الناشط أنس الباشا البالغ من العمر 24 عاما اختار أن يبقى في حلب ليسهم في إنقاذ الأطفال في المناطق التي تتعرض للقصف رغم أهوال الحرب وليعيد البسمة إلى وجوههم، بيد أن صاروخا أودى بحياة أنس الذي عرف بلقب "مهرج حلب".
إعلان
الناشط المدني أنس الباشا البالغ من العمر 24 عاما إختار أن يبقى في حلب ليسهم في إنقاذ الأطفال في المناطق المقصوفة رغم أهوال الحرب وليعيد البسمة الى وجوههم، أنس الذي عرف بلقب مهرج حلب صاروخ سوري أو روسي وانطفأت ضحتكه.
أنس الذي نذر نفسه لإنقاذ الأطفال وإسعاف المدفونين منهم تحت ركام المباني المقصوفة قتل في غارة روسية وسورية، وربما أخرج المسعفون رفات أنس سالما غير منقوص من تحت الأنقاض، لكن وجهه احتفظ بلحيته المتناقضة مع هيئة وماكياج المهرج، فيما بقيت قبعة المهرج تحت الركام، وخرج وجهه هذه المرة ملونا بالدم بدلا من ألوان الفرح الذي حاول أن يزرعه في نفوس الأطفال.
لا مكان للبسمة في هذا الحزن، فالموت ختم القصة، وقُتل انس بصاروخٍ روسي فنعته منذ الثلاثاء صفحة فيسبوك الموسومة (أطفال سوريا Children of SYRIA)، " أنس الباشا آخر مهرج في حلب كان يُضحك أطفالها المحاصرين، لكنه قتل في القصف في 29.11.2016" ، حسبما نشر موقع "كورير. آت".
حلب.. مدينة أشباح غارقة في الدمار
01:04
المهرج تزوج قبل شهرين وكان مديرا لمركز تابع للمنظمة المدنية "فضاء الأمل" واختار طوعا البقاء في الأحياء الشرقية من حلب لإسعاف وإمتاع الأطفال المصدومين بنيران وقنابل الحرب. منظمة فضاء الأمل التي أنشأها سكان حلب الشرقية تدعم 12 مدرسة و4 مراكز رعاية وتأهيل نفسي اجتماعي من خلال توفير المشورة والدعم المالي لـ 365 طفلا فقدوا أهلهم أو بعضا من أهلهم، حسب وكالة أنباء اسوشيتد برس.
المشرفة على عمل المنظمة سمر حجازي قالت وهي تنعاه إنها ستذكره دائما كصديق عشق أن يعمل لخير الطفولة وإنقاذها. أهل أنس سبق أن غادروا المدينة المرعبة قبل أن تحكم قوات الأسد الحصار عليها في الصيف المنصرم، ورفض أنس أن يغادر معهم وطلب من المنظمة أن ترسل راتبه إلى أهله المقيمين في الأرياف.
منظمة فضاء الأمل أوقفت نشاطها في حلب الشرقية بعد أن اشتدت الغارات الجوية والهجمات عليها، ما أدى إلى تشريد عشرات الآلاف من سكانها القابعين منذ شهور تحت حصار صعب، وخلال الأيام الأربعة الأخيرة أسفر القصف عن مصرع عشرات المدنيين من السكان. رحل أنس ولم يبق منه في مدينته سوى أرملته التي ما زالت في شهر عرسها الثاني، ولن تملك أن تلبس عليه ملابس الحداد، فالمدينة لا تملك ماءً ولا خبزاً ولا دثاراً.
م.م/ ط.أ DW
مشاهد من يوميات الرعب في حلب
تتعرض حلب لكارثة إنسانية حادة نتيجة للحصار والقصف المكثف، وتتفاقم معاناة المدنيين مع الضربات الجوية المتكررة للأحياء والمستشفيات، وتناقصت إمدادات الدواء والغذاء، فيما وصف مسؤولون دوليون الوضع "بأنه لا يمكن وصفه".
صورة من: picture-alliance/dpa/Z.Al Shimale
صورة من: picture-alliance/dpa/Z.Al Shimale
يخضع نحو 250 ألف شخص في أحياء شرق حلب الواقعة تحت سيطرة مقاتلي المعارضة لحصار منذ أن قطع الجيش بمساعدة من فصائل مسلحة مدعومة من إيران وسلاح الجو الروسي آخر طريق يؤدي إلى تلك الأحياء في أوائل يوليو تموز.
صورة من: Getty Images/AFP/G. Ourfalian
تتضارب الرويات حول فرص المدنيين من الهرب من القصف. ففيما تقول الحكومة السورية إن مقاتلي المعارضة يمنعون السكان من المغادرة، تقول جماعات معارضة وسكان في شرق حلب إن الناس يحجمون عن استخدام الممرات خوفا من وجود قناصة أو قنابل أو القبض عليهم.
صورة من: Getty Images/AFP/B. al-Habibi
وصف روبرت كولفيل المتحدث باسم مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان الوضع في شرق حلب قائلا إنه: "بشع جدا فعلا.. أعني أن الكلمات تعجز عن وصفه... على الرغم من توقفات عارضة فإن الصورة بشكل عام بشعة."
صورة من: Getty Images/AFP/G. Ourfalian
حذر مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى سوريا ستافان دي ميستورا الذي فشلت جهوده للتفاوض إلى تامين الوصول إلى حلب الشرقية، "الوقت ينفد" بالنسبة لتفادي كارثة إنسانية في تلك المنطقة.
صورة من: picture alliance/AA/E. Leys
ويتعرض مدنيون يقيمون في القسم الغربي في حلب الخاضع لسيطرة النظام لهجمات دامية تشنها فصائل المعارضة لكن المساعدات الإنسانية لا تزال تصل إلى هذه الأحياء.
صورة من: Getty Images/AFP/G. Ourfalian
أعلنت الأمم المتحدة انه لم يعد هناك أي مستشفى قيد العمل في القسم الشرقي من مدينة حلب السورية الخاضع لسيطرة فصائل المعارضة وحيث يقيم أكثر من 250 ألف مدني. والمستشفيات كانت هدفا متكررا لعمليات القصف المكثفة التي يقوم بها النظام السوري.
صورة من: Reuters/A. Ismail
وكالات الأمم المتحدة وبينها منظمة الصحة العالمية لم تعد قادرة على الوصول إلى شرق حلب منذ تموز/يوليو حين سيطر الجيش السوري على آخر طريق إمداد إلى الإحياء الشرقية ما أدى إلى وقف وصول الأدوية والمواد الغذائية إليها منذ أكثر من أربعة أشهر.
صورة من: Getty Images/AFP/G. Ourfalian
ستيفن أوبراين، وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية يقول "يجري عزل وتجويع المدنيين ويتعرضون للقصف ويحرمون من الرعاية الطبية والمساعدة الإنسانية من أجل إجبارهم على الاستسلام أو الفرار. إنه تكتيك متعمد من القسوة لزيادة معاناة الشعب من أجل مكاسب سياسية وعسكرية وأحيانا اقتصادية". مشيرا إلى وجود مليون شخص تحت الحصار في سوريا. ( كتابة وإعداد: علاء جمعة)