مازالت الشكوك تحوم حول نوايا روسيا من المعابر التي أعلنت عنها في حلب ليخرج منها المقاتلون والسكان في المناطق الخاضعة لسيطرة مقاتلي المعارضة. وبسبب انعدام الثقة هناك مخاوف من أن ذلك الإعلان لتحقيق مكاسب جيوسياسية.
إعلان
شككت الولايات المتحدة في الإعلان الروسي عن فتح "ممرات إنسانية" في حلب وقال وزير الخارجية الأميركي جون كيري الجمعة (29 يوليو/ تموز 2016) إنه يخشى أن تكون "خدعة". وأضاف أن التعاون بين روسيا والولايات المتحدة سيتضرر إذا تبين أن هذا الإعلان مخيب للآمال. وتابع كيري "تحادثت مع موسكو مرتين خلال الساعات الـ 24 الماضية. التقيت وزير الخارجية (الروسي سيرغي) لافروف منذ ثلاثة أيام في لاوس (...) إذا كانت هذه خدعة فهناك خطر بأن تنسف بالكامل مستوى التعاون" القائم بين واشنطن وموسكو. واستدرك كيري "إذا استطعنا تسوية الأمر اليوم وأصبح لدينا فهم كامل لما يجري واتفاق للمستقبل، فيمكن لهذا الأمر أن يفتح بعض الآفاق".
بينما قال المتحدث باسم البيت الأبيض اريك شولتز إن الولايات المتحدة "قلقة للغاية بشأن الوضع في حلب". وأضاف "نحن نبحث في ما أعلنته روسيا بشأن الممرات الإنسانية ولكن بالنظر إلى حصيلة أدائها فنحن بالحد الأدنى مشككون".
ويوجد في حلب ربع مليون شخص محاصرين منذ أسابيع داخل مناطق سيطرة المعارضة بشرق المدينة. وفتحت السلطات السورية معابر، "ممرات آمنة"، لتشجيع المدنيين والمقاتلين الراغبين في إلقاء السلاح على الخروج منها بهدف استعادة السيطرة على ثاني أكبر مدن سوريا. لكن هؤلاء لم يقتربوا حتى الآن من تلك الممرات، التي قالت روسيا إن الهدف منها "إنساني".
انعدام الثقة يؤكد الشكوك في نوايا روسيا
وتشكك المعارضة السورية ومحللون سياسيون في نوايا روسيا. وقال عضو الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية أحمد رمضان لفرانس برس "ليس هناك أي ممرات في حلب توصف بممرات إنسانية، فالممرات التي تحدث عنها الروس يسميها أهالي حلب بممرات الموت". وأضاف "نعتبر الإعلان الروسي (...) جريمة حرب وجريمة ضد الإنسانية". بينما اعتبرت عضو وفد المعارضة إلى جنيف بسمة قضماني أن "هذه المعابر ليست مخصصة لإدخال المساعدات إنما لإخراج الناس".
حلب تدفع الثمن... ولا نهاية للدمار
بعد خمس سنوات على تفجر الصراع في سوريا ما زالت حلب محورا أساسيا للمعارك التي تسببت حتى الآن في مقتل 250 مئات الآلاف وتشريد الملايين بين نازحين ولاجئين. الصور التالية تكشف عن آثارالمعارك التي دمرت المدينة بالكامل.
صورة من: Reuters/A. Ismail
تبرر دمشق وموسكو تكثيف العمليات العسكرية على حلب بوجود جبهة النصرة، ذراع تنظيم القاعدة في سوريا، وهي غير مشمولة باتفاق وقف إطلاق النار، مثلها مثل تنظيم "الدولة الإسلامية". فيما تتهم المعارضة الحكومة بتعمد استهداف المدنيين في المناطق الخاضعة لسيطرتها لإخراجهم منها.
صورة من: Reuters/A. Ismail
28 نيسان/أبريل 2016 لقي 30 مدنيا على الأقل، بينهم ثلاثة أطباء، حتفهم إثر قصف جوي استهدف مستشفى القدس في القطاع الذي تسيطر عليه المعارضة في مدينة حلب. ولم يتسن التعرف على هوية الجهة التي نفذت الهجوم.
صورة من: Reuters/A. Ismail
أصيبت ست مستشفيات على الأقل في قصف في الجهتين الشرقية والغربية لحلب خلال الأيام الأخيرة، ما دفع بمجلس الأمن إلى مطالبة جميع الأطراف المتحاربة إلى حماية المستشفيات والعيادات الطبية.
صورة من: Getty Images/AFP/A. Alhalbi
أسفر التصعيد العسكري في شطري حلب المقسمة بين النظام والمعارضة خلال عشرة أيام عن مقتل أكثر من 250 مدنيا بينهم نحو 50 طفلا، بحسب حصيلة للمرصد السوري.
صورة من: Reuters/A. Ismail
على الرغم من اتفاق وقف الأعمال العدائية بين الأطراف المتحاربة، أشار المبعوث الدولي إلى سوريا ستيفان دي ميستورا إلى أنه خلال المعارك الأخيرة قتل في حلب كل 25 دقيقة أحد المواطنين.
صورة من: picture-alliance/AA/B. el Halebi
الأطفال هم الضحيا الأوائل في المعارك الدائرة في سوريا، كما أن طبيب الأطفال الأخير في حلب قتل في القصف الذي استهدف أحد مستشفيات المدينة.
صورة من: Reuters/A. Ismail
هذه الصورة تعود إلى 2013، وقد نشرتها منظمة العفو الدولية وهي تظهر احد أحياء مدينة حلب قبل وبعد بدء الصراع في سوريا
صورة من: US Department of State, Humanitarian Information Unit, NextView License (DigitalGlobe)
الآثار التاريخية تشكل ضحية أخرى للصراع الدموي الدائر في حلب، فقد تعرض الجامع الأموي بحلب عدة مرات للقصف وذلك منذ بدء الصراع، كما دمرت في السنوات الماضية مئذنته التاريخية التي تعود إلى عهود قبل 1000 عام ، بالإضافة إلى تدمير مئذنة جامع العمرى الذي يعتبر أقدم مسجد في العالم.
صورة من: Getty Images/AFP/D. Dilkoff
بالرغم من المعارك الدائرة في حلب، مازال آلاف المدنيين داخل المدينة المدمرة، وهم يأملون في أن يتمكن المجتمع الدولي من إجبار الأطراف المتحاربة على الالتزام بوقف الإعمال العدائية، على الأقل لالتقاط الأنفاس وتفقد بيوتهم المدمرة.
صورة من: Getty Images/AFP/A. Alhalbi
9 صورة1 | 9
ويرى مدير الأبحاث في معهد العلاقات الدولية والإستراتيجية في باريس كريم بيطار أن "سكان حلب في محنة ويعيشون حالة من انعدام الثقة وهو أمر مفهوم بعدما أثبتت المأساة السورية أن الجانب الإنساني غالبا ما يوظف كخدعة لتعزيز مصالح جيوسياسية". ويقول بيطار "سقوط حلب يعني أن الأسد وبوتين حققا احد أهدافهما الرئيسية واستعادا اليد الطولى" في سوريا. ويوضح الباحث في معهد الدراسات الاستراتيجية إميل حكيم من جهته ان خسارة الفصائل لحلب يعني "هزيمتها في شمال سوريا" وأنها "لم تعد تشكل تهديدا استراتيجيا للنظام".