شركة برمجيات إسرائيلية متهمة بالتغاضي عن انتهاكات حقوقية
١٧ فبراير ٢٠٢٠
اتُهمت شركة إسرائيلية عرفت بإنتاج برامج التجسس المثيرة للجدل بغض الطرف عن إساءة استخدام التقنيات الحديثة التي تقوم بتطويرها. الشركة أخبرت DW بأنها "أغلقت" أنظمة في الماضي بسبب وقوع عمليات انتهاك للحقوق.
إعلان
لسنوات ، كانت إسرائيل مركزاً لقوة الأمن السيبراني، بما لديها من شركات كبيرة وأخرى ناشئة تقدم أحدث الخدمات بدءا من توفير القدرات السيبرانية الهجومية وحتى أنظمة الدفاع المدعومة بالذكاء الاصطناعي.
ويتمثل أحد أسباب نجاح هذه الصناعة في التجنيد النشط للضباط المتقاعدين من الخدمة بالجيش الإسرائيلي وللعاملين السابقين في أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية.
تقع شركة NSO - وهي واحدة من أكثر الشركات إثارة للجدل - ضمن هذه الفئة من الشركات التي تقوم بذلك والتي يعتقد أن عدداً من أفراد إدارتها العليا قد خدموا في قطاعات النخبة العسكرية الإسرائيلية ومنها مجموعة جمع المعلومات الاستخبارية - الوحدة 8200.
جماعات حقوقية ومدافعين عن حرية الصحافة وحتى مراكز أبحاث اتهمت الشركة التي يقع مقرها في المدينة الإسرائيلية هرتسليا، بغض الطرف عن إساءة استخدام منتجاتها، بما في ذلك برنامج بيغاسوس المثير للجدل.
وكان أحدث ما كُشف عنه هو الإشارة إلى محاولات سعوديةلإختراق هاتف الرئيس التنفيذي لشركة أمازون جيف بيزوس، على الرغم من أن شركة NSO نفت علاقاتها بالأمر موضحة أنه "يمكن القول وبشكل قاطع أن تقنياتنا لم تستخدم في هذه الحالة بعينها".
وهناك أيضا مزاعم أخرى مثل استهداف الناشطين الحقوقيين والصحفيين من الخليج العربي وشمال أفريقيا وأمريكا الشمالية، بما في ذلك الصحفي جمال خاشقجي الذي كان يوماً أحد المقربين من نظام الحكم السعودي، وذلك في الفترة التي سبقت اغتياله.
أغراض أمنية
إن برامج شركة NSO الإسرائيلية مرخصة بغرض مكافحة الجريمة الخطيرة، مكافحة الإرهاب والمساعدة في حالات الطوارئ وفي عمليات البحث والإنقاذ.
الشركة قالت إنها اتخذت خطوات لمنع وضبط إساءة استخدام منتجاتها، بما في ذلك وضع سياسة حقوق الإنسان وتنسيق هيكلها الإداري تمشيا مع المبادئ التوجيهية للأمم المتحدة بشأن الأعمال التجارية وحقوق الإنسان.
متحدث باسم الشركة قال لــDW إن "العملاء ملزمون تعاقدياً بالتعاون في أي تحقيق تطلبه شركة NSO، وإذا تأكد سوء الاستخدام، فإن الشركة لديها القدرة على إغلاق أنظمة هؤلاء العملاء وقد اتخذنا تلك الخطوة في الماضي".
وفي إطار سياستها في مجال حقوق الإنسان، اعترفت الشركة الإسرائيلية أنه على الرغم من توفرها على آليات لمنع إساءة استخدام البرمجيات التي تنتجها وتطورها، إلا أن على عملائها "تحمل المسؤولية النهائية بالتعويض عن أي ضرر ناجم عن تجاوزات حقوقية".
وفي العام الماضي، قال الرئيس التنفيذي والمؤسس المشارك لشركة NSO شاليف هوليو: "نحن فخورون للغاية بسجل منتجاتنا في مساعدة أجهزة الاستخبارات وإنفاذ القانون ومنع جرائم خطيرة وإنقاذ الأرواح، ولكننا نفهم أيضاً أن إساءة الاستخدام يمكن أن تشكل انتهاكاً لحقوق الإنسان". وتابع: "وتؤكد السياسة الجديدة بشكل علني احترامنا التام الذي لا لبس فيه لحقوق الإنسان والتزامنا بالتخفيف من مخاطر إساءة الاستخدام".
لا دليل على حدوث تغيير
لكن البعض يعتقد أن ذلك لا يحدث بما فيه الكفاية. فبالنسبة لدانا إنغلتون، نائبة مدير برنامج القسم التكنولوجي في منظمة العفو الدولية، تحتاج شركة NSO الإسرائيلية إلى تقديم مزيد من التفاصيل عن كيفية علاجها لإساءة استخدام تقنياتها.
وأوضحت المسؤولة الحقوقية في حوار مع DW أنه "- من الناحية النظرية - من الجيد أن يكون لدى الشركة سياسة معنية بحقوق الإنسان وتتحدث عن أهمية حقوق الإنسان، إلا أننا بحاجة إلى أن نرى تلك الكلمات موضع تنفيذ".
وتضيف المسؤولة التقنية بمنظمة العفو الدولية: "حتى الآن ليس لدينا أي دليل على أن سياسة حقوق الإنسان تلك قد غيرت من سلوك الشركة، بما يمكن أن ينتج عن هذه السياسات من ممارسات يجب اتباعها لتجنب إلحاق الأذى بالآخرين او أخذ الشكاوى الوادرة إليها - سواء قانونية أو غيرها- بشأن اعتداءات أو استهداف للمجتمع المدني على محمل الجد".
وحتى في إسرائيل، فإن شركة NSO قد أصبحت هدفاً لملاحقات قانونية من قبل 30 مواطنا اسرائيلياً، بمن فيهم أعضاء في جمعيات حقوقية محلية. وتهدف القضية إلى إلغاء رخصة تصدير الشركة لمنتجاتها، وهي الرخصة التي تمنحها وزارة الدفاع الإسرائيلية.
وقالت إنغلتون، وهي محامية متمرسة، إن الدعوى المقامة هي إحدى الطرق القليلة لضمان تحمل شركة NSO الإسرائيلية المسؤولية، مضيفة أنه " لم يكن هناك من سبيل لتدارك الأمر بعدما تم استهداف أحد زملائي في منظمة العفو الدولية بتكنولوجيات الشركة، ونأمل أن تساعد هذه الدعوى المقامة في معالجة الوضع".
من يتجسس عليك أكثر .. غوغل أم أبل؟
01:31
نقاط ضعف
ألقى اكتشاف خلل كبير في تطبيق المراسلة واتساب- والمملوك لشركة فيسبوك - العام الماضي، الضوء على إساءة استخدام منتجات شركة NSO. فقد سمحت الثغرة للمهاجم بتثبيت برنامج للتجسس على هاتف مستهدف عبر مكالمة على تطبيق واتساب لم يتم الرد عليها.
وفي أكتوبر الماضي، أقامت شركة فيسبوك دعوى قضائية ضد شركة NSO، اتهمت فيها الشركة الإسرائيلية بتزويد الحكومات الأجنبية بوسائل اختراق لنحو 1400 هاتف محمول في 20 دولة. وقالت الشركة الأمريكية التي يقع مقرها في كاليفورنيا إن نحو 100 شخص منخرطون في أنشطة المجتمع المدني قد تم استهدافهم.
ومع ذلك، فإنها وبإخطارها للمستخدمين الذين تم اختراق هواتفهم الذكية، تكون شركة فيسبوك قد أبلغت عن عمل يشتبه في ارتباطه بالإرهاب، بحسب ما نقلت صحيفة وول ستريت جورنال الشهر الماضي عن مسؤول أوروبي بإحدى هيئات إنفاذ القانون.
وبشكل عام يجب الإقرار بوجود تحديات كبيرة أمام هذه التكنولوجيات ذات الاستخدام المزدوج؛ فهي من جهة تتيح فرصا جديدة، لكنها أيضا قد تشكل خطرا حقيقيا على المدنيين والسلطات وحتى على الشركات التي تقوم بإنتاجها. ويتمثل التحدي في إيجاد التوازن الصحيح بين هذه الفرص والمخاطر.
لويس ساندرس/ع.ح.
هؤلاء حاصرتهم قضية مقتل خاشقجي وأحرجتهم أمام الرأي العام
شخصيات كثيرة عبر العالم ترغب في نهاية قضية خاشقجي بأسرع وقت نظراً لكمّ الإحراج الذي تتعرض له، لكن مع كلّ تسريب جديد تعود القصة للحياة من جديد. من هم هؤلاء الذين حاصرتهم القضية؟
محمد بن سلمان
هيأ ولي العهد السعودي كلّ شيء لأجل قيادة السعودية خلفاً لوالده، ورغم ثقل الملّفات المتهم بتورطه بها، كحرب اليمن وحملة الاعتقالات الواسعة، إلّا أن اغتيال خاشقجي في قنصلية بلاده وضع الأمير الشاب في مرمى الانتقادات، خاصة مع تسريبات السي أي إيه التي استنتجت أن العملية جرت بموافقته. ولا تستبعد عدة تقارير إعلامية، إقدام القصر السعودي، في حال اشتداد الضغوط عليه، على عزل ولي العهد من منصبه.
صورة من: picture-alliance/AP/A. Nabil
عادل الجبير
اختفى الجبير تماماً في قضية خاشقجي، رغم أن الأمر يتعلّق بقنصلية هو المسؤول عنها سياسياً. تعوّد المتتبع على كثرة تصريحات وزير الخارجية الشاب في دفاعه عن القصر الملكي، لكن صمته أعطى رسالة بوجود أوامر عليا بضرورة تجنب التعليق في قضية خاشقجي. أول تصريح من الجبير في القضية كان: "القيادة السعودية خط أحمر"، ويبدو أن الرجل يحسب ألف مرة قبل الإدلاء بأيّ كلمة كي لا يجد نفسه في دائرة الإعفاء أو المحاسبة.
صورة من: Reuters/W. Kurniawan
بلاط بن سلمان
رغم كل ما قدمه المستشار سعود القحطاني، من قيادته لأدوات الدعاية الإلكترونية وردوده "العدائية" على خصوم ولي العهد، ورغم اضطلاع أحمد العسيري بمهام التواصل في حرب اليمن ثم انتقاله للمخابرات بناءً على رغبة بن سلمان، إلّا أنهما كانا في الصفوف الأولى لمن تمت التضحية بهم في قضية خاشقجي. غير أن حظهما العاثر جعل تنحيتهما من منصبيهما غير ذات قيمة، فتداعيات القضية لم تتوقف.
صورة من: Getty Images/AFP/F.Nureldine
الإعلام السعودي
أسئلة كثيرة تُطرح حول طريقة تعامل وسائل الإعلام السعودي مع القضية. تماهت أولا مع الإنكار الرسمي، وحمّلت المسؤولية لإيران وقطر والإخوان، ولما بدأت السعودية الاعتراف بوقوع الجريمة، بذل الإعلام ذاته جهدا كبيرا لمحاولة إقناع الرأي العام برواية شكّك فيها الكثيرون، في وقت استغل فيه الإعلام القطري القضية لـ"تصفية" حسابات بلاده مع الرياض. (في الصورة وليد إبراهيم مالك مجموعة إم بي سي).
صورة من: picture-alliance/abaca/Balkis Press
عبد الرحمن السديس
يعرف المسلمون خطيب المسجد الحرام في مكة بصوته المنتشر في أشرطة قراءة القرآن، لكنهم فوجؤوا به يقرأ خطباً سياسيةً تدافع عن ولي العهد بشكل غير مسبوق. وجد السديس تفسيراً لقضية خاشقجي بالقول إن هناك محاولة لاستفزاز مشاعر مليون مسلم، لكن ليس السديس لوحده في هذا السياق، فالمؤسسة الدينية السعودية برمتها تدافع عن سياسات القصر، وعبّرت على الدوام عن مواقف لصالح حكام البلاد.
صورة من: picture-alliance/AP Images/M. Elshamy
دونالد ترامب
فضائح كثيرة حاصرت الرئيس الأمريكي واستطاع الإفلات منها، لكن مطرقة خاشقجي تدق في رأسه منذ عدة أسابيع. الضغط في الولايات المتحدة يدفع بترامب إلى تحديث تصريحاته حول القضية، ما أدى إلى تناقضه أكثر من مرة في الأجوبة. يعلم ترامب أن الانصياع للضغوط قد يكلفه خسارة علاقته مع ابن سلمان، ومن ثمة خسارة صفقات مالية ضخمة، لذلك يحاول إيجاد صيغة وسطية لا تضرب تحالفه مع السعوديين في مقتل.
صورة من: Reuters/K. Lamarque
جاريد كوشنر
صهر ترامب وأحد مستشاريه. يُعرف بكونه أحد أبرز أصدقاء ابن سلمان في الخارج. تقول تقارير الإعلام الأمريكي إنه يشكّل الوسيط المهم بين ابن سلمان وترامب، وإنه دافع على الدوام عن الرياض في دهاليز السياسة الأمريكية ووجد الكثيرمن الأعذار لولي العهد السعودي، لكنه يبدو أنه لم يستطع إيجاد الأعذار المناسبة في قضية خاشقجي، بل بات كوشنر، وفق تقارير إعلامية، يتهرب من التواصل المباشر مع ابن سلمان حول القضية.
صورة من: picture-alliance/AP Photo/E. Vucci
محمد بن زايد
راهن ولي العهد الإماراتي على محمد ابن سلمان، لأجل محاصرة الإسلام السياسي والنفوذ الإيراني ووقف تداعيات الربيع العربي، لكن مهندس السياسات الإماراتية لم يدل بمواقف في قضية خاشقجي، فهل تخلّى تماماً عن حليفه الشاب؟ عمق الشراكة بين الرجلين تجعل كل واحدٍ منهما يحتاج للآخر في مثل هذه الملفات الحساسة، لكن الزلزال الذي أحدثه مقتل خاشقجي قوي جداً ووصلت شظاياه إلى أبعد ما تخيله أصحاب العملية.
صورة من: picture-alliance/AA/B. Algaloud
عبد الفتاح السيسي
منذ صعوده إلى الرئاسة، والسيسي يمثل حليفاً استراتيجيا للسعودية، خاصة في المعركة ضد الإخوان. يراهن السيسي على المساعدات السعودية لتحسين أوضاع بلدٍ يعاني اقتصادياً، وفي المقابل لا يبخل بأيّ شكل من الدعم السياسي للرياض. لكن دفاعه عنها جاء محتشما في قضية خاشقجي. يعي السيسي أن سقوط بن سلمان سيؤثر سلباً على حكمه لمصر، لكنه لا يريد رفع النبرة في جريمة ستضيف المزيد من السواد لسيرته الحقوقية .
صورة من: picture-alliance/Xinhua/MENA
إيمانويل ماكرون
كجل زعماء الغرب، يرفع الرئيس الفرنسي شعار حقوق الإنسان في تعامله مع الشرق، لكن عندما يتعلّق الأمر بالسعودية، التي تشتري ملايين اليوروهات من أسلحة فرنسا، يجد ماكرون مبرّرات الاقتصاد والتعاون الاستراتيجي لاستمرار العلاقة. وحتى عندما تعالت الأصوات بوقف صادرات الأسلحة رداً على جريمة خاشقجي، رّد ماكرون بحدة عكست موقفه الصعب، لكنه حاول الاستدراك بالتأكيد على خطورة جريمة خاشقجي.
صورة من: Imago/Belga/E. Lalmand
تيريزا ماي
قبل أشهر، خرج عشرات المتظاهرون للضغط على رئيسة الوزراء البريطانية حتى توقف صفقات الأسلحة خلال استقبالها لابن سلمان، لكنها رفضت التفريط في تحالف لندن والرياض. تواجه ماي أياما صعبة بسبب دعوات لسحب الثقة منها، لذلك لا ترغب بإضافة صداع جديد يخصّ قضية خاشقجي، وحاولت تقديم ردٍ قوي بوصف اعتراف السعودية الأول في القضية بالفاقد للمصداقية، غير أن مثل هذه التصريحات لم تشف غليل معارضيها.
صورة من: Reuters/H. Nicholls
بنيامين نتنياهو
انتظرت القيادة الإسرائيلية لعقود موقفا معتدلا من السعودية إلى أن جاء عهد ابن سلمان الذي لم يمانع بحق إسرائيل في الوجود. لذلك تشكّل أزمته الحالية مشكلاً لدى بنيامين نتنياهو الذي لا يرغب حتماً في عزل أمير يتقاسم مع إسرائيل الكثير من الأهداف، منها "صفقة القرن" ودورها في مشروع نيوم، والوقوف في وجه المشروع الإيراني بالمنطقة، وتقزيم دور حركة حماس وبقية الفصائل الفلسطينية المقاتلة.