ضمن فعاليات معرض الكتاب في فرانكفورت، تم توزيع جوائز اتحاد الناشرين على عدد من دور النشر لإسهامها في إثراء التنوع الثقافي والفكري. "حمودة للنشر" كانت من بين المؤسسات الفائزة. فما قصة مؤسسها؟ وماذا يعني له التكريم؟
حصلت دار النشر الخاصة بفيصل حمودة على جائزة الناشرين في حفل تسليم الجوائز ضمن أكبر معرض عالمي لتجارة الكتب بفرانكفورتصورة من: Privat
إعلان
حصل الناشر الألماني من أصول تونسية، فيصل حمودة، على إحدى الجوائز في معرض فرانكفورت للكتاب، وهي جائزة اتحاد الناشرين، وذلك عن دار النشر التي أسسها قبل 20 سنة. وتسلم الجائزة خلال الحفل من وزير الدولة للثقافة ومفوض الحكومة الاتحادية للثقافة والإعلام، فولفرام فايمر.
الحفل كان مخصصا لتكريم الفائزين بجائزة الناشرين الألمان لعام 2025 ضمن فعاليات معرض فرانكفورت للكتاب في دورته السابعة والسبعين. وإلى جانب 87 ناشرا مستقلا آخر، حصلت دار النشر التي يمتلكها حمودة على ختم اعتماد من الحكومة الألمانية، في حفل تسليم الجوائز ضمن أكبر معرض عالمي لتجارة الكتب، الذي يشارك فيه أكثر من ألف كاتب، بالإضافة إلى عارضين من 92 دولة.
وقال فيصل حمودة، في تصريح لـ DW عربية: "محظوظ أني بين هؤلاء المكرمين، هذا شرف كبير بالنسبة لي كمواطن ألماني من أصل تونسي، أعيش منذ 33 سنة في لايبزيغ، وأسست دار النشر قبل عشرين سنة، هذا التكريم أسعدني حقا".
سرحان ذويب، أستاذ الفلسفة بجامعة هلدسهايم بألمانيا، في حديثه عن "دار حمودة للنشر"، اعتبر أنها "جديرة بهذا التكريم وبهذا الاعتراف في السياق الألماني، وأن صاحبها فيصل حمودة، مثقف ملتزم وشخص متميز، بجهوده المضنية للمضي في طريق التثاقف الأصيل وتعميق معرفة الجمهور الألماني باللغة العربية وأدابها".
خصص القائمون على معرض الكتاب الدولي بفرانكفورت جائزة الناشرين الألمان لعام 2025 ضمن فعاليات الدورة السابعة والسبعين.صورة من: Arne Dedert/dpa/picture alliance
وأضاف المتحدث أنه "بفضل جهود الناشر نستطيع اليوم مطالعة أعمال الأديب الكبير محمود المسعدي، وغيره كما نستطيع الاطلاع على نصوص فلسفية مجددة ومتميزة كأعمال محمد التركي". موضحا أن "تجربة فيصل حمودة في النشر تجربة ملهمة لمثقف تونسي مغامر، حاول أن ينحت طريقا متميزا في سياقات ثقافية صعبة".
إعلان
حوار الثقافات عبر الإنتاج الأدبي
أوضح المتحدث أن دار النشر الخاصة به، تقوم بنشر كل أنواع الإنتاجات الأدبية والثقافية من كتب الأطفال إلى الكتاب العلمي وصولا إلى الترجمات، مضيفا: "حاولت أن أتخصص في النشر حول موضوع حوار الثقافات، ففي ألمانيا نعاني كثيرا من قلة التركيز على هذا الموضوع، والثقافة العربية بالنسبة لي من بين الثقافات التي لم تحظ بما يكفي من التعريف بها في المجتمع الألماني".
كما تحرص دار "حمودة للنشر" على ترجمة أعمال مهمة من العربية للألمانية، وكان من بينها أعمال الكاتب والسياسي المفكر محمود المسعدي، وكتب أخرى روائية وأدبية، مما يوضح حرص فيصل حمودة في نقل أفكار وثقافة أخرى إلى المجتمع الألماني. وأوضح الناشر في هذا الصدد، أن كل الكتب التي أصدرتها مؤسسته خلال العشرين سنة الأخيرة، متنوعة من حيث المواضيع، ومن بينها كتاب تدريس اللغة العربية الذي اعتمد في أكثر من عشر جامعات ألمانية، وهو ما يعتبره "اعترافا كبيرا بالمجهود والمساهمة في مجال النشر".
كما يرى المتحدث أن "الألمان صاروا أكثر انفتاحا، وبدأوا يتقبلون أكثر أن ألمانيا ليست بلدا للألمان الأصليين فقط، وأن هناك اختلافا في هذا المجتمع يريدون إبرازه بالاعتراف بالجهود التي تُبذل من طرف الجميع في المجتمع الألماني الحديث". مضيفا "أنا ألماني من أصل عربي تونسي، أعيش هنا أكثر من الفترة التي عشت فيها في تونس، وأعتقد أن النخب في ألمانيا بدأت تتفهم هذه الأمور ويريدون إبراز أن الاختلاف جزء من ألمانيا".
الجائزة والشهادة التي حصل عليها حمودة فيصل، الكاتب والمترجم والناشر الألماني من أصل تونسي، في معرض فرانكفورت الدولي للكتاب.صورة من: Privat
فايمر: "الالتزام بالتنوع في مواجهة الثقافة الأحادية"
أكد وزير الدولة للثقافة والإعلام، فولفرام فايمر، الذي حضر وقدم الشهادات التكريمية للناشرين، على أهمية دور النشر المستقلة للتنوع الثقافي والفكري في ألمانيا، قائلا: "يُشكل الناشرون الصغار والمستقلون ركيزة ثقافة الكتاب والنقاش في ألمانيا، فهم يستثمرون في المحتوى الأدبي. يترجمون أعمال مؤلفين مجهولين، ويجرّبون أشكالا جديدة من السرد القصصي والتفكير، وينقلون أصواتا إلى النقاش العام كانت لتغيب لولاهم. وهذا تحديدا ما تحتاجه الديمقراطية النابضة بالحياة، لأن ثقافة النقاش لا تنبع من الإجماع، بل من المعارضة البنّاءة".
وأضاف فايمر "جائزة الناشرين الألمان أكثر من مجرد جائزة، إنها التزام بالتنوع في مواجهة الثقافة الأحادية، وبالجودة والجرأة في مواجهة التعسف. أُعرب عن احترامي لجميع الناشرين الذين يدافعون عن حرية التعبير، بشجاعة وثبات ونزاهة فكرية. من يفتحون آفاقا للنقاش يعززون الديمقراطية".
جهود المثقف العربي مقابل صورة نمطية.. ما الحل؟
يرى فيصل حمودة أن "قلة معرفة الألمان بالأدب العربي ترجع إلى قلة النصوص المترجمة من العربية إلى الألمانية، ومن يترجم هذه الكتب هم عادة خريجي الجامعات في مدارس اللغة العربية، أو الألمان الذين درسوا اللغة العربية وصاروا مترجمين على قلتهم".
وهنا يشير المتحدث "إلى أن مجهود العرب أيضا خافت، فهم لا يترجمون آدابهم للألمانية، كما أن الألمان لهم اهتمام تاريخيا بإصدارات أدبية من البلدان التي لهم علاقات ثقافية عريقة بها، مثل الأدب الأمريكي والبريطاني مثلا، والأدب الفرنسي أيضا. لكن الأدب العربي بالنسبة للألمان يظل بعيدا جدا".
كما يرى فيصل، أن عدد المهتمين بالأدب العربي من بين الألمان قليل لكنه ليس ضعيفا، وأن الاستشراق لعب دورا كبيرا، لكن قلة المهتمين جعل الأدب العربي غير معروف ولا منتشر إلا داخل المجموعات الأكاديمية.
وأبرز أيضا أن هناك خلطا ما بين الثقافة العربية والدين الإسلامي، وأن ارتباط هذا الدين بصورة نمطية تتعلق بالإرهاب بسبب عدم انفتاح المجتمع تؤثر بشكل كبير، وهذه مشكلة يجب أن نعمل بجدية لتغييرها، ولدينا الكثير من الجامعات والأخصائيين العرب لترجمة هذا الآداب للألمانية، وننقل الصورة الصحيحة عن إنتاجنا العربي".
أرشفة متطورة - التجميع والتخزين والحفظ
42:34
This browser does not support the video element.
من جهته، يرى سرحان ذويب، أنه "لا شك أن النشر والإنتاج الفكري والأدبي حول مسألة التعايش أمر مهم في السياق الألماني، فالانفتاح الفكري والفني والأدبي على الآخر شرط أساسي لتجدد كل ثقافة وطنية نفسها. على أن الأمر صعب في بلد الفلاسفة والشعراء، إذ دعم ترجمة النصوص الفلسفية من العربية الى الألمانية يكاد يكون معدوما، أضف الي ذلك محدودية الاعتراف المتبادل الذي هو شرط أساسي من شروط الديمقراطية".
جدير بالذكر، أن فعاليات معرض فرانكفورت للكتاب مستمرة إلى غاية يوم 19 أكتوبر/ تشرين الأول 2025، وأن الفلبين تحظى بلقب ضيف الشرف لهذا العام، وسيختتم معرض الكتاب فعالياته يوم الأحد بتسليم "جائزة السلام لتجارة الكتب الألمانية" للمؤرخ الألماني كارل شلوغل.
تحرير: ف.ي
عودة جديدة لأكبر معرض كتاب في العالم
يعود معرض الكتاب الدولي للكتاب في فرانكفورت بعد غياب بسبب جائحة كورونا، ولكن ضمن قواعد محددة. ويأمل الزوار أن تكون هناك فرصة جديدة للقاء كتابهم المفضلين.
صورة من: picture-alliance/R. Koll
من جديد
افتتح أكبر معرض للكتاب في العالم مرة أخرى في مدينة فرانكفورت الألمانية، بعد أن اقتصر عام 2020 على وجوده افتراضياً بسبب جائحة كورونا. وكان قد توافد عليه أكثر من 300 ألف زائر عام 2019، وشاركت فيه 7450 منصة عرض من 104 بلدان.
صورة من: Arne Dedert/dpa/picture-alliance
إجراءات وقاية
يستقبل المعرض هذا العام 25 ألف زائر يومياً، ويمكن شراء التذاكر عبر الإنترنت فقط؛ من أجل تتبع المخالطين، مع ضرورة الحصول على تطعيم واختبار سلبي وارتداء الكمامات. وتم تقليل أعداد المشاركين لتسمح القاعة بتطبيق قواعد التباعد الاجتماعي بشكل مناسب. كما سيكون المعرض هجيناً ما بين أرض الواقع والعالم الرقمي، إذ ستتم القراءات عبر الفيديو بشكل رقمي وأخرى من داخل المعرض.
صورة من: Jens Kalaene/dpa-Zentralbild/picture-alliance
ضيفة الشرف
من المتوقع أن تشارك هذا العام 60 دولة، من بينها ضيفة الشرف كندا، التي حصلت على الدعوة عام 2019، وتسلمتها بالنيابة عن الدولة الكاتبة الكندية المعروفة مارغريت آتوود، صاحبة رواية "حكاية خادمة". ويأمل زوار المعرض أن تزور آتوود المعرض مرة أخرى هذا العام.
صورة من: Michael Debets/Pacific Press/picture alliance
بداية جديدة في فرانكفورت
مر 72 عاماً على أول معرض للكتاب في فرانكفورت، إذ منحت كراسي قابلة للطي ورفوف مصفوفة مؤقتة من الكتب الزوار في سبتمبر 1949 نظرة عن سوق الكتاب في ألمانيا. التطلع نحو ثقافة وأدب من بلدان أخرى غير خاضعة للرقابة كان كبيراً. والتقسيم بين الشرق والغرب أدى إلى تأسيس معرض للكتاب في فرانكفورت (ألمانيا الغربية) وآخر في لايبزيغ (ألمانيا الشرقية).
صورة من: picture-alliance/R. Koll
التعطش للأدب
بعد قيام جمهورية ألمانيا الاتحادية بفترة وجيزة، تم تنظيم معرض الكتاب في فرانكفورت من قبل نادي الكتاب وتجار كتب ملتزمين. ومن الثامن عشر إلى الثالث والعشرين من سبتمبر/ أيلول عام 1949، كان بإمكان ناشرين وبائعي الكتب وكتاب ومهتمين مشاهدة ما يعرضه 205 عارضاً وتكوين شبكة اتصالات. قدم 14 ألف زائر إلى كنيسة باولوس بفرانكفورت، حيث تم عرض 8500 كتاب.
صورة من: picture-alliance/dpa/frm
الانتقال إلى أروقة المعرض الكبرى
توسعت مساحة معرض الكتاب بشكل كبير، بحيث كانت دور نشر أكثر من الخارج ترغب في عرض كتبها. في عام 1951 تم الانتقال إلى أروقة المعرض الكبرى. هذا واستفادت تجارة الكتب في ألمانيا من منح جائزة السلام لدور النشر الألمانية التي تجتذب جمهوراً دولياً. وفي عام 1953 وللمرة الأولى، كان عدد دور النشر الأجنبية أكثر من دور النشر الألمانية في المعرض.
صورة من: picture-alliance/dpa/R. Koll
حمى كرة القدم
الغرض من تأسيس معرض فرانكفورت للكتاب كان سياسياً بامتياز، إذ كان الهدف هو تقديم ألمانيا الجديدة بعد الحقبة النازية، وهجرة الكثير من الناشرين والكتاب إلى الخارج، كأمة محبة للقافة أمام العالم. وبعد فوز المنتخب الألماني بكأس العالم لكرة القدم عام 1954، اجتاحت حمى كرة القدم المعرض أيضاً. في الصورة موظفو دار نشر "بوردا" يرتدون ملابس رياضية.
صورة من: picture-alliance/dpa/R. Koll
موعد الخريف التقليدي
تحول موعد المعرض في أكتوبر/ تشرين الأول بسرعة في فرانكفورت إلى تقليد. أما معرض الكتاب في لايبزيغ فكان في المقابل يبدأ في الربيع حتى يتمكن الناشرون وتجار الكتب ورجال الأدب وكذلك الكتاب من الالتقاء في كلا الموعدين. كثير من المهاجرين ـ ناشرين وأدباء ـ وطئت أقدامهم ألمانيا مجدداً لحضور معرض الكتاب. في عام 1957 عرضت 1300 من دور النشر إصداراتها الجديدة.
صورة من: picture-alliance/dpa/R. Koll
مركز تجارة التراخيص
الإصدارات الجديدة لدور النشر الألمانية كانت أيضاً مرآة لجمهورية ألمانيا الفتية. فمعرض فرانكفورت لم يكن مكاناً لعرض الأدب الرفيع والكتب المصورة القيمة فقط، بل ابتداءً من منتصف الستينيات، أضيفت إليه كتب نصائح شعبية وكتب جيب رخيصة. آنذاك تحولت فرانكفورت إلى مركز حيوي للتراخيص الدولية والكتاب إلى بضاعة.
صورة من: picture-alliance/dpa/R. Koll
ثوار الأدب
سنوات الاحتجاجات الطلابية في جمهورية ألمانيا الاتحادية تركت أيضاً بصماتها على معرض الكتاب. ففي عام 1968 دخل المعرض في فرانكفورت سجل التاريخ "كمعرض الشرطة". فقد أغلق عناصر الشرطة مدخل المعرض، حيث عبر متظاهرون عن غضبهم من منح جائزة السلام للرئيس السنغالي سنغور. وحتى الاحتجاجات ضد دور النشر اليمينية أربكت حركة المعرض.
صورة من: picture-alliance/dpa/H. Heuse
فضائح الأدب
في كل مرة، تسببت فضائح حول إصدارات كتب مثيرة سياسياً صدى إعلامياً واسعاً، كما حصل في 1989 مع "آيات شيطانية" للكاتب البريطاني الهندي سلمان رشدي. وحتى حظر القصة الغرامية Esra لماكسيم بيلر، الذي استولى بعد مفاوضات شاقة على محبوبته السابقة، أوقدت حتى 2008 الخواطر.
صورة من: picture-alliance/dpa/W. Eilmes
الفائز بجائزة نوبل للأدب بيتر هاندكه
وحتى كتب بيتر هاندكه، الفائز بجائزة نوبل للأدب 2019 ستثير بالتأكيد نقاشات خلافية هذا العام في المعرض. وقد حقق الاختراق الأول في 1966 بقطعته المسرحية "شتم الجمهور" التي يتعرض فيها الممثلون بالشتم في وجه الجمهور. كما أن موقفه المساند للصرب في حرب البلقان وكتابه " إنصاف صربيا" يثيران الجدل.
صورة من: Imago/Agencia EFE/C. Cabrera
محور البلدان المضيفة
بواسطة "محور البلدان"، الذي يعتني بالبلد المضيف، يمنح المعرض لبلدان منتقاة منذ 1988 فرصة تقديم عطائها الأدبي. إيطاليا كانت البلد المضيف الأول.
صورة من: picture-alliance/dpa/F. Rumpenhorst
تنوع الكتب للجميع
نموذج معرض فرانكفورت للكتاب بمنح البلدان المضيفة المجال وتحويل الاهتمام العام إلى أدبها الوطني أصبح تقليداً في العالم. فتجارة حقوق الترجمة هي اليوم مكون محوري في معرض الكتاب. أكثر من 390 ألف كتاب وكتب مسموعة وأخرى إلكترونية ومنتجات رقمية يتم عرضها في فرانكفورت. إعداد: هايكه موند وغابي رويشر/ م.أ.م