شولتس يشيد بالصداقة مع فرنسا.. فهل تعود المياه إلى مجاريها؟
٢١ يناير ٢٠٢٣
في الذكرى الـ60 لتوقيع المعاهدة التي أسست للمصالحة والصداقة بين الجارتين العدوتين آنذاك ألمانيا وفرنسا، أشاد المستشار الألماني أولاف شولتس بالصداقة مع باريس، مؤكدا والرئيس ماكرون على أن ضرورة أن تصبح أوروبا "أكثر سيادة".
إعلان
أشاد المستشار الألماني أولاف شولتس بالصداقة الألمانية الفرنسية، وذلك قبل انعقاد المجلس الوزاري المشترك بين البلدين. وفي رسالته عبر الفيديو والتي نشرت اليوم السبت (21 كانون الثاني/يناير 2023)، قال السياسي المنتمي للحزب الاشتراكي الديمقراطي، إن علاقة البلدين شابها على مدار قرون "الحرب والتدمير والانعدام العميق للثقة".
وأضاف شولتس أن من الممكن بعد مضي 60 عاما على توقيع معاهدة الإليزيه، والتي تحل ذكراها غدا الأحد، وصف مشروع السلام الأصلي (بين فرنسا وألمانيا) بأنه اكتمل، وأردف: "ألمانيا وفرنسا صديقتان وشريكتان وثيقتان. والأمر يتعلق اليوم بمشروع السلام الأوروبي في فترة التحول الزمني، وبقيمنا التي نرغب في الحفاظ عليها والدفاع عنها وتعزيزها".
كان المستشار الألماني الراحل كونراد اديناور والرئيس الفرنسي الراحل شارل ديغول، وقعا في الثاني والعشرين من كانون الثاني/يناير عام 1963 المعاهدة التي أسست للمصالحة بين الجارتين العدوتين، ألمانيا وفرنسا، بعد مضي 18 عاما على نهاية الحرب العالمية الثانية.
وأكد شولتس أن فرنسا مدت يدها آنذاك بالسلام إلى الألمان، ورأى أن البلدين لا يزالان يواجهان تحديات معا لافتا إلى أن امبريالية الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لن تنتصر "لن نسمح بأن ترتد أوروبا إلى عصر يحل فيه العنف محل السياسة، وسنواصل دعم أوكرانيا. معا من أجل الدفاع عن مشروعنا الأوروبي للسلام".
وقال شولتس إنه ممتن للغاية للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بالتحرك المشترك. وأعرب شولتس عن اعتقاده بأن الشراكة بين بلاده وفرنسا أصبحت في الوقت الراهن من البديهيات موضحا أن هذه الشراكات تشمل "العطلات والتبادل الطلابي وفتح فصول دراسية للطلبة الزائرين وشراكات المدن والعلاقات التجارية البارزة بين البلدين الجارين". وأعلن شولتس أنه يتطلع إلى السفر برفقة مجلس وزرائه إلى باريس غدا.
وكان من المقرر بالأساس أن ينعقد المجلس الوزاري المشترك للبلدين في تشرين الأول/أكتوبر الماضي لكن تم إلغاء الجلسة.
الدعوة إلى تعزيز "سيادة الاتحاد الأوروبي"
والجمعة دعا المستشار شولتس والرئيس الفرنسي ماكرون إلى تعزيز "سيادة" الاتحاد الأوروبي، في مقال مشترك. وكتب السياسيان في صحيفة "فرانكفورتر ألغيماينه تسايتونغ" مع اقتراب الذكرى الستين لتوقيع معاهدة الإليزيه، أن الاتحاد الأوروبي أمام تحد أساسي يقضي "بضمان أن تصبح أوروبا أكثر سيادة وتملك القدرات الجيوسياسية لإرساء النظام الدولي".
واعتبرا أن على أوروبا استثمار المزيد في قواتها المسلحة وصناعاتها الدفاعية. وشددا على أن "قدرات أوروبية معززة ودعامة أوروبية أقوى في الحلف الأطلسي ستجعلان منّا كذلك شريكا أقوى تجاه الضفة الأخرى من الأطلسي والولايات المتحدة، الأفضل تجهيزا والأكثر فاعلية وقوة".
ولفت المسؤولان إلى أن اتفاقية عام 1963 أتاحت "التغلب على عقود بل قرون من الخصومات المريرة والحروب الدامية بين بلدينا في قلب أوروبا".
وأوضحا أن السيادة الأوروبية ينبغي ألا تقاس بالمعايير العسكرية فحسب، بل كذلك بالقدرة على "الصمود والتحرك بصورة استطلاعيّة في المجالات الإستراتيجية". وهذا يتطلب برأيهما تنويع "منتجات الإمداد الإستراتيجية".
كما يتحتم على أوروبا بذل كل ما بوسعها حتى "تصبح أول قارة محايدة على صعيد المناخ في العالم". وذكر ماكرون وشولتس بين الأهداف الأخرى أن تصبح أوروبا "رائدة عالمية للإنتاج والابتكار" وأن "يترافق التقدم الاقتصادي والاجتماعي مع عملية انتقال في مجال البيئة".
خ.س/ ع.ج.م (د ب أ، أ ف ب)
ألمانيا وفرنسا .. صداقة خاصة شهدت الكثير من المنعطفات
بعد 62 عاما على توقيع اتفاقية الإليزيه حول الصداقة الألمانية الفرنسية يراد الآن الانتقال بهذه العلاقات الثنائية إلى مستويات أعلى. لكن الأمور لم تكن دائما سهلة في العلاقة بين البلدين.
صورة من: AP
تجاوز آلام الحرب العالمية الثانية
كانت فرحة أوروبية عارمة عندما زار في 1962 الرئيس الفرنسي شارل ديغول المستشار الألماني كونراد آديناور في بون. وبعد نصف سنة من هذه الزيارة وقع الزعيمان اتفاقية الإليزيه لتعزيز الصداقة الألمانية الفرنسية.
صورة من: picture-alliance/dpa
صداقة رجلين
كانت العلاقة بين المستشار الألماني هلموت شميت والرئيس الفرنسي فاليري جيسكار ديستان مميزة في سبعينات القرن الماضي. وزار جسكار شميت في منزله في هامبورغ، واشتكى من "التدخين المتواصل" للمستشار الألماني. جسكار يتحدث بطلاقة الألمانية، وشميت الراحل كان يتأسف لكونه لا يتحدث الفرنسية.
صورة من: picture-alliance/dpa
توأمة المدن
يوجد حوالي 2000 توأمة بين المدن الألمانية والفرنسية، وبعضها أقدم من اتفاقية الإليزيه. وهذه التوأمة بين مدينة رونيبورغ في ولاية تورنغن شرقي ألمانيا ومدينة هوتفيل-لومني الفرنسية أصبحت ممكنة فقط بعد الوحدة الألمانية. والتوأمة بين المدن تدعم الحياة المدرسية والثقافية والمهنية بين البلدين.
صورة من: DW
مصافحة تاريخية
لحظة بهجة ألمانية فرنسية: 1984 يتصافح الرئيس الفرنسي فرانسوا ميتران والمستشار الألماني هلموت كول خلال احتفال بذكرى ضحايا الحربين العالميتين في فردان. وأصبحت هذه الصورة فيما بعد رمزا للمصالحة الألمانية الفرنسية.
صورة من: ullstein bild/Sven Simon
هيئة الشبيبة الألمانية الفرنسية
ديغول وآديناور ركزا اهتمامهما منذ البداية على الشبيبة من البلدين التي وجب عليها التعارف والتعلم من بعضها البعض. الشاب الألماني نيكولاس غوتكنيشت والفرنسي باتريك بولسفور قاما في 2016 برعاية شباب عند إحياء ذكرى الحرب العالمية الأولى. ومنذ 1963 قامت هيئة الشباب بربط التواصل بين تسعة ملايين من الشباب الفرنسيين والألمان.
صورة من: DW/B. Wesel
الفرقة الألمانية – الفرنسية
الأعداء السابقون يشكلون اليوم وحدة عسكرية مشتركة. واُنشأت هذه الوحدة في 1989 وتم إدماجها في الفيلق الأوروبي في 1993. وعملياتها الرئيسية كانت في البلقان وأفغانستان ومالي.
صورة من: picture-alliance/dpa
العلاقات بين أنغيلا وفرانسوا
من الناحية السياسية لم يكونا قريبين من بعضهما البعض: المسيحية الديمقراطية أنغيلا ميركل والاشتراكي فرانسوا أولاند، خاصة خلال أزمة الديون الحكومية الأوروبية عندما كانت ميركل تضغط من أجل التقشف، فيما دعا أولاند إلى برامج إصلاح اقتصادية. وبالرغم من ذلك وجد الاثنان قاعدة مشتركة، وذلك من أجل تحمل المسؤولية السياسية تجاه أوروبا.
صورة من: picture-alliance/dpa
تصادم ألماني فرنسي
لقد عانى الفرنسيون لفترة طويلة لأن ألمانيا هي الشريك الاقتصادي الأقوى. لكن في عام 2017 حدث العكس، إذ استحوذت شركة السيارات الفرنسية "بيجو القابضة" التي تضم بيجو وسيتروين على شركة صناعة السيارات أوبل الألمانية الأصل. ومنذ ذلك حين يخشى الكثير من العمال لدى أوبل في ألمانيا من فقدان وظائفهم.
صورة من: picture-alliance/dpa/F. Rumpenhorst
تقريبا متزوجين؟
في ذكرى مرور مائة عام على انتهاء الحرب العالمية الأولى التقى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والمستشارة الألمانية أنغيلا ميركل في مدينة كومبيين، حيث وقع وقف إطلاق النار في عام 1918. مشهد يبقى في الذاكرة: شاهدة عيان اعتقدت بأن ميركل هي زوجة ماكرون. إلا أن الصداقة الألمانية الفرنسية ليست وثيقة بعد إلى هذه الدرجة.
صورة من: picture-alliance/dpa/K. Nietfeld
مبادرة فرنسية ألمانية تاريخية
وُصفت المبادرة الفرنسية الألمانية للتعافي الأوروبي في مواجهة أزمة جائحة كورونا بأنها تاريخية وغير مسبوقة، وكان قد قدمها الرئيس ماكرون والمستشارة ميركل في 18 مايو أيار2020، وقد خلقت ديناميكية جديدة على الصعيد الأوروبي. فقد تبنتها المفوضية الأوروبية والمجلس الأوروبي وتم على أساسها اعتماد خطة إنعاش أوروبية بقيمة 750 مليار يورو، تشمل 390 مليار يورو كإعانات للدول الأعضاء والقطاعات الممولة بقرض أوروبي.
صورة من: Jean-Christophe Verhaegen/AFP/Getty Images
علاقات محورية لا تخلو من تباينات
يُنظر منذ وقت طويل إلى العلاقة بين باريس وبرلين على أنها القوة الدافعة في صناعة السياسة الأوروبية. لكن خلافات طفت على السطح منذ عام 2022، خصوصا بعد خروج المستشارة السابقة أنغيلا ميركل من المشهد السياسي الألماني، على الرغم من أن الرئيس إيمانويل ماكرون والمستشار أولاف شولتس بذلا مؤخراً جهوداً لتحسين التعاون بين البلدين وتبديد الخلافات خصوصا في ملفات الدفاع وحرب أوكرانيا وقضايا تجارية وصناعية.
صورة من: Thibault Camus/AFP
أول زيارة دولة منذ ربع قرن
تعتبر زيارة الدولة التي يقوم بها الرئيس إيمانويل ماكرون (26-28 مايو أيار 2024) إلى ألمانيا الأولى من نوعها منذ حوالي ربع قرن إذ تعود آخر زيارة دولة قام بها رئيس فرنسي إلى ألمانيا إلى عام 2000 من قبل الرئيس الأسبق جاك شيراك. تعد فترة طويلة بالنسبة لبلدين مترابطين بشكل وثيق ولهما دور محوري في الإتحاد الأوروبي. لكن رغم هذا الانقطاع الطويل تجتمع حكومتا البلدين بشكل منتظم كل بضعة أشهر.