شولتس: اعتقال إمام أوغلو يضر بالعلاقات الأوروبية التركية
٢٠ مارس ٢٠٢٥
رأى المستشار الألماني أولاف شولتس في اعتقال رئيس بلدية إسطنبول كرم إمام أوغلو مؤشرا على "تراجع الديمقراطية" في تركيا، مؤكدا أن ذلك "يضر" بالعلاقات الأوروبية التركية. والحزب الحاكم في تركيا ينفي اتهامات بـ"انقلاب مدني".
يقول أولاف شولتس أن اعتقال رئيس بلدية إسطنبول يعتبر مؤشرا على تراجع الديمقراطية في تركيا ويضر بالعلاقات الأوروبية التركيصورة من: YASIN AKGUL/AFP/Getty Images
إعلان
قال المستشار الألماني أولاف شولتس الخميس (20 مارس/ آذار 2025)، إن اعتقال رئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو، "مؤشر على تراجع الديمقراطية في تركيا". واعتبر أن اعتقال خصم أردوغان السياسي إمام أوغلو "يضر بالعلاقات التركية الأوروبية".
وكتب المستشار الألماني تدوينة على منصة إكس قال فيها: " لقد بذلنا جهوداً كبيرة لتحسين العلاقات بين أوروبا وتركيا بشكل أكبر. إن اعتقال رئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو أمر محبط للديمقراطية التركية وللعلاقات بيننا. لا ينبغي محاكمة المعارضة."
وأمس الأربعاء دان رؤساء بلديات عدد من العواصم والمدن الأوروبية الكبرى "بشدة" توقيف إمام أوغلو، وقال المسؤولون المنتخبون في بيان مشترك تلقّته وكالة فرانس برس "ندين بشدة حبسه التعسّفي ونعرب عن قلقنا العميق" إزاء هذا الوضع و"الانتهاكات المتكررة للحقوق الأساسية والحريات البلدية في تركيا". ومن بين الموقّعين رؤساء بلديات أمستردام وباريس وميلانو وبرشلونة وروما وهلسنكي وغنت وأوتريخت وبروكسل.
إعلان
"انقلاب مدني"
واعتقلت تركيا إمام أوغلو، أبرز المنافسين السياسيين للرئيس رجب طيب أردوغان، الأربعاء، بتهم تشمل "الفساد ومساعدة جماعة إرهابية"، في خطوة انتقدها حزب المعارضة الرئيسي، حزب الشعب الجمهوري، واعتبرها "محاولة انقلاب على الرئيس المقبل".
من جانبه نفى حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا اليوم، بشدة اتهامات المعارضة بـ"انقلاب مدني" عقب احتجاز إمام أوغلو، ووصف المتحدث باسم الحزب عمر تشيليك المزاعم بأنها "ذروة اللاعقلانية السياسية"، في خطاب بأنقرة. ونفى تشيليك أن الحزب الذي ينتمي إليه الرئيس رجب طيب أردوغان لديه أي صلات بأوامر الاحتجاز الصادرة بحق إمام أوغلو و105 آخرين.
فيما دعا رئيس بلدية إسطنبول المحتجز أكرم إمام أوغلو أعضاء الحزب الحاكم والقضاء إلى معارضة الظلم، مخاطبا الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ومتهما إياه بالفساد فيما يبدو. وكتب إمام أوغلو على إكس في إشارة إلى اعتقاله "لا يُمكنكم، ولا يجوز لكم، أن تلزموا الصمت... لقد تجاوزت هذه الأحداث أحزابنا ومُثُلنا السياسية. الأمر الآن يتعلق بأمتنا، وخاصة عائلاتكم. حان الوقت لترفعوا أصواتكم".
وخرج آلاف المحتجين إلى الشوارع والجامعات في مدن مختلفة، منها إسطنبول والعاصمة أنقرة، ورددت الحشود شعارات مناهضة للحكومة على الرغم من حظر التجمعات لأربعة أيام الذي فُرض بعد اعتقال إمام أوغلو.
مظاهرات طلابية للتنديد باعتقال رئيس بلدية إسطنبول كرم إمام أوغلوصورة من: Anka
18.6 مليون منشور عن إمام أوغلو في أقل من 24 ساعة
وقال وزير الداخلية علي يرلي قايا على منصة إكس إن السلطات التركية حددت 261 حسابا على وسائل تواصل اجتماعي منها 62 في الخارج كتبت "منشورات استفزازية" بعد اعتقال إمام أوغلو و105 آخرين، وإن السلطات تواصل بذل الجهود لتعقب باقي المشتبه بهم. وأضاف الوزير أن منصة إكس شهدت مشاركة 18.6 مليون منشور عن إمام أوغلو في أقل من 24 ساعة من اعتقاله. ويتفوق إمام أوغلو (54 عاما) على أردوغان في بعض استطلاعات الرأي.
ومنع حاكم اسطنبول كل التجمعات والتظاهرات حتى الأحد، كما قيدت السلطات الوصول إلى وسائل التواصل الاجتماعي. وكان الوصول إلى الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي لا يزال بطيئا في وقت مبكر الخميس. ومن شأن خطوة احتجاز إمام أوغلو أن تعرقل خططه لمنافسة أردوغان في الانتخابات المقررة في 2028، إذ تأتي قبل أيام من موعد تسميته رسميا مرشح حزب المعارضة الرئيسي "حزب الشعب الجمهوري".
وأبطلت جامعة اسطنبول الثلاثاء شهادته، ما أضاف عقبة أخرى أمام مساعي إمام أوغلو للترشح إذ ينص الدستور التركي على وجوب أن يكون أي مرشح رئاسي حائزا على شهادة تعليم عال.
ع.ش/ع.ج.م (رويترز، أ ف ب)
تركيا- الاتحاد الأوروبي.. كيف تحوّلت فكرة الانضمام إلى سراب؟
تاريخ من الشد والجذب بين تركيا والاتحاد الأوروبي. أنقرة وضعت الطلب مبكرا قبل إنشاء الاتحاد لكن كانت هناك ملفات شائكة عرقلت عملية الانضمام حتى بات الأمر مستحيلا تقريبا، على الأقل في فترة رجب طيب أردوغان.
صورة من: Getty Images/C. McGrath
أول اتفاقية مع الجماعة الأوروبية
وقعت تركيا وما كان يعرف بالجماعة الاقتصادية الأوروبية (تكونت حينها من ستة بلدان) اتفاقية اتحاد جمركي عام 1963. وكان من المفروض أن يكون الاتفاق بداية للانضمام الفعلي إلى الجماعة، خاصة مع توقيع بروتوكول إضافي عام 1970 وازدهار التبادل التجاري بين الطرفين، غير أن الحال بقي كما هو عليه، قبل تجميد عضوية تركيا بعد وقوع انقلاب عسكري فيها عام 1980.
صورة من: Alfred Hennig/dpa/picture alliance
جمهورية قبرص التركية تعمّق الخلاف
عادت تركيا لتطلب الانضمام مجددا عام 1987، لكن ظهر جليا وجود معارضة داخلية أوروبية قوية لهذا الانضمام، خاصة بعد انضمام اليونان إلى المجموعة عام 1981، ودخولها في صراع مع تركيا منذ اجتياح هذه الأخيرة لقبرص عام 1975 ثم إعلان أنقرة من جانب واحد قيام جمهورية شمال قبرص التركية عام 1983.
صورة من: Birol Bebek/AFP/Getty Images
الاتحاد يتأسس دون تركيا
تأسس الاتحاد الأوروبي فعليا عام 1992 دون تركيا. استمرت هذه الأخيرة في محاولاتها، واستطاعت إقناع الأوروبيين بتوقيع اتفاقية للتجارة الحرة معها عام 1995، غير أن تفكك الاتحاد السوفياتي ساهم سلبا في استمرار إبعاد تركيا نظرا لكثرة المرشحين الجدد، قبل أن يتم إعلان أن تركيا ولأول مرة مرشحة فعليا للانضمام، وذلك بعد قمة هلسنكي عام 1999.
صورة من: picture-alliance/dpa
عهد أردوغان
وصل رجب طيب أردوغان إلى السلطة في تركيا عام 2003 وكان متحمسا كثيرا للانضمام، غير أن عدة دول أوروبية كالنمسا وألمانيا وفرنسا كانت لها تحفظات كثيرة على عضوية تركيا. المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل عارضت فكرة الانضمام واقترحت بدلا منها شراكة مميزة بسبب الخلافات مع تركيا حول حقوق الإنسان وقبرص وسياسة أنقرة الخارجية.
صورة من: imago/Depo Photos
شروط كوبنهاغن
وضع الأوروبيون شرط احترام بنود اتفاقية كوبنهاغن أمام تركيا للانضمام، ومن الشروط تنظيم انتخابات حرة واحترام حقوق الإنسان واحترام الأقليات. ولأجل ذلك أعلنت أنقرة عدة إصلاحات منها إلغاء عقوبة الإعدام. بدأت المفاوضات الفعلية للانضمام عام 2005 في مجموعة من المجالات، غير أن استمرار مشكلة قبرص عجل بوقف المفاوضات، إذ رفضت أنقرة الاعتراف بعضوية قبرص في الاتحاد.
صورة من: Getty Images/AFP/C. Turkel
دولة مسلمة وسط اتحاد مسيحي؟
تشير العديد من التقارير إلى أن الاختلاف الديني بين تركيا وبلدان الاتحاد الأوروبي يشكلّ سبباً غير معلن لرفض الانضمام، فدول الاتحاد هي بلدان مسيحية فيما تركيا هي بلد مسلم. أكثر من ذلك، قلّص أردوغان مظاهر العلمانية وأرجع الدين إلى الحياة العامة. هذا العامل يرتبط بتوجس الأوروبيين من النزعة القومية التركية ومن عدم إمكانية قبول الأتراك بمشاركة هوية مجتمعية مع أوربييين يختلفون عنهم في نمط حياتهم.
صورة من: Reuters/U. Bektas
التفاوض يتعثر مجددا
بدءا من عام 2013 عادت المفاوضات مجددا، خاصة بعد مغادرة الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي الذي كان معارضا بقوة لفكرة الانضمام. لم تغيّر ميركل موقفها لكنها أبدت مرونة واضحة، بيدَ أن تركيا وضعت هي الأخرى شروطها المالية الخاصة لاسيما مع تحملها موجة اللاجئين. وجاء قمع مظاهرات ميدان تقسيم 2013 ليوقف المفاوضات مرة أخرى.
صورة من: picture-alliance/dpa/AP/T. Bozoglu
الصراع مع قادة أوروبيين يتفاقم
لم تجانب المفوضية الأوروبية الواقع عندما قالت عام 2019 إن آمال انضمام تركيا إلى الاتحاد تلاشت، فلا أحد من الطرفين بات متحمسا للفكرة. أخذ أردوغان خطوات وصفها قادة من الاتحاد بأنها "استبدادية" خاصة مع تقارير حقوقية عن تراجع الحريات في البلد. أبعد ملف اللاجئين الطرفين أكثر، ثم جاء النزاع في شرق المتوسط بين تركيا من جهة واليونان وقبرص وفرنسا من جهة ثانية ليعدم تقريبا الفكرة.
صورة من: Adem ALTAN and Ludovic Marin/various sources/AFP