1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

صحفيو تونس بين مطرقة الإرهاب وسندان الأمن

أسماء العبيدي- تونس٤ مارس ٢٠١٥

تمثل الانتهاكات المتواصلة ضد الإعلاميين والصحفيين في تونس تهديدا لمكسب حرية الصحافة الذي عرفته تونس إبّان الثورة ويواجه قطاع الصحافة والإعلام تحديات كبرى في ظل الوضع الأمني المتقلب الذي تعيشه البلاد.

Tunesien Journalist Hatem Salh
صورة من: privat

رغم انخفاض نسبة الانتهاكات التي يتعرض لها الصحفيون في تونس سنة 2014 إلا أن الصحفي التونسي معرض بطريقة يومية إلى أنواع شتى من العنف، سواء من طرف جماعات سياسية أو من جماعات متطرفة تسعى إلى إسكات صوت الصحافة، أم من طرف السلطة الحاكمة تحت ذريعة "حماية الأمن القومي" في فترة تتعرض فيها تونس إلى هجمات إرهابية متفرقة و عدم استقرار امني على حدودها الجنوبية الشرقية مع ليبيا.

الأمن و الجماعات السياسية أكبر منتهكي الحريات

هيثم المكي من الإعلاميين الشباب، ويقدم منذ أربع سنوات نشرة أخبار ساخرة يومية من إحدى الإذاعات الأكثر استماعا في تونس.

يواجه المكي منذ 3 سنوات تهديدات بالقتل و التصفية على خلفية آرائه السياسية و كتاباته على المواقع الاجتماعية. تحدث المكي ل DW عن الصعوبات التي تعترضه يوميا في علاقة بعمله الإعلامي " الضغوطات التي تقوم بها أطراف معينة على إدارة التحرير من اجل إخراسي لا تزال موجودة " ، و لكن المكي لم يكن أكثر حظا من الإعلاميين الذين تلقوا تهديدات حقيقية بالقتل، فصبيحة حادثة اغتيال المعارض اليساري شكري بلعيد يوم 6 فبراير/ شباط 2013، تلقت إدارة الإذاعة اتصالا هاتفيا يهدد باغتيال عدد من ابرز إعلامييها و على رأسهم هيثم المكي.

الصحفي هيثم المكيصورة من: Sabrine Derouich

و رغم تمتع بعض الصحفيين والإعلاميين بحماية أمنية ضد خطر المجموعات المتطرفة و أمام مخاوف من عودة الاغتيالات السياسية الى تونس، إلا أن الانتهاكات التي يقوم بها عناصر الأمن أنفسهم ضد الصحفيين لا تزال مرتفعة و لعل أخطرها إشهار السلاح في وجه مراسلين و منعهم من تغطية الهجوم الإرهابي الأخير الذي أستهدف دورية شرطة بمنطقة بولعابة الحدودية بمحافظة القصرين ( جنوبي غرب البلاد ).

حرية الكلمة إزاء المحافظة على الأمن

وفي حوار مع DW روي حاتم الصالحي وهو مراسل لإحدى الإذاعات في محافظة القصرين كيف تعرض هو وبعض زملائه إبان تغطيتهم الإعلامية للعملية الإرهابية الأخيرة لاعتداء لفظي قام به عناصر أمن:" كنا بصدد تغطية الهجوم الإرهابي الذي اهتزت له المنطقة، عندما قام امني ملثم بتعنيفنا و شهر السلاح في وجوهنا و تم طردنا و منعنا من مواصلة عملنا."

وعن المصاعب اليومية التي تواجهه كمراسل في منطقة حدودية تعرف مواجهات متكررة بين عناصر الأمن والجيش و بين عناصر إرهابية ، يقول الصالحي " أحيانا يتم اتهامنا بعدم احترام معنويات الأمنيين خاصة بعد استهداف زملائهم و نمنع من القيام بواجبنا الصحفي في تغطية الحدث".

و أصدرت رئاسة الحكومة التونسية بيانا دعت فيه إلى فتح تحقيق بشأن الاعتداءات الأخيرة على صحفيين في الجنوب التونسي و عبرت فيه عن دعمها المتواصل لحرية الإعلام وحرصها على توفير كلّ الضّمانات الكفيلة بأداء الصحفيين والإعلاميين لمهامهم في أفضل الظروف.

منعطف تتقاطع فيه حرية الصحافة مع الأمن القومي

تعاطي الإعلامي التونسي مع ظاهرة الإرهاب ما زال حديث العهد ، ووجهت مؤخرا اتهامات لبعض الإعلاميين ب "تبييض الإرهاب " و ذلك على خلفية محاولتهم فصل نشاطهم الصحفي عن " أولويات " عناصر الأمن، و خاصة المتعلقة منها بالوصول إلى مصادر المعلومات وحمايتها.

زياد الدبار ممثل الإتحاد الدولي للصحفيين في تونس كشف في حديثه مع DW عن حجم التحديات و العراقيل التي قد تعترض الصحفي التونسي في عمله الميداني و خاصة في تغطيته للإرهاب " هنالك تقاطع بين الأمن القومي و حرية الإعلام ففي أحيان كثيرة يجب على الصحفي الإخبار عن مصادره عندما يتعلق الأمر بمحاولة اغتيال أو عملية إرهابية " :

الصحفي زياد الدبارصورة من: DW/Asma Abidi

و يبرر الدبار بعض الهفوات التي يرتكبها صحفيون و تمثل خطرا على سلامتهم الشخصية و على " الأمن القومي " بعدم توفر الإمكانيات اللازمة لتغطية الهجمات الإرهابية و الافتقار إلى التدريبات المتعلقة بالسلامة الجسدية في أماكن النزاعات .

ابن شهيد الحرب على الإرهاب خلف القضبان

وتكشف تفاصيل اعتقال وسجن وتخفيض مدة عقوبة المدوّن ياسين العياري جانبا من تناقضات المشهد الجديد في تونس ، فقد كان العياري ناشطا في عهد الرئيس المخلوع بن علي وبعد الإطاحة به في 2011. والمفارقة الأكبر أن ياسين هو نجل عقيد في الجيش قُتل في أيار/ مايو 2011 في مواجهات مع مسلحين إسلاميين متطرفين في الروحية شمال غرب تونس.

لكن هذا التاريخ لم يشفع للعياري ، فحُكم عليه غيابيا بالسجن ثلاث سنوات بسبب نصوص كتبها على موقع فيسبوك ، ثم وجهت له تهمة التشهير بضباط وكوادر بوزارة الدفاع ونشر إشاعات من شانها إثارة بلبلة بين الوحدات العسكرية، واعتقل أثناء عودته إلى البلد وأودع السجن، ثم خفضت محكمة الاستئناف العسكرية بتونس هذا الأسبوع عقوبته إلى السجن ستة أشهر بعدما حُكم عليه في المرة الأولى بالسجن لسنة واحدة.

صورة من: DW/S. Mersch

والى هذه المخاطر ينبه الصحفي زياد الدبار كاشفا أنّ محاكمات الصحفيين تجري وفقا للقانون الجزائي و ليس للضوابط الجديدة التي تنظم عمل الصحافة وقطاع الإعلام و التي تم تفعيلها بعد الثورة " تنقيح المراسيم أصبح ضرورة ملحة نظرا للنقائص التي يعرفها القطاع، وسيكون هذا أول اختبار للسلطة الجديدة، فنحن ننتظر بوادر تعامل الحكومة الجديدة مع الملف خاصة بعد أن خاض الإعلام تجربة مريرة مع حكومة الترويكا (حكومة ما بعد انتخابات2011 ) التي حاولت تركيع الإعلام بذريعة انه " عدو الثورة و الشرعية " وهو ما خلق فوضى عارمة في القطاع الإعلامي ".

في زمن الحريات يعتبر كشف الانتهاكات لحرية الصحافة ممارسة ديمقراطية

قبل الثورة لم يكن الحديث عن انتهاكات بحق الصحفيين من قبل رجال الشرطة ممكنا ، فقد كانت العلاقة صدامية بامتياز، أما في زمن الحريات فقد أصبح الحديث عن الانتهاكات و التنديد بها ممارسة ديمقراطية تتبناها منظمات الدفاع عن حرية الصحافة.

و في هذا الصدد، يقول محمود الذوادي رئيس مركز تونس لحرية الصحافة : " ترتفع نسبة الانتهاكات الموجهة ضد الصحفيين بارتفاع نسبة الاحتقان السياسي في البلاد و يعرف القطاع منتهكين جدد كالمجموعات السياسية و النقابات و المواطنين ".

و يصدر مركز تونس لحرية الصحافة تقارير شهرية عن الاعتداءات و المظالم التي يتعرض لها العاملون في قطاع الإعلام و كذلك تقارير سنوية تحتوي على قدر كبير من المعلومات و الإحصائيات التي تسلط الضوء على واقع الصحافة في تونس و وقد تدفع باتجاه إصدار تشريعات تحمي الصحفيين و تنظم عمل القطاع الإعلامي.

محمود الذوادي رئيس مركز تونس لحرية الصحافة.صورة من: DW/Asma Abidi

و يعمل المركز منذ سنة 2014 بالتعاون مع منظمة "مراسلون بلا حدود " على مجموعة من التوصيات الموجهة لعناصر الأمن وللصحفيين من اجل الحد من هذه الانتهاكات و توجيه رسالة مطمأنة بشأن مستقبل حرية الصحافة في تونس.

"الصحفي قبل كل شيء مواطن وهو شريك في كشف الحقائق"

من جهته، يرى مفدي المسدي المستشار الإعلامي للوزارة الأولى وجود إرادة سياسية من الحكومة الحالية بان يقوم الصحفي بعمله بطريقة حرة و بعيدة عن كل تضييق مضيفا " نحن ندين تعنيف الصحفيين، فالصحفي قبل كل شيء مواطن وهو شريك في كشف الحقائق و إنارة الرأي العام و نحن نعمل على ضمان حقه الكامل في ممارسة عمله و وصوله إلى المعلومة ".

و تلعب الهيئات التصحيحية على غرار الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي البصري، وهي هيئة دستورية تعنى بالمشهد الإعلامي السمعي والبصري، و منظمات المجتمع المدني و النقابات المهنية دورا كبيرا و هاما في حماية الصحفيين و المحافظة على مكسب حرية الصحافة في تونس، و لكن الاستحقاقات الأمنية تبقى " الذريعة " الأكثر شيوعا لمحاولات التضييق على حرية الإعلام خاصة في ظل ديمقراطية ناشئة كالديمقراطية التونسية.

أسماء العبيدي- تونس

تخطي إلى الجزء التالي موضوع DW الرئيسي

موضوع DW الرئيسي

تخطي إلى الجزء التالي المزيد من الموضوعات من DW