هل تعتبر الحواجز المائية العائمة فعّالة في منع قوارب الهجرة؟
٢٤ أبريل ٢٠٢٤
وبعد أشهر من إقامة الحواجز المائية العائمة على الأنهار التي تصب في المانش، تعرض أحدها للتخريب في ليلة 30 إلى 31 آذار/مارس. وتعتبر السلطات هذا الحادث دليلاً على أن نجاح هذه الإجراءات في منع المهاجرين من عبور المانش.
إعلان
في ليلة السبت إلى الأحد، 30 إلى 31 آذار/مارس، تعرض الحاجز المائي العائم في منطقة كانش (شمال فرنسا) "لأضرار متعمدة"، بحسب إيزابيل فرادين-ثيرود، نائبة حاكم مونتروي (شمال فرنسا).
وكشفت قناة "فرانس 3" أن خط العوامات الذي يقطع النهر بشكل عرضي من ضفة إلى أخرى، تم قطعه بشكل تخريبي".
وتم تركيب هذا السد الصيف الماضي، في هذا النهر في شمال فرنسا الذي يصب في المانش، بهدف مواجهة ظاهرة "قوارب التاكسي" ، والمتمثلة في القوارب التي تصل إلى البحر بعد أن تنطلق من الممرات المائية والأنهار، لتجنب الدوريات الشرطة المتواجدة على طول الساحل.
"انهيار محاولات العبور من "نهر كانش"
وتشتبه السلطات في وقوف مهربين وراء تدمير هذا الحاجز المائي. وقالت ماتيلد بوتيل، نائبة المفوض المسؤول عن مكافحة الهجرة غير الشرعية لمهاجر نيوز، "لقد قاموا بتقطيعه للالتفاف حول هذا النوع من الإجراءات، لأن النهر كان نقطة انطلاق" للقوارب المتوجهة إلى المملكة المتحدة.
وأضافت محافظة "با دو كاليه" في اتصال مع مهاجر نيوز، أن "محاولات التخريب التي يقوم بها المهربون تثبت أن هذه الحواجز تشكل عقبة أمام حركة المهاجرين".
وأوضحت المحافظة في آب/أغسطس الماضي، أنه في الفترة بين كانون الثاني/يناير وآب/أغسطس 2023، "تم تسجيل 22 عملية عبور في نهر كانش، بمتوسط 46 مهاجرا على كل قارب". ومنذ تركيب هذا السد العائم، لاحظت السلطات "انهيارا في محاولات العبور في هذه المنطقة"، حسبما ذكرت ماتيلد بوتيل.
وتم تطبيق هذه الآلية في موقعين آخرين في شمال فرنسا، في "أوثي بنيت" عند منبع ميناء "مادلون"، في كانون الثاني/يناير، وآخر في قناة "دي ديونز"، بالقرب من دونكيرك، وتم إنشاؤه في عام 2021.
وبالإضافة إلى قدرتها على كبح عمليات العبور، فإن هذه السدود العائمة التي تراقبها طائرات بدون طيار، تسمح لسلطات المنطقة بتركيز دورياتها ومراقبتها على نقاط معينة. تشرح ماتيلد بوتيل، "من خلال حظر الوصول إلى نقاط معينة (بفضل السدود العائمة)، فإننا نعزز (مراقبتنا) عند نقاط انطلاق أخرى. ونتجنب وضع قوات برية وجوية في جميع القطاعات".
زيادة عمليات عبور المانش في عام 2024
لكن وبالنسبة للجمعيات، فإنها ترى أن هذا النظام لا يقدم أي حلول للأزمة في شمال فرنسا. يقول بيير روكيس، من جمعية "أوبيرج دي ميغرانتس" لمهاجرنيوز، "إن السدود العائمة لن تمنع الناس من محاولة عبور المانش. يمكن للمهاجرين أن يغيروا نقطة انطلاقهم لمسافة 200 متر فقط (لتجنب السد)، وهذا لن يغير شيئا".
وللتغلب على هذه العقبات، يستخدم المهربون الآن قنوات مائية أخرى. وفي الأشهر الأخيرة، تم تسجيل العديد من عمليات المغادرة في قناة "Aa". وفي غضون أسابيع قليلة، انطلق حوالي 10 قوارب من هذا النهر. وتقول فلور جيرمان، منسقة يوتوبيا 56 في كاليه، إنها تتلقى المزيد والمزيد من مكالمات الاستغاثة، عبر خط هاتف الطوارئ التابع للجمعية، من الأشخاص الذين يعانون من صعوبات في منطقة "Aa". وتقول "لم يكن هذا هو الحال على الإطلاق من قبل".
ويعتقد العاملون في المجال الإنساني أيضا أن إقامة هذه السدود قد زاد من المخاطر التي يتعرض لها المهاجرون. وفي آذار/مارس، غرق سوري يبلغ من العمر 27 عاماً وفتاة عراقية تبلغ من العمر سبع سنوات في قناة "Aa" أثناء محاولتهما ركوب قارب مطاطي. ومنذ بداية العام، سجلت الجمعيات 11 حالة وفاة لمهاجرين حاولوا الوصول إلى المملكة المتحدة عبر البحر، وهو رقم قياسي لعدد الضحايا في ثلاثة أشهر فقط.
ويقول بيير روكيس "من الواضح أن هذه السدود ليست إلا دعاية إعلامية". وتوافق فلور جيرمان على ذلك قائلة "إن هذا لا يقلل من عدد رحلات المغادرة على الإطلاق".
وعلى الرغم من انخفاض أعداد عمليات العبور في المانش بشكل حاد في عام 2023، مع وصول ما يقرب من 30 ألف مهاجر إلى المملكة المتحدة مقارنة بـ45 ألفا في عام 2022، فإن الأرقام تظهر زيادة واضحة منذ كانون الثاني/يناير 2024. وفي الربع الأول من هذا العام، أبحر 5373 شخصا من السواحل الفرنسية، مقابل 3793 في نفس الفترة من عام 2023، بحسب وكالة الأنباء الفرنسية التي تستند إلى بيانات السلطات البريطانية. ما يمثل زيادة قدرها 41.7%.
مهاجرون أفارقة يتنازلون عن "الحلم الأوروبي" من أجل المغرب!
بدلًا من اتخاذه نقطة عبور إلى أوروبا، أصبح المغرب بلد استقرار للعديد من المهاجرين الأفارقة من جنوب الصحراء الكبرى. ورغم أن كثيرين ما زالوا يحلمون بالوصول إلى أوروبا، إلا أن بعضهم قرر البقاء.
صورة من: Marco Simoncelli/DW
الاستفادة القصوى من الوضع الصعب
تشير التقارير إلى وجود ما بين 70 ألف إلى 200 ألف مهاجر من جنوب الصحراء الكبرى في المغرب، والعديد منهم وصلوا بشكل غير نظامي منذ سنوات ويخططون للعبور إلى أوروبا. لكن سياسة بروكسل المتمثلة في تشديد الحدود الخارجية جعلت من الصعب عليهم العبور. ويبدو المغرب أكثر ترحيبًا، رغم أن سياسته المتعلقة بالهجرة لا تزال غامضة. ويعاني بعض المهاجرين من الاستغلال، كما أن الاندماج في المجتمع ليس أمرًا مسلمًا به.
صورة من: Marco Simoncelli/DW
على طول الطريق من داكار إلى الدار البيضاء
سيارة "فان" صغيرة في طريقها إلى المغرب تنقل البضائع والأشخاص على طول الطريق من روسو (على الحدود بين السنغال وموريتانيا) إلى نواكشوط. تغادر الحافلات الصغيرة داكار عدة مرات في الأسبوع وتسير على طول الساحل إلى الدار البيضاء، قاطعة مسافة 3000 كليومتر ذهابًا وإيابًا. يبدأ العديد من المهاجرين، بما في ذلك السنغاليون، رحلتهم إلى البحر الأبيض المتوسط من هنا أو يقومون بأعمال تجارية على طول الطريق.
صورة من: Marco Simoncelli/DW
ظروف العمل صعبة
عثمان دجوم مع صديق له على سطح أحد المباني في بلدية آيت عميرة جنوب أغادير. وفي الخلفية، تشير مئات الدفيئات الزراعية إلى نجاح "مخطط المغرب الأخضر" الذي حول المنطقة إلى مركز للزراعة. يعمل العديد من الشباب الأفارقة من جنوب الصحراء الكبرى هنا مقابل حوالي 6 يورو (6.50 دولارًا) يوميًا. لا أحد تقريبًا لديه تصريح إقامة ساري المفعول، كما أن ظروف العمل صعبة.
صورة من: Marco Simoncelli/DW
لا أوراق، لا حماية!
دجوم وزميله يمشيان بين أشجار الموز في إحدى الدفيئات الزراعية العملاقة. يعد العمل بدون أوراق رسمية والافتقار إلى الحماية القانونية أمرًا شائعًا في قطاعات أخرى أيضًا، مثل البناء وصيد الأسماك. هناك قدر معين من التسامح مع المهاجرين الذين انتهت مدة تأشيراتهم، ما يفيد الصناعات التي توظف أعدادا كبيرة من العمال غير المسجلين بتكلفة منخفضة.
صورة من: Marco Simoncelli/DW
كسب لقمة العيش في مراكش
تعد الجالية السنغالية، وهي أكبر جالية للمهاجرين من جنوب الصحراء الكبرى وما زالت تكبر، منظمة بشكل جيد، خاصة في المراكز الحضرية مثل مدينة مراكش السياحية. هنا، من السهل ممارسة تجارة الشوارع (أو تجارة الأرصفة) كعمل أول - مثل هذا البائع السنغالي في ساحة جامع الفنا الشهيرة.
صورة من: Marco Simoncelli/DW
التضامن بين المهاجرين
بابكر ديي، رئيس جمعية السنغاليين في المغرب (ARSEREM)، يتحدث إلى أعضاء آخرين في منطقة بمراكش. تساعد الجمعية والشبكات الدينية الأعضاء في العثور على السكن وفهم الإجراءات الإدارية والحصول على الخدمات الأساسية. الجمعية لديها 3000 عضو. تضم جماعة المريدين الصوفية السنغالية 500 عضو في مراكش وحدها.
صورة من: Marco Simoncelli/DW
حلم الوصول إلى أوروبا لايزال يراود كثيرين!
بعد العمل الشاق في العديد من الوظائف ذات الأجر المنخفض في جميع أنحاء المغرب، وجد عمر باي عملًا كطاهٍ في مطعم بأغادير. يقول: "لم آت إلى المغرب للبقاء. حاولت دون جدوى الوصول إلى إسبانيا (بشكل غير منتظم بالقارب) لمدة ثلاث سنوات". وعلى الرغم من أنه أصبح الآن مهاجرًا نظاميًا في المغرب وكوّن أسرة، إلا أنه لم يتخل عن حلمه بالذهاب إلى أوروبا.
صورة من: Marco Simoncelli/DW
ميزات التحدث بالفرنسية
يعمل باباكر ديوماندي (الواقف في الصورة) منذ سنوات في مركز اتصال بمراكش. وهو الآن يقود فريقًا صغيرًا لشركة تجارية. ويعمل آلاف المهاجرين في مراكز الاتصال براتب شهري يصل إلى 55 يورو. تتعامل الشركات بشكل أساسي مع السوق الفرنسية، ما يزيد من صعوبة توظيف المغاربة، الذين ابتعدوا قليلًا عن اللغة الفرنسية التي فرضت خلال فترة الحكم الاستعماري الفرنسي.
صورة من: Marco Simoncelli/DW
مواجهة العنصرية في الحياة اليومية
يدير محمد الشيخ موقف سيارات في ضواحي مراكش. حصل على تصريح الإقامة مبكرًا لأنه تزوج من مغربية. ويقول إن المجتمع مازال لا يقبل الزواج المختلط، ولذلك يجب أن تظل مثل هذه الزيجات سرية في كثير من الأحيان. يتمتع الشيخ بعلاقة جيدة مع زبائنه، لكنه لا يزال "يواجه العديد من أشكال العنصرية"، كما يقول.
صورة من: Marco Simoncelli/DW
التوترات الاجتماعية والعنف
افتتح يحيى عيدارا مطعمًا ومشروعًا تجاريًا في مراكش لاستيراد المنتجات من السنغال. ويقول إن لديه العديد من الأصدقاء المغاربة اليوم، لكن كان لديه "الكثير من الخلافات مع البائعين في الماضي". ويبلغ معدل البطالة في المغرب 13 بالمئة، بينما تصل النسبة بين المغاربة الذين تقل أعمارهم عن 24 سنة إلى 30 بالمئة. وحيثما تكون المنافسة شرسة، تؤدي التوترات بين السكان المحليين والمهاجرين في بعض الأحيان إلى العنف.
صورة من: Marco Simoncelli/DW
تشجيع الاندماج
تُلقب إحدى مناطق سوق المدينة بالدار البيضاء بـ "marché sénégalais" (السوق السنغالية) بسبب كثرة تجارها السنغاليين. الزيادة في أعداد المهاجرين المستقرين في المغرب دفعت الرباط إلى إعادة التفكير في استراتيجيات الاندماج. منذ عام 2014، سمحت حملتا تسوية لأكثر من 50 ألف أجنبي بالحصول على تصاريح إقامة. وفي عام 2018، أطلق الاتحاد الإفريقي على المغرب لقب "البطل الإفريقي للهجرة".
صورة من: Marco Simoncelli/DW
المهاجرون يحتاجون إلى المزيد من الدعم
شاب سنغالي (في الوسط) يستمع إلى الموسيقى على الترامواي في الدار البيضاء. بين عامي 2014 و2022، خصص الاتحاد الأوروبي 2.1 مليار يورو (2.2 مليار دولار) من أموال التعاون للمغرب لتعزيز حدوده وإدارة الهجرة. ومع ذلك، فإن الإطار القانوني للهجرة في البلاد لا يزال يعتمد على قانون مكافحة الإرهاب لعام 2003 ويفتقر إلى الأموال اللازمة لسياسات الاندماج.
إعداد: ماركو سيمونسيلي/دافيد ليمي/م.ع.ح