دولار.
صورة من: Getty Images/AFP/S. Omar
في آذار/ مارس 2006 أصبح منير الماجيدي مستشار العاهل المغربي محمد السادس ممثلاً لشركة SMCD Limited المسجلة في جزر العذراء. وفي نفس العام اشترت الشركة اليخت التاريخي Aquarius W. ويعتقد أن ملكيته تعود للعاهل المغربي. كما أن الشركة المذكورة اُستخدمت لمنح قروض لشركة Logimed Investments Co. كما كان الماجيدي مديرا لشركة في لوكسمبورغ أخذت قروضا قيمتها 42 مليون دولار لشراء وترميم شقق في باريس.
صورة من: Facebook/Mounir Majidi
أسس وزير الصناعة والمناجم الجزائري عبد السلام بوشوارب حين توليه حقيبة الوزارة شركة بنمية في تموز/ يوليو 2015. وكان المالك الوحيد لها. عن طريق هذه الشركة كان لديه حساب في بنك سويسري. وقد أدار هذه الشركة عن طريق شركة في لوكسمبورغ.